لك يا رمضان في الوطن السودان أشواق
تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT
بقلم د. طبيب عبدالمنعم عبدالمحمود العربي
المملكة المتحدة
ألأحباب في كل مكان
في دنياكم القريبة والبعيدة
في الغربة والنزوح القسري أو الطوعي
ويا كل مغترب فى صحارى أفريقيا أو الربع الخراب
إلى كل من يعاني وحشة فراق الوطن والدار الحبيبة والأهل والصحاب والخلان
الي كل من زاد اكتئابه نتيجة خوف مرعب وهو قد عاش الموت في داره أو من حوله ونجى منه بأعجوبة
إلى كل من قد احتواه الخوف والفلس والضياع وفقد الغالي والنفيس فظل يعيش حياته كابوسا يقلق منامه ويقظته
رمضان المبارك كريم علينا وعليكم جميعا، ربنا تقبل من الجميع الصيام والقيام والدعآء
قبل هذا العام التعيس مع كل رمضان كنا سابقا نسارع نتبادل التهاني عبر وسائل الإتصال بقدوم الشهر الفضيل وكنا نسافر عبر التخوم نعبر القارات والمحيطات صوب الوطن الحبيب لنعيش مع طيف ربعنا الحبيب ونحسبهم هناك عند غروب كل شمس فى الميادين وطرقات القرى والمدن يتجمعون أسرة واحدة وحلقة واحدة على مائدة الإفطار الرمضاني السوداني الهوية واللون و النكهة والمذاق “حلوا ومرا” ، فهو الأحلى تميزاً في كل صوره ومضمونه.
من باب التفاؤل وعلاج النفس المكلومة فلحسن الحظ قد حلت علينا بفضل الله تباشير فصل الربيع الواعد بعودة الحياة والنماء لكل العالم الحي بعد السبات الشتوي للأشجار والغابات والنباتات وحيواناتها، فقد هبت علينا نسائمه التي تهديء الأعصاب فترتاح الابدان ، وبدأت الطيور المهاجرة رحلة العودة إلى أوطانها في بلاد الشمال وبالتحديد إلى اعشاشها التي تنتظرها في أمن وأمان، لم تتعرض للنهب والسلب والتدمير من شيطان أنس مخرب لا يخاف الله ولا يردعه قانون. مع عودة الطير المهاجر تجمعنا الإحتفالية بمقدمها مع الشاعر الراحل عليه رحمة الله "صلاح أحمد ابراهيم " في قصيدته الشهيرة " الطير المهاجر " التي أعتبرها في تقديري لوحة جدا رائعة وجامعة أحملها في خاطري واشواقها الدفاقة التي تنداح بها تملأ جوانحي منذ كنت طالبا فى كلية طب جامعة بغداد العريقة وخاصة في هذه الأيام العجيبة كلنا في حاجة إلى علاج نفسي يفرج همومنا. على شط دجلة كانت كلية الطب تقع أمتاراً قليلة قريباً من الجسر المشهور فى قصيدة الشاعر علي بن الجهم" عُيونُ المَها بَينَ الرُصافَةِ وَالجِسرِ
جَلَبنَ الهَوى مِن حَيثُ أَدري وَلا أَدري
أَعَدنَ لِيَ الشَوقَ القَديمَ وَلَم أَكُن
سَلَوتُ وَلكِن زِدنَ جَمراً عَلى جَمرِ" وهناك حقيقة توجد حديقة تحت ساحة ذلك الجسر وسكني كان يبعد عنها مسافة مائة متر تقريبا وكلما يعاودني الحنين للوطن واهلي أذهب هناك وأجلس وأمامي اتابع وأتأمل إنسياب الفلوكات الصغيرة التي يعبر بها الناس بين الضفتين ( الرصافة والكرخ" وبين جوانحي أشعر بأنهن يزدنني جمراً على جمر ، وكان الإحساس يغمرني كأنني هناك اجلس على شاطئ مقرن النيلين . ويا غاية ذلك الجمال جمالك يا المقرن وكل تلك الأحلام والآمال التي كم قد تنوعت وولدت جرائها هناك أروع القصيد من التيجاني يوسف بشير وغيره مثل الشاعر محمد بشير عتيق في قصيدته المغناة أداء المرحوم عبدالعزيز محمد داود " ما بنسى ليلة كنا تايهين في سمر
بين الزهور
أنا وأنت والنيل والقمر
وين يا جميل يوم كنا تايهين في سمر
من انسنا إتمتعنا بي جني الثمر
كم قلبي بالأنفاس لأنفاسك غمر
والجو سكر من ريك اتعطر خمر
الليل هدأ والجو صفا وغاب الأتر
والنسيم يجيب من توتي أصوات الوتر
أنا يا جميل بي صوت ضميري المستتر
من شعري كم أسمعتك ألحان بي وتر
ما بنسى ليلة كنا في شاطئ النهر
البدر مزق ظلمتو وسفر ازدهر
في النيل سطع بي نورو إتقطع بهر
أنا بي غرامك يا حبيب دمعي انفجر
انا بي غناك أيقظت سكان الشجر
قبال أراك أنا كنت في حيره وضجر
واليوم حظيت بلقاك يا ظبي الحجر"
رحم الله محمد بشير عتيق ، فمقرن النيلين "قطعة جنة هبة من الرحمن" لكن هل يفقه ذلك التصور كل حيوان عاقل؟ للأسف خربه أولئك الذين لا يتذوقون الجمال فهم كالوحوش المستنفرة
الأحباب تحياتي وانتم فى دنياكم البعيدة تحملون الوطن بين جوانحكم وكل همومه وهموم أهلكم وتصومون رمضان هذه السنة فى بلد ليست بلدكم وعلى أرض غير وشعوب غريبة وعاداتها غريبة عليكم، مائدتها الرمضانية غريبة عليكم، أهديكم رائعة الدبلوماسي الشاعر صلاح أحمد ابراهيم الطير المهاجر والتي أجاد وزاد إخراجها أبداعا الموسيقار محمد وردي عليه رحمة الله، فهي اصدق تعبير على ما نعانيه من نوستالجيا "حب الوطن" الذي نفتقده بحق . و يارب الدعاء أن تحفظ هذا الوطن الغالي وعزيز من الخطر الماثل وتنقذه من توهان هذه الحلقة المفرغة التي عجز وهم العاجزون من إيقاف جري عجلتها بدون كوابح وهي تسير نحو الهاوية. فيارب سترك، ويارب تجمعنا وشملنا وكل أبناء الوطن الشرفاء ونحتفل عندك يا كل قرية وبادية ومدينة ويا العاصمة الخرطوم على شاطئ مقرن النيلين، ونقول عليك يا بيوتنا سلام يا نيلنا سلام ونعيد سلام عليك يا من بقيت على الجمر صابراً في كل ربوع السودان
عبدالمنعم
الطير .. المهاجر
الدبلوماسي الشاعر صلاح أحمد إبراهيم رحمه الله
"وحيد فى غربته
حيران يكفكف دمعته
حزنان يغالب لوعته
ويتمنى ... بس لعودته
طال بيه الحنين
فاض به الشجن
واقف يردد من زمن
بالله .. بالله
يا الطير المهاجر للوطن زمن الخريف
تطير بسراع تطير ما تضيع زمن
اوعك تقيف وتواصل الليل بالصباح
تحت المطر .. وسط الرياح
وكان تعب منك جناح .... فى السرعه زيد
فى بلادنا ترتاح
ضل الدليب
اريح سكن
تفوت بلاد .. وتسيب بلاد
وان جيت بلاد
وتلقى فيها النيل بيلمع فى الضلام
زى سيف مجوهر بالنجوم فى الظلام
تنزل هناك وتحى يا طير باحترام
وتقول سلام ... وتعيد سلام
على نيل بلادنا.... سلام
وشباب بلادنا سلام
ونخيل بلادنا سلام
بالله ياطير
قبل ما تشرب .. تمر على بيت صغير
من بابه
من شباكه بيلمع الف نور
تلقى الحبيبه بتشتغل منديل حرير
لحبيب بعيد
تقيف لديها وتبوس ايديها
وانقل اليها وفائى لها
وحبى الاكيد
وكان تعب منك جناح فى السرعه ... زيد
فى بلادنا ترتاح ... ضل الدليب اريح ... سكن."
رحمة الله على صلاح و محمد وردي وعلى كل موتانا وموتى المسلمين
drabdelmoneim@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
ضمن فعاليات مهرجان الشارقة للشعر العربي شعراء ينثرون ورود الذكريات على دروب الغرام
واصل مهرجان الشارقة للشعر العربي في دورته الـ 21، فعالياته في يومه الرابع، بأمسية شعرية احتضنها قصر الشارقة، وشارك فيها نخبة من الشعراء العرب، وذلك بحضور سعادة عبدالله بن محمد العويس رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، والاستاذ محمد إبراهيم القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية في الدائرة، والشاعر محمد البريكي مدير بيت الشعر، ولفيف من متذوقي الشعر والإعلاميين.
الأمسية التي قدمها مفرح الشقيقي، وشارك فيها 6 شعراء وهم: إيهاب البشبيشي (مصر)، والمنصف المزغني (تونس)، ومحمد الأمين النواري (المغرب)، وعمار حسن (السودان)، وبشائر محمد (السعودية)، وعلي الفاعوري (الأردن)؛ شهدت حضورًا لافتًا من عشاق الأدب والشعر، الذين استمتعوا بجمال الأسلوب الشعري والروح المبدعة التي قدمها الشعراء في الأمسية الاستثنائية.
واستهل الشاعر المصري إيهاب البشبيشي قصيدته بعنوان (ضحكئذ) التي أخذت الجمهور في جولة إلى عالم الحب والرومانسية، ويقول فيها:
ضِحْكُها الآخذُ صوتَ الظلالْ
والسنا المخبوء خلفَ التلالْ
ضحكها الطالعُ نخلَ الصِّبا.
لسباطاتِ الرؤى والخيالْ
ريثما يقفز فى ترعةٍ
فرعُ جميزٍ وسربُ عيالْ
وأخذنا الشاعر التونسي المنصف المزغني بقصيدته الغنائية (أَنَا أُخْتُكُنَّ) إلى حواريات الحب والغرام.
ولم يغادر الشاعر المغربي محمد الأمين النواري، ساحة الحب والوجد، وقال في قصيدته (الضفة الأخرى):
جالسا في ضفة النهر، أراني جالسا في الضفة الأخرى:
عجوزا، أبيضَ الرأسِ، عليلاً، ومُعافى
متعبَ السحنة، لكن هانئَ البالِ.
وفي حُضنيَ قِطٌّ هانئُ البالِ، يرى المارَّة أحلاما خفافا
أما الشاعر السوداني عمار حسن، عبّر في قصيدته (الفقير) عن اشتياقه للوطن، وقال:
مسافرٌ كانَ حرا في مشيئتهِ
تمردَ اللحنُ عن إيقاع رقصتهِ
يمشي على وجعِ الأيتامِ لا وطنٌ
يأوي لهُ فاصطفى ليلاً لغربتهِ
يمشي وكلُّ طريقٍ للوصولِ يدٌ
تصُدّهُ حينَ تخشى من تفلّتهِ
أما الشاعرة السعودية بشائر محمد، فقد تحدثت في قصيدتها (حكاية فلاح) عن كفاح جدّها في صورة شعرية معبّرة وتقول:
ثاوٍ عــلـى الـرمـلِ يحكي بعضَ ذاكرةٍ
مــن الـسـنـين الــتـي مـــرت ولـــم تـــذرِ
قـــد كـــان جـــدي هــنـا يــروي حـكـايتَه
ويـــرســمُ الــعــمـرَ بـــالأحــلامِ والــصــورِ
إذ بارز الــريحَ مــقـدامـا بمنجله
واسـتـبسلَ الـمـاءُ حـتى فـاضَ من حجرِ
وقرأ الشاعر الأردني علي الفاعوري، الأمسية الشعرية من قصيدته (رجُلٌ بآخِرِ بَردِهِ)، قائلاً:
إلاّ إذا..
ويغيبُ في غُليونِهِ
ويُخبّئُ السّنواتِ تحتَ جُنونِهِ
رجُلٌ بِلا عنوان
يخبزُ شِعرَهُ
ويُوزِّعُ الأبياتَ مِلءَ صُحونِهِ
رجُلٌ
سيشطُرُهُ الغيابُ
فحيثُما
وجَّهتِ قلبَكِ سالَ مِن ليمونِهِ
وفي ختام الأمسية، سلّم عبدالله العويس ومحمد القصير بحضور محمد البريكي، الشعراء المشاركين شهادات تقديرية تكريماً لجهودهم الفكرية.