الجوع يمزق أبدان أطفال غزة والحزن يعتصر قلوب الأمهات
تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT
سرايا - أعراض سوء التغذية الحاد واضحة على فادي الزنط (6 أعوام) فأضلعه تبرز تحت جلد رقيق وعيناه غائرتان وساقاه النحيلتان تعجزان عن حمله ولا يقله إلا سرير في مستشفى كمال عدوان في شمال غزة حيث يلوح في الأفق شبح المجاعة.
ويظهر فادي في صور له قبل الحرب طفلا مبتسما يتمتع بصحة جيدة مرتديا سروال جينز أزرق بجوار توأمه الأطول وشعره جيد التصفيف.
وفادي يعاني من التليف الكيسي. وتقول والدته شيماء الزنط إنه قبل اشتعال الصراع في القطاع كان يأخذ الأدوية، التي لم تعد عائلته تستطيع العثور عليها، ويتناول مجموعة متنوعة ومتوازنة بعناية من الأطعمة لم تعد متوفرة في القطاع الفلسطيني.
وقالت شيماء في مقطع فيديو حصلت رويترز عليه من أحد الصحفيين المستقلين "ضله (ظل) يتدهور حالته شوية.. شوية لما وصل للمرحلة هيك.... لو استمرت الحرب هيك، حالته بتسوء وبيضعف أكتر... وكل شوية بيفقد حاجة... يعني بطل (لم يعد) يقدر يمشي، بطل يقدر يقف، باوقفه ما بيقدرش يسند حاله... فكل شوية بأحس أن الولد بيسوء أكتر من قبل".
ويقول أطباء ووكالات إغاثة، إن نقص الغذاء والأدوية والمياه النظيفة في غزة يتفاقم، بعد مرور أكثر من خمسة أشهر على الحملة البرية والجوية التي شنتها إسرائيل ردا على عملية السابع من تشرين الأول.
وعالج مستشفى كمال عدوان الذي يرقد فيه فادي معظم الأطفال الذين تقول وزارة الصحة في غزة، إنهم توفوا بسبب سوء التغذية والجفاف في الأسابيع القليلة الماضية وعددهم 27.
وقالت الوزارة، إن آخرين لقوا حتفهم في مستشفى الشفاء بمدينة غزة في الشمال أيضا وفي مدينة رفح بأقصى الجنوب حيث تقول وكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، إن أكثر من مليون فلسطيني لجأوا إليها هربا من الهجوم الإسرائيلي.
وشاهدت رويترز عشرة أطفال يعانون من سوء التغذية الحاد في أثناء زيارة الأسبوع الماضي، إلى مركز العودة الصحي في رفح تمت بالترتيب مع طاقم تمريض سمح لوكالة الأنباء بالوصول دون عوائق إلى الجناح. ولم تتمكن رويترز من التحقق بشكل مستقل من الوفيات التي أعلنتها الوزارة.
وقال التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، الخاص بمراقبة الجوع عالميا، في تقرير الاثنين، إنه إذا لم يتم اتخاذ إجراء عاجل، ستنتشر المجاعة في الفترة من الآن وحتى أيار، في شمال غزة حيث يحاصر القتال 300 ألف شخص.
وقال الاحتمال الأكثر ترجيحا في المراجعة إن "مستويات خطيرة للغاية من سوء التغذية الحاد والوفيات" أصبحت وشيكة بالنسبة لأكثر من ثلثي السكان في الشمال. ويتألف التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي من وكالات للأمم المتحدة وجماعات إغاثة دولية.
ولم ترد وحدة تنسيق الأنشطة الحكومية في المناطق مع الفلسطينيين، وهي هيئة عسكرية إسرائيلية تتولى مسؤولية نقل المساعدات إلى غزة، على أسئلة رويترز تحديدا فيما يتعلق بوفيات الأطفال بسبب الجوع والجفاف. بل قالت الوحدة إن إسرائيل لا تضع أي قيود على كمية المساعدات التي يمكن دخولها.
وفي أعقاب تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، نشر المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إيلون ليفي على موقع إكس، أن عدد شاحنات الغذاء قد زاد في شهر آذار، وأن إسرائيل تتخذ إجراءات لتعزيز "جهود التوصيل" إلى الشمال.
ووصف المتحدث تقرير التصنيف المرحلي بأنه "تقييم سيء يستند إلى صورة تجاوزها الزمن".
وأحال البيت الأبيض رويترز، إلى تعليقات مستشار الأمن القومي جيك سوليفان الذي قال؛ إن مسؤولية معالجة المجاعة الوشيكة "تبدأ أولا وفي المقام الأول عند إسرائيل".
وقالت سامانثا باور مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، إن تقييم التصنيف المرحلي يمثل "مرحلة محورية مروعة" ودعت إسرائيل إلى فتح طرق برية أخرى.
وردا على سؤال من رويترز على تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، قال سامي أبو زهري القيادي في حماس، إن "هذا التقرير الدولي هو رسالة للمجتمع الدولي للتحرك قبل فوات الأوان، وعدم الارتهان لمواقف نتنياهو الذي يتحدى الجميع ويستمر في قتل الناس بالقنابل والتجويع".
وقالت وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة، إن "العقبات الهائلة" التي تعترض نقل المساعدات إلى شمال غزة لا يمكن تذليلها إلا بوقف إطلاق النار وفتح المعابر الحدودية التي أغلقتها إسرائيل بعد السابع من تشرين الأول.
نازحون
في الأيام الخوالي، كان طعام فادي الزنط المفضل هو شاورما الدجاج، وكان يأكل كثيرا من الفاكهة ويشرب كثيرا من الحليب، بحسب قول والدته شيماء.
وأضافت أنه حين بدأت الحرب، فرت الأسرة من منزلها في حي النصر بمدينة غزة الذي أضر به القصف الإسرائيلي بشدة. وأضافت أنهم نزحوا 4 مرات قبل وصولهم إلى بيت لاهيا.
وقالت إن "فادي يمكن له شهرين بدأت حالته تتدهور، صار العلاج مش متوفر، يعني له علب الكريون، حبوب لازم ياخدها دايما عشان ما يصيرش معاه (حتى لا يصيبه) سوء لامتصاص الغذا في جسمه، فصار معاه إسهال ومقدرناش نوقفه. يسهل في اليوم يمكن في الليلة عشر مرات يسهل. واخده وأنقله على المستوصفات ومحدش عارف (يعالجه) لأن دكاترته (الأطباء) اللي هو بيتابع عندهم مش موجودين لأنهم في الجنوب".
وكريون عقار يحتاجه الأشخاص المصابون بالتليف الكيسي لتكملة إنزيمات البنكرياس التي تساعد على هضم الطعام، ولم يعد العقار متوافرا في القطاع.
وقبل الحرب، كان وزن فادي 30 كيلوغراما لكن وزنه الآن 12 كيلوغراما، بحسب قول والدته.
وقالت الأم شيماء الزنط "قبل الحرب كان ما شاء الله يأكل وكان طفل كويس... وعلاجه متوفر فكان وجهه ناصع، وكان طفل تحسش (لا تشعر) أنه مريض وبيروح على (يذهب إلى) الروضه هو وأخوه كمان عادي".
ولم ترد وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق على سؤال حول توافر عقار كريون، لكنها قالت إن إسرائيل "لم ترفض أي شحنة من الإمدادات الطبية".
ولم تتمكن رويترز من التأكد بشكل مستقل من احتمالات منع هذه الشحنات ولم تتمكن أيضا من التحقق من مسؤولي المستشفى عن مدى تعطل إمدادات كريون.
وتقول وزارة الصحة في غزة، إن نقص الأدوية أسهم في تدهور أوضاع الأطفال الذين توفوا.
وتقول وكالات الأمم المتحدة، إنه بالإضافة إلى الأطفال الذين يعانون من أمراض سلفا، مثل فادي، تتزايد سريعا المخاطر التي تحدق بعدد كبير من الأطفال الآخرين في غزة.
وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) الجمعة، إن نحو طفل واحد من بين كل ثلاثة أطفال دون الثانية من العمر في شمال غزة يعاني من سوء التغذية الحاد، أي مثلي العدد الذي كان عليه في كانون الثاني.
وأضافت يونيسف أن 4.5% من الأطفال في الملاجئ والمراكز الصحية التي زارتها المنظمة وشركاؤها يعانون من هزال شديد، وهو أكثر أشكال سوء التغذية خطرا على الحياة.
وقالت كاثرين راسل، المديرة التنفيذية ليونيسف الثلاثاء، في بيان مشترك مع برنامج الأغذية العالمي "إذا لم يتوقف القتال وتتاح لوكالات الإغاثة حرية الوصول بشكل كامل إلى أنحاء غزة، فإن مئات الأطفال، إن لم يكن الآلاف، سيموتون جوعا".
وقال تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، إنه إذا مضت إسرائيل قدما في الهجوم الذي تتوعد به على رفح، فمن المتوقع أن يواجه 1.1 مليون شخص في غزة، أي نصف السكان، نقصا حادا في الغذاء.
وقال الكولونيل إيلاد جورين من وحدة تنسيق أعمال الحكومة مع الفلسطينيين الخميس الماضي، للصحفيين إن الحصول على الغذاء مستقر في جنوب ووسط القطاع.
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش في أواخر شباط، إن إسرائيل تعرقل توفير الخدمات الأساسية ودخول وتوزيع الوقود والمساعدات المنقذة للحياة في غزة. وأضافت أن هذا "عقاب جماعي" ويعتبر جريمة حرب بموجب القانون الإنساني الدولي.
وقالت وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق مع الفلسطينيين، إن إسرائيل تبذل "جهودا مكثفة لزيادة كمية المساعدات التي تدخل غزة" بما يتجاوز التزاماتها.
وأضافت "أي ادعاءات بخلاف ذلك، بما في ذلك الادعاءات المتعلقة بالعقاب الجماعي، لا أساس لها من الواقع والقانون".
رفح
في مركز العودة الصحي في رفح، جلست أو وقفت أكثر من اثنتي عشرة امرأة لرعاية أطفالهن الذين يعانون من سوء التغذية.
وقال أقارب إن معظم الأطفال في الجناح كانوا يعانون بالفعل من مشاكل طبية قبل الحرب، لكن الصور التي عرضها آباء اثنين منهم لرويترز، أظهرت أنهم كانوا يبدون أكثر صحة عما هم عليه الآن.
وفي الرابع من آذار، توفي يزن الكفارنة البالغ من العمر 12 عاما، والذي كان مصابا بالشلل الدماغي في جنوب غزة، بعد أيام من التقاط رويترز صورا أظهرت هزاله الشديد.
وقالت ممرضة تدعى أميرة أبو جويد إن المستشفى غير قادر على توفير ما يكفي من الحليب للأطفال، وإن ما بين 5 إلى 10 حالات تصل يوميا في ظل ظروف "كارثية". ولم تذكر الممرضة كمية الحليب التي كانت متوفرة قبل الحرب.
وأضافت "وضع كارثي جدا وكل يوم عن يوم بيزيد بزيادة. الاطفال عندنا بيعانوا من سوء تغذية بشكل مخيف. بنشوف يوميا بيمر علينا من خمس إلى 10 حالات لأطفال عندهم نقص حاد في التغذية خاصة في الحليب... كل حالة لها حليب خاص بها، اسم مش موجود... الحليب مش موجود وغلاء الأسعار وسوء التغذية... الأشياء مش موجودة يعني إحنا مش قادرين نشتريها من السوق. الوضع بقى كارثي إحنا مش عارفين كيف ممكن نفيدهم بنقف مكتوفين الأيدي صراحة".
وجلست أم مصباح حجي وهي تحتضن ابنتها إسراء البالغة من العمر خمس سنوات، وهي مصابة بشلل رباعي وصرع.
ولم تعد أدوية إسراء متوفرة، وفقدت الكثير من وزنها. وأضافت الأم أنه قبل الحرب كانت تطعمها البيض والحليب في الإفطار والكبدة في الغداء والأرز في العشاء. وفي بعض الأحيان، كانت تعطيها الزبادي والفاكهة.
وقالت الأم "بنتي تعاني من شلل رباعي وفيه عندها تشنجات. تم فقدان هذه الأدوية والبعدين صار عندها سوء التغذية نظرا للأحوال اللي احنا عايشين فيها وبنتي كتير ضعفت وما في تغذية ولا في أشي وما في أدوية للتشنجات... أنا الحمد لله كنت في بيتي في غزة أجيب لها اللبن المشكل (المضاف إليه) بالفواكه، والسريلاك والكبدة واللحوم وأهرس لها إياها. الأكل كان متوفر لكن بعد الحرب مفيش أشي، نقص في كل شيء، ما في عمل وما في أشي، ونزحنا في خيمة ومفيش عندي لا فلوس ولا أكل متوفر.
وأضافت "أنا في اليوم بأموت ألف مرة، باتقطع عليها أما أشوفها بتتشنج، ومفيش دوا وباعرف أنها جعانة ومش متوفر الأكل إللي هي بتاكله".
إسهال
المرض يفاقم النقص الحاد في الغذاء. ويتسع نطاق سوء التغذية نتيجة الجفاف الناجم عن الإسهال والذي تقول منظمة الصحة العالمية، إنه منتشر في مدن الخيام التي يقيم فيها النازحون دون صرف صحي مناسب أو مياه نظيفة.
وأحد آثار الجوع الحاد هو تقليل وتقليص المناعة ضد أمراض المعدة هذه.
وقالت منظمة الصحة العالمية الشهر الماضي، إن 90% من الأطفال دون سن الخامسة في غزة أصيبوا بواحد أو أكثر من الأمراض المعدية، وإن 70% أصيبوا بالإسهال في الأسبوعين السابقين، وهي زيادة قدرها 23 ضعفا عن الحالات قبل الحرب.
وتحدثت كيرستين هانسون، وهي طبيبة أميركية تعمل في مجال التغذية مع منظمة أطباء بلا حدود، عن بداية التدهور الجسدي الناجم عن سوء التغذية والجفاف.
وقالت إن الأطفال يصبحون في حالة خمول وأقل انتباها. وتفقد بشرتهم ما بها من دهون بحيث إذا تم شدها من مكانها فإنها قد تبقى في هذا الوضع. وتغور العيون ويصبح الجسم منهكا.
وحتى بالنسبة للأطفال الذين كانوا يتمتعون بصحة جيدة قبل الحرب، فإن استمرار سوء التغذية يمكن أن يعيق النمو البدني والعقلي لديهم.
وقالت هانسون إنه مع انتشار سوء التغذية الحاد، يتوقف جسم الطفل عن النمو، ثم يتوقف كل شيء ما عدا الوظائف الحيوية.
وأضافت "سيستمر قلبك ورئتيك في أداء وظائفهما، لكن... ربما لا توجد طاقة كافية للحفاظ على عمل جهازك المناعي".
بعد ذلك، "يبدأ الجسم في أكل نفسه نوعا ما، باستخدام العضلات والدهون وأي مكان آخر يمكن أن يجد فيه الطاقة لمواصلة التنفس ومواصلة العمل بأي كلفة ممكنة، وحين لم يعد هذا ممكنا بحال من الأحوال، يتوقف الجسم عن العمل".
وقالت هانسون إنه حتى عندما لا يصل سوء التغذية إلى هذه المرحلة الخطيرة، فقد يكون من المستحيل تعويض تأثيره على النمو إذا استمر. فقد لا يستعيد الأطفال أبدا السنتيمترات المفقودة من النمو.
رويترز
إقرأ أيضاً : لابيد: "إسرائيل" تشهد انهيارا بعلاقاتها الخارجية بسبب حكومة "مهملة"إقرأ أيضاً : اتفاق بالكونغرس الأميركي يمنع تمويل الأونروا حتى آذار 2025إقرأ أيضاً : حكومة أسكتلندا تعلق تعاملاتها مع سلاح الجو الاسرائيلي
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: مستشفى غزة زفاف القطاع القطاع غزة مستشفى الصحة مستشفى الشفاء غزة مدينة الوفيات الخاص غزة الحكومة شهر الجميع الناس غزة شاورما غزة اليوم الله الحكومة الصحة غزة الحكومة الحكومة الوضع غزة اليوم الصحة الصحة غزة العمل شاورما الوضع زفاف الوفيات مدينة الصحة اليوم الحكومة الناس الله العمل مستشفى غزة الشفاء الثاني الجميع الخاص القطاع شهر سوء التغذیة الحاد من سوء التغذیة إن إسرائیل وحدة تنسیق قبل الحرب یعانون من شمال غزة أکثر من فی غزة
إقرأ أيضاً:
رقم رسمي.. عدد السودانيين الذين يدخلون مصر يوميا
أكدت مسؤولة في الأمم المتحدة، الأحد، أن "مئات" السودانيين الفارين من بلدهم الذي يشهد حربا ضارية يصلون إلى مصر يوميا، ليضافوا إلى أكثر من 1,2 مليون سوداني لجأوا إلى البلد المجاور وفق الأرقام الرسمية.
وأدت الحرب بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي"، منذ أبريل 2023 إلى مقتل عشرات الآلاف من السودانيين، ونزوح أكثر من 11 مليونا، منهم 3,1 ملايين لجأوا إلى خارج البلاد، وفق الأمم المتحدة.
وقالت كريستين بشاي، مسؤولة العلاقات الخارجية المساعدة في مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين في مصر، إن الأخيرة تستضيف حاليا 546 ألفا و746 لاجئا سودانيا مسجلين رسميا لدى المفوضية، فضلا عن آخرين ينتظرون التسجيل.
وذكر تقرير صادر عن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الجمعة أن "البيانات الأخيرة الصادرة عن الحكومة المصرية تشير إلى أن أكثر من 1,2 مليون سوداني سعوا للحصول على الحماية الدولية في مصر".
ويجعل ذلك مصر أكبر مضيف للاجئين السودانيين رغم فرض متطلبات دخول أكثر صرامة على السودانيين إثر اندلاع الحرب في السودان الذي يشترك في حدود طويلة مع مصر.
وأضافت بشاي أن المواطنين السودانيين "يشكلون الآن ثلثي إجمالي اللاجئين المسجلين في البلاد" البالغ عددهم 827,644 شخصا من 95 جنسية، من بينها سوريا وجنوب السودان وإريتريا.
وأوضحت المسؤولة الأممية أنه "في بداية النزاع، كان يصل آلاف السودانيين إلى مصر يوميا، قبل أن يستقر العدد عند بضع مئات يوميا".
وكانت القاهرة قد أعفت في بداية الحرب النساء والأطفال والرجال السودانيين فوق سن الخمسين من متطلبات الحصول على تأشيرة.
لكن بعد شهر من اندلاع النزاع، فرضت الحكومة المصرية متطلبات الحصول على تأشيرة دخول لجميع السودانيين، مما دفع الكثير منهم إلى اللجوء إلى معابر غير نظامية.
وفي سبتمبر هذا العام، شددت مصر متطلبات الدخول، وألزمت الأشخاص الوافدين من السودان بالحصول على "موافقة أمنية مسبقة" إلى جانب تأشيرة قنصلية، وفق وزارة الداخلية المصرية.
وقالت رجاء أحمد عبد الرحمن، وهي سودانية تبلغ 27 عاما عبرت إلى مصر بطريقة غير نظامية في أغسطس، لوكالة فرانس برس إنها دفعت نحو 500 ألف جنيه سوداني (830 دولارا) للسفر في شاحنة صغيرة مع 16 آخرين.
وأوضحت عبد الرحمن أن الرحلة عبر الصحراء التي استغرقت يوما ونصف يوم كانت "مجهدة ومرعبة".
وأضافت "كنا خائفين باستمرار من أن توقفنا قوات الدعم السريع" التي تقاتل الجيش السوداني.
ولجأ مئات الآلاف من السودانيين إلى بلدان مجاورة أخرى، خصوصا تشاد وجنوب السودان وليبيا.
وفي التقرير الذي نشر الجمعة، حذرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين في مصر من أن الأزمة الإنسانية الناجمة عن الحرب في السودان وضعت "ضغوطا هائلة على موارد مصر وبنيتها التحتية".
وقالت حنان حمدان ممثلة المفوضية لدى الحكومة المصرية وجامعة الدول العربية إن "العبء على مصر لا يمكن تحمله ويتطلب مساعدة دولية فورية وملموسة لضمان حماية وسلامة المتضررين من النزاع".
وأشارت المفوضية إلى أنه تم حتى الآن تأمين ما يزيد قليلا على نصف التمويل اللازم لبرنامج المساعدات للاجئين السودانيين.
وقالت الوكالة الأممية إن خطة الاستجابة الإنسانية في السودان 2024 "تلقت 1,52 مليار دولار من التمويل، وهو ما يمثل 56,3 في المئة من المبلغ المطلوب البالغ 2,7 مليار دولار".
وشددت على أنه "رغم هذه المساهمة الكبيرة، إلا أن فجوة التمويل لا تزال واسعة".