في عيد الأم.. ضيق العيش يسرق فرحة ست الحبايب
تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT
كَثُرت الأقاويل والأحاديث التي تمدح الأمّ في عيدها الدي يحل غدا وتُثني على جهادها في رعاية أسرتها والتضحيات التي تبذلها دون منّة، وكثرت أيضًا المقالات التي تتحدث عن الأمّ المناضلة، والأمّ العاملة، والأمّ التي تفرّغت لأطفالها، والأمّ التي تربّي أطفالاً لم تلدهم من رحمها. ولكن "الجنة تحت أقدام الامهات" وغيرها من الشعارات الرنانة التي تتصدر عناوين المقالات في عيد الأم لا تكفي لوصف الكمّ من تضحياتها الفعليّة في مجتمعنا، ولا تكفي ايضا كمعايدة للأم في عيدها.
ففي 21 آّذار، يحتفل لبنان كما في غالبية دول العالم العربي بعيد الأم، لكن هذه السنة يحلّ موجعاً على الجميع بسبب الظروف الإقتصادية الصعبة. إذ تخطّى سعر باقة الورد الـ5 ملايين ليرة لبنانية، فيما أسعار الهدايا حدّث ولا حرج، حيثُ تجاوز سعر زجاجة العطر الـ14 مليون ليرة لبنانية، وسعر علبة الشوكولا المليون ليرة، وأسعار كل السلع تضاعفت عشرات المرات.
لكن الضربة الأكبر في سعر قالب الحلوى، الذي يُعتبر من أساسيات العيد، حيث بلغ سعر القالب المخصص لـ7 أشخاص ما يقارب المليون ونصف المليون ليرة لبنانية والسبب يعود، بحسب أحد أصحاب مصانع الحلوى، إلى كون"معظم المواد الأولية" التي تدخل في صناعة الحلوى تأتي من الخارج، ناهيك عن إرتفاع أسعار المستلزمات الأخرى التي تأثرت بجنون الدولار، كالعلبة التي يوضع فيها القالب والأكياس وغيره. تجري العادة أن يتجنّب البعض منّا أن يذكر كثيراً خصال والدته أمام أي أحد قد خسر أمّه، أو أن يتحدّث بإسهاب عما يخطّط له في مناسبة عيد الام لما تحمله هذه المناسبة من معان خاصّة. كما يحرص كثيرون على عدم نشر الصور والابتعاد عن الاستفاضة في التعبير عن عمق ما يتركه هذا اليوم في نفس كل من جرّب مرارة الخسارة والفقدان. ولكن في لبنان قد لا تكون الخسارة على هيئة موت، بل قد تأتي على هيئة حقوق مسلوبة.
هي الأم ومن أعزّ منّها! ولكنّ هناك من لا يزال يعتبر أن هذه "المعزّة" قضية أخذ وردّ تحتمل النقاش، لا لشيء، بل لأن بعض قوانين الأحوال الشخصية تحكمها أعراف وقوانين ذكوريّة مجحفة بحق المرأة، والأم تحديداً. نعم لا تزال الطوائف في لبنان تتحكّم بقوانين الأحوال الشخصية.
لطالما علت المطالب والصرخات في أروقة المحاكم. رجولة عقيمة تسجن أمّهات يرفضن التخلّي عن حضانة أطفالهن، أو يجدن أنفسهنّ مضطرات إلى التنازل عن كامل حقوقهنّ في مقابل تربية أطفالهن أو حتى مجرّد رؤيتهم. تكاد لا تكسب الأم أي قضية إلا بعد تنازلها عن حق من حقوقها. وكثيراً ما تجد الأم نفسها مرغمة على التنازل عن نفقة أولادها في مقابل كسب هذه الحضانة.
حتى عيد الأم، لم يسلم من تداعيات الأزمات التي يمر بها لبنان لا سيما الاقتصادية، إذ تحل المناسبة هذا العام، موقظًة الحزن في قلوب الكثير من الأمّهات، جرّاء بُعد أبنائهنّ عنهنّ، إما بسبب الهجرة أو حوادث لها علاقة بالأزمة.
حروب خارجية وداخلية، أزمات وانهيارات اقتصادية، حملت الأم اللبنانية الكثير من وزرها، إلا أن صوتها لم يكن مسموعاً لدى أصحاب القرار.
وباتت المعايدة عبر تقنية الفيديو الوسيلة الوحيدة التي تجمع معظم أمهات لبنان بأولادهن المهاجرين نتيجة الأوضاع الاقتصادية والأمنية الصعبة التي جعلتهم يبحثون عن وطن بديل لتأمين مستقبلهم، بحيث باتت المواساة الوحيدة بالنسبة إلى الأمهات اللبنانيات.
ويظل العيد في أوساط الأمهات اللواتي ودعن أبناءهن مع اشتداد الأزمة الاقتصادية حزينا، لا ورود ولا حلويات، و”صاحبات العيد” حائرات تختلط في داخلهن أوجاع كثيرة.
ويبقى عيد الأم أقدس ينابيع الحنان، لكنه يبقى الأٌقسى على من فقدت زوجها سواء بالموت أو بالطلاق، فأي دور تلعب النساء "الوحيدات" اليوم، لتعويض الخسارة المادية والمعنوية للأب؟.
لمجرّد أن تصحو الأمّ من نومها وتفتح عينيها، وهواجس الأوضاع السيئة تقلقها لثقل همها، وتفكيرها الدائم بأحبائها، وأحباء أحبائها الذين هم اولادها وأولاد أولادها، فهي الأم وقلبها يخفق حباً ودعاء لهم بالصحة والتوفيق في أعمالهم ودروسهم، فقلب الأم يخفق دائماً بالحب والخير في عالم جاف، تحطمه المادة، وجشع التجارة، وحب المال.
لكن هذه السنة مع كل مرارتها وحزنها، الأم تبقى أمًّا، فهي نبع الحب وهي المحبوبة الحنونة التي سقتنا ذاك الحب الذي صنعنا أخوة بين الناس وأعطانا الخير كي نعطيه لنبني السلام.
لكلّ الامهات، اللواتي ولدن أطفالا واللواتي لم يستطعن الانجاب، كل عام وأنتنّ بخير. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
قبلان: لن نقبل العيش بوطن لا مسيحية فيه
شدد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان على أننا "لن نقبل العيش بوطن لا مسيحية فيه"، وقال في رسالة تهنئة لمناسبة عيد الميلاد، جاء فيها: "تكريساً للنور الهابط من ملكوت الله حيث يتجلّى ميلاد السيد المسيح وعين الربّ على العائلة البشرية ووحدتها ولوازم تكريمها ومنع الخطيئة فيها، ولا خطيئة أكبر من الظلم والحقد والنقمة والإضطهاد لرعية الله وسط حضارة عالمية تعيش على القتل والإبادة والفظاعات، ولا ظلم ولا اضطهاد برسالات الله، وهذا هو جوهر المسيحية والإسلام في ميادين الدنيا ومنظومة ناسها وأركانها، ولبنان مهد الرجاء ومهبط السماء وخزانة التراث، والميلاد والإنسانية لا يفترقان، وهو ما نريد تجسيده بالعائلة اللبنانية التي تجمع الإسلام والمسيحية، وعليه، أقول للأخوة المسيحيين: أنتم ونحن وبقية الخلق أمانة الرب في أرضه ولن نقبل العيش بوطن لا مسيحية فيه، ولو تجسّد المسيح بيننا لجمع المسجد بالكنيسة وأقام إلفة السماء بالعائلة اللبنانية التي تتوق للمحبة والتوافق والعدل والإيمان واحترام القيم التي تليق بهذا البلد السماوي الذي تتسابق إليه سكاكين العالم الظالم، وهذا يلزم العائلة اللبنانية بالتفاهم والتضامن والتعاون والتشاور بكلّ ما يحتاج إليه اجتماعها المدني الذي يفترض حفظ مصالحها ونظامها ووحدتها المقدسة".
وتابع: "لو كان المسيح الآن بيننا لحرّم علينا القطيعة السياسية وأوجب علينا الدخول بتفاهم رئاسي ووطني يليق بوحدة مصالحنا وجامع وجودنا وغاية الرب فينا، والمسيح والعدالة لا ينفصلان، وإنما المسيح محبة ورحمة وعطاء ونقاء ولقاء، وكل الحب للأخوة المسيحيين ونحن وأنتم بلحظة التقاء الزمان بالأبدية، وهذا يفترض تجلّي المحبة الإلهية بأرض لبنان ونظامه السياسي وصيغته التوافقية ومؤسساته الدستورية وعائلته الوطنية الكريمة، وهذه أعظم أيام مجد الله بالميلاد الذي يضع المسيحية والإسلام بقلب العناق السماوي، ويجب أن نتذكّر أن السماء لا تخطئ، وأن مآل البشر إلى الله". (الوكالة الوطنية)