من استمع لرئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل يتكّلم في مناسبتين حزبيتين لا تفصل بينهما سوى ساعات ظنّ أنه أمام مشهدية جديدة في العمل السياسي فيما حقيقة الأمر أنه أراد من خلال هاتين الاطلالتين أن يوجّه أكثر من رسالة: الأولى، وهي الأهم، لـ "حزب الله"، والثانية إلى المجتمع المسيحي بأحزابه الثلاثة الرئيسية، أي "القوات اللبنانية" و"الكتائب اللبنانية" وتيار "المردة".


في رسالته الأولى أراد باسيل أن يقول لحليف الأمس إنه رأس حربة في رفضه منطق "وحدة الساحات" وربط مصير لبنان بمصير الآخرين، وبالتالي رفضه المس بقدسية الشراكة الوطنية، مع حرصه الدائم على إقامة أفضل العلاقات مع "حزب الله" تحت هذين العنوانين غير القابلين للمساومة عليهما برأيه.
وبهذا الموقف يعتقد رئيس "التيار الوطني" أنه قادر على"تعويم" نفسه مسيحيًا، ولكي يثبت للشارع المسيحي أنه قادر على أن يقول لـ "حزب الله"، وإن كان حليفه، ما يقوله له معظم المسيحيين، وانه قادر بالتالي على أن يذهب إلى أبعد من ذلك في الوقت والزمان المناسبين.
إلاّ أن هذا الكلام لا يمكن أن يكون "مقبوضًا" مسيحيًا ما لم يتدرج إلى مرحلة رفع شعار رفض سلاح "حزب الله"، مع التأكيد أن المرحلة الدقيقة والمصيرية، التي يمرّ بها الوطن، تتطلب جرأة في المواقف، وعدم إخضاع أي موقف بما يمكن أن يُستشفّ منه "مسايرة" في مكان ما، وذلك لإبقاء خطوط التواصل بين "ميرنا الشالوحي" و"حارة حريك" قائمة لعل وعسى.
ومن هذه النقطة بالذات يمكن التطرق إلى رسالة باسيل إلى القوى المسيحية، وإلى بكركي. ففي هذه الرسالة ما يمكن اعتباره خطوة متقدمة، كما تراها مصادر معتدلة في هذه القوى، إلاّ أنها تبقى ناقصة ما لم تصحبها ترجمة واقعية وملتزمة بمبادئ السيادة كما تراها هذه القوى، التي يجب أن يوضع تحتها "خطّ أحمر" بالتلازم مع مبدئية "الخطوط الحمر"، التي يجب أن توضع تحت كلمة "شراكة وطنية" حقيقية.  في المبدأ لا يمكن للقوى المسيحية المعارضة أن تتعاطى مع مبادرة باسيل الحوارية في الداخل المسيحي بشيء من اللامبالاة، وهذا ما أكدته "القوات اللبنانية"، التي أعلنت أنها مع أي حوار مجدٍ، مع رفضها "حوار الصورة". فأي حوار لا يكون منتجًا وهادفًا قد تكون انعكاساته على المستويين المسيحي والوطني كارثية، وأن أي فشل في تحقيق أي نتيجة من الحوار المسيحي – المسيحي سيكون حجّة لدى بعض الذين لا يؤمنون أساسًا بالحوار سبيلًا لحلّ المشاكل العالقة لكي يبرروا عدم جدوى الحوار الوطني. فإذا كان المسيحيون غير قادرين على الاتفاق في ما بينهم فكيف يُطلب أن يتوافق جميع اللبنانيين على حلّ مشاكلهم واختلافاتهم وخلافاتهم الكثيرة على طاولة حوار واحدة.
فالحوار جُرّب أكثر من مرّة، سواء على المستوى المسيحي – المسيحي أو على المستوى الوطني فلم تكن نتيجته سوى خيبات أمل أو مقولة "انقعوه وشربوا ميتو".
فـ "القوات اللبنانية" لم تتأخر في الردّ على دعوة باسيل إلى الحوار المسيحي، التي اعتبرت "أن الرأي العام اللبناني، بعد الانهيار المالي والسياسي والشغور والحرب وانسداد الأفق، ليس في وارد التساهل مع خطوات تفاقم غضبه كونه لا يريد رؤية حوارات عقيمة ومصافحات لا تؤدي إلى نتيجة، ولا بل تعود الأمور معها إلى أسوأ مما كانت عليه." وأكدت من جهة ثانية أن خطوط التواصل بين "القوات" و"التيار الوطني الحر" قائمة وقد ساهمت في الوصول إلى التقاطع على مرشح رئاسي، ولكن "ما لم يعلن النائب باسيل وجوب ان يسلِّم "حزب الله" سلاحه للدولة لا نرى اي موجب للتلاقي في سياق مشهدية واحدة، لأن أي مشهدية يجب ان تعبِّر بصدق عن رغبة اللبنانيين بقيام الدولة الفعلية التي يحول دونها سلاح "حزب الله" ودوره."
من هذه النقطة تكون البداية. فما يجري في الجنوب، كما تراه القوى المسيحية، هو أبعد من حرب مساندة لشعب غزة، وهو أمر قد يتخطّى حدود لبنان وقدرته على المواجهة.
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله

إقرأ أيضاً:

الأحداث التي وقعت في رحلة الإسراء والمعراج

الإسراء والمعراج.. في مثل هذه الأيام من كل عام تمر بالمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ذكرى محببة إلى قلوبهم هي: ذكرى الإسراء برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من المسجد الحرام الذي أمر الله بتطهيره للطائفين والعاكفين والركع السجود إلى المسجد الأقصى الذي بارك حوله، وذكرى العروج من بيت المقدس في فلسطين العزيزة إلى سدرة المنتهى فوق السماوات.

ويظهرُ جليًّا أنه صلى الله عليه وآله وسلم أُسْرِيَ به يقظةً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وصلَّى فيه بالملائكة والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ثم عَرَجَ به صلى الله عليه وآله وسلم يقظةً من المسجد الأقصى إلى الرفيق الأعلى.                                    وعُرِضَت عليه صلى الله عليه وآله وسلم في تلك الليلة المباركة الجنة؛ ليرى فيها ما أعدَّه الله له ولأحبابه من الثواب والنعيم ليطمئن ويبشر به المتقين، وكذلك عُرِضَتْ عليه صلى الله عليه وآله وسلم النار؛ ليشاهد فيها ما أعده الله تعالى لأعدائه من العذاب الأليم لينذرَ به الكافرين والمشركين، ليزداد طمأنينة وسرورًا، ورأى ما رأى من آياته ربه الكبرى؛ كصورة جبريل التي خلق عليها وله (600) جناح، والسدرة وما غشيها من أمر الله ما غشيها، وشاهد ربه جل وعلا عيانًا بغير ارتسام ولا اتصال شعاع، وكلَّمه شِفَاهًا بلا واسطة ولا حجاب: ﴿فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ۝ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى﴾ [النجم: 10-11].

ولقد فرض الله سبحانه وتعالى عليه وعلى أمته صلى الله عليه وآله وسلم في تلك الليلة المباركة خمس صلوات في اليوم والليلة كلّ صلاة بعشر، أي: بثواب خمسين صلاة في اليوم والليلة، وخصَّه بمنح عظيمة لم تكن لأحد سواه من إخوانه الأنبياء عليه وعليهم الصلاة والسلام، وإلى هذا ذهب جمهور العلماء المحدثين والمتكلمين والفقهاء، وتواردت عليه ظواهر الأنباء الصحيحة، فلا ينبغي لأحد العدول عنه خصوصًا وقد نص على ذلك الكتاب والسنة، وأجمع عليه الصحابة وغيرهم، ولم يُنكِرُهُ إلا الملحدون المعارضون الذين ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ [الصف: 8]، وفقنا الله لما فيه الخير والنفع العميم، وهدانا الصراط المستقيم صراط الذين أنعم عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين آمين، وصلاة وسلامًا على نبينا محمد أفضل الأنبياء والمرسلين من حَبَاه الله وأكرمه بالإسراء والمعراج وسلم تسليمًا كثيرًا.

مقالات مشابهة

  • الأحداث التي وقعت في رحلة الإسراء والمعراج
  • هل يمكن إلغاء الأوامر التنفيذية التي أصدرها ترامب؟
  • كلية اللاهوت الأسقفية تختتم ورشة كتابة السِّيَر المسيحية بمصر
  • «مصر» جذور اللوتس التي لا يمكن اقتلاعها.. موسوعة القوات المسلحة في معرض الكتاب
  • ماغرو زار المجلس الوطني للبحوث العلمية في لبنان: من دون الأبحاث يستحيل أن نتوقع التطورات التي تحصل في العالم
  • القادري لـ سانا: ندعو جميع الكوادر التعليمية إلى وضع أنفسهم تحت تصرف مديرياتهم الأصلية التي هم على ملاكها، كما يمكن للراغبين بالنقل تقديم طلباتهم عند فتح باب النقل قريباً، بما يضمن تنظيماً قانونياً وإحصائيات دقيقة
  • ظريف: هجوم حماس دمّر المفاوضات مع واشنطن
  • الجزائر تتودد إلى ترامب بتوقيع اتفاقية عسكرية وأخرى للتنقيب عن النفط
  • وحدة المصريين أقوى من أي شائعة.. رسائل مهمة من الرئيس السيسي لطمأنة المصريين
  • رسائل طمأنة للمصريين.. نص كلمة الرئيس السيسي في احتفالات عيد الشرطة 73