كتلة اسفنجية من الدهون والبروتينات لا تتعدى 1.4 كيلوجرامًا، يُعتقد بإنها أكثر الأشياء تعقيدًا في كوننا الفسيح اليوم، يدور الحديث هنا عن شبكة الخلايا التي تكون الدماغ، التي من خلالها نقرأ ونترجم كل ما تقع عليه حواسنا، وهي من تحدد إحساسك تجاه عالمك الخارجي وردود أفعالك المختلفة، وهي أيضًا من ستقرر إن كنت ستكمل قراءة هذه الافتتاحية.
إن «المخ»، الجزء الأكبر من أدمغتنا هو ما يجعلنا المخلوقات الأكثر تطورًا – حسب علمنا – أما حجم الدماغ، ومسألة تكبيره، فما هي إلا عبارة عامية نعني بها تجاوز الصغائر؛ لأنه – علميًا – يمتلك الفيل مثلا دماغًا أكبر وأثقل حجمًا، ولكن ذلك لا يجعله بالضرورة أكثر حكمة!
إن الحديث عن أعقد الأجهزة التي عرفها الإنسان يطول، ولعل الملف الخاص الذي فردناه لكم عن أسرار الدماغ وخباياه واختلافاته وحتى طفراته يشبع شيئًا من فضولكم عن أنفسكم.
نعرج في هذا العدد كذلك على قضية الإدراك لدى البشر وحول تطورها ومساهمتها في تغيير توجه علوم الطبيعة. ولم ننس أن نسلط الضوء على العقول الاصطناعية التي باتت تعيش بيننا، وطرق تطور جيناتها الشبيهة بالدماغ البشري، وسبب ازدياد تهافت العالم للسيطرة عليها والمستقبل الذي يتوقع أن تؤول إليه.
نتعرف معًا في العدد العاشر أيضًا على المندوب النشيط الذي يجري في دمائنا جميعًا، والذي يتحكم بتنظيم معدلات السكر، والأثر الذي يخلقه الصيام على وظائفه، كما نُعرف علمائنا الصغار على حقيقة ما يحدث في أجسادهم وقت الصيام.
تقرأون كذلك مجموعة من الدراسات الحديثة التي تجيب عن تساؤلات متنوعة مثل: زراعة المحاصيل الشتوية في غير مواسمها، واضطراب فرط الحركة، ونقص الانتباه وعلاقته بتطور الإنسان، وكيف عرف الإنسان المزاح قبل مليارات السنين، وكيفية تشكل الرياح، وغيرها العديد.. قراءة ماتعة.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
خبيرة في السرد البصري: الروايات المصورة تمنح عضلات القراءة تمريناً طبيعياً
"قد لا تبدأ علاقة الطفل بالقراءة من الكلمات، بل من الصور". انطلاقاً من هذه الفكرة التي استحوذت على اهتمام الحضور، قدمت يانا موريشيما الوكيلة الأدبية والمتخصّصة في الروايات المصورة والسرد القصصي البصري، رؤية مغايرة للمفهوم التقليدي للقراءة، في ندوة فكرية بعنوان "الروايات المصورة للتشجيع على المطالعة" ضمن فعاليات مهرجان الشارقة القرائي للطفل في دورته الـ16 التي تستمر حتى 4 مايو المقبل تحت شعار "لتغمرك الكتب".
سرد بصري متكامل
استهلت يانا موريشيما الجلسة بالحديث عن مفهوم الروايات المصورة وأهميتها في بناء عادة القراءة لدى الأطفال والناشئة، موضحة الفارق الجوهري بين الكتب التقليدية والروايات المصورة الحديثة، إذ قالت: "الرواية المصورة تعتمد بشكل أساسي على المزج بين الصورة والكلمة، بحيث يصبح كل منهما ضروريّاً لإيصال القصة وفهمها". واستعرضت الكاتبة أمثلة حية من أعمال معروفة، لتوضح كيف أن النص وحده لا يكفي في الروايات المصورة، بل يجب على القارئ أن يستوعب الرسومات ضمن السياق السردي لفهم القصة كاملة.
لماذا الروايات المصورة ضرورية؟
وسلّطت موريشيما خلال الندوة الضوء على الدور المهم الذي تلعبه الروايات المصورة في بناء عادة القراءة وتطوير مهاراتها لدى القراء، خاصة أولئك المترددين أو غير المتحمسين للقراءة التقليدية، لأنها -أولاً- تجذب الانتباه من خلال المزج بين الصور والنصوص، مما يجعل تجربة القراءة أكثر تشويقاً وسهولة في الفهم؛ ثانياً تحفّز الروايات المصورة الدماغ على معالجة المعلومات بطرق متعددة، وتسهم في بناء قدرة القارئ على المتابعة وزيادة تحمّله للقراءة لفترات أطول، مما يمنح عضلات القراءة -كما تقول موريشيما- لديهم تمريناً فعالاً وطبيعياً.
تنشيط الدماغ عبر السرد البصري
كذلك تطرقت موريشيما في معرض حديثها عن أهمية قراءة الروايات المصورة على الدور الذي تلعبه الروايات المصورة على تنشيط الدماغ وتعزيز قدرات التركيز لدى القارئ، موضحة أن هذا النوع من القراءة يختلف جوهرياً عن قراءة النصوص التقليدية قائلةً: "بينما تعتمد النصوص على التفكير التحليلي والخطي المرتبط بالنصف الأيسر من الدماغ، تستدعي الروايات المصورة مناطق متعددة، فتدمج بين اللغة والصورة والعلاقات المكانية، مما يحفز الجانبين الأيسر والأيمن معاً".
معايير اختيار الروايات المصورة
وحول اختيار الروايات المصورة المناسبة للأطفال والمراهقين، أكدت موريشيما ضرورة ألا يقتصر الأمر على نوع الرواية أو مستوى القراءة، بل يجب أن تراعى اهتمامات القارئ العاطفية والشخصية. وشددت على أهمية انتقاء القصص التي تتماشى مع شغف الطفل أو المراهق، سواء كان يحب الرياضة، أو الحيوانات، أو الخيال، أو المغامرات.
حب القراءة من خلال الروايات المصورة
واختتمت الكاتبة حديثها بالتأكيد على أهمية دعم الأطفال واليافعين في رحلتهم القرائية، مشددة على ضرورة التوقف عن التقليل من قيمة الروايات المصورة باعتبارها كتباً ليست حقيقية، داعية أولياء الأمور إلى قراءة هذه الكتب مع أطفالهم بنفس الطريقة التي يقرؤون بها أي كتاب آخر، كما أوصت المعلمين بإدخال الروايات المصورة ضمن مكتبات الصفوف الدراسية؛ لأن بعض الطلاب يزدهرون قرائياً بفضل هذا النوع من الكتب. وأشارت إلى إمكانية دمج الروايات المصورة ضمن المناهج.