هكذا يتهافت العالم على الذكاء الاصطناعي!
تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT
إدراكا في أهمية التحول نحو اﻷتمتة والذكاء الاصطناعي، سعت الكثير من الحكومات في تعزيز قدراتها لمواكبة التغيير القادم نحو العصر الرقمي الجديد، فعلى المستوى العالمي، هناك 71 دولة لديها استراتيجيات وطنية للذكاء الاصطناعي، التي تهدف إلى تشجيع الاستثمار في البحث والتطوير مجالات الذكاء الاصطناعي، كما تسعى إلى تطوير المهارات الوطنية اللازمة لدعم الانتقال إلى بيئات الذكاء الاصطناعي، وتعمل هذه الاستراتيجيات إلى تحقيق الموازنة بين الفوائد التقنية والاقتصادية للذكاء الاصطناعي من جهة وبين القضايا القانونية والاجتماعية واﻷخلاقية لهذه التقنيات من جهة أخرى.
ونظراً لندرة البيانات المتوفرة، فمن الصعب معرفة النسب الحقيقة للاستثمارات الحكومية في مجالات الذكاء الاصطناعي، لكن تشير أفضل الدلائل إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية والصين هما اﻷعلى في الاستثمار في التقنيات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، أما على صعيد تطوير المهارات، فنرى نموا متسارعا في البرامج التدريبية ذات الصلة بهذه التقنيات، فعالميا، نسبة مساقات الذكاء الاصطناعي من إجمالي مساقات علوم الحاسب الآلي وتقنية المعلومات وصلت إلى 28% في عام 2022 بعد أن كانت 19% قبل أربعة أعوام سابقة.
وتبرز أحد أوجه هذا التنافس العالم فيما يطلق عليه الآن «حرب أشباه الموصلات» أو «صراع الرقائق الإلكترونية» ، حيث تشكل أشباه الموصلات المتطورة ركيزة أساسية في تقدم تقنيات الذكاء الاصطناعي التي يشهدها العالم في الفترة الأخيرة. المعالجات الحديثة، بفضل تقدمها التقني، قد أتاحت زيادة هائلة في القدرات الحاسوبية، مما سمح بتطوير نماذج متقدمة لاستخدامها في تطبيقات الذكاء الاصطناعي. دول بعينها، وعلى رأسها تايوان - التي تشكل مصدرًا لـ 92% من الإنتاج العالمي لأشباه الموصلات - تهيمن على هذه الصناعة الحيوية. بالنظر إلى الارتفاع الكبير في الطلب العالمي على هذه الرقائق، وبخاصة من الصين، وخشية من تفاقم أزمة قد تقود إلى نقص في إمدادات هذه الرقائق، فقد اتخذت الولايات المتحدة خطوة استباقية بفرض قيود على تصدير التقنيات الأمريكية إلى الصين ودول أخرى في نهاية عام 2022. هذا الإجراء شجع دولا في منطقة آسيا والمحيط الهادئ والاتحاد الأوروبي على تكثيف جهودها في مجال البحث والتطوير لأشباه الموصلات، ما أدى إلى زيادة ملحوظة في عدد براءات الاختراع المسجلة من قبل هذه الدول في هذا المجال.
أحد أهم الجوانب التي عادة ما تعززها استراتيجيات الذكاء الاصطناعي هي تطوير نظم وآليات حوكمة القطاعات المنتجة والمستخدمة للتقنيات الذكية، حيث تركز هذه الاستراتيجيات في تعزيز التشريع في القوانين والسياسات التي تهدف إلى التعامل مع الجوانب السلبية للذكاء الاصطناعي، فعلى سبيل المثال ما يزال هناك جدل واسع حول المسؤولية القانونية في حال فشل التقنيات الذكية، مثل مرور سيارة ذاتية القيادة فوق أحد المشاة، أو عندما يقوم برنامج للذكاء الاصطناعي بتشخيص العلاج الطبي الخاطئ، أو عندما يقوم أحد برامج مساعدة الجريمة بالتمييز ضد اﻷقليات، من هو المسؤول في هذه الظروف؟ هل هو مستخدم التقنية أم الشركة المطورة أم هو المبرمج أم أن المسؤول هنا برنامج الذكاء الاصطناعي نفسه؟ إن الإجابة على هذه التساؤلات ليست بالأمر السهل، وتحتاج إلى فهم أوسع للتقنيات المستخدمة وطرق تطويرها واستخداماتها.
سلطنة عمان تواكب الركب
وعلى الصعيد المحلي، وانطلاقا من النطق السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله- سعت الكثير من مؤسسات الدولة في تعزيز مكانة السلطنة العالمية في مجالات الذكاء الاصطناعي، ففي مؤشر الذكاء الاصطناعي الحكومي 2023 حققت عمان معدل 58.94 من 100 في المركز 50/193 عالميا و5/19 على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث يقوم هذه المؤشر على ثلاثة أعمدة أساسية: الحوكمة، والبنية الأساسية والبيانات، وقطاع التقنية، وحسب تقرير المؤشر، حققت السلطنة معدلات جيدة على صعيدي الحوكمة البنية الأساسية والبيانات، ففي أكتوبر من عام 2021 أسدل الستار عن برنامج التحول الرقمي الحكومي والذي يقوم على عدد من المرتكزات منها توحيد البيانات وتبسيط الإجراءات واستحداث بنية رقمية متقدمة، ومن المؤمل أن يسهم البرنامج في تطوير اقتصاد رقمي من خلال إيجاد بيئة تنافسية تدعم التنمية من خلال تفعيل التقنيات الحديثة.
أما على صعيد قطاع التقنية، فهناك عدد من نقاط الضعف التي أشار إليها التقرير، منها حجم سوق تقنية المعلومات المحلي، وضعف اﻹنتاج العملي في مجالات التقنية المتقدمة، ومحدودية الناتج العلمي مثل اﻷوراق البحثية في الذكاء الاصطناعي.
ونظراً ﻷهمية وجود توجه استراتيجي وطني للذكاء الاصطناعي، فقد أعلنت وزارة النقل والاتصالات في أكتوبر 2022 عن البرنامج التنفيذي للذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة، ويعد هذا البرنامج بمثابة خارطة طريق للتوجهات الاستراتيجية في السلطنة فيما يتعلق بالتقنيات الحديثة.
وبهدف نشر المعرفة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي في السلطنة، فقد قامت مؤسسات حكومية بإطلاق عدد من البرامج التدريبية التخصصية، وذلك بهدف تعزيز قدرات خريجي مجال الاتصالات وتقنية المعلومات في التقنيات الحديثة، أحد اﻷمثلة على هذه البرامج هو برنامج مكين والذي أعلن عنه في أكتوبر 2022، ويهدف البرنامج إلى تأهيل 10 آلاف عماني في بالمهارات الرقمية بحلول عام 2025. كما قامت العديد من المؤسسات الاكاديمية، مثل جامعة التقنية والعلوم التطبيقية وجامعة السلطان قابوس، باستحداث برامج تخصصية في مجالات الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات، تهدف هذه البرنامج إلى تعزيز مهارات حل المشكلات ومهارات الرياضيات والتقنية في علوم البيانات المتقدمة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، وتعطي هذه البرنامج أولوية للتطبيق العملي في المشاكل المبينة على الواقع، وذلك بهدف إكساب الطالب المهارات الفنية التي تجعله قادرا على تطوير واستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات.
وعادة ما تحتوي هذه البرنامج العديد من المساقات في الإحصاء والبرمجة والنمذجة الرياضية ، فضلاً عن المساقات المتخصصة في موضوعات مثل معالجة اللغة الطبيعية ورؤية الكمبيوتر والشبكات العصبية والتي تمكن الخريج من تطوير تطبيقات علمية مثل تطوير وتنفيذ الخوارزميات التي تمكن أجهزة الحاسوب من التعلم من البيانات، مثل التعرف على الصور ومعالجة اللغة الطبيعية، أو تنظيف مجموعات البيانات الكبيرة وتحليلها وتفسيرها للكشف عن الرؤى المساعدة في اتخاذ قرارات استراتيجية، أو بناء النماذج التي يمكنها التنبؤ بالنتائج المستقبلية بناءً على البيانات التاريخية ، مثل حركات اﻷسهم أو سلوك العملاء.
بشكل عام، يمكن للاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي أن تساعد في ضمان أن تكون الدولة في وضع جيد للاستفادة من الفرص التي توفرها هذه التكنولوجيا سريعة التطور مع مواجهة أي تحديات محتملة، ولا يمكن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي دون وجود استراتيجية وطنية تدعم تطبيقه في مختلف القطاعات. إن توجه السلطنة نحو تعزيز المعرفة والمهارات في مجال الذكاء الاصطناعي يعكس التزامها بالتطور التقني السريع والرغبة في الاستفادة القصوى من هذه التقنية في تحسين الخدمات وتعزيز التنمية.
من خلال برامج التدريب التخصصية والأكاديمية المعنية بالذكاء الاصطناعي، يمكن تأهيل كوادر عمانية متخصصة في هذا المجال، مما يمكنها من المساهمة في تطوير حلول مبتكرة وتطبيقات فعالة تستند إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي. ومن ثم، يمكن للسلطنة الاعتماد على هذه الكوادر للتعامل مع مختلف التحديات والمشكلات بطرق أكثر واقعية، سواء في مجال الصناعة أو الخدمات أو في القطاع الحكومي.
بالإضافة إلى ذلك، تتيح إستراتيجية الذكاء الاصطناعي أيضاً الفرصة للسلطنة لتعزيز مكانتها على الساحة العالمية من خلال تطوير قدراتها في هذا المجال، وجذب استثمارات وشراكات دولية. وبالتالي، يمكن للسلطنة ان تلعب دوراً مهماً في تشكيل مستقبل التكنولوجيا والابتكار على الصعيدين الوطني والدولي.
- د. ضحي بن خليفة الشكيلي أكاديمي وباحث في مجال الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات، جامعة التقنية والعلوم التطبيقية
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: مجالات الذکاء الاصطناعی للذکاء الاصطناعی فی مجالات على هذه من خلال فی مجال
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي في خدمة العملاء.. هل يتخطّى التفاعل البشري؟
تعتبر التجارة جزءا أساسيا من تاريخ الإنسانية، وقصة تمتد جذورها عبر العصور، إذ يعود أول ظهور للتجارة لمسافات طويلة إلى حوالي 3 آلاف سنة قبل الميلاد، وهو ما مهّد الطريق لظهور مفهوم العميل وتقديم الخدمات له. لكن لم تكتب البداية الرسمية لـ"خدمة العملاء" بشكلها الحالي إلا في وقت لاحق.
في الواقع، شهدت ستينيات القرن الـ18، بعد الثورة الصناعية، ولادة أول فرق دعم العملاء، لتبدأ بعد ذلك مرحلة جديدة في تطور الخدمة التي نعرفها اليوم.
إن العودة إلى هذه الحقبة التاريخية تكشف لنا كيف تطورت هذه الصناعة بمرور الزمن، وأثرها الكبير على الطريقة التي نتعامل بها مع العملاء في عصرنا الحاضر.
شهدت هذه الخدمة تطورا ملحوظا منذ ظهور فرق الدعم الأولى في الثورة الصناعية، مرورا بابتكار الهاتف ومراكز الاتصال، ووصولا إلى الإنترنت والذكاء الاصطناعي الذي يعيد تشكيل هذا المجال اليوم.
ما تجربة عملاء الذكاء الاصطناعي؟تشير منصة "سرفي سبارو" (SurveySparrow) لإنشاء الدراسات الاستقصائية واستطلاعات الرأي والاستمارات، والمتخصصة في تحسين خدمة العملاء، إلى أن تجربة العملاء للذكاء الاصطناعي تتضمن تسخير قوة تقنيات الذكاء الاصطناعي لزيادة تفاعلات العملاء، وتبسيط العمليات التجارية، وتعزيز رضا العميل بشكل عام.
تتراوح التقنيات المستخدمة في هذا النهج من خوارزميات التعلم الآلي إلى معالجة اللغة الطبيعية "إن إل بي" (NLP)، والتحليلات التنبؤية، وحتى أتمتة العمليات الروبوتية.
وفي دراسة حديثة لها، قالت شركة "ماكنزي" (Mckinsey)، وهي شركة استشارات إستراتيجية دوليّة في نيويورك، إن الذكاء الاصطناعي يستخدم للمشاركة الاستباقية والفعالة، والتعرف على النيات التنبؤية، وتحسين قنوات الخدمة الذاتية على مستويات أعلى.
وتشير الدراسة إلى أن الشركات الأكثر تقدما، خاصة في القطاعات الرقمية المحليّة، تتجه نحو هذه المستويات الأعلى من تكامل الذكاء الاصطناعي.
في سياق متصل، يناقش العامل البشري في الخدمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، مؤكدا أن تشغيلها لا يعني الأتمتة فقط، ويسلط الضوء على كيف يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة الموظفين في الوقت الفعلي لتقديم نتائج عالية الجودة، وتوقع احتياجات العملاء حتى قبل الاتصال بهم.
الذكاء الاصطناعي يمكنه مساعدة الموظفين في الوقت الفعلي لتقديم نتائج عالية الجودة (بيكسلز) التحديات التي واجهتها خدمة العملاء التقليدية قبل ثورة الذكاء الاصطناعيهل تساءلت يوما عما يحدث بعد أن يسمع العميل هذا الطلب: "على مقياس من صفر إلى 10، ما مدى رضاك عن تجربة خدمة العملاء الخاصة بك؟".
الإجابة هي أنه عندما يحصل العملاء على رسالة نصية أو بريد إلكتروني، فإن الرقم الذي يضغطون عليه يوفر البيانات، ولكن هذه البيانات ربما لا تمنح صانعي القرار أي سياق لما جعل التجربة مذهلة أو مروّعة.
هل كان "صفر" بسبب تجربة سلبيّة مع ممثل مركز الاتصال، أو مجرد إحباط عام من شخص لديه كثير من الأمور الإدارية المزعجة في قائمته؟ هل كانت "10" استجابة مهذبة بشكل انعكاسي، أم حدث سيئ في أثناء تجربة خدمة العملاء؟
أحيانا، يمكن أن يضيف مربع التعليقات بعض القيمة، ولكن فقط إذا تمت إدارته بذكاء وتم تنفيذ التعليقات. وحتى في أفضل السيناريوهات، توفر الاستطلاعات فقط عينة صغيرة لا تمثل جميع التجارب، وهو ما يجعل من المستحيل الحصول على منظور شامل لرضا العملاء بشكل عام.
في السياق نفسه، تتضمن خدمة العملاء التقليدية عادة تواصل العملاء مع الدعم بعد مواجهة مشكلة، وغالبا ما ينتظرون على الخط، أو ينتقلون عبر أنظمة آلية معقدة قبل أن يتحدثوا أخيرا مع وكيل.
وهذه أحد القيود التي تجعل هذه الطريقة التقليدية مليئة بعدم الكفاءة، وتثير إحباط كل من العملاء والشركات. وتتمثل أبرز المشاكل التي يواجهها العملاء بشكل متكرر في:
أوقات الانتظار الطويلة، سواء عند الانتظار على الهاتف، أو عند التنقل في أنظمة الرد الآلي. طلبات المعلومات المتكررة، حيث يتعين على العميل تقديم التفاصيل نفسها عدة مرات. نقلات متعددة بين الوكلاء أو الأقسام قبل الوصول إلى حلّ. نقص في تناسق الخدمة، الأمر الذي يؤدي إلى نتائج متباينة اعتمادا على الوكيل أو النظام المعني. كيف يحدث الذكاء الاصطناعي ثورة في خدمة العملاء؟ أفضل 10 إستراتيجياتعلى الرغم من أن اعتماد الذكاء الاصطناعي في مجال خدمة العملاء لا يزال في مراحله الأولى، فإنه بات من الواضح أنه يشكل ملامح مستقبل هذه الصناعة بشكل ملموس.
ويشير تقرير شركة ماكنزي إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساهم بمبلغ ملحوظ قدره 25.6 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي.
وقد رفعت وتيرة الابتكار التكنولوجي توقعات العملاء بشكل كبير، ويطالب الناس اليوم بخدمة سلسة، ومخصصة، وفعالة.
وقال أنوراغ دينغرا نائب الرئيس الأول ومدير عام قسم التعاون في شركة سيسكو الأميركية المتخصصة في مجال تكنولوجيا المعلومات لموقع فوربس: "يتيح لنا الذكاء الاصطناعي الانتقال من الخدمة التفاعلية إلى تقديم حلول أكثر استباقية، مما يساعد العملاء على حل المشكلات البسيطة تلقائيا، ويمكّن الوكلاء البشريين من التركيز على التفاعلات ذات القيمة العالية حيث يكون التعاطف وحل المشكلات أمرين أساسيين".
إليكم أفضل 10 طرق من منصة سرفي سبارو يمكن للذكاء الاصطناعي من خلالها إعادة تشكيل خدمة العملاء:
التوصيات الشخصية: يستخدم الذكاء الاصطناعي خوارزميات التعلّم الآلي، لتحليل سلوكيات العملاء واهتماماتهم، وتفضيلاتهم السابقة، حيث يمكنه تحديد الأنماط، مثل تفضيل المنتج، أو سلوك الشراء، واستخدام هذه المعلومات للتوصية بالمنتجات أو الخدمات.على سبيل المثال، إذا اشترى العميل بشكل متكرر أنواعا معيّنة من الكتب، يمكن لنظام الذكاء الاصطناعي أن يوصي بكتبٍ مماثلة قد يرغب فيها. هذا لا يحسّن تجربة التسوّق للعميل فحسب، بل يزيد أيضا من عمليّات تحويل المبيعات. روبوتات الدّردشة والمساعدة الافتراضية: أصبحت أتمتة خدمة العملاء بالذكاء الاصطناعي شائعة بشكل متزايد. مثلا تستضيف منصة "سرفي سبارو" روبوتات دردشة مذهلة للذكاء الاصطناعي، واستطلاعات مدعومة به، مما يساعد الشركات على جمع تجربة العملاء وتعليقاتهم بسلاسة، إذ تستطيع هذه الدردشات المدعومة بالذكاء الاصطناعي الإجابة عن استفسارات العملاء، وحلّ المشكلات البسيطة، وتقديم المعلومات على الفور في أي وقت من اليوم، ويمكن برمجتها للإجابة على الأسئلة المتكررة، ومعالجة الطلبات، وحتى تقديم توصيات مخصصة للمنتجات.
من جهة أخرى، يمكن لروبوتات الدردشة التعامل مع كميّات كبيرة من الاستفسارات دون تدخل بشريّ، مما يضمن التعامل مع استفسارات العملاء بسرعة وكفاءة. خدمة العملاء التقليدية تتضمن عادة تواصل العملاء مع الدعم بعد مواجهة مشكلة (شترستوك) هذا هو السبب في أنه يعتبر أحد أهم الأمثلة على تجربة عملاء الذكاء الاصطناعي. مساعدات الصوت ومعالجة اللغة الطبيعية: تزداد شعبيّة المساعدات الصوتيّة مثل "سيري" (Siri)، و"ألكسا" (Alexa)، ومساعدة "غوغل" (Google Assistant) المدعومة بأصوات الذكاء الاصطناعي المتقدمة.
إذ تستفيد من قدرات معالجة اللغة الطبيعية "إن إل بي" للذكاء الاصطناعي لفهم الأوامر المنطوقة والاستجابة لها، إذ يمكن لمساعدي الصوت الإجابة عن الأسئلة، وإجراء الطلبات، والتحكم في الأجهزة الأخرى، وتقديم المساعدة الشخصيّة بناءً على تاريخ المستخدم وتفضيلاته. خدمة العملاء التنبؤية: بفضل قدرته على تحليل كميات كبيرة من البيانات، يمكن للذكاء الاصطناعي التنبؤ بسلوك العملاء في المستقبل.
على سبيل المثال، قد يتنبأ بأن العميل من المحتمل أن يواجه مشكلة بناء على أنماط استخدامه. ويمكن للشركة بعد ذلك التواصل بشكل استباقي مع العميل باستخدام حلّ، أو تقديم دعم إضافي، وهو ما يعزز تجربة العميل مع العلامة التجاريّة. تحليلات النص المتقدمة: يمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي فرز كميات هائلة من بيانات العملاء، واكتشاف الأنماط والرؤى التي قد يفوتها البشر.
ولكن على الرغم من أن هذه الخوارزميات تسهل توقع الاحتياجات المستقبلية، وتعزيز تجارب العملاء، فإن هناك قلقا بشأن المخاطر المحتملة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي المولد.
إذ تشمل هذه المخاطر قضايا مثل التحيّزات غير المقصودة في البيانات، وانتهاكات الخصوصيّة، وإمكانية الحصول على مخرجات مضللة أو تلاعبيّة قد تؤثر على عمليّات اتخاذ القرار.
من أجل هذا، فإن المراقبة الدقيقة والاعتبارات الأخلاقية ضرورية لاستغلال فوائد تحليلات الذكاء الاصطناعي مع التخفيف من هذه المخاطر. تحليل المشاعر: يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل النصوص من مراجعات العملاء، والبريد الإلكتروني، ومنشورات الوسائط الاجتماعية، ومصادر أخرى لتحديد المشاعر وراء الكلمات.
وهو ما يساعد الشركات في فهم كيفيّة شعور العملاء تجاه منتجاتها، أو خدماتها، وتحديد مجالات التحسين. التخصيص في الوقت الفعلي: يمكن للذكاء الاصطناعي تعديل تجربة المستخدم في الوقت الفعلي، وفقا لإجراءات العميل.
على سبيل المثال، إذا كان العميل يتصفّح أنواعا معيّنة من المنتجات على موقع ويب، يمكن للذكاء الاصطناعي تعديل محتوى الموقع لتسليط الضوء على منتجات مماثلة، مما يخلق تجربة تسوّق مخصصة للغاية. تجربة سلسة عبر القنوات المتعددة: يمكن للذكاء الاصطناعي دمج البيانات من مصادر متنوعة، بما في ذلك القنوات الإلكترونية، والمتاجر، والهواتف المحمولة، ووسائل التواصل الاجتماعي.
هذه الميزة تضمن تجربة سلسة للعملاء، الذين يمكنهم الانتقال بين القنوات ومتابعة رحلتهم دون انقطاع. تجزئة العملاء: يحلل الذكاء الاصطناعي بيانات العملاء لإنشاء شرائح مفصلة بناء على التركيبة السكانية، والسلوكيات، والتفضيلات، الأمر الذي يساعد الشركات على تقديم تجارب مخصصة وتحسين النتائج، ويمكنها من تقديم حملات تسويقية موجهة للغاية وتحسين أهمية رسائلها. إدارة علاقات العملاء "سي آر إم" (CRM) التي تعمل بالذكاء الاصطناعي: يمكن للذكاء الاصطناعي في تجربة خدمة العملاء أن يعزز بشكل كبير أنظمة إدارة علاقات العملاء من خلال أتمتة مهام مثل إدخال البيانات، وتصنيف العملاء المحتملين، وتذكيرات المتابعة. أيضا يمكنه أن يوفر رؤى ذكيّة، مثل التنبؤ بأكثر العملاء المحتملين الذين من المرجح أن يتحولوا إلى عملاء فعليين، ممّا يُمكِّن فِرقَ المبيعات من تركيز جهودها بشكل أكثر فعالية. أمثلة على تجربة العملاء في الذكاء الاصطناعي
بعد أن فهمنا تجربة العملاء بالذكاء الاصطناعي، نلقي نظرة على كيفية استفادة بعض العلامات التجارية الشهيرة من الذكاء الاصطناعي لتحسين تجربة العملاء:
نظام توصيات المنتج من "أمازون": أحدثت شركة "أمازون" ثورة في التسوق في التجارة الإلكترونية من خلال نظام توصيات المنتج المدفوع بالذكاء الاصطناعي.إذ يقدم توصيات خاصة بالمنتج من خلال تحليل سلوك العملاء الفردي، وسجل الشراء، والعناصر الموجودة في عربة التسوق، وما يشتريه العملاء الآخرون. هذا التخصيص يحسن تجربة التسوق للعميل، ويزيد من مبيعات أمازون. التحليلات التنبؤية من "ستاربكس": تستخدم شركة "ستاربكس" الذكاء الاصطناعي لتعزيز تجربة عملائها عن طريق أداة تسمّى "ديب برو" (Deep Brew)، حيث يستخدم التعلم الآلي والتحليلات التنبؤية لتخصيص الرسائل التسويقية، وزيادة الولاء، وإدارة المخزون على مستوى المتجر.
على سبيل المثال، يمكن لنظام "ديب برو" اقتراح عناصر القائمة بناء على طلبات العميل السابقة، والموقع، والطقس، والوقت من اليوم، من بين عوامل أخرى. تطبيق "سيفورا" (Sephora) للفنان الافتراضي: تستخدم "سيفورا" وهي شركة تجزئة رائدة في مجال مستحضرات التجميل، الذكاء الاصطناعي لتحسين تجربة عملائها من خلال تطبيق "فيرتشوال آرتيست آب" (Virtual Artist App).
ويستخدم هذا التطبيق الواقع المعزز "إيه آر" (AR) للسماح للعملاء بتجربة منتجات تجميل مختلفة، حيث يقوم بمسح وجه العميل، ويتيح له كيف تبدو المنتجات المختلفة على بشرته.
ويساعد هذا التطبيق العملاء على اتخاذ قرارات شراء أكثر استنارة، ويضيف عنصرا ممتعا وتفاعليّا للتسوق عبر الإنترنت.
تظهر هذه الأمثلة أنه سواء كانت التجارة الإلكترونية، أو الأطعمة والمشروبات، أو صناعة مستحضرات التجميل، يمكن للذكاء الاصطناعي تعزيز تجربة العملاء بشكل كبير عبر مختلف القطاعات.
من المقرر أن يلعب الذكاء الاصطناعي دورا أكبر في تجربة العملاء مع اقترابنا من المستقبل (شترستوك) مستقبل الذكاء الاصطناعي.. ماذا ينتظر خدمة العملاء؟حسب ما أشارت له منصة سرفي سبارو، من المقرر أن يلعب الذكاء الاصطناعي دورا أكبر في تجربة العملاء مع اقترابنا من المستقبل. ومع تطور التكنولوجيا يمكننا أن نتوقع تشكل عديد من الاتجاهات الرئيسية.
في ما يلي، نعرض لكم بعض الآفاق المثيرة للذكاء الاصطناعي في إحداث ثورة في خدمة العملاء:
الذكاء الاصطناعي العاطفي: يستعد الذكاء الاصطناعي لتجاوز مجرد التعرف على النص والصوت، إذ يبدو أن المستقبل يحمل وعدا للذكاء الاصطناعي العاطفي، الذي يمكنه أن يفهم ويستجيب للمشاعر الإنسانية التي يتم التعبير عنها عبر إشارات الوجه، أو نبرات الصوت.تخيل خدمة عملاء تفهم ما تقوله وكيف تشعر! سيمهد هذا الطريق لتجارب العملاء المتعاطفة حقا. تجارب الذكاء الاصطناعي الغامرة: مع التقدم في تقنيات الواقع المعزز والواقع الافتراضي، يمكن للذكاء الاصطناعي توفير تجارب عملاء غامرة.
تخيل تجربة الملابس على الصورة الرمزية الرقمية الخاصة بك في بيئة واقع افتراضي قبل الشراء، أو استخدام الواقع المعزز لمعرفة كيف ستبدو قطعة أثاث في غرفتك.
إن دمج الذكاء الاصطناعي مع تقنيات الواقع المعزز والافتراضي سيعيد طريقة تعريف تفاعل العملاء مع الأعمال التجارية. الشبكات العصبيّة والتعلم العميق: ستمكن الأنظمة المتقدمة للذكاء الاصطناعي من تقديم تجارب عملاء فائقة الذكاء، حيث ستتمكن من فهم البيانات غير المهيكلة مثل نشاط العميل على مواقع التواصل الاجتماعي، لتقديم تجارب على مستوى آخر من التخصيص. أخلاقيات وشفافية الذكاء الاصطناعي: عندما يصبح الذكاء الاصطناعي أكثر تعقيدا ، سيكون التركيز المتزايد على جعله أخلاقيا وشفافا.
إذ يجب أن يفهم العملاء بشكل أفضل كيفية معالجة الذكاء الاصطناعي لبياناتهم لاتخاذ القرار، وهو ما يؤدي إلى زيادة الثقة في تجارب العملاء المدعومة بالذكاء الاصطناعي. الذكاء الاصطناعي المستقل: سيتولى الذكاء الاصطناعي دورا أكثر استقلالية في إدارة تجربة العملاء، حيث سيقوم بدعم الوكلاء البشريين، والعمل كوكيل مستقل، مما يتيح له اتخاذ القرارات وتنفيذ الإجراءات التي تحسن رحلة العميل.
بشكل عام، مستقبل الذكاء الاصطناعي في خدمة العملاء لا يقتصر على جعل العمليّات أسرع وأكثر كفاءة، بل يتعلق بخلق تفاعلات فريدة، وغامرة، وذكية عاطفيا، تحترم فردية العميل واستقلاليته.
بمعنى أدق، يتعلق المستقبل بجعل الذكاء الاصطناعي جزءا لا يتجزأ من النظام البيئي للأعمال، حيث يفهم ويستبق احتياجات العملاء وقيمهم، ويحترمهم ويتعاطف معهم.
أمام هذه التطورات المثيرة، هل تعتقد أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يتفوق بالفعل على التفاعل البشري في تقديم تجربة عملاء مثالية؟ أم أن لمسة الإنسان، خاصة العاطفية، ستظل العنصر الذي لا غنى عنه؟