لجريدة عمان:
2025-02-07@03:49:56 GMT

هكذا يتهافت العالم على الذكاء الاصطناعي!

تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT

هكذا يتهافت العالم على الذكاء الاصطناعي!

إدراكا في أهمية التحول نحو اﻷتمتة والذكاء الاصطناعي، سعت الكثير من الحكومات في تعزيز قدراتها لمواكبة التغيير القادم نحو العصر الرقمي الجديد، فعلى المستوى العالمي، هناك 71 دولة لديها استراتيجيات وطنية للذكاء الاصطناعي، التي تهدف إلى تشجيع الاستثمار في البحث والتطوير مجالات الذكاء الاصطناعي، كما تسعى إلى تطوير المهارات الوطنية اللازمة لدعم الانتقال إلى بيئات الذكاء الاصطناعي، وتعمل هذه الاستراتيجيات إلى تحقيق الموازنة بين الفوائد التقنية والاقتصادية للذكاء الاصطناعي من جهة وبين القضايا القانونية والاجتماعية واﻷخلاقية لهذه التقنيات من جهة أخرى.

ونظراً لندرة البيانات المتوفرة، فمن الصعب معرفة النسب الحقيقة للاستثمارات الحكومية في مجالات الذكاء الاصطناعي، لكن تشير أفضل الدلائل إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية والصين هما اﻷعلى في الاستثمار في التقنيات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، أما على صعيد تطوير المهارات، فنرى نموا متسارعا في البرامج التدريبية ذات الصلة بهذه التقنيات، فعالميا، نسبة مساقات الذكاء الاصطناعي من إجمالي مساقات علوم الحاسب الآلي وتقنية المعلومات وصلت إلى 28% في عام 2022 بعد أن كانت 19% قبل أربعة أعوام سابقة.

وتبرز أحد أوجه هذا التنافس العالم فيما يطلق عليه الآن «حرب أشباه الموصلات» أو «صراع الرقائق الإلكترونية» ، حيث تشكل أشباه الموصلات المتطورة ركيزة أساسية في تقدم تقنيات الذكاء الاصطناعي التي يشهدها العالم في الفترة الأخيرة. المعالجات الحديثة، بفضل تقدمها التقني، قد أتاحت زيادة هائلة في القدرات الحاسوبية، مما سمح بتطوير نماذج متقدمة لاستخدامها في تطبيقات الذكاء الاصطناعي. دول بعينها، وعلى رأسها تايوان - التي تشكل مصدرًا لـ 92% من الإنتاج العالمي لأشباه الموصلات - تهيمن على هذه الصناعة الحيوية. بالنظر إلى الارتفاع الكبير في الطلب العالمي على هذه الرقائق، وبخاصة من الصين، وخشية من تفاقم أزمة قد تقود إلى نقص في إمدادات هذه الرقائق، فقد اتخذت الولايات المتحدة خطوة استباقية بفرض قيود على تصدير التقنيات الأمريكية إلى الصين ودول أخرى في نهاية عام 2022. هذا الإجراء شجع دولا في منطقة آسيا والمحيط الهادئ والاتحاد الأوروبي على تكثيف جهودها في مجال البحث والتطوير لأشباه الموصلات، ما أدى إلى زيادة ملحوظة في عدد براءات الاختراع المسجلة من قبل هذه الدول في هذا المجال.

أحد أهم الجوانب التي عادة ما تعززها استراتيجيات الذكاء الاصطناعي هي تطوير نظم وآليات حوكمة القطاعات المنتجة والمستخدمة للتقنيات الذكية، حيث تركز هذه الاستراتيجيات في تعزيز التشريع في القوانين والسياسات التي تهدف إلى التعامل مع الجوانب السلبية للذكاء الاصطناعي، فعلى سبيل المثال ما يزال هناك جدل واسع حول المسؤولية القانونية في حال فشل التقنيات الذكية، مثل مرور سيارة ذاتية القيادة فوق أحد المشاة، أو عندما يقوم برنامج للذكاء الاصطناعي بتشخيص العلاج الطبي الخاطئ، أو عندما يقوم أحد برامج مساعدة الجريمة بالتمييز ضد اﻷقليات، من هو المسؤول في هذه الظروف؟ هل هو مستخدم التقنية أم الشركة المطورة أم هو المبرمج أم أن المسؤول هنا برنامج الذكاء الاصطناعي نفسه؟ إن الإجابة على هذه التساؤلات ليست بالأمر السهل، وتحتاج إلى فهم أوسع للتقنيات المستخدمة وطرق تطويرها واستخداماتها.

سلطنة عمان تواكب الركب

وعلى الصعيد المحلي، وانطلاقا من النطق السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله- سعت الكثير من مؤسسات الدولة في تعزيز مكانة السلطنة العالمية في مجالات الذكاء الاصطناعي، ففي مؤشر الذكاء الاصطناعي الحكومي 2023 حققت عمان معدل 58.94 من 100 في المركز 50/193 عالميا و5/19 على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث يقوم هذه المؤشر على ثلاثة أعمدة أساسية: الحوكمة، والبنية الأساسية والبيانات، وقطاع التقنية، وحسب تقرير المؤشر، حققت السلطنة معدلات جيدة على صعيدي الحوكمة البنية الأساسية والبيانات، ففي أكتوبر من عام 2021 أسدل الستار عن برنامج التحول الرقمي الحكومي والذي يقوم على عدد من المرتكزات منها توحيد البيانات وتبسيط الإجراءات واستحداث بنية رقمية متقدمة، ومن المؤمل أن يسهم البرنامج في تطوير اقتصاد رقمي من خلال إيجاد بيئة تنافسية تدعم التنمية من خلال تفعيل التقنيات الحديثة.

أما على صعيد قطاع التقنية، فهناك عدد من نقاط الضعف التي أشار إليها التقرير، منها حجم سوق تقنية المعلومات المحلي، وضعف اﻹنتاج العملي في مجالات التقنية المتقدمة، ومحدودية الناتج العلمي مثل اﻷوراق البحثية في الذكاء الاصطناعي.

ونظراً ﻷهمية وجود توجه استراتيجي وطني للذكاء الاصطناعي، فقد أعلنت وزارة النقل والاتصالات في أكتوبر 2022 عن البرنامج التنفيذي للذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة، ويعد هذا البرنامج بمثابة خارطة طريق للتوجهات الاستراتيجية في السلطنة فيما يتعلق بالتقنيات الحديثة.

وبهدف نشر المعرفة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي في السلطنة، فقد قامت مؤسسات حكومية بإطلاق عدد من البرامج التدريبية التخصصية، وذلك بهدف تعزيز قدرات خريجي مجال الاتصالات وتقنية المعلومات في التقنيات الحديثة، أحد اﻷمثلة على هذه البرامج هو برنامج مكين والذي أعلن عنه في أكتوبر 2022، ويهدف البرنامج إلى تأهيل 10 آلاف عماني في بالمهارات الرقمية بحلول عام 2025. كما قامت العديد من المؤسسات الاكاديمية، مثل جامعة التقنية والعلوم التطبيقية وجامعة السلطان قابوس، باستحداث برامج تخصصية في مجالات الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات، تهدف هذه البرنامج إلى تعزيز مهارات حل المشكلات ومهارات الرياضيات والتقنية في علوم البيانات المتقدمة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، وتعطي هذه البرنامج أولوية للتطبيق العملي في المشاكل المبينة على الواقع، وذلك بهدف إكساب الطالب المهارات الفنية التي تجعله قادرا على تطوير واستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات.

وعادة ما تحتوي هذه البرنامج العديد من المساقات في الإحصاء والبرمجة والنمذجة الرياضية ، فضلاً عن المساقات المتخصصة في موضوعات مثل معالجة اللغة الطبيعية ورؤية الكمبيوتر والشبكات العصبية والتي تمكن الخريج من تطوير تطبيقات علمية مثل تطوير وتنفيذ الخوارزميات التي تمكن أجهزة الحاسوب من التعلم من البيانات، مثل التعرف على الصور ومعالجة اللغة الطبيعية، أو تنظيف مجموعات البيانات الكبيرة وتحليلها وتفسيرها للكشف عن الرؤى المساعدة في اتخاذ قرارات استراتيجية، أو بناء النماذج التي يمكنها التنبؤ بالنتائج المستقبلية بناءً على البيانات التاريخية ، مثل حركات اﻷسهم أو سلوك العملاء.

بشكل عام، يمكن للاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي أن تساعد في ضمان أن تكون الدولة في وضع جيد للاستفادة من الفرص التي توفرها هذه التكنولوجيا سريعة التطور مع مواجهة أي تحديات محتملة، ولا يمكن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي دون وجود استراتيجية وطنية تدعم تطبيقه في مختلف القطاعات. إن توجه السلطنة نحو تعزيز المعرفة والمهارات في مجال الذكاء الاصطناعي يعكس التزامها بالتطور التقني السريع والرغبة في الاستفادة القصوى من هذه التقنية في تحسين الخدمات وتعزيز التنمية.

من خلال برامج التدريب التخصصية والأكاديمية المعنية بالذكاء الاصطناعي، يمكن تأهيل كوادر عمانية متخصصة في هذا المجال، مما يمكنها من المساهمة في تطوير حلول مبتكرة وتطبيقات فعالة تستند إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي. ومن ثم، يمكن للسلطنة الاعتماد على هذه الكوادر للتعامل مع مختلف التحديات والمشكلات بطرق أكثر واقعية، سواء في مجال الصناعة أو الخدمات أو في القطاع الحكومي.

بالإضافة إلى ذلك، تتيح إستراتيجية الذكاء الاصطناعي أيضاً الفرصة للسلطنة لتعزيز مكانتها على الساحة العالمية من خلال تطوير قدراتها في هذا المجال، وجذب استثمارات وشراكات دولية. وبالتالي، يمكن للسلطنة ان تلعب دوراً مهماً في تشكيل مستقبل التكنولوجيا والابتكار على الصعيدين الوطني والدولي.

- د. ضحي بن خليفة الشكيلي أكاديمي وباحث في مجال الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات، جامعة التقنية والعلوم التطبيقية

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: مجالات الذکاء الاصطناعی للذکاء الاصطناعی فی مجالات على هذه من خلال فی مجال

إقرأ أيضاً:

هواوي تدمج نموذج الذكاء الاصطناعي Deepseek في خدمتها

أعلنت شركة هواوي Huawei، عن شراكة استراتيجية مع شركة AI Siliconflow لإطلاق نماذج Deepseek للذكاء الاصطناعي على خدمتها السحابية Ascend Cloud، مما يسهم في جعل تقنيات الذكاء الاصطناعي أكثر تكلفة معقولة وسهولة في الوصول. 

وتتضمن الشراكة طرح نموذجين رئيسيين من Deepseek، وهما Deepseek V3 (نموذج لغة) و Deepseek R1 (نموذج تفكير)، اللذان يقدمان أداءً عاليا بتكلفة أقل، مما يعزز من قدرة المستخدمين على الاستفادة من الذكاء الاصطناعي بشكل موسع.

انسي شات جي بي تي.. كيفية استخدام DeepSeek على الكمبيوتر والموبايلإطلاق نموذج الاستدلال OpenAI o3-mini لمواجهة صعود DeepSeek الصينيةالوصول إلى الذكاء الاصطناعي بأسعار معقولة


تقدم هواوي Cloud أسعارا مخفضة لنماذج Deepseek، مما يجعل الذكاء الاصطناعي أكثر توفيرا، على سبيل المثال، تكلف معالجة مليون رمز إدخال باستخدام Deepseek V3 حوالي 1 يوان (0.13 دولار أمريكي)، بينما تكلف معالجة مليون رمز إخراج 2 يوان (0.26 دولار)، أما نموذج Deepseek R1 فيتطلب 4 يوان (0.53 دولار) لكل مليون رمز إدخال و 16 يوان (2.13 دولار) لكل مليون رمز إخراج، هذه الأسعار تجعل الذكاء الاصطناعي في متناول الشركات والمطورين بأسعار تنافسية، مما يساهم في نشر هذه التكنولوجيا بشكل أكبر.

الاستقلالية في الذكاء الاصطناعي والتأثير الجيوسياسي


يشير إطلاق هواوي لنماذج Deepseek إلى جهود الصين المستمرة من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الذكاء الاصطناعي، خاصة في ظل القيود التي تفرضها الولايات المتحدة على وصول الصين إلى الرقائق المتطورة. 

تعمل نماذج Deepseek على أجهزة Huawei Ascend AI، مما يقلل الاعتماد على التقنيات الأجنبية ويعزز من استقلالية النظام الإيكولوجي التكنولوجي في الصين، هذه الخطوة تساهم في تعزيز مكانة الصين كمنافس قوي في تطوير الذكاء الاصطناعي على الساحة العالمية.

انضمام علي بابا إلى موجة Deepseek AI


بعد تكامل هواوي، انطلقت أيضا خدمة علي بابا في تقديم خدمات Deepseek AI على منصتها السحابية. يتمكن المستخدمون من الوصول إلى هذه النماذج عبر معرض PAI Model، مما يسهل استخدام الذكاء الاصطناعي بدون الحاجة لكتابة أكواد معقدة. تقدم Alibaba Cloud نسخا كاملة ومخففة من نموذج Deepseek R1، مما يتيح مرونة كبيرة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي المختلفة.

نمو Deepseek وآفاق المستقبل


تكتسب نماذج Deepseek AI شهرة متزايدة في كل من الصين و الولايات المتحدة، حيث دمجت مايكروسوفت و أمازون نماذجها في منصات الذكاء الاصطناعي الخاصة بهما. بينما كان Deepseek قد استخدم سابقا وحدات معالجة الرسومات H100 من NVIDIA في تدريب نماذجه، فإنه الآن يعتمد على شريحة Huawei Ascend 910C. في المستقبل، تخطط هواوي لتطوير Ascend 920C، التي من المتوقع أن تتفوق على Blackwell B200 من NVIDIA، مما سيحسن قدرات Deepseek في مجال الذكاء الاصطناعي.

إن التوسع السريع لنماذج Deepseek وتكاملها مع منصات السحابة الكبرى يشير إلى تأثير متزايد للصين في تطوير الذكاء الاصطناعي، حيث يتوقع أن تصبح هذه النماذج الفعالة من حيث التكلفة والخوادم المحسنة عنصرًا رئيسيًا في المنافسة العالمية على تطوير الذكاء الاصطناعي.

مقالات مشابهة

  • الذكاء الاصطناعي يعزِّز الأفلام المحلية
  • رئيس منتدى دافوس: الذكاء الاصطناعي يزيد تعقيد صراعات العالم
  • قريباً.. تطوير «جهاز محمول» يعمل بتقنيات«الذكاء الاصطناعي»
  • التربية تحصد ذهبية مسابقة الذكاء الاصطناعي العالمية بدبي
  • الهند تحظر استخدام مساعدي الذكاء الاصطناعي في المؤسسات الحكومية لحماية البيانات
  • أستراليا تحظر برنامج الذكاء الاصطناعي ديب سيك
  • هواوي تدمج نموذج الذكاء الاصطناعي Deepseek في خدمتها
  • سر جديد عن المريخ يكشفه الذكاء الاصطناعي
  • كيف هز ديب سيك الصيني عروش الذكاء الاصطناعي بـ5.6 ملايين دولار فقط؟
  • أحمد موسى: الذكاء الاصطناعي مستقبل العالم وتهديد للعالم الحقيقي