ترجمة: بدر بن خميس الظفري
إنه لشيء غريب أن نؤمن أننا ما زلنا لا نعرف مكونات أدمغتنا بالرغم من عقود من البحث وتطوير تقنيات التصوير الضوئي عالية التقنية. نحن، بلا شك، نعرف الأساسيات، فمتوسط وزن الدماغ البشري يبلغ حوالي 1.4 كيلوجراما، وهو يشبه سمك التوفو الناعم. ويتكون الدماغ من نوعين من الخلايا العامة: الخلايا العصبية التي تقوم بوظيفة التفكير، والخلايا الدبقية التي تدعم الخلايا العصبية.
يعرف الجميع الخلايا العصبية، فهي تلك التي ترسل نبضات كهربائية بين مناطق مختلفة من الدماغ، ويحتوي دماغك على حوالي 86 مليارا منها، تصنف حسب أشكالها ووظائفها وخصائصها. ولكن لا يزال هناك الكثير الذي لا نعرفه عنها. لنأخذ على سبيل المثال الخلايا العصبية الوردية التي اكتشفت عام 2018، سُميت الخلايا بهذا الاسم بناء على شكلها، ويبدو أنها تعمل على تثبيط النشاط الكهربائي للخلايا العصبية الأخرى. ومن المثير للاهتمام أنه لا توجد خلية مشابهة لها في أدمغة الفئران على الرغم من حقيقة أن الفئران تميل إلى امتلاك نظائر لخلايا الدماغ البشرية الأخرى. تقول (ريبيكا هودج) من معهد ألين لعلوم الدماغ في سياتل بواشنطن، التي كانت ضمن الفريق الذي اكتشف الخلايا: إننا لا نعرف الكثير عن وظائف هذا النوع من الخلايا في الدماغ البشري.
من الصعب تحديد الخلايا الدبقية، التي يبلغ عددها أيضًا حوالي 86 مليارًا في الدماغ البشري. اسمها مشتق من الكلمة اليونانية (glia) وهي تعني الغراء، وكان يُنظر إليها منذ فترة طويلة على أنها ليست أكثر من مجرد دعم هيكلي للخلايا العصبية. نحن نعلم الآن أن الخلايا الدبقية تلعب بعض الأدوار الرئيسية في وظائف المخ. على سبيل المثال، ينتج نوع واحد يسمى (الخلايا الدبقية قليلة التغصّن) أغلفة المايلين العازلة التي تساعد الخلايا العصبية على نقل النبضات الكهربائية. وفي الوقت نفسه، فإن الخلايا الدبقية الصغيرة تعمل كخلايا مناعية في الدماغ، فهي تتجول بحثًا عن علامات الالتهاب والأضرار الأخرى ثم تتجمع للتخلص منها. وتساعد الخلايا النجمية على تنظيم تدفق الدم في الدماغ، وهي إحدى وظائفها المتعددة.
في سبتمبر 2023، أصبحت الصورة أكثر تعقيدا، فقد اكتشف (أندريا فولتيرا) من جامعة لوزان بسويسرا وزملاؤه نوعًا جديدًا من خلايا الدماغ البشرية التي يبدو أنها تعمل كهجين بين الخلايا العصبية والدبقية. يقول (فولتيرا): «إن الحدود بين الخلايا العصبية والدبقية أكثر مرونة مما كان يعتقد في البداية. إن اكتشافنا يظهر أن بعض الخلايا النجمية لها أيضًا سمات تركيبية ووظيفية للخلايا العصبية.» يبدو أن الخلايا التي اكتشفها فريقه تشارك في الذاكرة المكانية التي من وظائفها أنها تسمح لك بالتنقل في طريق مألوف. ولكننا لا نزال بعيدين عن فهم دورها في الدماغ بشكل كامل، كما يقول (فولتيرا).
ومع ذلك، فإن هذا التنوع المكتشف في أنواع الخلايا ليس سوى القمة في جبل من الجليد، ففي مارس 2023، أعلن باحثون في معهد ألين عن نتائج دراسات نظروا فيها إلى 4.1 مليون خلية من أدمغة الفئران. وقد حددوا 5200 نوعًا مختلفًا من الخلايا بناءً على نشاطها الجيني الذي يشير إلى وظيفة الخلية. وكانت الغالبية العظمى منها، وهي تشكل حوالي 5000، عبارة عن خلايا عصبية، بينما تشكل الخلايا الدبقية الباقي.
وقد أظهر باحثو معهد ألين وآخرون منذ ذلك الحين أنه يمكن استخدام نفس التقنية لرسم خريطة لأنواع الخلايا في الدماغ البشري. وفي أكتوبر 2023، تم نشر المسودة الأولى لأطلس كامل لخلايا الدماغ البشرية، والذي يضم أكثر من 3300 نوع من الخلايا، وهو التحليل الأكثر شمولا حتى الآن، حيث يفحص الدماغ البشري بأكمله وليس مناطق منه فقط. على الرغم من أن الدقة أقل بكثير من تلك التي تم إجراؤها على الفئران، إلا أن (ريبيكا هودج) تأمل في إمكانية التوصل إلى أطلس كامل للخلايا. لكنها ترجع وتقول إننا ما زلنا بعيدين جدًا عن معرفة كيفية اتصال كل هذه الخلايا ببعضها البعض لتكوين عقل بشري، مضيفة أن هذا «سيستغرق سنوات عديدة من البحث لفهمه بالكامل».
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الخلایا العصبیة الخلایا الدبقیة الدماغ البشری ا فی الدماغ من الخلایا
إقرأ أيضاً:
دراسة تكشف تأثير النظام الغذائي على صحة الدماغ
أوضحت نتائج دراسة أجراها باحثون من معهد غلين بيغز لمرض ألزهايمر والأمراض العصبية التنكسية في جامعة تكساس للصحة في سان أنطونيو بالتعاون مع كلية الطب بجامعة بوسطن أن ارتفاع درجات مؤشر الالتهاب الغذائي (DII) يرتبط بزيادة خطر الإصابة بالخرف بأنواعه المختلفة، بما في ذلك مرض ألزهايمر.
وكشف الباحثون ـنه بحلول عام 2050 من المتوقع أن يصل عدد المصابين بالخرف إلى 152 مليون حالة، وفقا لمنظمة الصحة العالمية، ما يضع ضغطا متزايدا على الأنظمة الصحية حول العالم.
ولإجراء الدراسة استخدم الباحثون بيانات من مجموعة فرامينغهام للقلب لتحليل العلاقة بين النظام الغذائي ومعدلات الإصابة بالخرف وتشخيصات مرض ألزهايمر لـ 1487 مشاركا تتراوح أعمارهم بين 60 عاما أو أكثر، وكانوا جميعا خاليين من الخرف في بداية الدراسة.
وجمع الباحثون خلال مدة الدراسة المحدةة البيانات الغذائية من استبيانات تواتر الطعام (FFQs) التي تم إجراؤها خلال 3 دورات فحص بين عامي 1991 و2001.
وتم حساب درجات DII بناء على 36 مكونا غذائيا، صُنّف بعضها كمكونات مضادة للالتهابات (مثل الألياف والفيتامينات A وC وD وE، وأحماض أوميغا 3 الدهنية)، بينما صُنّف البعض الآخر كمكونات محفزة للالتهابات (مثل الدهون المشبعة والكربوهيدرات المكررة).
وتوصل الباحثون إلى أن مع كل زيادة في درجة DII، ارتفع خطر الإصابة بالخرف بنسبة 21% وعند تقسيم المشاركين بناء على درجات DII الخاصة بهم، تبين أن أولئك الذين يتبعون أنظمة غذائية محفزة للالتهابات كانوا أكثر عرضة للإصابة بالخرف بنسبة 84% مقارنة بالأفراد الذين يتبعون الأنظمة الغذائية المضادة للالتهابات.
ودعمت نتائج هذه الدراسة قول أن الالتهاب الناتج عن النظام الغذائي يساهم في العمليات العصبية التنكسية، من خلال تأثيره على مسارات الالتهاب الجهازية .
وتشير النتائج إلى أن التدخلات الغذائية التي تركز على الأطعمة المضادة للالتهابات قد تساهم في تقليل خطر الخرف. كما يمكن أن تساعد في تطوير استراتيجيات غذائية مستهدفة لتحسين صحة الدماغ والوقاية من الخرف، وخاصة في الفئات المعرضة للخطر.