انقذوا سجى الجنيد بعدما حرق الاحتلال وجهها بالكامل
تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT
قد لا تكون قصة الطفلة الفلسطينية من غزة سجى الجنيد هي الأكثر ألمًا مقارنة بمئات الآلاف من قصص أطفال غزة المؤلمة، إلا أن وجهها المُحترق اختزل آلام أهل قطاع غزة الذي يواجه الموت إما قصفًا أو جوعًا تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي.
ومن بين مئات الآلاف من القصص المروعة التي يشهدها الشعب الفلسطيني في غزة، برزت إلى الواجهة اليوم صورة الطفلة سجى الجنيد التي أجبرت على الهروب هي وعائلتها من مستشفى الشفاء بعد الهجوم الإسرائيلي الذي بدأ فجر الاثنين، 18 مارس، رغم إصابتها الخطيرة.
وانتشرت على منصات التواصل الاجتماعي صورًا ومقاطع فيديو للطفلة المصابة سجى، والتي لم تتجاوز الرابعة من عمرها، وقد غطت الحروق وجهها البريء بالكامل ومناطق كبيرة من جسدها الصغير والنحيل.
وشوهدت سجى في مقاطع فيديو وهي تتلوى ألمًا بسبب الحروق إثر غارة جوية سابقة على منزل ذويها في مخيم جباليا، لكنها اليوم أجبرت على ترك مستشفى الشفاء والنزوح إلى منطقة دير البلح حيث لا رعاية صحية هناك.
انتهز نشطاء مؤيدون للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني صورة الطفلة سجى للمطالبة فورًا بوقف إطلاق نار في قطاع غزة وإدخال المساعدات الطبية والإغاثية والغذائية للشعب الفلسطيني في غزة الذي يواجه منذ السابع من أكتوبر الماضي إبادة جماعية وتطهير عرقي على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي.
كما أطلق ناشطون نداء استغاثة لتوفير تصريح رسمي للطفلة سجى من أجل السماح لها بالسفر خارج القطاع لتلقي العلاج اللازم.
ولم يتمكن النشطاء إخفاء ألمهم وحزنهم على مشهد الطفلة سجى، وغيرها من أطفال غزة، حيث يواجهون الرعب والخوف والجوع منذ أكثر من 165 يومًا، بدلًا من أن يكونوا اليوم في مدارسهم ويتلقون تعليمهم هناك.
اقتحام مستشفى الشفاء الطبيومنذ فجر الاثنين، 18 مارس 2024، حاصر جيش الاحتلال الإسرائيلي مجمع الشفاء، شمالي قطاع غزة، للمرة الثانية على التوالي بحجة ورود معلومات استخباراتية تفيد بوجود مسؤولين من حركة المقاومة الفلسطينية (حماس) داخله.
وروى شهود عيان تفاصيل مروعة عن الاقتحام الثاني لمسشفى الشفاء، رافقها إعدامات ميدانية للكوادر الطبية والأطفال في باحات المستفى، مع حالات نزوح مروّعة للمئات من المواطنين الذين اتخذوا من المشفى مأوى لهم بعد تدمير منازلهم.
يذكر أن جيش الاحتلال قد اقتحم مجمع الشفاء لأول مرة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وخلف عشرات الشهداء والجرحى، كما اعتقل عددا من الطواقم الطبية والمرضى والنازحين، وسرق عددا من الجثامين من داخل المستشفى، ونبش بعض القبور في ساحاته.
المصدر: البوابة
كلمات دلالية: مستشفى الشفاء الطبي غزة قطاع غزة جيش الاحتلال الإسرائيلي
إقرأ أيضاً:
الإبادة المستمرة خلف القضبان.. قراءة في يوم الأسير الفلسطيني 2025م
في السابع عشر من أبريل من كل عام، يقف الشعب الفلسطيني وأحرار العالم لإحياء “يوم الأسير الفلسطيني”، باعتباره محطة كفاحية تمثل نضال الأسرى وصمودهم داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، ويعد هذا اليوم أيضًا مناسبة لتسليط الضوء على واحدة من أبشع الجرائم المستمرة في العصر الحديث والمتمثلة في جريمة الاعتقال السياسي الممنهج والإبادة الصامتة خلف القضبان. ولكن في عام 2025، يأتي هذا اليوم وسط واقع مأسوي يتجاوز الوصف، حيث تحوّلت الزنازين إلى مسالخ بشرية، وغرف التحقيق إلى ساحات للإعدام غير المعلن، بينما تواصل العدالة الدولية غيابها تحت ركام الصمت والتواطؤ.
منذ بدء العدوان على غزة في السابع من أكتوبر 2023م، استُشهد 63 أسيرًا داخل المعتقلات، بينهم 40 من قطاع غزة، في ظل تعتيم إعلامي كامل ورفض سلطات الاحتلال الكشف عن هوياتهم أو تسليم جثامينهم. هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات، بل هي دليل قاطع على اعتماد الاحتلال سياسة القتل البطيء، خارج ساحة المعركة، داخل جدران يُفترض أن تحكمها القوانين الدولية التي تحوّلت إلى مسارح للموت الممنهج.
الجرائم التي تُرتكب بحق الأسرى ليست مجرد تجاوزات فردية، بل هي جزء من منظومة تعذيب متكاملة: ضرب وحشي، صعق بالكهرباء، تجويع متعمد، حرمان من المياه والعلاج، اعتداءات على النساء، الأطفال، المرضى، وكبار السن، وإذلال مستمر، لم تقتصر منظومة الاحتلال الإسرائيلي على سجونها المعروفة فحسب، بل أعادت تفعيل معسكرات سرية مثل “سديه تيمان” و”عناتوت” و”عوفر” كمراكز تعذيب بعيدة عن أي رقابة، حيث تُمارس فيها أبشع انتهاكات حقوق الإنسان.
اليوم، ووفقًا لمؤسسات الأسرى، يتجاوز عدد الأسرى 9900، ولا يشمل ذلك المئات من معتقلي غزة الذين تعرضوا للاختفاء القسري. من بينهم 29 أسيرة، من ضمنهن طفلة، وحوالي 400 طفل دون 18 عامًا، كما ارتفع عدد المعتقلين الإداريين إلى أكثر من 3498، اذين يُحتجزون دون تهمة أو محاكمة، استنادًا إلى ما يُسمّى “الملفات السرية”، في تحدٍ سافر لقواعد العدالة. بالإضافة إلى ذلك، تم تصنيف 1747 أسيرًا كـ”مقاتلين غير شرعيين”، وهو ما يسقط عنهم الحماية القانونية.
وفي ذات الوقت، تصاعدت أعداد الأسرى المرضى والجرحى، حيث تُستخدم الأمراض كأداة للتعذيب الجماعي، بعد أن تحوّلت السجون إلى بؤر للأوبئة نتيجة الإهمال في النظافة، ومنع الاستحمام، والتكدس، وغياب الرعاية الطبية. الجرب والجلديات ما هي إلا أمثلة صارخة على هذه الجرائم.
رغم هذه الظروف المأساوية، تبقى مقاومة الأسرى الفلسطينيين رمزًا حيًا للإرادة والكرامة، فبالرغم من قسوة المعاناة والتعذيب، لا يزال الأسرى يشعلون جذوة الأمل والمقاومة، متحولين إلى مشاعل للحرية، إنهم يعيشون يوميًا في مواجهة الموت، ويثبتون أن العدالة ستحقق في النهاية.
إن العالم اليوم يتفرج على هذه المعاناة، متخيلين أن صمتهم قد يحميهم من تبعات الحقائق المؤلمة التي تحدث خلف القضبان، ولكن، في الواقع، يصبح هذا الصمت مشاركة في الجريمة، وجزءًا من التحمل غير المبرر للعذابات المستمرة.
إن استمرار معاناة الأسرى الفلسطينيين ليس مسألة محلية أو إقليمية فحسب، بل يمثل قضية إنسانية تتطلب من المجتمع الدولي أن يتجاوز حدود الصمت والتواطؤ. على المؤسسات الدولية أن تتحرك ليس فقط عبر البيانات والشجب، بل بفرض عقوبات حقيقية على الاحتلال، ومحاكمة مسؤولي الاحتلال على جرائمهم ضد الإنسانية.
إن الصمت عن هذا الوضع يعني التواطؤ في إبادة شعب بأسره، واستمرار مأساته في ظل الاحتلال. لكن الأسرى الفلسطينيين ليسوا مجرد أرقام أو أسماء في قوائم، بل هم رموز للكرامة والنضال، هم المعركة الحية من أجل الحرية في وجه الظلم. وعليه، يبقى يوم الأسير الفلسطيني، في عام 2025م وما بعده، دعوة لإعادة إحياء الأمل بأن العدالة ستُنتصر، وأن صوت الأسرى سيظل مدويًا حتى تتحقق الحرية.