سلطلت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، الضوء على تورط الرئيس جو بايدن في الحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة، وعدم سيطرته عليها.

وقالت الصحيفة في تقرير ترجمته "عربي21" إنّه بعد ثلاثة أسابيع من الهجوم الإسرائيلي على غزة، أخبر مسؤولون كبار في البيت الأبيض، الرئيس بايدن، أن إسرائيل تقصف المباني بانتظام ودون معلومات استخباراتية قوية تفيد بأنها أهداف عسكرية مشروعة.



ونقلت الصحيفة عن ثلاثة أشخاص مطلعين على الاجتماع، تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم، أن هذا الإخبار جرى بشكل سري، وتضمن الافتقار إلى خطة إسرائيلية واضحة لهزيمة حماس، رغم الحث الأمريكي المتكرر لتجهيز مثل هذه الخطة.

وذكرت أن الاجتماع السري كان متناقضا مع موقف البيت الأبيض العلني، والذي خرج في نفس يوم الاجتماع، بتصريح صحفي للمتحدث الأمريكي جون كيربي، قال فيه إن "الولايات المتحدة لا تفرض أي خطوط حمراء على الحملة العسكرية الإسرائيلية".

وأوضحت أن إدارة بايدن كانت متناقضة تجاه السلوك الإسرائيلي والدعم الخارجي القوي لها، مؤكدة أن الخلاف بين تل أبيب وواشنطن ظهر في وقت أبكر بكثير مما هو معروف علنا.

تورط بايدن
ونوهت إلى أن السفارة الإسرائيلية في واشنطن نفت الأنباء التي تحدثت عن ضربات إسرائيلية بمعلومات استخباراتية غير كافية، وتحدثت عن التزام الجيش الإسرائيلي بالقانون الدولي في عمليته العسكرية واختياره للأهداف، وتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين.

وذكرت الصحيفة أنها في تقريرها أجرت مقابلات مع 20 مسؤولاً في إدارة بايدن ومستشارين خارجيين، والذين أوضحوا كيف وجد بايدن نفسه، بعد أكثر من خمسة أشهر من هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر، متورطًا بشدة في حرب لا يريدها، والتي تهدد بأن تصبح عنصراً محدداً لفترة ولايته؛ حيث يعترف حلفاؤه سراً بأن تلك الحرب قد ألحقت به ضررًا كبيرًا محليًّا وعالميًّا، ويمكن أن تصبح بسهولة أكبر كارثة في سياسته الخارجية.

وأفادت الصحيفة بأن إستراتيجية بايدن ارتكزت منذ البداية على مقايضة مركزية، إذا أظهر لإسرائيل دعمًا لا لبس فيه، بل وحتى متحديًا، في وقت مبكر، فقد يؤثر في نهاية المطاف على سلوكها في الحرب. ويعترف بعض مسؤولي الإدارة الآن بأن الاستراتيجية تتجه نحو الفشل، وفي محادثات خاصة، أعربوا عن إحباطهم الشديد وعدم اليقين بشأن الكيفية التي ستنتهي بها الحرب.


وبدا يوم الاثنين أن إحباط بايدن قد وصل إلى ذروته، حيث أخبر نتنياهو في مكالمة هاتفية أنه سيكون كارثيًّا بالنسبة لإسرائيل أن تتقدم إلى رفح، وطالب إسرائيل بإرسال فريق إلى واشنطن للتشاور بشأن إستراتيجية أفضل، كما قال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان للصحفيين.

ويقول مسؤولو بايدن إنهم أثروا على إسرائيل في اللحظات الحاسمة؛ حيث يقولون إنهم أقنعوا إسرائيل بتخفيض عدد قواتها في غزة، والسماح بدخول كمية محدودة من المساعدات والامتناع عن مهاجمة حزب الله في لبنان. ويشيرون إلى أن متوسط عدد القتلى اليومي في غزة انخفض إلى أقل من 100 في الأسابيع الأخيرة، حتى مع قولهم إنه لا يزال مرتفعا بشكل غير مقبول؛ ويقول الخبراء إن الحرب هي من بين أكثر الحروب دموية وتدميرًا في التاريخ الحديث.

وتقول إسرائيل إن نسبة كبيرة من القتلى كانوا من مقاتلي حماس أو حلفائها، وقالت السفارة الإسرائيلية إن حكومة نتنياهو "تهتم للغاية بالمخاوف والرؤى الأمريكية" وأن التحليل الشامل للخسائر "سيظهر نسبة بين الإرهابيين والمدنيين لا مثيل لها في أي جيش يقاتل الإرهابيين في التاريخ الحديث".

ويواجه بايدن، الذي انتقد إسرائيل بشكل أكثر حدة في الأسابيع الأخيرة، الآن لحظة حاسمة محتملة؛ حيث أعلن نتنياهو نيته غزو مدينة رفح بجنوب قطاع غزة، حيث يقيم نحو 1.5 مليون نازح فلسطيني، وهي خطوة قال كيربي إنها ستكون "كارثة"، وقال بايدن لشبكة "إم إس إن بي سي" إنها ستتجاوز "الخط الأحمر"، ومع ذلك فقد أشارت إسرائيل إلى تصميمها على المضي قدماً.

تبدو أمريكا ضعيفة
قال السيناتور كريس فان هولين (ديمقراطي من ولاية ماريلاند) إنه يتفق مع قرار بايدن بالسفر إلى إسرائيل مباشرة بعد هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر لإظهار الدعم الأمريكي، لكن قدرة نتنياهو في هذه المرحلة على صد الولايات المتحدة مع الإفلات من العقاب جعلت أمريكا تبدو ضعيفة.

وتابع: “لقد أيدتُ قرار الرئيس بالذهاب إلى إسرائيل، في تلك اللحظة من الصدمة، لإعلام الشعب الإسرائيلي بأن الولايات المتحدة تقف معهم. لكن الاستراتيجية وراء ذلك، والتي تمثلت في الضغط الشخصي المستمر على نتنياهو، لم تسفر عن سوى نتائج قليلة ذات معنى”.

وقال فان هولين إنه إذا تحرك نتنياهو نحو رفح دون عواقب، فإن الولايات المتحدة ستبدو "عاجزة". وأضاف: "من الجيد أن نرى تعليقات الرئيس الأكثر صرامة. لكن السؤال سيكون ما إذا كان الرئيس سيستخدم نفوذه للمطالبة بالمحاسبة وتنفيذ طلباته".

وذكرت الصحيفة أنه رغم الدعم القوي الذي أبداه بايدن لحق إسرائيل في الرد على هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر؛ لكنه حتى في تلك الأيام الأولى، حث الإسرائيليين على ضبط النفس. فأثناء سفره إلى تل أبيب في منتصف تشرين الأول/أكتوبر، كتب بايدن ومساعدوه خطابًا على متن طائرة الرئاسة سعيًا إلى الموازنة بين التعاطف والتحذيرات من الانتقام الأعمى.


وحذر بايدن قائلًا: “بينما تشعرون بهذا الغضب، لا تنشغلوا به. بعد أحداث 11 سبتمبر، شعرنا بالغضب في الولايات المتحدة. وبينما سعينا لتحقيق العدالة وحصلنا عليها، ارتكبنا أخطاء أيضًا”.

لكن نتنياهو، في نظر نشطاء حقوق الإنسان والعديد من الزعماء الأجانب، لم يُظهر سوى القليل من ضبط النفس. فلقد أدى القصف الإسرائيلي الكاسح لغزة، بالإضافة إلى القيود الصارمة التي فرضتها على المساعدات، إلى ظروف كارثية. وأدت الضربات العسكرية إلى مقتل أكثر من 31 ألف فلسطيني في القطاع الذي يبلغ عدد سكانه 2.3 مليون نسمة، وفقا لوزارة الصحة في غزة؛ وفي الوقت نفسه، تقول الأمم المتحدة إن الأطفال بدأوا يموتون من الجوع وسط خطر حدوث مجاعة شديدة.

ووفق الصحيفة؛ فرغم الدعم الثابت الذي أعلنه بايدن ومساعدوه لإسرائيل؛ لكن الديمقراطيين الآخرين بدأوا يشعرون بالاستياء أكثر مع تفجر الأوضاع. ففي اليوم الذي قال فيه كيربي إنه لا توجد خطوط حمراء بالنسبة لإسرائيل، أرسل فان هولين رسالة نصية إلى مستشار الأمن القومي جيك سوليفان وصف فيها التعليق بأنه "شائن".

ومع مرور الأسابيع، بدا أن حسابات إسرائيل والولايات المتحدة تتباعد. ففي أوائل تشرين الثاني/نوفمبر، قصفت إسرائيل مخيم جباليا للاجئين المكتظ بالسكان عدة مرات، قائلة إنها قضت على أحد كبار قادة حماس، إبراهيم بياري، ولكن عشرات المدنيين قتلوا أيضًا. وقال أحد حلفاء البيت الأبيض، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لوصف المداولات الداخلية: "كانت هذه هي المرة الأولى التي يركز فيها الجميع على حجم القنابل التي تسقطها إسرائيل ومدى ضآلة اهتمامهم بها".

نقاش حاد
وترفض إسرائيل وحلفاؤها فكرة أنهم لا يهتمون بالأبرياء. وقالت السفارة الإسرائيلية في بيان لها إن مقتل المدنيين في جباليا كان "النتيجة المأساوية غير المقصودة لزرع حماس المنهجي للبنية التحتية الإرهابية بين السكان المدنيين انهار المبنى الذي أصيب في الغارة إلى حد كبير بسبب شبكة أنفاق حماس الإرهابية التي تم بناؤها تحته، مما أدى أيضًا إلى انهيار العديد من المباني الأخرى في المنطقة المجاورة، ومقتل إبراهيم بياري ومعاونيه الإرهابيين، وكذلك وبعض الضحايا المدنيين”.

ولكن سلوك إسرائيل في حملتها العسكرية كان يثير الشكوك على نحو متزايد في الولايات المتحدة. ففي أوائل نوفمبر/تشرين الثاني، بدأت إسرائيل تحذر من أن مستشفى الشفاء، وهو أكبر مستشفى في غزة، والذي يحتمي به آلاف المدنيين، يستخدم من قبل حماس كمركز قيادة رئيسي.

وأدى ذلك إلى نقاش حاد بين مسؤولي بايدن حول ما إذا كان ينبغي دعم ادعاء إسرائيل علنًا، وفقًا لثلاثة مسؤولين كبار في الإدارة تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم للكشف عن المناقشات الداخلية؛ حيث أعرب البعض عن قلقهم من أن ترى إسرائيل مثل هذا البيان بمثابة ضوء أخضر لمداهمة المستشفى، في حين أراد آخرون استخدام المعلومات ليظهروا للجمهور كيف زرعت حماس نفسها بين المدنيين للتأكيد على التعقيدات التي تواجهها إسرائيل.

وفي 14 تشرين الثاني/نوفمبر، قرر البيت الأبيض دعم إسرائيل علنًا في هذا الشأن. وقال كيربي للصحفيين على متن طائرة الرئاسة، نقلا عن معلومات استخباراتية رفعت عنها السرية: "لدينا معلومات تؤكد أن حماس تستخدم هذا المستشفى بالذات في وضع القيادة والسيطرة. هذه جريمة حرب."

وأضاف كيربي أن البيت الأبيض “لا يريد أن يرى معركة بالأسلحة النارية في المستشفى حيث يحاول الأبرياء والأشخاص العاجزون والمرضى ببساطة الحصول على الرعاية الطبية التي يستحقونها”.


وبعد ساعات، بدأ الجيش الإسرائيلي غارته على الشفاء، مما أثار إدانة منظمة الصحة العالمية وجماعات حقوق الإنسان. وانهارت عمليات المستشفى، مما أدى إلى وفاة 40 مريضًا على الأقل، من بينهم أربعة أطفال مبتسرين، وفقا للأمم المتحدة.

وقال فان هولين، في إحاطة إعلامية حول معلومات المخابرات الأمريكية بشأن الشفاء، إن هناك “اختلافات مهمة ودقيقة” بين ما كان يقوله مسؤولو بايدن علنًا وما أظهرته المخابرات بالفعل. وقال السيناتور: "لقد وجدت أن هناك بعض الانفصال بين البيانات العامة للإدارة والنتائج السرية".

وقد عارض مسؤول كبير في الإدارة بشدة وصف فان هولين، قائلاً إن المعلومات التي تمت مشاركتها مع الجمهور كانت تقييمًا يتمتع مجتمع الاستخبارات بثقة كبيرة فيه.

وداهمت إسرائيل مرة أخرى مجمع الشفاء يوم الإثنين، نقلا عن معلومات استخباراتية إسرائيلية تفيد بأن كبار نشطاء حماس يستخدمون المجمع؛ وقالت وزارة الصحة في غزة إن الاتصالات انقطعت وأبلغت عن مقتل أو إصابة أشخاص.

التقى فان هولين، إلى جانب أكثر من عشرة أعضاء ديمقراطيين آخرين في مجلس الشيوخ، مع سوليفان في أواخر تشرين الثاني/نوفمبر للتعبير عن مخاوفهم وحث الإدارة على بذل المزيد من الجهد لكبح جماح إسرائيل.

وفي الوقت نفسه تقريبًا، استضافت وزارة الخارجية عرضًا أجرته السفارة الإسرائيلية لفيديو عن فظائع حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر. وقال بعض موظفي الوزارة إنهم غير راضين عن عدم وجود عرض مماثل للمذبحة الناجمة عن الغارات الجوية الإسرائيلية. لكنهم قالوا إنهم إذا لم يحضروا العرض، فإنهم يشعرون بالقلق من أن يُنظر إليهم بتشكك داخل القسم.

تغيير مسار الحرب
وأشارت الصحيفة إلى أنه في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر؛ اعتقد مسؤولو البيت الأبيض أنهم رأوا فرصة لتغيير مسار الحرب بشكل كبير، فقد ساعدت الولايات المتحدة في التوسط في وقف القتال بين إسرائيل وحماس لمدة أسبوع، والذي شمل إطلاق سراح أكثر من 100 رهينة، وخلال تلك الاستراحة، حاول الأمريكيون إقناع إسرائيل بشن غارات مستهدفة من شأنها أن تقلل من الخسائر في صفوف المدنيين.

ولكن عندما انتهت الهدنة في الأول من ديسمبر/كانون الأول، والتي ألقى المسؤولون الأمريكيون والإسرائيليون باللوم فيها على حماس لعدم إطلاق سراح الرهائن الموعودين، بدأت إسرائيل في مهاجمة مدينة خان يونس جنوب غزة، حيث فر العديد من الفلسطينيين، مع عدم وجود أدلة تذكر على اتباع نهج أكثر استهدافًا. وأشاد البيت الأبيض ببعض التحركات الإسرائيلية، مثل توزيعها خريطة للمناطق التي خططت لاستهدافها.

ومع بداية العام الجديد، بدأ صبر الإدارة الأمريكية تجاه نتنياهو ينفد؛ حيث استنتج المسؤولون بشكل متزايد أنه يعطي الأولوية لبقائه السياسي، ويعتقدون أن ذلك يشمل الوقوف بصوت عالٍ في وجه بايدن لاسترضاء أعضاء اليمين المتطرف في حكومته - على سبيل المثال - من خلال الرفض القاطع لقيام دولة فلسطينية بعد وقت قصير من دعوة بايدن إلى ذلك.

وبعد ذلك، في 14 كانون الثاني/يناير، أصدر بايدن بيانًا أشعل شهورًا من الغضب تجاه طريقة تعامله مع غزة؛ حيث أعرب البيان عن تعاطفه وحزنه بمناسبة مرور 100 يوم على الأسر لأكثر من 100 رهينة إسرائيلي ما زالوا في غزة. لكنها التزمت الصمت بشأن عدد القتلى الفلسطينيين، الذي تجاوز 20 ألفًا في ذلك الوقت.

وانتقد العرب الأمريكيون والمسلمون البارزون، فضلاً عن الناشطين التقدميين، هذا البيان باعتباره أحادي الجانب، وقد استشهد به العرب الأميركيون والمسلمون مراراً وتكراراً كدليل على قسوة البيت الأبيض تجاه الفلسطينيين.

وقال أحد كبار المسؤولين في الإدارة إن البيان جاء استجابة لطلب من عائلات الرهائن الذين أرادوا التأكد من عدم نسيانهم ولم يكن المقصود منه بيانًا حول الحرب بأكملها. وبعد يومين، استشهد كيربي بصور “مفجعة ومؤلمة” قادمة من غزة.



لكن في جميع أنحاء الحكومة الفيدرالية، كان احتضان الرئيس المستمر لإسرائيل لأكثر من ثلاثة أشهر من الحرب يسبب ضغوطًا متزايدة؛ ففي الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، حيث كان الموظفون قد شككوا بالفعل في التزام المديرة سامانثا باور بالمبادئ الإنسانية التي تنادي بها كباحثة، انتشر الاحتجاج. في يناير/كانون الثاني، أرسل أكثر من 100 عامل في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية رسالة إلى أتول جاواندي، وهو كاتب وجراح سابق مشهور في نيويوركر ويشغل منصبًا رفيعًا مسؤولاً عن الصحة العالمية.

وكتب المؤلفون: "إننا نناشدكم، باعتباركم قائدًا في مجال الصحة العامة كرس حياته المهنية بأكملها لإنقاذ الأرواح، لاتخاذ المزيد من الإجراءات المباشرة لمنع المزيد من الأذى والمعاناة غير العادلة بين السكان المدنيين في غزة".

ورد جاواندي بأنه لا يستطيع التحدث علانية لكنه أقر بأن الجهود المبذولة لحماية المدنيين "لم تكن كافية بأي حال من الأحوال". وقال إنه سيستخدم "القنوات الداخلية للدفاع عن اتجاهات السياسة".

السفارة الإسرائيلية تنفي منع المساعدات لغزة وقال إن الحكومة “تبذل جهودا كبيرة لزيادة المساعدات الإنسانية إلى غزة من البر والجو والبحر”، وهي نقطة اعترضت عليها الأمم المتحدة والعديد من منظمات الإغاثة التي نددت بنقص الغذاء والماء والدواء في القطاع.

وقالت الصحيفة إن إدارة بايدن بدأت في اتخاذ خطوات متواضعة في تشرين الثاني/نوفمبر، والتي تسارعت في كانون الثاني/يناير، للنأي بنفسها عن نتنياهو، على الرغم من أنها غالبًا ما تضمنت تعامل إسرائيل مع الضفة الغربية، حيث هاجم المستوطنون اليهود الفلسطينيين العزل ووافقت الحكومة على بناء آلاف المستوطنات الجديدة.

وبينت الصحيفة أنه بحلول أوائل شباط/فبراير، كان من الواضح أن دعم بايدن للهجوم الإسرائيلي كان له عواقب سياسية، فقد رفضت مجموعة من المسؤولين المنتخبين من العرب الأمريكيين في ميشيغان الاجتماع مع مدير حملة الرئيس، وكانت هناك جهود ناشئة جارية لتنظيم احتجاج خلال الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في ميشيغان في 27 شباط/فبراير.

معاناة الفلسطينيين
وأرسل بايدن مجموعة من المساعدين – بما في ذلك باور ونائب مستشار الأمن القومي جون فاينر – للقاء القادة العرب الأمريكيين والمسلمين في ميشيغان. كانت الاجتماعات في ديربورن، التي تسكنها أغلبية عربية أمريكية، عاطفية، حيث أخبر قادة المجتمع مساعديهم أنهم شعروا بالخيانة والتجريد من إنسانيتهم بسبب رد الرئيس، وفقًا لشخصين مطلعين على الاجتماعات.

وقال مسؤولان كبيران في البيت الأبيض إنهم أدركوا بعد الاجتماعات أنهم بحاجة إلى التحدث بقوة أكبر عن معاناة الفلسطينيين. وسرعان ما بدأ بايدن في استخدام أرقام الضحايا من وزارة الصحة في غزة، والتي كان قد رفضها في وقت سابق باعتبارها غير جديرة بالثقة، وتحدث عن المجاعة والوفيات بين المدنيين في القطاع.

وقال مارتن إنديك، الذي مثل الولايات المتحدة في محادثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية في عهد الرئيس باراك أوباما: "يبدو أنهم حسبوا أن الحرب ستنتهي بسرعة وأن أي معارضة من التقدميين والشباب والأمريكيين العرب سوف تنفجر دون أي تأثير دائم". ولكن مع اقتراب الانتخابات التمهيدية في ميشيغان، قال: "لقد أدركوا أن لديهم مشكلة في ميشيغان، وإذا لم يتعاملوا معها، فقد يخسرون الولاية وبالتالي الانتخابات الرئاسية".

وفي نفس يوم اجتماعات ميشيغان، اتخذ البيت الأبيض خطوة أخرى كان فان هولين وغيره من الديمقراطيين يدفعون بها منذ فترة طويلة؛ حيث أصدر بايدن مذكرة تدعو وزارة الخارجية إلى الحصول على ضمانات مكتوبة من الدول التي تتلقى أسلحة أمريكية بأنها ستلتزم بالقانون الدولي، بما في ذلك تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية.

وتسارعت وتيرة الأحداث المحيطة بالحرب بين إسرائيل وغزة في الأيام الأخيرة؛ حيث لقي أكثر من 100 شخص حتفهم عندما هرع سكان غزة اليائسون إلى قافلة مساعدات في أواخر شباط/فبراير، مما أدى إلى تدافع وإطلاق نار مميت من جانب الجنود الإسرائيليين. ورأى البعض في البيت الأبيض أن هذا هو الدليل الأكثر دراماتيكية حتى الآن على فشل إسرائيل في حماية المدنيين.

وأصدر مجتمع الاستخبارات الأمريكي مؤخرًا تقييمًا متشككًا لتراجع الدعم الشعبي لنتنياهو في إسرائيل. وجاء في التقرير أن "عدم الثقة في قدرة نتنياهو على الحكم تعمقت واتسعت بين الجمهور من مستوياتها المرتفعة بالفعل قبل الحرب، ونتوقع احتجاجات كبيرة تطالب باستقالته وإجراء انتخابات جديدة"، مضيفًا أن "قدرته على البقاء كزعيم تتقلص وفي خطر".

واختتمت الصحيفة التقرير بالقول إن حكومة نتنياهو ردت بغضب، كما فعلت عندما دعا زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشارلز شومر (ديمقراطي من نيويورك)، وهو أعلى مسؤول يهودي في الولايات المتحدة وحليف إسرائيل مدى الحياة، الأسبوع الماضي إلى إجراء انتخابات جديدة في إسرائيل. وقال شومر إن الإسرائيليين يفهمون “أفضل من أي شخص آخر أن إسرائيل لا يمكنها أن تأمل في النجاح باعتبارها دولة منبوذة تعارضها بقية العالم".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية بايدن الحرب غزة امريكا غزة الاحتلال بايدن الحرب صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة معلومات استخباراتیة السفارة الإسرائیلیة تشرین الثانی نوفمبر تشرین الأول أکتوبر الولایات المتحدة البیت الأبیض إسرائیل فی فی میشیغان فان هولین أکثر من 100 فی غزة

إقرأ أيضاً:

نزوح الآلاف وسط قصف إسرائيلي بجنوب غزة

قصفت القوات الإسرائيلية مناطق عدة في جنوب قطاع غزة، الثلاثاء، وفر آلاف الفلسطينيين من منازلهم فيما قد يكون جزءا من الفصل الأخير من العمليات العسكرية الإسرائيلية المكثفة خلال الحرب المستمرة منذ نحو 9 أشهر.

وقال مسؤولون بقطاع الصحة، الثلاثاء، إن 8 فلسطينيين قتلوا وأصيب العشرات، في حين قال الجيش الإسرائيلي إن اثنين من جنوده قتلا في اشتباك جرت الاثنين.

وقال قادة في إسرائيل إن القوات على وشك إنهاء عمليات القتال العنيف مع حركة حماس، التي تدير قطاع غزة منذ عام 2007، وستتحول قريبا إلى عمليات أكثر استهدافا.

وقال مسعفون إن 17 فلسطينيا قتلوا، الثلاثاء، عندما قصفت دبابة إسرائيلية شارعا في حي الزيتون المكتظ بالسكان بمدينة غزة في شمال القطاع.

وأظهرت لقطات نُشرت على بعض حسابات مواقع التواصل الاجتماعي الفلسطينية مشهدا في سوق محلية اختلطت فيها الدماء بخبز متناثر على الأرض. ولم يتسن لرويترز على الفور التحقق من هذه اللقطات.

وكان الجيش الإسرائيلي أمر سكان عدة بلدات وقرى شرق خان يونس بإخلاء منازلهم، الاثنين، قبل عودة الدبابات إلى المنطقة التي انسحب منها الجيش قبل أسابيع.

وقال سكان ووسائل إعلام تابعة لحماس إن الآلاف ممن لم يستجيبوا لهذا الأمر اضطروا إلى الفرار من منازلهم تحت جنح الظلام عندما قصفت الدبابات والطائرات الإسرائيلية القرارة وعبسان ومناطق أخرى وردت أسماؤها في أوامر الإخلاء.

وتساءل تامر، وهو رجل أعمال يبلغ من العمر 55 عاما نزح 6 مرات منذ السابع من أكتوبر "وين نروح"؟

وقال لرويترز عبر تطبيق للتراسل: "كل مرة الناس بترجع لبيوتها، وبتحاول تعيد بناء حياتها ولو فوق أنقاض بيوتهم، بيرجع الاحتلال بالدبابات بيدمر اللي بقي من هاي البيوت والأماكن".

وقال الجيش الإسرائيلي إن قواته قصفت مناطق في خان يونس أُطلق منها نحو 20 صاروخا، الاثنين. وأضاف أن الأهداف تضمنت منشآت لتخزين الأسلحة ومراكز للعمليات.

وذكر الجيش أنه اتخذ إجراءات قبل الضربات لضمان عدم تعرض المدنيين للأذى من خلال إتاحة فرصة لهم للمغادرة، في إشارة إلى أوامر الإخلاء. واتهم الجيش حماس باستخدام البنية التحتية المدنية، والسكان، دروعا بشرية، لكن الحركة تنفي ذلك.

وقالت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، المتحالفة مع حماس إن مسلحيها أطلقوا صواريخ باتجاه عدة مستوطنات إسرائيلية قرب السياج الحدودي مع غزة، ردا على "جرائم العدو الصهيوني بحق أبناء شعبنا الفلسطيني".

إلى ذلك، قالت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في غزة، الثلاثاء، إن 1,9 مليون شخص هم اليوم نازحون في القطاع، مضيفة أنها "تشعر بقلق عميق" إزاء التقارير التي صدرت عن أوامر إخلاء جديدة في خان يونس. 

وقالت سيغريد كاغ أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة: "لقد تم تهجير أكثر من مليون شخص مرة أخرى، وهم يبحثون يائسين عن المأوى والأمان".

وأضافت: "هناك اليوم 1,9 مليون شخص نزحوا في جميع أنحاء غزة ... أشعر بقلق عميق إزاء التقارير التي تفيد بأن أوامر جديدة بالإخلاء صدرت في منطقة خان يونس". 

الفصل الأخير في رفح

وقالت إسرائيل، التي تزداد الضغوط الدولية عليها لتخفف الأزمة الإنسانية في غزة، اليوم الثلاثاء إنها ربطت خط كهرباء بمحطة لتحلية المياه في القطاع لتوفير المزيد من مياه الشرب.

وذكر الجيش الإسرائيلي أن إنتاج مياه الشرب سيقفز بأربعة أمثاله ليصل إلى 20 ألف متر مكعب يوميا. ورغم أن هذه الكمية ليست كافية لتزويد سكان غزة بالمياه، يقول مسؤولون إسرائيليون إنها كمية كبيرة.

وقال مسؤول دفاعي إسرائيلي: "سيغير هذا الأمر قواعد اللعبة تماما فيما يتعلق بالتعامل مع مشكلات الصرف الصحي الملحة والوصول إلى موارد المياه"، مضيفا أن هذا يأتي في إطار جهد إنساني أكبر يدفع وزير الدفاع يوآف غالانت إلى بذله.

اشتعل فتيل الحرب عندما اقتحم مسلحون من حماس إسرائيل في السابع من أكتوبر في هجوم مباغت، أسفر وفقا للإحصائيات الإسرائيلية عن مقتل 1200 شخص واحتجاز نحو 250 رهينة، بينهم مدنيون وعسكريون واقتيادهم لغزة.

وأسفر الهجوم الجوي والبري والبحري الإسرائيلي المضاد عن مقتل نحو 38 ألف فلسطيني حتى الآن وفقا لوزارة الصحة في غزة، كما تسبب في دمار واسع بالقطاع الساحلي المكتظ بالسكان.

ولا تفرّق إحصائيات وزارة الصحة في غزة بين المسلحين وغير المسلحين، لكن المسؤولين يقولون إن معظم القتلى من المدنيين. وتقول إسرائيل إن 320 من جنودها قتلوا في غزة وإن ثلث القتلى الفلسطينيين على الأقل من المسلحين.

وقال شهود ومسعفون إنه يوجد ضمن المناطق الخاضعة لأوامر الإخلاء مستشفى غزة الأوروبي، الذي يخدم خان يونس ورفح وإن المسؤولين الطبيين مضطرون إلى إجلاء المرضى والعائلات الذين لجأوا إلى المستشفى.

وقال المتحدث الرسمي باسم الصحة العالمية، ريك بيبركورن، "قرر موظفو المستشفى والمرضى الإخلاء بالفعل"، مضيفا أنه لا يزال هناك 3 مرضى فقط. إننا نناشد أن يتم إنقاذ المستشفى الأوروبي، ولا يتعرض لأضرار".

واتجه بعض السكان غربا نحو منطقة المواصي القريبة من الشاطئ، المكتظة بخيام النازحين. ونام البعض في الشوارع لأنهم لم يتمكنوا من العثور على مأوى.

وسبق أن أشارت إسرائيل إلى أن عمليتها في رفح، الواقعة جنوب قطاع غزة والمتاخمة للحدود مع مصر، تقترب من نهايتها.

وتقول إسرائيل إن توسيع عملياتها العسكرية لرفح كان الهدف منه القضاء على عدد من مسلحي حماس الذين يعتقد أنهم يختبئون في المدينة.

وقال مسؤولوها إنه بعد انتهاء المرحلة المكثفة من الحرب ستركز القوات على عمليات أصغر نطاقا، تستهدف منع حماس من إعادة ترتيب صفوفها.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، إن إسرائيل تقترب من هدفها المتمثل في تدمير القدرات العسكرية لحركة حماس. وأضاف أن العمليات الأقل كثافة ستستمر.

وأضاف: "إننا نتقدم نحو نهاية مرحلة القضاء على جيش حماس الإرهابي، وسنستمر في ضرب فلوله".

وتواصل حركتا حماس والجهاد الإسلامي شن هجمات على القوات الإسرائيلية الموجودة في قطاع غزة وتطلقان الصواريخ من وقت لآخر على إسرائيل.

وتقول حماس إن نتانياهو فشل في تحقيق أهداف الحرب وإن الحركة مستعدة للقتال لسنوات.

"سنتوقف دون نقاش"

وتعثرت جهود مصرية وقطرية، تدعمها الولايات المتحدة، للتوصل إلى وقف لإطلاق النار. وتقول حماس إن أي اتفاق يجب أن يفضي إلى إنهاء الحرب والانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة. وتقول إسرائيل إنها ستوافق فقط على وقف مؤقت للقتال حتى يتسنى لها القضاء على حماس.

وردا على تصريحات غير محددة المصدر، أوردتها صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أفادت بأن إسرائيل قد تكون مستعدة لإنهاء الحرب دون تحقيق أهدافها، قال نتانياهو إن ذلك "لن يحصل".

وقال رئيس الوزراء: "لن نستسلم للرياح الانهزامية"، وفق بيان صادر عن مكتبه. وأضاف أن "الحرب ستنتهي عندما تحقق إسرائيل كل أهدافها، بما في ذلك القضاء على حماس وتحرير كل الرهائن".

وفي سياق متصل، قال نائب زعيم حزب الله، نعيم قاسم، الثلاثاء، إن الجماعة اللبنانية لا تستطيع القول ما إذا كانت ستوقف الأعمال العدائية ضد إسرائيل إذا انتهت الحرب في غزة دون وقف رسمي لإطلاق النار.

وقال قاسم لوكالة أسوشيتد برس من المقر السياسي لحزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، إنه "إذا كان هناك وقف لإطلاق النار في غزة، فسوف نتوقف دون أي نقاش".

ويحذر نائب زعيم حزب الله من أنه حتى لو كانت إسرائيل تعتزم شن عملية محدودة في لبنان لا تصل إلى حد حرب واسعة النطاق، فلا ينبغي لها أن تتوقع أن يظل القتال محدودا.

ومنذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة، يجري تبادل إطلاق نار شبه يومي بين حزب الله والجيش الإسرائيلي عبر حدود لبنان الجنوبية.

وقال حزب الله، الثلاثاء، إنه أطلق عشرات الصواريخ من نوع كاتيوشا على ثكنة كريات شمونة "ردا على اعتداءات العدو الإسرائيلي على القرى الجنوبية الصامدة (..)".

مقالات مشابهة

  • أنت لوحدك.. صحيفة تكشف ما دار بين بايدن ونتانياهو بعد الهجوم الإيراني
  • تقرير لـResponsible Statecraft: الحرب الإسرائيلية على غزة ستمتد إلى لبنان في هذه الحالة
  • تقارير: اجتماع متوقع بين بايدن ونتانياهو في واشنطن أواخر يوليو
  • مناظرة بين اثنين من كبار السفهاء
  • من يجبر نتنياهو على وقف الحرب؟
  • نزوح الآلاف وسط قصف إسرائيلي بجنوب غزة
  • محللون عسكريون: إسرائيل باتت في خطر الغرق في حرب طويلة الأمد مع “حماس”
  • حرب ضروس قد تلتهم الشرق الأوسط
  • كيف تحولت غزة إلى أكبر فشل أخلاقي وسياسي لبايدن.. ما علاقة نتنياهو؟
  • نتنياهو: إسرائيل تتقدم إلى نهاية مرحلة القضاء على جيش حماس في غزة