طعام الجياع تلتهمه ذخائر الحرب العبثية: شبح المجاعة في السودان.. هل يقود طرفا الحرب لتجاوز الهاوية؟
تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT
خلافا للتوقعات التي رجّحت تأثير روحانية شهر رمضان على أطراف الصراع في السودان واستجابتهم للمناشدات الدولية والأممية لهدنة إنسانية في رمضان تتيح تدفق المساعدات لأكثر من نصف السكان المهددين بشبح المجاعة، شهدت الأيام الماضية تصعيدا عسكريا واسع النطاق بدد الآمال في استعادة السودانيين حياتهم التي فقدوها جراء الحرب، في تعقيدات تلوح بقرارات اممية تحت الفصل السابع قد تجعل من السودان نموذجا لواحدة من أفظع حروب القرن.
الثورة / أبو بكر عبدالله
منذ إعلان الجيش السوداني وقوات الدعم السريع ترحيبهما بقرار مجلس الأمن الدولي لإعلان هدنة مؤقتة في السودان خلال شهر رضمان، لم يتحقق على الأرض أي شيء فجميع الأطراف المتصارعة أدارت ظهرها لمناشدات الهدنة الإنسانية والقرار الأممي بعد أن انخرطوا في معارك بالعاصمة الخرطوم ومدينة أم درمان، لم تغيير كثيرا من المعادلة العسكرية القائمة، سوى في إيقاعها مئات القتلى والجرحى وتشريد المزيد من المدنيين.
على الجانب الآخر كانت تقارير المنظمات الدولية تحذر من تدهور مريع في الملف الإنساني في ظل مقاربات تؤكد أن أقل من 5 % من السودانيين بالكاد يستطيعون تناول وجبة واحدة، بينما افتقد 95 % من الشعب السوداني لأول مرة القدرة على توفير وجبات تسد الرمق.
تقارير المنظمات الإنسانية افصحت عن أن نحو 90% من المدنيين المختبئين في أقاليم السودان المختلفة، صاروا يواجهون مستويات طارئة من الجوع وجميعهم عالقون في مناطق يصعب الوصول إليها في حين أن تطاول أمد الحرب أدى إلى تراجع قدرة السودانيين على التضامن بسبب تآكل المدخرات وفقدان أكثر من 8 ملايين من العاملين في القطاعين الحكومي والخاص والأعمال اليومية البسيطة أعمالهم أو يعانون من انقطاع مرتباتهم منذ شهور طويلة.
وجميع الأطراف يجمعون على أن النزاع العسكري بين الجيش وقوات الدعم السريع المندلع منذ ابريل العام الماضي تسبب بكارثة إنسانية كبيرة، يموت فيها عشرات الآلاف من المدنيين يوميا بسبب الجوع في ظل تصاعد أخطر أزمة سوء تغذية تعصف بحياة أكثر من 700 ألف طفل هذا العام.
وتهدد أزمة الجوع حاليا نحو 10 ملايين نسمة من السودانيين الفارين من الحرب ونحو 15 مليونا من العالقين في مناطق القتال، وسط مخاوف متزايدة من تكرار سيناريو المجاعات الكبرى التي عاشها السودانيون وعلى رأسها مجاعة “سنة 6” التي تعد واحدة من أشهر 4 المجاعات التي عرفها السودان في التاريخ.
تحت جحيم الحرب
مع اقتراب دخول الحرب في السوادان عامها الثاني في أبريل المقبل، يتذكر السودانيون آثار الحرب التي اندلعت قبل عشرين عاماً، والتي شهدت فيها ولاية دارفور أكبر أزمة جوع في العالم استطاع العالم حينها توحيد جهوده لمواجهتها ولكنهم يشعرون اليوم بالبؤس والفزع معا، بعد أن صاروا منسيين بأزمة انعدام للأمن الغذائي تهدد نحو ثلثي السكان.
والمشهد القاتم للأزمة يتحدث اليوم عن نحو 25 مليون نسمة منتشرون بجميع أنحاء السودان، يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وأكثرهم فقدوا مصدر دخلهم وأعمالهم، وبينهم 8 ملايين نسمة هجروا من منازلهم وقراهم إلى مناطق بالداخل السوداني، فضلا عن مليوني نازح هربوا إلى مخيمات مؤقتة للجوء في تشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى وتشاد ومصر وإثيوبيا وجنوب السودان ليدفع أكثر من 20 مليون طفل الثمن الباهظ للحرب المشتعلة في معظم مناطق البلاد.
رغم ان فترة الحرب تعد قليلة قياسا إلى حروب أخرى مستمرة منذ سنوات، فقد تضافرت بحرب السودان العديد من الأسباب التي أدت إلى ظهور شبح المجاعة في كل أقاليم السودان بلا استثناء بما فيها إقليم العاصمة الخرطوم، بعد أن صار قصف الأحياء والمدن وتدمير البنى التحتية والنهب والحصار والاغتصاب والتهجير القسري وإحراق القرى ممارسات يومية يعانيها معظم السكان في هذا البلد.
وتبدو مفاعيل الأزمة أكثر فداحة في الجيوب المنسية الخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع ولا سيما في إقليم دارفور وولاية غرب كردفان التي كانت حتى وقت قريب تحظى بعناية منظمات الإغاثة الدولية قبل أن تصدر هذه المنظمات بيانات تحذير جماعية من مخاطر نشوب كارثة إنسانية كبرى في هذه المناطق جراء استحالة إيصال مساعدات إنسانية للمدنيين العالقين فيها.
تتزايد المعاناة لدى المدنيين الذين فروا من قراهم وتقطعت بهم السبل في مخيمات لجوء في دولة تشاد المجاورة، في ظل أوضاع لم تعد اليوم تختلف عن الأوضاع التي يعيشها إقرانهم بالداخل السوداني بسبب شح المساعدات الدولية، في حين تتحدث التقارير الدولية عن آلاف المدنيين المحاصرين من قوات الدعم السريع في ولاية جنوب كردفان يعانون من نقص حاد في المواد الغذائية ومهددون بالمجاعة.
المشهد لا يبدو أفضل في المناطق التي كانت بعيدة عن الحرب، فجميع السودانيين البالغ تعدادهم نحو 43 مليون نسمة يعانون من ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية المهربة زاد من ذلك أن الحكومة السودانية لم تصرف المرتبات الشهرية لموظفي الخدمة المدنية منذ نحو 10 أشهر.
تعقيدات ومخاوف
قبل أسابيع تجاوزت السلطات السودانية مخاوفها من تدفق السلاح إلى قوات الدعم السريع المسيطرة على العديد من المناطق في اقليم دارفور، وقررت السماح بتدفق المساعدات اليها عبر تشاد، غير أن القرار لم يدخل حيز التنفيذ، بعد أن تجاوزت التدخلات الدولية هذه المبادرة إلى أخرى تمثلت بالقرار الصادر عن مجلس الأمن بشأن هدنة رمضان والذي يقول السودانيون أنها فشلت قبل أن تبدأ.
وقرار الحكومة السودانية السماح بتدفق المساعدات إلى دارفور عبر تشاد، تزامنا مع قرارات أخرى سمحت أيضا بفتح مسارات بحرية وبرية عدة لدخول المساعدات عبر بورتسودان ـ عطبرة ومليط وكذلك عبر مسار تشاد ـ دارفور.
بررت الحكومة ذلك بحصولها على تعهدات بتفعيل القرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي عام 2003 بحظر توريد الأسلحة إلى إقليم دارفور، فضلا عن حصولها على موافقات تمنحها حق التأكد من أن هذه القوافل تضم فقط مساعدات إنسانية وليس شحنات أسلحة إلى قوات الدعم السريع التي قالت الأمم المتحدة في وقت سابق أنها تستغل عدة منافذ لإدخال السلاح والذخائر إلى المناطق الخاضعة لسيطرتها.
لكن المشكلة بدت مؤخرا، أكثر تعقيدا من مسألة تحديد ممرات آمنة لتدفق المساعدات، فخلال الشهور الماضية للحرب وتحديدا منذ منتصف العام الماضي اضطرت معظم المنظمات الإنسانية والبعثات الدبلوماسية إما للانتقال إلى مدينة بورتسودان حيث تعمل المؤسسات الحكومية حاليا أو الخروج من السودان نهائيا، ما قلل حجم المساعدات التي يتلقاها المدنيون.
وتفاقمت الأزمة أكثر في نوفمبر الماضي نتيجة التضييق الحكومي على المنظمات الإنسانية بعد تحديد السلطات معابر محدده لدخول المساعدات في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة أو عبر الحدود المصرية، ما عرقل عمل كثير من المنظمات الدولية الإغاثية التي أعلنت أنها تواجه صعوبات في توصيل المعونات الغذائية، في ظل الأوضاع الأمنية المتدهورة.
لكن الأزمة اليوم تبدو وصلت إلى مستويات غير مسبوقة في ظل التوقعات التي تحذر من تفاقمها جراء موسم الجفاف الذي يبدأ في مايو المقبل، والذي تنخفض فيه معدلات الأمن الغذائي في الظروف العادية بالسودان إلى أدنى معدلاتها بما يجعل حدوث المجاعة أمرا واقعا.
هذا الأمر الذي أفصح عنه منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة مارتن غريفت مؤخرا بدعوته إلى تدخل دولي عاجل لمنع تدهور الوضع من خلال إدخال مزيد من المواد الغذائية وكذلك البذور لزراعتها للموسم المقبل.
وعلى أن السودان يتملك أكبر أراضي خصبة في القارة الأفريقية بحوالي 180 مليون فدان صالحة للزراعة، إلا أنه سيواجه بلا شك شبح الجوع بعد أن أدت الحرب إلى انهيار نظام التمويل الزراعي الذي أفقد السودانيين فرصة تأمين الغذاء للشهور القادمة من العام الجاري، نتيجة عدم استغلال تلك المساحات بالشكل المناسب واحتمالات خروج مساحات كبيرة من مشاريع النيل الأبيض ومشروع الجزيرة وهو أكبر مشروع زراعي في البلاد عن دائرة الإنتاج بصورة كلية.
مشكلات كبيرة
طوال الفترة الماضية ظل ملف المساعدات الإنسانية من الملفات الساخنة بين السلطات السودانية ممثلة بمجلس السيادة الانتقالي وقوات الدعم السريع، ولم تفض جهود “منبر جدة” في السابق إلى حلحلته رغم التزام أطراف الصراع بتنسيق جهود بتسهيل إجراءات تدفق المساعدات.
وأدى تعثر برنامج الغذاء العالمي وعدد من المنظمات الدولية العاملة في الحقل الإنساني في إيجاد سبل للوصول إلى المحتاجين، إلى تحرك متأخر من قبل الحكومة السودانية عبر اللجنة الوطنية العليا المشتركة للطوارئ الإنسانية والتي حددت منافذ يُسمح من خلالها بدخول المساعدات الإنسانية، كما أبلغت الخرطوم الأمم المتحدة موافقتها على تحديد المزيد من المعابر لدخول المساعدات الإنسانية إلى دارفور عبر تشاد للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب بعد اتفاق تم بين الحكومتين السودانية والتشادية على الجوانب الفنية.
لكن هذه الخطوة بدت متأخرة كثيرا، وبدت أيضا وكأنها خطوة استباقية للقرار الأممي الذي صدر في 8 مارس الجاري بشأن هدنة رمضان.
ومع ذلك يمكن إن تشكل هذه الخطوة نافذة أمل لملايين الجوعى في معسكرات النازحين في إقليمي دارفور وكردفان، والمناطق الأخرى التي تعاني نقصا حادا في الغذاء بسبب الحرب التي هددت الأمن الغذائي لنحو ثلثي السكان.
والتقارير التي تتحدث عن عرقلة الجيش السوداني وقوات الدعم السريع دخول المساعدات الإنسانية لم تكن في الواقع سوى جانب من المشكلة، بعد أن أعلنت الأمم المتحدة عدم كفاية الدعم الدولي اللازم لتأمين هذه المساعدات ووصولها إلى السودان في ظل النقص الكبير في التمويل يبلغ نحو 70 % من المبلغ الفعلي المطلوب والمقدر بنحو 4 مليارات دولار.
يشار في ذلك إلى أن كل الجهود التي بذلت منذ اندلاع الحرب في أبريل العام الماضي عبر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) وشركائه لم تغطى سوى 8 ملايين نسمة، وهو عدد يقل كثيرا عن عدد السودانيين المحتاجين لمساعدات إغاثية عاجلة.
هذا الأمر دعا منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) إلى دعوة دول العالم إلى التوقف عن غض النظر عن الكارثة التي أحدثتها الحرب الأهلية الدائرة منذ عشرة شهور في ظل التقديرات التي تؤكد أن أكثر من 700 ألف طفل سيعانون على الأرجح من أكثر أشكال سوء التغذية المسببة للوفاة خلال هذا العام.
بانتظار كارثة
المشهد القاتم المتوقع للأزمة الإنسانية خلال الشهور القامة قد يفتح الطريق لقرار أممي يصدر تحت الفصل السابع بعد أن فشل القرار غير الملزم الذي صدر قبل رمضان تحت الفصل السادس لهدنة مؤقتة في رمضان تتيح دخول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين، غير أن قرار مثل هذا قد يفتح على السودان أبواب الجحيم في ظل الأوضاع الاقتصادية والعسكرية القائمة اليوم.
والمتأمل في تصريحات المسؤولين الأمميين والدوليين تجاه الأزمة في السودان سيجد أن جميعها تؤشر إلى أن العالم قد استنفذ كل خياراته، بعد الفشل الذريع الذي منيت به مقررات “منبر جدة” وانهيار جهود البعثة الأممية وأخيرا انهيار قرار مجلس الأمن الأخير بشأن هدنة رمضان، ما قد يجعل أي تحرك دولي أو أممي تجاه الأزمة غير بعيد عن التزامات الفصل السابع.
في ظل سيناريو كهذا لن يستطيع الاقتصاد السوداني المترنح على حافة الهاوية الصمود، في ظل خسائر سنوية تقدر بنحو 5.4 مليار دولار سنويا، ولن يكون هناك مجال للحديث عن شرعية وانقلاب بل سيتم التعامل مع جميع الأطراف بوصفهم متسببين بشكل مباشر في أكبر أزمة إنسانية تشهدها القارة الأفريقية.
وهنا ينبغي الإشارة إلى أهمية أن يعي السودانيون سريعا مخاطر إخضاع ملف المساعدات الإنسانية للمزايدات والحسابات السياسية والعسكرية، وعليهم إدارك أن مسار “منبر جدة” الذي شدد على توفير الحماية للمدنيين، واحترام القانون الإنساني الدولي ومعاهدات حقوق الإنسان، وعدم إقحام المدنيين في الصراعات المسلحة هو الخيار الأفضل اليوم لتلافي أزمة انهيار وشيكة.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
في حواره مع “التغيير ” (2).. أسامة سعيد: سننازع بورتسودان في الشرعية والموارد
التغيير: نيروبي: أمل محمد الحسن
كشف القيادي بالجبهة الثورية أسامة سعيد عن إعلان الحكومة الموازية التي تشارك فيها قوى سياسية وحركات كفاح مسلح قوات الدعم السريع من داخل الخرطوم في فبراير المقبل. مؤكدًا استعدادهم للقيام بدعاوى قانونية لمنازعة حكومة بورتسودان والبنوك التي تتعامل معها في كافة الموارد، خاصة الذهب والنفط.
لدي العديد من الأسئلة حول تفاصيل الحكومة واعتقد بان كل السودانيين يريدون أن يفهموا معي، أولا تحدثت عن كون بورتسودان قامت بالتقسيم لكن وجود حكومة بجواز آخر وعملة جديدة أليس هذا ما يصنع دولة ثانية!
وفق هذا المبرر نترك المواطنين الذين منعوا من إصدار جواز أو أوراق ثبوتية البقاء بدونها! القضية أيضا ليست محصورة في الجواز فقط؛ هناك سجل مدني متعلق بالولادات والوفيات والميراث، خلال عامين أي طفل ولد في مناطق سيطرة الدعم السريع غير مسجل، وليس لديه أي وثيقة عن ميلاده وكل من توفي لا يمتلك أهله وثيقة تثبت وفاته ما يوقف إجراءات الميراث مثلا.
استكملنا كل مطلوبات تشكيل الحكومة وستكون مسؤولة من كافة المناطق حتى التي بها اشتباكات
لكن طريقتكم لبحث الحل لهذه المعضلة ستقسم البلاد!
لن نقسم البلاد. الموضوع لا يتعلق بوثائق ثبوتية فقط لكن المواطنين ممنوعين من حقوق دستورية كثيرة لا يمكن أن ينتظر الناس وهم ممنوعين من تلك الحقوق في الوقت الذي تؤسس فيه بورتسودان لدولة ثانية ونقوم بترك كل هذا خوفا من حدوث التقسيم في حين أن الانقسام واقع الآن في دولة أخرى.
نحن الذين سنوقع على هذا الميثاق الذي بموجبه سيتم تشكيل حكومة نتفق في كوننا “وحدويين”، مع وحدة السودان، في رأيي من الأفضل أن يكون هؤلاء الوحدويون على رأس هذا العمل بدلا من أن يكون على رأسه أشخاص يسعون لتأسيس الانفصال وإقامة دولة ثانية.
متى سيتم توقيع هذا الميثاق؟
في غضون الأسابيع القليلة القادمة.
تشكيل الحكومة لا يقوم على المحاصصة.. ولم يتم اختيار رئيسي الوزراء والسيادي بعد
متى سيتم إعلان الحكومة؟
في فبراير، لم يتم تحديد تاريخ معين، لكننا استكملنا كل المطلوبات الأساسية الخاصة بالحكومة، لدينا ميثاق سياسي جاهز للتوقيع، دستور انتقالي جاهز للتوقيع والعرض على الآخرين، لدينا برنامج حكومة متكامل عكف عليه أبناء وبنات السودان الأفذاذ من أصحاب الخبرات، كانت هناك لجان فنية كبيرة في الداخل والخارج تعمل على كل المطلوبات الفنية للحكومة في كل القطاعات؛ الشرطة المطارات العملة المستشفيات والمدارس وتمت مناقشة الأولويات في التشغيل.
أين سيتم إعلان هذه الحكومة؟
من داخل الخرطوم.
مع تمدد الجيش في الخرطوم هل تستطيعون إعلانها هناك؟
الخرطوم هي صاحبة الرمزية وهي عاصمة السودان، الحرب كر وفر ولم نر حسما نهائيا على أرض الواقع، مع استمرار الحرب في الخرطوم ومدني لم يتم سحق كامل للجيوش أو إبعادها بشكل كامل، في ولاية الجزيرة على سبيل المثال الدعم السريع ما زال موجودا يمكن أن يعود لمدني في أي وقت ويمكن ألا يعود! لن تصل الحرب لنهاياتها إلا بالتوقيع على اتفاق سلام.
الوجود في منطقة الحرب لن يسمح بسير أعمال حكومة والا لما غادرت حكومة البرهان واتخذت بورتسودان مقرا لها.
ستكون الحكومة مسؤولة من كافة المناطق الواقعة في مناطق اشتباكات وغيرها، أجهزة الحكومة ستكون فاعلة أكثر في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، أما مناطق الاشتباكات سيكون نشاط الحكومة فيها أقل لكنها ستقوم بدورها في إيصال المساعدات الإنسانية للمواطنين وفتح ممرات آمنة لهم وعكس الصورة الحقيقية لما يحدث فيها وهي كانت مهمة يقوم بها الناشطون، لكنها مسؤولية الحكومة التي سترفع تقارير فعلية عن اوضاع المدنيين في مناطق النزاع.
هل تم تحديد هياكل الحكومة؟
هذه الحكومة قائمة على الوضع الشرعي السابق وهي امتداد لحكومة الثورة معنا وزراء سابقين وأعضاء مجلس سيادة سابقين كلهم سيكونو موجودين، وستستمر بذات الهياكل القديمة.
بورتسودان تعمل على تكوين دولة البحر والنهر على أسس إثنية
هل تم اختيار رئيس الوزراء؟
ليس بعد، لم نصل هذه المرحلة، وعبرالتوافق سيتم اختياره في أقرب وقت، هذه الحكومة لن تتشكل على أساس المحاصصة؛ هذه حكومة مهام، أولوياتها وقف الحرب وتحقيق السلام والمحافظة على وحدة السودان.
من وجهة نظري من سيكونون على رأس هذه الحكومة هم مجموعة من الأبطال والفدائيين الذين سيتحملون المسؤولية من بنات وأبناء الشعب السوداني.
(…) هكذا رد على مخاوف حول إعلان الحكومة في الخرطوم مع تمدد الجيش فيها
هل الدعم السريع سيشارك في هذه الحكومة؟
سيوقع على الميثاق السياسي الذي سيحقق فيه التزامات، ووالحكومة ستكون من الأطراف الموقعة ومن بينهم الدعم السريع، إلى جانب السياسيين والمهنيين وحركات الكفاح المسلح وشباب ونساء ومجتمع مدني، وعبر التشاور بين هؤلاء جميعا سيتم تكوين هياكل السلطة.
بعد تكوين الحكومة سنفتح المجال لكل لجان التحقيق الدولية
هل نتوقع حميدتي رئيسا لمجلس سيادة؟
لم يتم نقاش هذا الموضوع، يمكن إجابة هذا السؤال بعد التوقيع على الميثاق حيث ستكون الأطراف معلومة وتتوافق حول أعضاء مجلس السيادة.
في حال أجبركم الوضع الميداني غير المستقر في الخرطوم على إعلان الحكومة في دارفور، هل من الممكن أن يتحول الأمر لانقسام جغرافي وتتحول لحكومة دارفورية؟
حتى لو كان مقرها دارفور هذا لا يعني أنها ستكون حكومة دارفورية! الرابط الجوهري بين المتوافقين على الحكومة هي المحافظة على السودان أرضا وشعبا، واذا كان الدعم السريع يريد تشكيل حكومة انفصالية لكان قام بذلك قبل عامين عندما كان مسيطرا على 70 أو 75% من مساحة السودان.
من يمضي في خطة التقسيم هي السلطة الموجودة حاليا في بورتسودان التي تعمل على تكوين دولة البحر والنهر على أسس اثنية تتم فيها محاكمة الناس بقانون الوجوه الغريبة، نحن في اللجنة القانونية قمنا برصد أعداد مخيفة لأحكام إعدام في مناطق سيطرة الجيش بحجة التعاون مع الدعم السريع. وكل العالم شاهد الذبح على الهوية في مدني وهنا أعلن باسمي واسم الجبهة الثورية اعتذاري وتعاطفي مع شعب جنوب السودان الذي تعرض لهذه الانتهاكات ونقف مع مطالب دولة الجنوب بضرورة تكوين لجنة تحقيق دولية تكشف الانتهاكات البشعة والمرعبة التي تمت مشاهدتها لأول مرة وكيف تم ذبح الناس مثل الخراف، لم نر التمثيل بالجثث من قبل.
لكن مشاهد التمثيل بالجثث بدأت منذ مقتل الوالي خميس أبكر واحداث الجنينة!
نحن في الجبهة الثورية نطالب بلجنة تحقيق دولية حول أحداث الجنينة ووافق عليها الدعم السريع بل ذهبنا أبعد من ذلك وضمنا إعلان أديس أبابا الموافقة على لجنة تقصي الحقائق، حيث قبلها الدعم السريع فيما رفض الجيش السماح لها بدخول السودان إلى جانب عدد من دول الجوار!
نحن أعلنا ترحيبنا بتمديد أجل البعثة وبعد تكوين الحكومة سنفتح المجال لكل لجان التحقيق الدولية.
يشارك في هذه الحكومة عدد من حركات الكفاح المسلح التي بقيت على الحياد، هل وجودها في حكومة مع الدعم السريع يمكن أن يجعلها تحارب في صفوفه؟
هذه الحكومة ليست حكومة حرب؛ بل حكومة سلام وحتى الحركات المسلحة التي ستشارك ستوقع على ميثاق سلام. إذا تمكنا من تحقيق أهدافنا في وقف الحرب وحماية المدنيين ستكون انجازات كبيرة حاصة مع حديث البرهان الأخير بأنه لن يذهب في مفاوضات وحديث مساعده العطا بأن الحرب ستستمر حتى آخر سوداني!
رفض الجيش الجلوس للتفاوض دون شك سيجبر الدعم السريع للمواصلة في القتال هل يمكن أن يعلن حميدتي وقف العدائيات من طرف واحد؟
الدعم السريع كان باستمرار هو الطرف الذي يذهب للمفاوضات فيما الطرف الآخر كان يتلاعب ويرفض ما سمح بانهيار اتفاق جدة ثم انهارت مباحثات المنامة حتى بعد توقيع نائب القائد العام للجيش كباشي بعد أن تنصل منه، هؤلاء لا يملكون إرادة لتحقيق السلام، والحكومة ستملك آليات لإجبار الطرف الآخر على الرضوخ للسلام والذهاب للمفاوضات.
نسعى لتحقيق العودة الكريمة للسودانيين من الملاجئ والنزوح ومن ثم تأسيس السودان على أسس جديدة، إن لم نتعلم من الحرب وخسائرها الفادحة لن نكون حققنا أي شيء!
لذلك قمنا بتسمية الميثاق بـ”التأسيسي” وفي مقدمة بنوده تأسيس جيش مهني قومي يعكس تنوع السودان وينأى عن ممارسة السياسة والاقتصاد وتأسيس الخدمة المدنية على أسس صحيحة.
عودة الناس وتقديم الخدمات مرتبط بالموارد، في حالة حكومة بها قوات تقاتل ستتحول كافة الموارد لخدمة الحرب وتمويلها؟
منذ اليوم التالي لإعلان الحكومة سننازع بورتسودان في كل موارد السودان من ذهب وبترول وأصول عائدات الموارد نفسها، ٨٠% من الدعم المالي لاستمرار الحرب يأتي من هذه الموارد خاصة الذهب والبترول، سننازع البنوك التي تحول هذه الأموال ونقيم دعاوي حول أصول السودان في الخارج.
حضرتك قانوني وتعلم أن مثل هذه الدعاوي قد تأخذ سنوات أمام المحاكم لحين كسبها من أين ستوفر الحكومة الوليدة مواردها؟
السودان غني بالموارد الطبيعية من ثروة حيوانية وانتاج زراعي، سنعمل على عقد اتفاقيات مع دول الجوار في تصدير الماشية والمنتوجات الزراعية والغابية مثل السمسم والصمغ العربي، سننوع في المواد ونفتح خطوط مع المساعدات الدولية، لدينا حقوق على المجتمع الدولي وهيئات الأمم المتحدة.
في حالة الحروب تكون الأولوية في توزيع الموارد لصالح القوات!
سنبني مؤسسات مالية وبنك مركزي ومجلس وزراء وجمعية وطنية مؤقتة تمثل الجسم التشريعي الذي سيراقب الحكومة وكل ما يختص بأحوال الشعب في صرف الموارد ومحاسبتها، لن تكون حكومة معلقة في الهواء!
ذكرت عمل اتفاقات مع دول الجوار هل تعتقد أنها ستعترف بالحكومة؟
مسألة الاعتراف ليست أمرا مقلقا!
قمنا برصد أعداد مخيفة لأحكام إعدام في مناطق سيطرة الجيش بحجة التعاون مع الدعم السريع
يجب أن تكون مقلقة! كيف ستتعامل معك حال عدم اعترافها بك؟
أساس هذه الحكومة يقوم على شرعية داخلية، والاعتراف العالمي سيحدث عندما يشاهد العالم حكومة فعلية في الأرض قائمة بكافة مهامها.
هل تعتمد على سياسة الأمر الواقع؟
حركات الكفاح عندما تسيطر على مناطق تأتي المنظمات وتتعامل معها، لماذا يتعامل العالم الآن مع برهان؟ لأنه شيء موجود على أرض الواقع، عندما تسير هذه الحكومة على قدمين ستجبر الناس على التعامل معها!
وجودكم في دولة كينيا هل يعطي مؤشر بحصولكم على مباركة نيروبي؟
نحن لا نتلقى دعما من أي جهة، دولة كينيا وفخامة الرئيس روتو فتحا المجال لكل السودانيين بعد انهيار السودان دستوريا، وهو يساعد في إحلال السلام في بلادنا ومواقفه مشرفة وهذا ما يجعلنا نكون موجودين هنا.
عودة الجيش لمدني مثل استفتاء جماهيريا بأن الشعب السوداني لا يحب الدعم السريع؟
لا يوجد مقياس للحب والكره، هناك قطاع كبير يرى أن الجيش ارتكب جرائم، هذه ليست الحرب الأولى التي يقودها الجيش المختطف من الحركة الإسلامية، وارتكب من قبل إبادة جماعية في دارفور وقائده الرئيس المعزول كان ولا يزال مطلوبا لدى محكمة الجنايات الدولية.
ما ارتكبه الجيش من مجازر في دارفور والنيل الأزرق وفي جبال النوبة ضخمة تحتوي على جملة من الانتهاكات البشعة وتاريخ أسود مليء بالدماء، فالمعيار الحقيقي ليس هو قصة الحب من عدمه لكن المعيار هو حجم الانتهاكات التي ارتكبت.
هذه ليست الحرب الأولى التي يقودها الجيش المختطف من الحركة الإسلامية
هل سيحدث تغيير للعلم والنشيد الوطني؟
على الإطلاق! الحكومة ستحافظ على هوية حكومة السودان، العلم والنشيد والأوراق الثبوتية، سنحافظ على شكل حكومة السودان لأننا سنمثل الحكومة الشرعية.
بالنسبة للعملة هل ستتغير؟
نحن لا نعترف بعملة بورتسودان وستترك المسائل الفنية للمختصين في تحديدها لكن سيكون هناك بنك مركزي منوط به تحديد حجم الكتلة النقدية المطلوبة وتوفير العملة للتداول سيكون هناك بنك مركزي يمتلك العملة التي يتم تداولها.
ما هي توقعاتكم حول تعامل إدارة ترامب مع الحكومة؟
في رأيي خطاب ترامب مبشر وهو أعلن أنه سيسير في اتجاه السلام وهذا الحديث يتطابق مع مشروعنا سنقدم كافة المطلوبات الضرورية لوقف الحرب.
الوسومالجيش الحكومة الموازية الدعم السريع