متلازمة التوتر والغضب تجرح الصيام وتفسد روحانية الشهر الكريم:صائمون ليس لهم من صيامهم إلا الجوع والعطش
تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT
يقضي بعض الصائمين نهار شهر رمضان، وهم متوترون ومشدودو الأعصاب، يتملكهم الغضب والانفعال لأتفه الأسباب.. لا يستشعرون روحانية الصيام، ولا فضائل شهر رمضان ومعانيه السامية، فيحولون نهاره إلى نوم أو توتر وغضب زائد وعصبية مفرطة .. مشاهدات كثيرة وصور متعددة تتكرر خلال أيام الشهر الفضيل، من أشخاص تسيطر عليهم متلازمة ” النزق” أثناء التسوق، أو خلال شراء بعض البضائع الرمضانية.
حيث يرتفع لديهم ترمومتر التوتر والغضب إلى مستوى قياسي . وربما لا يكون لهم من صيامهم سوى الجوع والعطش ..
محمد سعيد، من الأشخاص الذين يتسمون بالعصبية المفرطة في نهار شهر رمضان، فهو سريع الانفعال ولا يتحمل أحد من أفراد أسرته وخصوصا من بعد صلاة العصر، فالجوع والعطش كما يقول، لا يحملانه على الصبر، فهو يختلق الخلافات والمشاجرات داخل البيت لأتفه الأسباب، على زوجته وأولاده، ولا يتقبل أي نقد يوجه اليه، بل ان عصبيته تقوده إلى أن يمد يده على أولاده بالضرب ناهيك عن السب والكلام السيئ، حيث يزداد غضبه إذا صعد الطرف الآخر النقاش معه .. ويقول: ‘أعلم أن هذه السلوكيات خاطئة، وأحاول ضبط أعصابي قدر الإمكان لكن بدون جدوى، وأكثر المتضررين من ذلك هم أسرتي، لكنهم اعتادوا الأمر، ويتقبلون اعتذاري فيما بعد’.
تذمر ومعاناة
وعادة ما تزداد حدة التوتر والعصبية مثل هؤلاء الأشخاص، مع اقتراب موعد الإفطار، حيث ترتفع حالة العصبية والغضب، لذا نجد بعض الصائمين يخشون من القيادة في الشوارع قبيل موعد الإفطار، بسبب تهور وعصبية بعض السائقين، وتعاملهم المفرط بالعدائية تجاه أي خطأ ولو كان يسيراً من قبل السائقين أو حتى المارة.
أديب محمد سيف سائق باص يحاول معظم أيام الصيام تجنب القيادة وخصوصا في فترة ما قبل الإفطار، حيث تكون العصبية والتوتر لدى الكثير من السائقين كما يقول ” مرتفعة جدا، من خلال السرعة الزائدة لدى البعض، والغضب الذي يسكنهم في هذا الوقت، فتحصل حوادث مرورية وخلافات بين السائقين وبعض الركاب أو مع رجال المرور، وقد تصل لحالة الشجار والضرب، وغيرها من الإشكالات الكثيرة التي تظهر في هذا التوقيت .
ولذلك يفضل أديب تجنب القيادة في هذا الوقت فهو يحرص كل يوم على العودة إلى منزله قبل موعد الإفطار إلى البيت بوقت كاف تجنبا لمثل هذه المشاكل التي تزداد كل يوم وخصوصا قبل موعد الإفطار حتى لا يحتك مع أي سائق “نزق ” أو شخص في الشارع ويفسد صومه .
ويتذمر بائع العصائر ريان احمد، من زبائن اللحظات الحرجة، الذين يأتون عند اقتراب المغرب وهم أكثر الناس انفعالا، فيرفعون أصواتهم لأنهم يريدون كسب الوقت، ويصفهم بأنهم يريدون تفريغ غضبهم على الآخرين من خلال صراخ البعض بأنه قد تأخر ويريد عصيره بسرعة وآخر يتلفظ عليه بكلام غير لائق وبأنه بطيء في عمله وبأنه مزاجي و… إلى غير ذلك من الألفاظ الجارحة، لكنه كهما يقول يمتص غضبهم ويوجه انفعالاتهم بالصبر والابتسامة.
استياء
جمال الشميري صاحب أحد الافران، يعاني من ذوي الأمزجة الصعبة في رمضان، الذين يأتون إلى محله، ‘وفي كثير من الأحيان تحدث مشاجرات أثناء شراء الخبز، والبعض يرفع صوته على البائع ليحصل على الخبز بسرعة، أو يصطدم مع الآخرين’، كما يقول. ويشير أيضا إلى المناوشات التي تكثر بين الناس قبل موعد الإفطار، فنرى البعض يختلق مشكلة، ولا يهدأ حتى لو حاول المتجمهرون تهدئته، وقد يتطاول بالشتم على البائع أو على الآخرين.
ويعبر عن استيائه لمثل هذه التصرفات، التي لا تحترم الآخرين، ولا تقدر تعب العاملين في المخبز وما يتحملونه من شدة الحرارة في الفرن وهم صائمون، مؤكدا أن هذه السلوكيات ‘لا تتوافق مع الدين ولا مع روحانية رمضان.
وتعاني أم أحمد من عصبية زوجها وتذمره خلال فترة الصيام، رغم أنها تقوم بتجهيز طعام الإفطار، منذ وقت مبكر إلى جانب متابعة الأبناء والمهام المنزلية المتعددة الأخرى، كما أقوم بأداء الشعائر الدينية في هذا الشهر الفضيل، فالصيام امتحان لصبر المسلم، ولا داعي للنرفزة وضيق الخلق’. وتستغرب تصرفات زوجها، الذي ينام طويلا واحيانا إلى ما بعد العصر، وتقول ” جميعنا نخشاه ونحاول قدر الإمكان تجنب غضبه، ولكن سرعان ما ينفعل، حيث يفسد على عائلته الأجواء الرمضانية .
أسباب
يحدث الانفعال والعصبية بين الصائمين، بسبب نقصان المواد الغذائية الأساسية في الجسم، وخاصة مادة الجلوكوز في الدم، وبالتالي يشعر بعض الصائمين بشيء غريب في الجسم، ويترتب على نقص الجلوكوز: الإحساس بالخمول، والضعف، وعدم القدرة على إنجاز الأعمال، وغيرها من الأمور التي قد تؤدي بالصائم إلى العصبية والانفعال.
وعادة ما يكون الشعور بالجوع والعطش ـ بحد ذاته ـ سبباً للتوتر والانفعال بين الناس؛ لأنه شعور غير مريح، وبالتالي فإن الأشخاص المعتادين على الشبع والحصول على الطعام والشراب متى ما أرادوا، لا يستطيعون تحمل الحرمان من الماء والأكل لساعات طويلة، لذلك يشعرون بتوتر وعصبية وغضب.
ومن الأسباب الأخرى المؤدية للتوتر والغضب خلال الصوم :
-التعود على المنبهات.
-الإدمان على تناول السجائر والشيشة.
-نقص السكر في الدم.
روشتة علاجية
ليس هناك معلم أعظم من النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعلمنا كيف نتعامل مع الغضب فقد روى عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) انه قال “إذا غضب أحدكم وكان قائما فليجلس فإن ذهب عنه الغضب أو ليضطجع” .
وفى حديث آخر عندما دخل عليه أحد الصحابة وكان غاضبا قال “إني لأعلم كلمة لو قالها ذهب عنه ما يجد، لو قال : “أعوذ بالله من الشيطان” ذهب عنه ما يجد“.
وهناك خطوات بسيطة وسهلة، يوردها علماء دين وخبراء في مجال التغذية وعلم النفس للتغلب على حالة الغضب أثناء الصوم :
– تذكر الهدف الرباني من شعيرة الصيام بشكل مستمر، واستشعار حال الفقراء والمساكين والجائعين في كل مكان، وبالتالي تعويد النفس على مساعدة الآخرين، ومد يد العون لهم، وتحويل النقمة إلى رحمة، تصل إلى خلق الله جميعاً.
-الإكثار من ذكر الله تبارك وتعالى في جميع الأحوال والأوقات. فبذكر الله تطمئن القلوب، وتسكن النفوس، وهي فوق ذلك عبادة عظيمة، ذات مرتبة رفيعة في شهر رمضان.
– تقليل شرب المنبهات خلال أوقات الإفطار، كالقهوة والشاي وغيرها، فزيادة شرب المنبهات بشكل عام، وحرمان الجسم من هذه المنبهات خلال نهار رمضان، يسبب للكثيرين التوتر والعصبية والانفعال
– الجلوس أو الاستلقاء في مكان هادئ بوضعية مريحة. وضع إحدى اليدين على البطن، أي تحت الأضلاع مباشرة، واليد الأخرى على الصدر. أخذ نفس عميق من خلال الأنف، القيام بالزفير من خلال الشفاه، قم بتكرار هذه العملية بمعدل 3 – 10 مرات، حيث يساعد التنفس العميق على التخلص من أعراض التوتر والعصبية عند الصائم.
– المشي :
يساعد المشي لبضع دقائق في بيئة طبيعية على التخلص من التوتر والعصبية، بالإضافة إلى الشعور بالراحة، حيث إنّ المشي يعد من الأمور المهمة جدًا، حيث يقدم مجموعة من الفوائد ومنها : مزاج الصائم. والابتعاد عن مسببات التوتر.
– أخذ قسط وافر من النوم:
تجنب السهر على النت أو المسلسلات التلفزيونية الرمضانية والتي تستهلك الطاقة وتؤثر سلبًا على الحالة النفسية، وحاول الحصول على عدد ساعات نوم كافية لتجنب التوتر والعصبية
-الاسترخاء:
إذا كنت تشعر بأنك غير قادر على السيطرة على انفعالاتك وغضبك ننصحك بالاسترخاء لمدّة 5 دقائق على الأقل والإبتعاد عن كلّ ما يزعجك.
– اتباع نظام غذائي متزن:
تعمل الأطعمة المهدئة، مثل: طبق دقيق الشوفان الساخن على زيادة مستويات السيروتونين (Serotonin)، وهو عبارة عن مادة كيميائية مسؤولة عن تنظيم المزاج في الدماغ.
-شرب كمية كافية من الماء في الليل
اشرب ما لا يقل عن 8 – 10 أكواب من الماء موزعين بين وجبة الإفطار والسحور لتجنب التأثيرات العصبية.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: موعد الإفطار شهر رمضان من خلال فی هذا
إقرأ أيضاً:
رمضان قادم (1): التخطيط الروحي.. كيفية تجديد النية واستحضار عظمة الشهر
مع اقتراب شهر رمضان المبارك، يبدأ المسلمون في التحضير لهذا الشهر الفضيل ليس فقط من الناحية المادية، بل الروحية أيضًا.
التخطيط الروحي لرمضانإن شهر رمضان ليس مجرد فرصة للصوم عن الطعام والشراب، بل هو فرصة لتجديد العلاقة مع الله تعالى، وزيادة التقوى، والابتعاد عن المعاصي.
ومن أبرز الجوانب التي يجب أن يوليها المسلم اهتمامًا خاصًا هي "التخطيط الروحي" لهذا الشهر الكريم.
تجديد النية: بداية الطريق نحو التغيير
أول خطوة في التخطيط الروحي لشهر رمضان هي تجديد النية. ينبغي للمسلم أن يكون صادقًا في عزمه على الاستفادة القصوى من هذا الشهر، وأن يتوجه إلى الله عز وجل بنية صافية، متمنياً أن يكون شهر رمضان فرصة لتطهير القلب وتجديد العهد مع الله.
تجديد النية ليس فقط بالصوم، بل بالتوجه للعبادة والطاعات بشكل عام، مثل الصلاة، قراءة القرآن، الدعاء، والصدقة.
من الضروري أن يحرص المسلم على إخلاص نيته لله تعالى، ويذكر نفسه دائمًا بعظمة هذا الشهر.
فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه" (رواه البخاري).
هذا الحديث يوضح أن النية الصادقة في العبادة هي التي تجعل للأعمال في رمضان تأثيرًا بالغًا في تطهير النفس ورفع الدرجات.
استحضار عظمة الشهر: فهم قيمة رمضان
في رمضان، تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النار، وتصفد الشياطين. إنه شهر يغتنمه المسلمون للابتعاد عن الدنيا والانشغال بالأعمال الصالحة.
لكن لكي نتمكن من الاستفادة القصوى من هذا الشهر، يجب أن نستحضر عظمته في قلوبنا.
ولعل أول خطوة في استحضار هذه العظمة هو التذكير بفضائل رمضان.يقول الله تعالى في القرآن الكريم: "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان" (البقرة: 185). هذا هو الشهر الذي أنزل فيه أعظم كتاب وهو القرآن، ولذلك فهو شهر القرآن والصلاة والدعاء.
إضافة إلى ذلك، يجب أن نذكر أنفسنا دائمًا بأن رمضان هو فرصة للابتعاد عن الذنوب وتقوية العلاقة مع الله.
وهو شهر تكثر فيه الأعمال التي تُقرِّبنا إلى الله، مثل صلاة التراويح، والصدقة، والإفطار على يد المسلم الفقير، مما يعزز من التضامن بين المسلمين ويزيد من الروحانية في المجتمع.
نصائح لتجديد النية في رمضان:استحضار النية في بداية الشهر: قبل حلول الشهر، اجلس مع نفسك في لحظة هدوء واذكر لله نيتك في الصيام والقيام والعبادة خلال رمضان.
التوبة قبل رمضان: من الأفضل أن يبدأ المسلم بالاستغفار والتوبة إلى الله قبل بداية الشهر المبارك، طلبًا لمغفرته ورحمته.
إعداد خطة عبادية: ضع لنفسك خطة عبادية تشمل قراءة القرآن، صلاة التراويح، الدعاء المستمر، وزيارة الأقارب والتهنئة. هذه الخطة تسهم في تجديد النية وتساعدك على الاستمرار في الطاعة طوال الشهر.
النية في فعل الخير: استحضر نية الإحسان خلال الشهر، من خلال الصدقة ومساعدة الآخرين، فاجعل من رمضان فرصة لخدمة المسلمين والتخفيف عنهم.
الاستعداد الذهني والروحي: ابدأ بالتهيئة النفسية لهذا الشهر وتذكر دائمًا أن رمضان ليس مجرد فترة زمنية، بل هو فرصة لتغيير حياتك للأفضل.
ختامًا، إن شهر رمضان هو شهر عظيم، مليء بالفرص الروحية التي يجب على المسلم أن يستغلها أفضل استغلال، بتجديد النية واستحضار عظمة الشهر، يمكننا أن نبدأ رمضان ونحن على استعداد تام لخوض رحلة الروحانية والطاعة، ونشكر الله على هذه الفرصة المباركة.