يقضي بعض الصائمين نهار شهر رمضان، وهم متوترون ومشدودو الأعصاب، يتملكهم الغضب والانفعال لأتفه الأسباب.. لا يستشعرون روحانية الصيام، ولا فضائل شهر رمضان ومعانيه السامية، فيحولون نهاره إلى نوم أو توتر وغضب زائد وعصبية مفرطة .. مشاهدات كثيرة وصور متعددة تتكرر خلال أيام الشهر الفضيل، من أشخاص تسيطر عليهم متلازمة ” النزق” أثناء التسوق، أو خلال شراء بعض البضائع الرمضانية.

فتجدهم يتمادون بالسب والكلام البذيء على غيرهم أثناء قيادتهم، أو ينفعلون على من حولهم، خصوصا مع اقتراب موعد أذان الإفطار.
حيث يرتفع لديهم ترمومتر التوتر والغضب إلى مستوى قياسي . وربما لا يكون لهم من صيامهم سوى الجوع والعطش ..
محمد سعيد، من الأشخاص الذين يتسمون بالعصبية المفرطة في نهار شهر رمضان، فهو سريع الانفعال ولا يتحمل أحد من أفراد أسرته وخصوصا من بعد صلاة العصر، فالجوع والعطش كما يقول، لا يحملانه على الصبر، فهو يختلق الخلافات والمشاجرات داخل البيت لأتفه الأسباب، على زوجته وأولاده، ولا يتقبل أي نقد يوجه اليه، بل ان عصبيته تقوده إلى أن يمد يده على أولاده بالضرب ناهيك عن السب والكلام السيئ، حيث يزداد غضبه إذا صعد الطرف الآخر النقاش معه .. ويقول: ‘أعلم أن هذه السلوكيات خاطئة، وأحاول ضبط أعصابي قدر الإمكان لكن بدون جدوى، وأكثر المتضررين من ذلك هم أسرتي، لكنهم اعتادوا الأمر، ويتقبلون اعتذاري فيما بعد’.

تذمر ومعاناة
وعادة ما تزداد حدة التوتر والعصبية مثل هؤلاء الأشخاص، مع اقتراب موعد الإفطار، حيث ترتفع حالة العصبية والغضب، لذا نجد بعض الصائمين يخشون من القيادة في الشوارع قبيل موعد الإفطار، بسبب تهور وعصبية بعض السائقين، وتعاملهم المفرط بالعدائية تجاه أي خطأ ولو كان يسيراً من قبل السائقين أو حتى المارة.
أديب محمد سيف سائق باص يحاول معظم أيام الصيام تجنب القيادة وخصوصا في فترة ما قبل الإفطار، حيث تكون العصبية والتوتر لدى الكثير من السائقين كما يقول ” مرتفعة جدا، من خلال السرعة الزائدة لدى البعض، والغضب الذي يسكنهم في هذا الوقت، فتحصل حوادث مرورية وخلافات بين السائقين وبعض الركاب أو مع رجال المرور، وقد تصل لحالة الشجار والضرب، وغيرها من الإشكالات الكثيرة التي تظهر في هذا التوقيت .
ولذلك يفضل أديب تجنب القيادة في هذا الوقت فهو يحرص كل يوم على العودة إلى منزله قبل موعد الإفطار إلى البيت بوقت كاف تجنبا لمثل هذه المشاكل التي تزداد كل يوم وخصوصا قبل موعد الإفطار حتى لا يحتك مع أي سائق “نزق ” أو شخص في الشارع ويفسد صومه .
ويتذمر بائع العصائر ريان احمد، من زبائن اللحظات الحرجة، الذين يأتون عند اقتراب المغرب وهم أكثر الناس انفعالا، فيرفعون أصواتهم لأنهم يريدون كسب الوقت، ويصفهم بأنهم يريدون تفريغ غضبهم على الآخرين من خلال صراخ البعض بأنه قد تأخر ويريد عصيره بسرعة وآخر يتلفظ عليه بكلام غير لائق وبأنه بطيء في عمله وبأنه مزاجي و… إلى غير ذلك من الألفاظ الجارحة، لكنه كهما يقول يمتص غضبهم ويوجه انفعالاتهم بالصبر والابتسامة.

استياء
جمال الشميري صاحب أحد الافران، يعاني من ذوي الأمزجة الصعبة في رمضان، الذين يأتون إلى محله، ‘وفي كثير من الأحيان تحدث مشاجرات أثناء شراء الخبز، والبعض يرفع صوته على البائع ليحصل على الخبز بسرعة، أو يصطدم مع الآخرين’، كما يقول. ويشير أيضا إلى المناوشات التي تكثر بين الناس قبل موعد الإفطار، فنرى البعض يختلق مشكلة، ولا يهدأ حتى لو حاول المتجمهرون تهدئته، وقد يتطاول بالشتم على البائع أو على الآخرين.
ويعبر عن استيائه لمثل هذه التصرفات، التي لا تحترم الآخرين، ولا تقدر تعب العاملين في المخبز وما يتحملونه من شدة الحرارة في الفرن وهم صائمون، مؤكدا أن هذه السلوكيات ‘لا تتوافق مع الدين ولا مع روحانية رمضان.
وتعاني أم أحمد من عصبية زوجها وتذمره خلال فترة الصيام، رغم أنها تقوم بتجهيز طعام الإفطار، منذ وقت مبكر إلى جانب متابعة الأبناء والمهام المنزلية المتعددة الأخرى، كما أقوم بأداء الشعائر الدينية في هذا الشهر الفضيل، فالصيام امتحان لصبر المسلم، ولا داعي للنرفزة وضيق الخلق’. وتستغرب تصرفات زوجها، الذي ينام طويلا واحيانا إلى ما بعد العصر، وتقول ” جميعنا نخشاه ونحاول قدر الإمكان تجنب غضبه، ولكن سرعان ما ينفعل، حيث يفسد على عائلته الأجواء الرمضانية .

أسباب
يحدث الانفعال والعصبية بين الصائمين، بسبب نقصان المواد الغذائية الأساسية في الجسم، وخاصة مادة الجلوكوز في الدم، وبالتالي يشعر بعض الصائمين بشيء غريب في الجسم، ويترتب على نقص الجلوكوز: الإحساس بالخمول، والضعف، وعدم القدرة على إنجاز الأعمال، وغيرها من الأمور التي قد تؤدي بالصائم إلى العصبية والانفعال.
وعادة ما يكون الشعور بالجوع والعطش ـ بحد ذاته ـ سبباً للتوتر والانفعال بين الناس؛ لأنه شعور غير مريح، وبالتالي فإن الأشخاص المعتادين على الشبع والحصول على الطعام والشراب متى ما أرادوا، لا يستطيعون تحمل الحرمان من الماء والأكل لساعات طويلة، لذلك يشعرون بتوتر وعصبية وغضب.

ومن الأسباب الأخرى المؤدية للتوتر والغضب خلال الصوم :
-التعود على المنبهات.
-الإدمان على تناول السجائر والشيشة.
-نقص السكر في الدم.

روشتة علاجية
ليس هناك معلم أعظم من النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعلمنا كيف نتعامل مع الغضب فقد روى عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) انه قال “إذا غضب أحدكم وكان قائما فليجلس فإن ذهب عنه الغضب أو ليضطجع” .
وفى حديث آخر عندما دخل عليه أحد الصحابة وكان غاضبا قال “إني لأعلم كلمة لو قالها ذهب عنه ما يجد، لو قال : “أعوذ بالله من الشيطان” ذهب عنه ما يجد“.
وهناك خطوات بسيطة وسهلة، يوردها علماء دين وخبراء في مجال التغذية وعلم النفس للتغلب على حالة الغضب أثناء الصوم :
– تذكر الهدف الرباني من شعيرة الصيام بشكل مستمر، واستشعار حال الفقراء والمساكين والجائعين في كل مكان، وبالتالي تعويد النفس على مساعدة الآخرين، ومد يد العون لهم، وتحويل النقمة إلى رحمة، تصل إلى خلق الله جميعاً.
-الإكثار من ذكر الله تبارك وتعالى في جميع الأحوال والأوقات. فبذكر الله تطمئن القلوب، وتسكن النفوس، وهي فوق ذلك عبادة عظيمة، ذات مرتبة رفيعة في شهر رمضان.
– تقليل شرب المنبهات خلال أوقات الإفطار، كالقهوة والشاي وغيرها، فزيادة شرب المنبهات بشكل عام، وحرمان الجسم من هذه المنبهات خلال نهار رمضان، يسبب للكثيرين التوتر والعصبية والانفعال
– الجلوس أو الاستلقاء في مكان هادئ بوضعية مريحة. وضع إحدى اليدين على البطن، أي تحت الأضلاع مباشرة، واليد الأخرى على الصدر. أخذ نفس عميق من خلال الأنف، القيام بالزفير من خلال الشفاه، قم بتكرار هذه العملية بمعدل 3 – 10 مرات، حيث يساعد التنفس العميق على التخلص من أعراض التوتر والعصبية عند الصائم.

– المشي :
يساعد المشي لبضع دقائق في بيئة طبيعية على التخلص من التوتر والعصبية، بالإضافة إلى الشعور بالراحة، حيث إنّ المشي يعد من الأمور المهمة جدًا، حيث يقدم مجموعة من الفوائد ومنها : مزاج الصائم. والابتعاد عن مسببات التوتر.

– أخذ قسط وافر من النوم:
تجنب السهر على النت أو المسلسلات التلفزيونية الرمضانية والتي تستهلك الطاقة وتؤثر سلبًا على الحالة النفسية، وحاول الحصول على عدد ساعات نوم كافية لتجنب التوتر والعصبية

-الاسترخاء:
إذا كنت تشعر بأنك غير قادر على السيطرة على انفعالاتك وغضبك ننصحك بالاسترخاء لمدّة 5 دقائق على الأقل والإبتعاد عن كلّ ما يزعجك.

– اتباع نظام غذائي متزن:
تعمل الأطعمة المهدئة، مثل: طبق دقيق الشوفان الساخن على زيادة مستويات السيروتونين (Serotonin)، وهو عبارة عن مادة كيميائية مسؤولة عن تنظيم المزاج في الدماغ.

-شرب كمية كافية من الماء في الليل
اشرب ما لا يقل عن 8 – 10 أكواب من الماء موزعين بين وجبة الإفطار والسحور لتجنب التأثيرات العصبية.

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: موعد الإفطار شهر رمضان من خلال فی هذا

إقرأ أيضاً:

مباريات الدوري التونسي وقت الصيام.. جدل ومطالب بوقف الدوري في شهر رمضان

تصاعد الجدل في الأوساط الكروية بتونس بعد استمرار إجراء منافسات دوري كرة القدم أثناء موعد الصيام رغم المطالبة بتأخير المباريات خلال شهر رمضان المبارك إلى ما بعد وقت الإفطار تجنبا للإرهاق.

ومنذ دخول شهر رمضان، أفرزت مباريات الدوري التونسي للمحترفين ردودا عنيفة بعد أن تمسكت رابطة الدوري بإجراء المنافسات وقت الظهيرة، مما وضع اللاعبين أمام خيارين صعبين، إما اللعب في حالة صيام وتحمّل الإرهاق الناتج عن الصوم، وإما الاضطرار للإفطار.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2شاهد.. كريستيانو رونالدو لشبيهه: أنت قبيح جداlist 2 of 2الفيفا يعلن عن مواعيد كأس العرب ومونديال الناشئين في قطرend of list

ويصوم معظم لاعبي الدوري التونسي لكن برمجة المباريات في الساعة الثانية زوالا، أي قبل موعد الإفطار بأربع ساعات، أفرز موجة غضب عارمة في أوساط اللاعبين والمدربين والجماهير ودعوات لمراجعة توقيت المباريات.

مباراة الأفريقي واتحاد تطاوين جرت خلال الأيام الأولى للشهر الفضيل (الجزيرة) اللاعبون ضحايا لقرارات اتحاد الكرة

ولم يمرّ الإعلان عن توقيت انطلاق مباريات دوري المحترفين للدرجتين الأولى والثانية خلال الأسبوع الأولى من شهر رمضان دون أن يخلّف موجة من الغضب والانتقادات من المدربين واللاعبين، الذين اعتبر أغلبهم أن حرمانهم من أداء فريضة الصيام كان قرارا جائرا في حقهم.

ورفع عدد من مشجعي الأندية أمس السبت لافتات تضمنت شعارات تحتج على إقامة المباريات نهارا، إذ عرضت رابطة ألتراس الترجي لافتة كبرى في مباراة فريقها ضد اتحاد بن قردان تضمنت عبارة "المباريات في الساعة الثانية ظهرا في رمضان.. أي دين تعتنقون".

المكشر: نكاد نكون البلد المسلم الوحيد الذي يجبر لاعبيه على خوض المباريات وقت الصيام (الجزيرة)

وقال مدرب النجم الساحلي محمد المكشر للجزيرة نت إن "اتحاد الكرة ورابطة الدوري اختارا الحل الأسهل بالنسبة إليهم بحجة أن جل الملاعب غير مجهزة بالإنارة، كما أن دوافع أمنية تمنع إجراء المباريات ليلا لاستحالة تأمنيها، لكن ذلك الحل هو الأسوأ بالنسبة إلى الأندية واللاعبين".

إعلان

وأضاف المكشر أن "ما يحصل في الدوري التونسي أمر مؤسف، نكاد نكون البلد المسلم الوحيد الذي يجبر لاعبيه على خوض المباريات وقت الصيام".

وتابع "من الناحية الإنسانية لا يمكن إجبار لاعب صائم على خوض مباراة رياضية وبذل مجهود كبير يتطلب الجاهزية البدنية، أعتقد أن كل البلدان العربية تعتمد توقيتا خاصا بشهر رمضان وتتم برمجة بداية المباريات بعد موعد الإفطار".

وفي وقت استمر فيه الجدل حول وقت المباريات، كشفت مصادر أمنية للجزيرة نت استحالة إجراء منافسات الدوري ليلا لدوافع أمنية وتنظيمية بالأساس.

وقال محمد المكشر إنه لا يجبر لاعبيه على الإفطار خلال المباريات التي تقام حاليا، بل يترك لهم الحرية في اللعب وهم صيام بشرط تقديم أداء بدني جيد.

وأضاف "أحترم التزام اللاعبين في النجم الساحلي بالصوم، ولكن أعتقد أن إيقاف الدوري طيلة 4 أسابيع في رمضان هو الحل الأنسب لإنهاء الجدل بشأن إقامة المباريات وقت الصيام".

كمون: بات واضحا أن شهر رمضان ليس مناسبا للرياضة التنافسية في تونس (الجزيرة) توقيف النشاط في رمضان

وطالب عدد من المدربين بتوقيف النشاط الرياضي في تونس خلال شهر رمضان باعتبار أن إمكانية تأخير المباريات إلى ما بعد موعد الإفطار بات أمرا غير ممكن.

واعتبر محمد أمين كمون مدرب نادي حمام الأنف أن اتحاد الكرة ورابطة الدوري مطالبان باعتماد روزنامة تأخذ بعين الاعتبار توقف منافسات الدوري خلال شهر رمضان.

وقال كمون للجزيرة نت "بات واضحا أن شهر رمضان الكريم ليس مناسبا للرياضة التنافسية في تونس، ولكن ما دامت المباريات تقام وقت الصيام وفي درجة حرارة مرتفعة فأعتقد أن الحل الأمثل هو تأجيل كل المنافسات إلى ما بعد شهر رمضان".

وأضاف أن "جل الدوريات في الدول العربية والإسلامية تبرمج المباريات ليلا، ولكن في تونس هناك عدة عوامل تمنع ذلك لكون الملاعب غير مهيئة، فضلا عن الدواعي الأمنية".

إعلان

واعترف كمون بأن بعض اللاعبين في فريقه دخلوا مباراتهم الأسبوع الماضي وهم صائمون ولكنهم لم يقدروا على مواصلة اللعب واضطروا لتناول المياه والإفطار خلال الشوط الثاني، قائلا "ما يحصل في حق اللاعبين بمثابة الجرم، علينا إيجاد حل لهذه المعضلة".

وتعاني مختلف ملاعب تونس من نقص كبير في تجهيزاتها، وباستثناء 4 ملاعب، وهي رادس وسوسة وصفاقس والمنستير، تنعدم الإنارة في بقية الملاعب ولا توجد الأضواء الكاشفة التي يتم استغلالها خلال المنافسات الليلية.

مقالات مشابهة

  • رمضان في غزة.. صائمون تحت حصار الجوع
  • رمضان في غزة..صائمون تحت حصار الجوع والمعابر المغلقة
  • رمضان في مصر.. روحانية وتكافل وأجواء ساحرة
  • رمضان في غزة: صائمون تحت حصار الجوع والمعابر المغلقة
  • مباريات الدوري التونسي وقت الصيام.. جدل ومطالب بوقف الدوري في شهر رمضان
  • موعد الإفطار اليوم العاشر من رمضان 2025 وعدد ساعات الصيام
  • تعرف على موعد الإفطار وساعات الصيام اليوم العاشر من شهر رمضان 2025
  • مدرب توتنهام يتهم «التوتر والعصبية»!
  • مدرب توتنهام: التوتر والعصبية وراء التعادل مع بورنموث بالدوري الإنجليزي
  • مظاهر الاحتفال بشهر رمضان في السيدة زينب.. أجواء روحانية وزينة مضيئة