الحديدة.. مخلفات العدوان تحصد أرواح المدنيين وتعمق مأساة الضحايا
تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT
يمانيون – متابعات
بعد نحو ثلاثة أعوام من اندحار مليشيات العدوان ما يزال العديد من سكان مدينة الحديدة ومديريات أخرى يعيشون تحت وطأة تهديدات القنابل العنقودية ومخلفات العدوان التي تحصد أرواح المدنيين وتضاعف مأساة الضحايا.
توقفت غارات العدوان، وبقيت مأساتها في معظم الأحياء الجنوبية والجنوبية الغربية لمدينة الحديدة، ومديريات الدريهمي والجراحي والتحيتا، حيث تنتشر المخلفات الخطرة والمتفجرة، التي تتسبب بين الحين والآخر بسقوط ضحايا مدنيين بين قتيل وجريح، أغلبهم أطفال ونساء.
ومع تصاعد أعداد الضحايا واستمرار التحديات والعوائق المتعلقة بأنشطة تأمين حياة المواطنين وتوفير السلامة والتنقل دون مخاوف في المناطق المستهدفة، يعيش العديد من المعاقين جراء هذه المخلفات مأساة حقيقية على المستوى الاقتصادي والنفسي والاجتماعي.
“أصبحت معاقا للأبد وأعيش معاناة كبيرة بعد أن فقدت ساقي وصرت عاجزاً عن توفير لقمة عيش أولادي الثمانية وكلهم أطفال، ولا حول لي ولا قوة، وكل يوم ننتظر من يغيث حالنا بما يسد رمق الجوع فقط “، بهذه الكلمات وصف عييد حسن أزنم، حاله كأحد ضحايا مخلفات العدو ودموع الحزن والألم تختزل قصة معاناة لا ترويها الكلمات.
عييد البالغ من العمر 45 عاماً، من مديرية الدريهمي، تسبب انفجار جسم في بتر ساقة الأيسر، خلال ممارسته العمل في جمع الحطب بما يساعده على بيعها وتوفير القوت الضروري لأسرته، لكن القدر كان مرا وأشد ألما وحال بينه وبين كفاحه في هذه المهنة التي يقتات منها لمحاربة الجوع وعدم انتظار رحمة وشفقة الآخرين.
صور متعددة لمعاناة الضحايا:
تعد الحديدة من أكثر المحافظات معاناة حيث تكافح السلطات المحلية في سبيل تخفيف الأوضاع الإنسانية الصعبة التي فرضها العدوان وأدواته جراء التصعيد الذي تعرضت له المحافظة أواخر العام 2018، واستمرار تعذر عودة الكثير من النازحين نتيجة قصف وتدمير ممتلكاتهم ومساكنهم.
وفي حين ما تزال مخاطر مخلفات العدوان ماثلة ومحدقة بأرواح الجميع، تواجه السلطة المحلية والجهات المعنية بالمحافظة تحديات جمة خصوصا بعد تعليق برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في ديسمبر الماضي، المساعدات الغذائية التي كانت تستفيد منها قرابة 185 ألف أسرة نازحة وفقيرة ومتضررة من العدوان.
ويستفيد المئات من ضحايا مخلفات العدوان من هذه المعونات الغذائية إذ يقول عييد ازنم “أنا أواجه صعوبة كبيرة في الحصول على لقمة العيش أو عمل يتناسب مع طبيعة إعاقتي، التي أجبرتني على المشي على عكازين، وأعاني من أمراض مزمنة”.
مأساة أخرى يعاني منها الطفل عبدالعزيز عبدالله ازنم البالغ من العمر 12 عاما من قرية الشجن في مديرية الدريهمي، حيث حالته المعنوية سيئة بعد أن تسبب انفجار لمخلفات العدوان في بتر يده، إذ تقول أسرته التي تعاني وضعاً معيشياً صعباً باعتبارها من الأسر الأشد فقراً “إنه بحاجة للدعم النفسي والاجتماعي بعد هذه الحادثة، ويرفض اللعب والاندماج مع الأطفال”.
آثار مدمرة خلفتها القنابل العنقودية والذخائر والأجسام المتفجرة في أماكن تواجدها، اقتنصت آلاف الضحايا دون تمييز، وبينما لم تكتب الحياة للعديد منهم، نجا آخرون لكن مع إعاقات جسدية مختلفة، فرضت واقعاً مؤلماً للمعاقين من أرباب الأسر ممن فقدوا أطرافهم وباتوا عاجزين عن العمل.
الحال ذاته بالنسبة لصدام جماعي ( 35 عاما) الذي فقد أحد أطرافه السفلى قبل عامين وهو أب لثلاثة أطفال، حيث يصف الوضع الكارثي بقوله “نحن أكثر من تدمر جراء هذه الأجسام المتفجرة التي حرمتنا أطرافنا وأحالتنا إلى العجز عن العمل، وصرنا نحلم بالقوت الضروري”.
العم صالح عبده، من مديرية الحالي، يبلغ من العمر 67 عاما، تسببت مخلفات العدوان باستشهاد نجليه محمد (18 عاما) ونبيل (16عاما )، وإصابة خالد (12 عاما ) بتشوهات في الجسد وفقدان البصر، حاله يهز ضمير الإنسانية وهو يتجول في الأرصفة لبيع الماء والمناديل.
يقول بحسرة وقهر “أولادي الثلاثة هم كل ثروتي ورأس مالي، اثنان منهم توفوا والثالث معاق ويعاني من تشوهات في الوجه وأعمى بعد أن فقد النظر كاملا نتيجة شظايا قنبلة انفجرت بهم أثناء رعي الأغنام وجمع الحطب في إحدى المزارع المجاورة لمنزلنا”.
ويضيف “أتجول منذ الصباح الباكر حتى الساعة 3 عصراً كل يوم لتوفير لقمة العيش الضرورية، حيث أعود للمنزل منهكاً بعلبتي زبادي وثلاثة أكياس رغيف خبز وأحياناً أعود بالخبز فقط نظراً لعدم وجود من يشتري الماء والمناديل”.
أرقام الضحايا:
تسببت الأجسام المتفجرة في محافظة الحديدة خلال العام الماضي 2023م، في حصد أرواح 52 شخصاً بينهم 19 طفلاً وخمس نساء، حسب تقرير المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام.
ويشير التقرير، الى أن 80 شخصاً أصيبوا بينهم أربع نساء و24 طفلا في حوادث متفرقة تم رصدها في مناطق مدينة الحديدة والمديريات الملوثة بمخلفات العدوان والتي تعذرت جهود تطهيرها بما فيها مديرية الدريهمي التي تبعد عشرة كيلو مترات جنوب مدينة الحديدة.
ووثق المركز التنفيذي في تقريره سقوط 300 مدني خلال العام 2023م، منهم 108 قتلى، معظمهم من الأطفال والنساء في عدد من المحافظات.
ومنذ مطلع العام 2024، استشهد 17 شخصا وأصيب 35 آخرين في عدد من المحافظات، بانفجار قنابل عنقودية ومخلفات الحرب، حسب التقرير.
تحديات تطهير المناطق الموبوءة:
موت حقيقي يفترش الأرض في عدة مناطق بالحديدة، الأمر الذي يستدعي جهوداً مكثفة لتأمين حياة المواطنين بتطهير الحقول الملوثة بالمتفجرات، ونزع كل مخلفات العدوان، بما يساعدهم على التنقل في بيئة آمنة خالية من التهديدات والمخاطر.
ففي حين ما تزال الأنشطة الخاصة بعملية نزع هذه الأجسام معلقة منذ عدة أشهر، نتيجة تأخر الأجهزة والمعدات التي تم تسليم عدد منها في أغسطس الماضي بواقع 300 جهاز كاشف وماسح ألغام، تجمدت أعمال المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام جراء تعليق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدعم وإيقاف الأنشطة الميدانية والإدارية.
ورغم توفير هذه الأجهزة أشار المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام بالحديدة في تقرير تلقت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) نسخة منه، إلى أن حجم ونطاق انتشار التلوث بمخلفات الحرب كبير جداً وقوام المركز لا يغطي المساحات والحقول الملغومة التي تم مسحها بمديريتي الحالي والحوك فقط مقارنة مع قلة عدد الكادر البشري للمركز.
وحول المعوقات والتحديات الأخرى أكد التقرير أن هناك صعوبات جمة في تضاريس الأرض والأجسام منتشرة في الحقول مثل الأكواد الرملية وكثرة الشظايا والمعادن مما يقلل من كفاءة عمل الأجهزة الكاشفة ويؤخر التقدم في الانجاز خاصة في محافظة الحديدة.
وذكر التقرير أن المركز قام العام الماضي بتطهير 694 ألفاً و576 متراً مربعاً من المساحات الملوثة خلال العام 2023م، مطالباً البرنامج الإنمائي، بإعادة توفير الدعم الذي توقف بشكل كلي منذ يونيو الماضي وتسبب في توقف أعمال التدريب وتدهور جاهزية المركز في تنفيذ الأعمال الموكلة إليه.
وكان المنسق المقيم للأمم المتحدة – منسق الشؤون الإنسانية الجديد جوليان هارنيس، زار محافظة الحديدة مطلع مارس الجاري وعقد لقاء مع السلطات المحلية لمناقشة تحديات الوضع الإنساني بينها تداعيات إيقاف أنشطة تطهير المناطق الملوثة بمخلفات العدوان.
وأشار إلى أن هذه المخلفات، تمثل تحديا حقيقيا لسكان الحديدة، واكتفى بالتأكيد على ضرورة إزالتها والتوعية بمخاطرها لخلق بيئة أكثر أمانا للسكان المدنيين.
-سبأ: تقرير: جميل القشم
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: المرکز التنفیذی مخلفات العدوان
إقرأ أيضاً:
أستراليا تقترح قانوناً يحظر وسائل التواصل لمن هم دون 16 عاماً.. ما الدول التي تدرس تدابير مماثلة؟
قدمت وزيرة الاتصالات الأسترالية مشروع قانون جديد لحظر وسائل التواصل الاجتماعي على القاصرين دون سن 16 عاما، فهل ستحذو دول أخرى حذوها؟
اعلانقدمت الحكومة الأسترالية مشروع قانون جديد يحظر على الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 16 عاما استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ضمن جهود البلاد للحفاظ على سلامة الجمهور على الإنترنت.
وقالت وزيرة الاتصالات، ميشيل رولاند، في خطاب أمام البرلمان: "بالنسبة للكثير من الشباب الأستراليين، يمكن أن تكون وسائل التواصل الاجتماعي ضارة".
وأضافت: "لقد شاهد ما يقرب من ثلثي الأستراليين الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و17 عاما محتوى ضارا للغاية على الإنترنت، بما في ذلك تعاطي المخدرات أو الانتحار أو إيذاء النفس، بالإضافة إلى المواد العنيفة".
وتابعت:"وقد تعرض ربعهم لمحتوى يروج لعادات غذائية غير آمنة".
Relatedميتا تحظر وسائل إعلام روسية على واتساب وفيسبوك وإنستغرام وموسكو تستنكر فرنسا: إلزام الشبكات الاجتماعية الحصول على مواقفة الوالدين لمَن هم دون الخامسة عشرةماسك يتوقع "انهيار" الشبكات الاجتماعية بحال عدم استيفاء بدل مالي لتوثيق الحساباتوسيُطبق التشريع على "منصات التواصل الاجتماعي المقيدة عمريا"، وهو مصطلح جرى إدخاله في مشروع القانون.
وقالت وزيرة الاتصالات إنه سيشمل على الأقل منصات التواصل الاجتماعي مثل "تيك توك"، و"فيسبوك"، و"سناب شات"، و"ريديت"، و "إنستغرام"، و"إكس" (تويتر سابقا).
وأضاف رولاند: "سيُطلب من هذه الخدمات اتخاذ خطوات معقولة لمنع الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 16 عاما من إنشاء أو الاحتفاظ بحساب".
وجد البحث الذي أجرته الهيئة التنظيمية المستقلة للسلامة على الإنترنت في أستراليا أن ما يقرب من نصف الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 8 و12 عاما يستخدمون تطبيقات الفيديو القصيرة مثل "تيك توك"، بينما استخدم أكثر من الثلث تطبيقات المراسلة.
وقالت الهيئة التنظيمية إن الغالبية العظمى من مقدمي الرعاية يجدون أن السلامة على الإنترنت هي أحد أصعب التحديات التي تواجههم في مجال التربية.
وبحسب الحكومة الأسترالية، فإن الحد الأدنى للسن سيبدأ بعد عام على الأقل من إقرار التشريع، مما سيتيح الوقت لمنصات التواصل الاجتماعي لتطوير الأنظمة المطلوبة.
ما هي الدول الأخرى التي تعمل على حماية الأطفال من وسائل التواصل الاجتماعي؟أستراليا ليست وحدها، إذ تهتم العديد من الدول بتوفير حماية أكبر للقاصرين على الإنترنت.
يطلب قانون السلامة على الإنترنت في المملكة المتحدة، والذي هو في طور التنفيذ من وسائل التواصل الاجتماعي فرض حدود عمرية على استخدامها.
وقالت الحكومة البريطانية: "لم يعد بإمكان الشركات أن تقول في شروط الخدمة الخاصة بها إن خدمتها مخصصة للمستخدمين فوق سن معينة، ولا تفعل شيئا لمنع الأطفال الأصغر سنا من الوصول إليها".
يفرض قانون فرنسي لعام 2023 على المنصات الاجتماعية طلب موافقة الوالدين من القاصرين الذين تقل أعمارهم عن 15 عاما، قبل أن يتمكنوا من إنشاء حساب، ولكن لم يتم تطبيقه بعد لأسباب فنية.
ودعا الرئيس إيمانويل ماكرون، تحديد سن الرشد الرقمي الأوروبي على نطاق واسع.
اعلانوقالت الحكومة النرويجية الشهر الماضي إنها تريد أن يكون عمر القاصرين 15 عاما على الأقل للموافقة على قيام مواقع التواصل الاجتماعي بمعالجة بياناتهم.
كما تهدف الحكومة إلى وضع حد أقصى لسن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي أيضا وتعمل على كيفية تطبيقه.
العديد من من منصات وسائل التواصل الاجتماعي مثل "فيسبوك"، و"سناب شات"، و"تيك توك"، لديها بالفعل حد عمري يبلغ 13 عاماً للتسجيل في المنصة.
وفي السياق ذاته، أعلنت "إنستغرام" أخيراً تغييرات عدة، بما في ذلك "حسابات المراهقين" للمستخدمين الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما.
اعلانفي دول الاتحاد الأوروبي، تتطلب اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) موافقة الوالدين على معالجة البيانات الشخصية للقاصرين الذين تقل أعمارهم عن 16 عاما، على الرغم من أن الدول يمكن أن تنص على حد أدنى للسن طالما أنه لا يقل عن 13 عاما.
وفي الوقت نفسه، يتطلب قانون الخدمات الرقمية (DSA) من منصات الإنترنت التي يزيد عدد مستخدميها في الاتحاد الأوروبي عن 45 مليون مستخدم شهريا تحديد وتقييم المخاطر المحتملة على الإنترنت للأطفال والشباب الذين يستخدمونها.
المصادر الإضافية • AP
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية الشتاء قادم في أوروبا.. وتقلب أسعار الطاقة آت أيضا حريق ضخم يلتهم مجمعاً سكنياً في مانيلا ويشرد أكثر من 2000 عائلة شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح كهربائي لإنارة شوارع العاصمة البرتغالية تيك توكالنرويجفرنسابريطانياإنستغراموسائل التواصل الاجتماعي اعلاناخترنا لك يعرض الآن Next عاجل. خيام غارقة ومعاناة بلا نهاية.. القصف والمطر يلاحقان النازحين بغزة وحزب الله وإسرائيل في تصعيد متواصل يعرض الآن Next روسيا تضرب تجمعات أوكرانية وتدمر معدات عسكرية في 141 موقعًا بينما تحاول كييف صد الهجمات الصاروخية يعرض الآن Next طائرة شحن تصطدم بمنزل في ليتوانيا وتخلف قتيلاً يعرض الآن Next الشتاء قادم في أوروبا.. وتقلب أسعار الطاقة آت أيضا يعرض الآن Next وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير التسوية بين حزب الله وإسرائيل غامض اعلانالاكثر قراءة 2,700 يورو لكل شخص.. إقليم سويسري يوزع فائض الميزانية على السكان "في وقت قياسي".. الإمارات تعلن القبض على المشتبه بهم في حادثة قتل الحاخام تسفي كوغان حب وجنس في فيلم" لوف" اليابان ترفع السن القانوني لممارسة الجنس من 13 إلى 16 عاما فيلم "رايد"... الأم العازبة التي تقرر أن تصبح صديقة لابنها اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومكوب 29حزب اللهصاروخقصفتل أبيبالصحةإيرانالاتحاد الأوروبيالحرب في أوكرانيا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني جنوب لبنانأمطارالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesJob offers from AmplyAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024