تعاون بين «التنمية الأسرية» و«الإمارات للتعليم المدرسي»
تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT
أبوظبي (الاتحاد)
أخبار ذات صلةوقعت مؤسسة التنمية الأسرية، ومؤسسة الإمارات للتعليم المدرسي، اتفاقية تعاون، لرصد ودراسة الظواهر الاجتماعية على النطاق المدرسي، وذلك في إطار الجهود الوطنية لرصد التحديات التي تواجه الأفراد والأسر والقضايا التي تشغل اهتمامهم، وتوجيه السياسات والبرامج الاجتماعية لإيجاد الحلول لها.
وقع الاتفاقية، مريم الرميثي، مدير عام مؤسسة التنمية الأسرية، والمهندس محمد القاسم، مدير عام مؤسسة الإمارات للتعليم المدرسي، وذلك في مقر المؤسسة بأبوظبي، بحضور عدد من مسؤولي الجهتين.
وبموجب الاتفاقية، تم اعتماد مؤسسة الإمارات للتعليم المدرسي شريكاً رئيساً في مشروع الراصد الاجتماعي الرقمي لمؤسسة التنمية الأسرية، تمهيداً لتطوير التعاون الثنائي البنّاء بينهما ضمن هذه المنصة الرقمية المبتكرة، حيث تأتي هذه الخطوة ترجمةً للتوجيهات السديدة لسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، «أم الإمارات»، لدعم توظيف الأدوات الرقمية في تعزيز التنمية الاجتماعية المستدامة، وضمان رفاهية أفراد المجتمع.
وقالت مريم محمد الرميثي: «إن الاتفاقية تأتي في إطار جهود مؤسسة التنمية الأسرية الرامية إلى رصد المشكلات والظواهر الاجتماعية المنتشرة في إمارة أبوظبي بمنهجيةٍ أشمل وأكثر كفاءة، سعياً لتوجيه السياسات والبرامج الاجتماعية بما يفضي لحل هذه القضايا»، مشيرة إلى أن «المُعطيات المستخرجة من نظام الراصد الاجتماعي الرقمي ستشكل أدواتٍ بالغة الأهمية في مساعدة كوادر القطاع الاجتماعي على تطوير البرامج والسياسات بصورةٍ أكثر مواءمةً لاحتياجات المجتمع».
وأشارت إلى أن رصد المشكلات والظواهر الاجتماعية المختلفة في المدارس يسهم في توفير بيئة مثلى لإعداد الدراسات والأبحاث التي تُعنى بالأسباب الكامنة وراء الظواهر، ومسار نشأتها ومراحل تطورها، وطبيعة تأثيرها على الأطفال والنشء، الأمر الذي سيمهد الطريق أمام مُخرجات الرصد لإطلاق المزيد من المبادرات والحملات التثقيفية المدعومة بالبيانات والمرتكزة على نتائج الرصد والتحليل، والتي ستستهدف الشرائح المختصة بكل ظاهرة اجتماعية.
وأوضحت أن الراصد الاجتماعي الرقمي سيعمل على قياس وتحليل الآثار المتوقعة من الظواهر الاجتماعية ومعالجتها، على أن تكون عملية الرصد وفق منهجية علمية معتمدة، من خلال إدارة الدراسات والبحوث في عملية رصد المشكلات الاجتماعية واحتياجات الأطفال المستندة على الأدلة العلمية والبيانات الواقعية، مؤكدة أن هذا النهج من شأنه تطوير الخدمات والبرامج الاجتماعية الكفيلة بالارتقاء بجودة حياة الأسر ورفاه المجتمع.
وأكد المهندس محمد القاسم، حرص المؤسسة على دعم برامج التنمية الاجتماعية كافة، وتوظيف الإمكانات كافة في سبيل خدمة المجتمع، انطلاقاً من الدور المحوري الذي يمثله قطاع التعليم في دعم تطوّر المجتمع، مشيراً إلى استعداد المؤسسة الكامل لدعم مختلف البرامج الريادية الهادفة إلى معالجة التحديات المجتمعية، بناءً على منهجيات علمية مدروسة.
وقال: «الاتفاقية تأتي في سياق تكامل عملنا مع الجهات الحكومية كافة، وانطلاقاً كذلك من أهدافنا المشتركة الرامية إلى رصد الظواهر الاجتماعية وتحليلها، سواءً من قِبل الأخصائيين الاجتماعيين العاملين في المدارس الحكومية، أو من قِبل الجهات المعنية، لمعالجة التحديات والظواهر الاجتماعية التي تعيق تقدم المجتمع ونهضته».
تهدف الاتفاقية إلى تعزيز مجالات التعاون بين الجهتين، وخاصة في مجال دعم مشروع الراصد الاجتماعي الرقمي، وقد استجابت مؤسسة الإمارات للتعليم المدرسي، من خلال إشراك جميع مدارس إمارة أبوظبي بمناطقها الرئيسة الثلاث، مدينة أبوظبي، والعين، والظفرة، في مشروع الراصد الاجتماعي الرقمي، بالإضافة إلى ترشيح 356 أخصائياً اجتماعياً لتمثيل المدارس، من خلال المشاركة في المشروع كراصدين اجتماعيين.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: مؤسسة التنمية الأسرية مؤسسة الإمارات للتعليم المدرسي الإمارات مريم الرميثي مؤسسة الإمارات للتعلیم المدرسی مؤسسة التنمیة الأسریة الظواهر الاجتماعیة
إقرأ أيضاً:
التكافل الاجتماعي.. والتسوُّل على المنصات
د. محمد بن خلفان العاصمي
أكرمنا الله سبحانه وتعالى بدين الإسلام الحنيف الذي جعل التكافل الاجتماعي من أهم صفات المجتمع المسلم، وجعل الله تعالى الرحمة والعطف بين الناس مبدأ للتعايش والمحبة ولذلك كان الإسلام أسلوب حياة للبشرية في زمن طغت عليه المادية الإنسانية التي غلفت البشرية وعلاقاتها بالمصالح المادية، وجاء هذا الدين الحنيف ليُعيد رسم معنى وجود الإنسان على الأرض ومعنى خلافة الله تعالى الواردة في كتابه العزيز مخاطبًا الملائكة "إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً" (البقرة: 30).
والتكافل الاجتماعي بين النَّاس من أسس الدين الإسلامي الحنيف والتي أمر بها الإسلام في أكثر من موضع في القرآن الكريم بل إن الله سبحانه وتعالى ربط الإيمان بهذا التكافل حيث قال تعالى: "أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ" (الماعون: 1-2)، وهذا الربط يبين قيمة التكافل الاجتماعي بين الناس في الإسلام، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم "لا يومن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" من رزق وخير ونعمة وسعادة، وهو أمر يفرق بين المؤمن الحق المتخلق بأخلاق الإسلام وتعاليمه السمحة وبين من لا يحمل من هذا الدين إلّا الاسم.
لقد أمرنا الإسلام بتلمس حاجة الناس وتربى أفراد المجتمع العماني على هذا منذ القدم، وتأسس هذا المجتمع على مظاهر التكافل الاجتماعي بكل أشكاله في الأفراح والأتراح وفي الرخاء والشدة والأمثلة على ذلك كثيرة، وهذه خصائص عظيمة تميز بها مجتمعنا العماني الإسلامي جديرة بالمحافظة عليها، ومن الواجب على كل فرد أن يدرك دوره في هذه المنظومة الاجتماعية التكافلية من خلال محيطه الصغير إلى مجتمعه الكبير، لأن التقصير في هذا الموضوع له أثر سلبي على المجتمع والفرد، وانتشار الحاجة بين النَّاس مدعاة لتغير سلوكياتهم ومن ثم سلوك المجتمع ككل، وهذا ما ينتج عنه العديد من المشاكل.
لن يأتي زمان لا يوجد فيه محتاج أو فقير فهذه سنة كونية ولكنها قد تكون في حدود معقولة وفي نطاق مقبول، وقد تكون العكس، ولذلك جاء الإسلام وعالج هذه المشكلة بطريقة خاصة فأمر بالزكاة وجعلها فرضا واجبا وركنا من أركان الإسلام، وأمر بالصدقة وجعلها فرضاً على كل مستطيع، ونظم الدولة الإسلامية وجعل من واجباتها رعاية المحتاج وتوفير سبل الحياة له، وبذلك تستقيم الحياة الاجتماعية في المجتمع المسلم، وعندما يُقصر أي منها في دوره تظهر الآثار على المجتمع بوجه عام، ويخرج المحتاج لتلمس حاجته في الطريق ويبتكر المخادعون الحيل والوسائل لكسب المال دون وجه حق وتنتشر الظواهر السلبية في المجتمع كالتسول والنصب والاحتيال.
لم يأمر الإسلام بكتمان الصدقات من فراغ؛ بل هو إدراك لتأثير هذا الكتمان على الحياة الاجتماعية وترابط المجتمع، وحفظ لكرامة الفرد المسلم الذي أجبرته ظروف الحياة ووضعه قدره ورزقه في هذا الجانب من الحياة، وقد اهتم الإسلام بذلك اهتمامًا بالغًا وحرم المن والأذى في الصدقات، وأوجب كتمان الإنفاق حتى وصف الأمر بعدم معرفة الشمال ما تنفق اليمين، وهذا الكتمان له مقاصد عظيمة وغايات سامية إيمانية واجتماعية، وسلوك يُساهم في القضاء على الفقر والحاجة، وما أمر الإسلام بها إلّا لإدراك حقيقي حول ذل السؤال وقسوة الفقر ودناءة الحاجة خاصة عندما يقف المحتاج بين أهله عاجزًا.
وفي هذا العصر الذي ابتلي به العالم بوسائل التواصل الاجتماعي واستخدامها بطريقة خاطئة غير الذي أوجدت من أجله، نرى البعض يتسابق لإظهار حاجة الناس وفقرهم لا من أجل مساعدتهم، بل من أجل كسب المتابعات والإعجابات والإثارة التي أصبح البعض أسيراً لها في كل تفاصيل حياته، وأصبحت حاجة المحتاج وسيلة تستغل من قبل ضعاف النفوس هؤلاء الذين يتفاخرون في إظهار الناس بشكل لا إنساني تحقيقًا وإرضاءً لأنفسهم المريضة بمرض الشهرة، يستعرضون من خلال منصاتهم أحوال الناس مسببين جروحاً في نفوسهم المكسورة، ومن ذل الحاجة إلى ذل المنصات الاجتماعية أصبحوا يعانون في مجتمع لم يكن يومًا بهذا السلوك القبيح.
إن التسول في المنصات لن يتوقف إلّا إذا طُبِّق القانون على من يسيء للمجتمع وأفراده ومن يتجاوز حدوده، وبدون ردع حقيقي سوف يظل هؤلاء المسيؤون للمجتمع يمارسون سلوكياتهم الخاطئة تحت ذريعة أنهم يسهمون في حل مشاكل الناس ويقضون حاجتهم وهم في الأصل لهم مآرب أخرى ومكاسب مادية من وراء هذا الفعل، ولا بُد من الحذر ورصد ما يحدث من تغيُّرات في السلوك العام وعدم التعاطي مع هذه الظواهر بحسن نية حتى لا نصل لمرحلة مُتقدمة لا يمكن معها احتواء هذه المشكلة.
في الختام.. يجب أن يُدرك كل فرد دوره في البناء الاجتماعي، وعليه أن يلتزم بهذا الدور وفق ما أقرته منظومة السلوك الاجتماعي والإنساني داخل الدولة، وهذا الالتزام هو الأساس لتحقيق مفهوم الحياة الاجتماعية الكريمة لجميع أفراد المجتمع، وإذا اختلت هذه الأدوار عندها يجد تجار التسول على المنصات فرصتهم للعبث بقيم المجتمع وسلوكه وينتهزون هذه الفرصة لتحقيق غاياتهم، مستغلين هذا القصور والغياب لمفاهيم التكافل والتعاون الاجتماعي بين أفراد المجتمع.