يبدو أن عمل الدول العربية على تخطي فترات قاسية من تاريخها خاصة ليبيا التي تعيش حالة من الانقسام الداخلي منذ 13 عاما أو يزيد، لا يرضي بعض الأطراف الخارجية ومن بينها الولايات المتحدة الأمريكية التي ربما يمثل لها الهدوء في المنطقة عقبة أمام تحقيق أهدافها.

بالرغم من مساع الفُرقاء في ليبيا البحث عن حل سياسي ليبي – ليبي لتسوية الأزمة في البلاد، وخصوصًا تلك المتعلقة بالوصول إلى توافقات لتوحيد الجيش المنقسم إلى معسكرين شرقي وغربي، وإنهاء التوتر المصاحب لانقسام المؤسسة العسكرية، إلا أن جهات خارجية مازالت تعمل جاهدة لفرض أجنداتها في المنطقة وفرض نفوذها على الساحة الداخلية والخارجية لليبيا.

تزييف الحقائق وخلط الأوراق 

ومع دخول البلاد في مرحلة التوافقات من أجل تمهيد الطريق لإجراء الإنتخابات، الأمر الذي شهده الليبيون في  اجتماع القاهرة الذي ضم رؤساء مجلس النواب الليبي ومجلس الدولة الاستشاري والمجلس الرئاسي وانتهى بمخرجات إيجابية، أشار مراقبون إلى بدء وسائل الاعلام الغربية بالترويج ضد قادة الشرق الليبي، وخصوصًا المشير خليفة حفتر.

ونشرت منظمة العفو الدولية الممولة من قبل دول غربية على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، تقريراً حول إعصار دانيال الذي ضرب مدينة درنة الليبية في سبتمبر 2023، أي بعد أكثر من ستة شهور على الحادثة، ألقت فيه اللوم بهذه الكارثة الإنسانية على معسكر الشرق الليبي المتمثل بقائد الجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر.

وأشارت في تقريرها إلى تقاعس قوات المشير في إصدار التحذيرات اللازمة واتخاذ تدابير رئيسية أخرى للتخفيف من المخاطر قبل العاصفة دانيال، بالرغم من أن المتقاعس الرئيسي في الكارثة التي حلّت بالمدينة هو رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، الذي تسبب بعجز في الميزانية العامة وامتنع عن صرف عائدات النفط بشكل عادل بين جميع المناطق في ليبيا التي بدورها كانت ستكفل إجراء صيانة ملائمة للسدود التي انهارت وتسببت بالفيضان في درنة.

وفي السياق، أشار المحلل السياسي الليبي، محمود إسماعيل، إلى أن واشنطن تتعاون مع المشير خليفة حفتر وتعمل ضده في آن واحد، قائلاً: "واشنطن من جهة ترسل مندوبيها وسفيرها ريتشارد نورلاند للقاء المشير حفتر والتشاور حول الحديد من القضايا الداخلية في ليبيا وبحث مسألة توحيد الجيش، بينما تطلق أبواقها الإعلامية ضده بحملات إعلامية وتقارير مغرضة تحجب الحقيقة".

وأضاف إسماعيل: "كما هي العادة كلما اقتربت البلاد شبرًا من الانتخابات الليبية، تبدأ واشنطن بإزالة الغبار عن قضايا قانونية وأحداث يمكن لوي الحقائق فيها ضد المشير، وقضية محكمة فريجينا التي سبقت الإنتخابات التي كان مزمعًا عقدها عام 2021 خير دليل على ذلك".

وعلى صعيد آخر، تجدر الإشارة إلى أن مصادر من القيادة العامة للجيش الوطني الليبي، كانت قد أشارت إلى أن واشنطن تسعى لتوحيد الجيش في البلاد، وقام ريتشارد نورلاند منذ شهر ديسمبر العام الماضي وحتى مارس الجاري بعدة لقاءات مع جميع الأطراف شرق وغرب ليبيا، وكان الهدف من هذه اللقاءات الإتفاق على توحيد المؤسسة العسكرية الليبية وتعيين المشير خليفة حفتر قائداً لها.

في المقابل أفادت مصادر من اللواء 444 قتال، إلى أن الإدارة الأمريكية تمهّد الطريق لآمر اللواء، العميد محمود حمزة، لتولي منصب القائد العام للجيش في هيأته الموحدة.

وأكدت المصادر إلى أن زيارة الوفد العسكري التابع لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) التاريخية، لمعسكر اللواء 444، رفقة آمره محمود حمزة، كانت لبحث جاهزية العميد حمزة لتوليه المنصب الذي تعمل عليه الإدارة في واشنطن.

وتعليقًا على ذلك، أشار المحلل السياسي، محمد الباروني، إلى أن واشنطن تمارس لعبة "مسيسة" في ليبيا، وتحثّ قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر لضم جيش معسكر الغرب الليبي إلى جيشه وتوحيده من خلال تقديم ضمانات "فارغة" تتعلق بامتناعها عن المساس بمنصب المشير بينما تحاول تنحيته عن المشهد بشكل كامل.

وقال الباروني: "الإدارة الأمريكية نصبت نفسها حمامة سلام في الأزمة الليبية، وأكدت عزمها على دعم جهود توحيد المؤسسة العسكرية، وحثت المشير على القبول بتوحيد الجيش بالرغم من استحالة القيام بذلك، وتقدم ضمانات فارغة للمشير بالحفاظ على منصبه كقائد عام، ولكنها تعمل من جهة أخرى على تهميش صورته شعبيًا من خلال تقارير مزيفة وتستغل الخلافات بينه وبين رئيس الأركان العامة، الفريق عبد الرزاق الناظوري لتهميش صورته عسكريًا بين ضباطه وحاشيته".

وأضاف: "الإدارة الأمريكية تحاول إقصاء جميع الخصوم السياسية لحلفائها وأتباعها من الساسة في ليبيا، والمشير حفتر يمتلك أوراق قوة في منصبه تحاول واشنطن نزعها منه، وتمد له يد الصداقة والسلام، لتجره بعدها إلى حافة الهاوية، وتهيمن بعدها على الساحة الليبية".

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: ليبيا الولايات المتحدة الامريكية منظمة العفو الدولية مدينة درنة الليبية المشير خليفة حفتر المشیر خلیفة حفتر فی لیبیا إلى أن

إقرأ أيضاً:

هل تستطيع أوروبا تعويض كييف المعدات العسكرية التي أوقفتها واشنطن.. خبراء يجيبون

لا شك أن تجميد المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا لفترة طويلة سيكون له تأثير كبير في المجالات التي يصعب على الأوروبيين التعويض عنها، لكن بعض المجالات أسهل من غيرها مثل القذائف، وفقا لخبراء.

يرى معهد كيل الألماني أن الولايات المتحدة قدمت بمفردها نحو نصف قيمة المساعدات العسكرية لأوكرانيا في الفترة من 2022 إلى 2024. ويقول مصدر عسكري أوروبي لوكالة "فرانس برس" إن جزءا من المساعدات سُلم بالفعل، ولكن إذا لم يشهد الوضع على الجبهة تحولا في مواجهة الروس "فسيكون الأمر معقدا في أيار/ مايو وحزيران/ يونيو، بدون مساعدات جديدة" بالنسبة للأوكرانيين.

ويقول المحلل الأوكراني فولوديمير فيسينكو: "إذا أخذنا في الحسبان ما تم تسليمه وما لدينا وما ننتجه، فإننا قادرون على دعم المجهود الحربي لستة أشهر على الأقل من دون تغيير طبيعة الحرب بشكل كبير".



ويرى يوهان ميشال، الباحث في جامعة ليون 3، أن "في معادلة حرب الاستنزاف أنت تضحي إما بالرجال أو بالأرض أو بالذخيرة. وإذا نفدت ذخيرتك، فإنك إما أن تنسحب أو تضحي بالرجال".

في ما يلي أربعة مجالات عسكرية قد تتأثر بتعليق المساعدات الأمريكية:
الدفاع المضاد للطائرات
 تتعرض أوكرانيا باستمرار لوابل من الصواريخ والمُسيَّرات ضد مدنها وبلداتها أو بنيتها التحتية. تؤدي هذه الهجمات الكبيرة إلى إنهاك الدفاعات الأوكرانية وإجبارها على استخدام كميات كبيرة من الذخيرة.

بعيدا عن خط المواجهة، تمتلك أوكرانيا سبعة أنظمة باتريوت أمريكية حصلت عليها من الولايات المتحدة وألمانيا ورومانيا، ونظامين أوروبيين من طراز "SAMP/T" حصلت عليهما من روما وباريس لتنفيذ عمليات اعتراض على ارتفاعات عالية. ولدى كييف قدراتها الخاصة وحصلت على أنظمة أخرى تعمل على مدى أقل.

يقول الباحث الأوكراني ميخايلو ساموس، مدير شبكة أبحاث الجغرافيا السياسية الجديدة، وهي مؤسسة بحثية في كييف، إن "الصواريخ البالستية مهمة جدا لحماية مدننا، وليس قواتنا. لذا فإن ترامب سيساعد بوتين على قتل المدنيين".

ويشرح ليو بيريا-بينييه من مركز إيفري الفرنسي للأبحاث "مع الباتريوت، كما هي الحال مع جميع الأنظمة الأمريكية، لدينا مشكلتان، مشكلة الذخائر ومشكلة قطع الغيار للصيانة. في ما يخص قطع الغيار، هل سنتمكن من شرائها من الأمريكيين وتسليمها للأوكرانيين أم أن الأمريكيين سيعارضون ذلك؟ لا نعلم".

لتوفير ذخائر الباتريوت، تقوم ألمانيا ببناء أول مصنع لها خارج الولايات المتحدة، ولكن من غير المتوقع أن يبدأ الإنتاج قبل عام 2027. وسوف تجد أوروبا صعوبة في تعويض أي نقص في هذا المجال.

ويقول ميشال: "إن أوروبا تعاني من بعض القصور في هذا المجال؛ فأنظمة "SAMP/T" جيدة جدا ولكنها ليست متنقلة، ويتم إنتاجها بأعداد صغيرة جدا. لابد من زيادة الإنتاج، حتى ولو كان ذلك يعني تصنيعها في أماكن أخرى غير فرنسا وإيطاليا". لكن الأمر سيستغرق بعض الوقت. ويؤكد بيريا-بينييه أن "العملية كان ينبغي أن تبدأ قبل عامين".

ويضيف يوهان ميشال: "إن إحدى طرق التعويض تتمثل في توفير مزيد من الطائرات المقاتلة لتنفيذ عمليات اعتراض جوي وصد القاذفات الروسية التي تضرب أوكرانيا"، فالأوروبيون زودوا أوكرانيا بطائرات "إف-16" و"ميراج 2000-5"، ولديهم مجال لزيادة جهودهم في هذا المجال.

ضربات في العمق
يمكن للمعدات الأمريكية توجيه ضربات من مسافة بعيدة خلف خط المواجهة، وهو ما يجعلها بالغة الأهمية بفضل صواريخ "أتاكمس أرض-أرض" التي تطلقها راجمات "هايمارز" التي أعطت واشنطن نحو أربعين منها لأوكرانيا.

ويشير ميشال إلى أنها "إحدى المنصات القليلة في أوروبا".

ويقول بيريا-بينييه: "إن أولئك الذين يملكونها يبدون مترددين في التخلي عنها، مثل اليونانيين". ويقترح ميشال أن "هناك أنظمة تشيكية، ولكنها أقل شأنا. يتعين على الأوروبيين أن يطوروا بسرعة أنظمة خاصة بهم، أو إذا كانوا غير قادرين على ذلك، أن يشتروا أنظمة كورية جنوبية".

ويشير ساموس إلى أن هناك إمكانية لتوجيه ضربات عميقة من الجو، ولدى "الأوروبيين والأوكرانيين الوسائل التي تمكنهم من ذلك"، مثل صواريخ "سكالب" الفرنسية، و"ستورم شادو" البريطانية.

ولكن بيريا-بينييه يشير إلى أن "المشكلة هي أننا لسنا متأكدين على الإطلاق من أن هناك أوامر أخرى صدرت بعد تلك التي أُعلن عنها".

القذائف المدفعية والأنظمة المضادة للدبابات
في هذا المجال، الأوروبيون في وضع أفضل.

يقول ميشال: "ربما يكون مجال الأسلحة المضادة للدبابات هو الذي طور فيه الأوكرانيون أنظمتهم الخاصة. فالصواريخ، مثل صواريخ جافلين الشهيرة التي زودتهم بها الولايات المتحدة، تكمل أنظمة المُسيَّرات "FPV" بشكل جيد".

وفي ما يتعلق بالمدفعية، يشير بيريا-بينييه إلى أن "أوروبا حققت زيادة حقيقية في القدرة الإنتاجية، وأوكرانيا في وضع أقل سوءا".

في أوروبا، تسارعت وتيرة إنتاج القذائف وتسليمها إلى أوكرانيا، ويخطط الاتحاد الأوروبي لإنتاج قذائف عيار 155 ملم بمعدل 1,5 مليون وحدة بحلول عام 2025، وهذا يزيد عن 1,2 مليون وحدة تنتجها الولايات المتحدة.



 الاستطلاع/الاستعلام
 تشتد الحاجة إلى الولايات المتحدة في هذا المجال الأساسي بفضل أقمارها الاصطناعية وطائراتها ومُسيَّراتها التي تقوم بجمع المعلومات ومعالجتها.

ويقول فيسينكو: "من المهم جدا أن نستمر في تلقي صور الأقمار الاصطناعية".

ويشير ميشال إلى أن "الأوروبيين لديهم بعض الأدوات، ولكنها ليست بالحجم نفسه على الإطلاق، والعديد منهم يعتمدون بشكل كامل على الولايات المتحدة في هذا المجال".

مقالات مشابهة

  • هل تستطيع أوروبا تعويض كييف عن المعدات العسكرية التي أوقفتها واشنطن؟.. خبراء يجيبون
  • هل تستطيع أوروبا تعويض كييف المعدات العسكرية التي أوقفتها واشنطن.. خبراء يجيبون
  • تفاصيل المساعدات العسكرية الأمريكية لكييف منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية
  • الطائرات في أمريكا تواجه حالة غريبة
  • بالتعاون مع ليبيا.. أمريكا تنفّذ عملية عسكرية «غير مسبوقة»
  • الخارجية الأمريكية: مبعوث واشنطن للشرق الأوسط يعتزم العودة للمنطقة خلال أيام
  • كندا تتوعد بفرض رسوم انتقامية على الواردات الأمريكية رداً على قرارات واشنطن
  • هل تعيد سياسة أمريكا غير المعترفة بالقانون تشكيل النظام العالمي؟
  • رداً على تهديدات واشنطن.. الصين تدرس فرض رسوم جمركية إضافية على الواردات الأمريكية
  • وزير العمل الليبي يشدد على أهمية تفعيل التأشيرات العمالية لضبط دخول العمالة المصرية إلى ليبيا