حسان الناصر: وفي رمضان، أمل!
تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT
إن قيمة رمضان في هذا البلاد لا من جوع النفس ولا عطش، ولكنه من قيمة التضحيات التي تقدم في سبيل الناس وفي تحمل همومهم، وفي مساعدتهم لا لشيء سوى لأننا صرنا دياراً واصبحنا بيوتاً لبعضنا البعض، نتقاسم الألم و الأمل.
فكم من بيت قد فتحت أبوابه لعابر وكم من دابة سخرت لمسافر، وكم من رزق تقاسمه الناس فيما بينهم عن طيب معشر، فكان رمضان في عطاء الناس و تراحمهم طوال عام الحرب.
في دماء الشهداء وهي تروي طرقات الخرطوم و دروب القرى البعيدة، شباب خرجوا في سبيل الوطن و الناس يدافعون عن حق قد أستبيح في ليل الغدر و الخيانة من مليشيا الخُبث.
نفتقد المنازل و تفتقدنا! الدور و السوح ورائحة البهارات المعتقة، أوجه النساء المزينة بنور الشمس في أسواق الخرطوم، و بسطاء الناس في تراحمهم اليومي.
إزداحم الخلق في منتصف الظهيرة، ومفاصلة الناس للباعة، وتحميدهم ومباركتهم الشهر، في طرقات تتسع وتضيق، سابحة في عطاء الله!
كانت الخرطوم، وكان النزوح، اخرجوا من ديارهم بغير حق، تعب سنواتهم، وعرق إغتراب العمر! و الآن في شتاتهم العظيم، لن تكون للسودانيين القاهرة خرطوماً، ولن تكون لهم طرقات مدن النفط منزلاً، ولن تصبح غابات افريقيا ملاذاً.
جاء رمضان ورائحة الدم تزكم الأنوف، و قطرات دماء من دفنا من أصدقاء ورفاق فاضت رحمهم الطاهرة في سبيل العرض و الأرض، وجوه يكسوها بهاء النور من عظيم التضحية.
يأتي رمضان هذا العام، و الفقد كبير وفي النفس حنين الوالد، كدعاء الأم في آخر سجدة من وتر العشاء، أو دعوات معتمر إلى بيت الله يشكو هم الحياة، و الفقد عظيم لن تدركه الكلمات ولن تسعفه الأحرف.
ولكن في عظيم الصيام و التعبد آية، تساوي الفاجعة، و المأساة، فتكون الحكمة في تذكر المواقف قد مرت! يوم أن ضاقت الأرض بما رحبت و حُبسنا في المنازل لأيام، تستبيح طرقاتنا أقدام التتار الجدد.
فكم كان الله رحيماً بنا إذ أخرجنا من هذا الضيق، وربما يذكرنا إذ كنا أعزاء في منازلنا ننظر للناس وهم في نزوح وتشرد والآن المقام واحد، ولنتعلم أنه لا شيء مستمر، وأن لا عزيز باقٍ إلا طيب الأخلاق و المكارم.
في تراحمنا إذ يعود بنا رمضان إلى قيمة التضامن و التكافل بيننا فلكم غريب قد انقطع به الحال ففتح البيوت له و ولكم محتاج ضاق به الوضع فوجد الأيدي مسرعة.
يقيني أن هذا الحال زائل وأن الغلبة للمظلومين، الذين وجدوا أنفسهم أمام الموت الذي بذلته يد المليشيا و الخونة، ولكن حكمة الله أن دروس التاريخ مبذولة، العبرة لمن إعتبر.
حسان الناصر
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
بالفيديو.. لماذا يبتلينا الله؟.. الشيخ رمضان عبدالمعز يجيب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد الشيخ رمضان عبد المعز، الداعية الإسلامي، أن المؤمن في كل صغيرة وكبيرة من حياته، يعرض أموره على كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، ويستنير بنورهما في كافة شؤون حياته، مشيرا إلى أن المؤمن دائمًا يقف مع نفسه ليعرض كل ما يمر به من شدة أو رخاء على القرآن والسنة، ويلجأ إلى الله في كل أمر، يعلم أن كل شيء بيد الله عز وجل.
وأضاف الشيخ رمضان عبد المعز، خلال حلقة برنامج "لعلهم يفقهون"، المذاع على فضائية "dmc"، اليوم الأحد، أن القرآن الكريم يوضح كيف أن الله سبحانه وتعالى قد ابتلى الأمم السابقة بالفقر والمرض ليجعلهم يتضرعون إليه ويخضعون له، كما في سورة الأنعام، الله سبحانه وتعالى يخبر عن الأمم السابقة قائلاً: 'ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون'، فالله ابتلى بعض الأمم ليجعلهم يلجأون إليه ويتضرعون، لكن الكثير منهم لم يستجيبوا، بل قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون.
وتابع أن هذا المشهد يُظهر الفرق بين المؤمن وغير المؤمن في التعامل مع البلاء، بينما المؤمن في شدائده يتوجه إلى الله بالدعاء والرجاء، يزداد غير المؤمن قسوة وابتعادًا عن الله، كما قال الله عن غير المؤمنين: 'ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر لجوا في طغيانهم يعمهون'، بينما المؤمن حين يبتلى يعلم أن الله هو القادر على أن يفرج همّه، فيلجأ إليه ويكثر من الدعاء والتضرع.
واستشهد الشيخ رمضان عبد المعز بقصة الصحابي الجليل عوف بن مالك الأشجعي، الذي عانى من ابتلاء شديد عندما أسر أعداؤه ابنه مالك، في الحرب، "عوف بن مالك ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم يبكي من أجل ابنه الذي كان أسيرًا لدى الأعداء، وطلب منه المساعدة، فرد النبي صلى الله عليه وسلم عليه قائلاً: 'أوصيك أنت وزوجك بتقوى الله، وأكثروا من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله'".
وأضاف: "النبي صلى الله عليه وسلم علمه أن يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، وهذه الكلمات تعني أن لا قدرة لنا على تغيير أوضاعنا إلا بتوفيق الله ورحمته، فإذا أردنا التحول من الشدة إلى اليسر، ومن المرض إلى الصحة، ومن الفقر إلى الغنى، فذلك لا يكون إلا بقدرة الله سبحانه وتعالى".
واستعرض كيف استجاب الله لدعاء عوف وزوجته، إذ قضوا الليل كله في التضرع والصلاة والدعاء، وفي صباح اليوم التالي فوجئوا بعودة ابنهم مالك إليهم وهو يحمل رؤوس الأغنام من غنائم العدو.