مايكروسوفت تعين أحد مؤسسي DeepMind لقيادة قسم الذكاء الاصطناعي الجديد للمستهلكين
تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT
أصبح لدى Microsoft الآن قائد وحيد يشرف على الذكاء الاصطناعي للمستهلك لأول مرة. ينضم مصطفى سليمان، أحد مؤسسي DeepMind، إلى الشركة من شركة Inflection AI المنافسة. سيحاول سليمان دفع مساعد الطيار الموجه للمستهلك إلى المستقبل، استعدادًا لما قد يكون معركة طويلة مع جوجل من أجل تفوق الذكاء الاصطناعي بين الشركات الخمس الكبرى في وادي السيليكون.
وسيكون المسمى الوظيفي الرسمي لسليمان هو نائب الرئيس التنفيذي والرئيس التنفيذي لقسم جديد يسمى Microsoft AI، وسيكون مسؤولاً مباشرة أمام الرئيس التنفيذي ساتيا ناديلا. وسينضم إليه كارين سيمونيان، المؤسس المشارك لشركة Inflection AI، والذي سيحصل على لقب كبير العلماء.
يمكن أن تكون كلمة "فوضوي" إحدى الطرق لوصف طرح برنامج Copilot من Microsoft. على الرغم من قفزتها السريعة من نقطة البداية لتحتل الصدارة على جوجل، ذكرت بلومبرج في يناير أن حصة بينج في السوق لم تحرك ساكنًا ضد منافسها في البحث. بالإضافة إلى ذلك، رفع أحد مهندسي مايكروسوفت في وقت سابق من هذا العام بلاغات حول سلامة DALL-E 3 وCopilot من OpenAI، حتى أنه رفع قضيته إلى لجنة التجارة الفيدرالية (FTC). ومما يزيد الأمور تعقيدًا أن جهود Google في مجال الذكاء الاصطناعي قد تشهد دفعة هائلة حيث يقال إنها تجري محادثات مع شركة Apple لتشغيل أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية الخاصة بصانع iPhone.
عند إعلانه عن انتقاله إلى Microsoft، نشر سليمان على X (Twitter) أن "العديد من زملائنا الرائعين" من Inflection AI سينضمون إليه وإلى Simonyan في Microsoft AI. ولكن هذا قد يكون بخس. ذكرت بلومبرج يوم الثلاثاء أن مايكروسوفت بدلاً من ذلك "توظف معظم الموظفين من شركتها الناشئة Inflection AI". وفي منشور مدونة يعلن عن التغييرات، قالت شركة Inflection إنها تخطط "للاعتماد على أعمالنا في استوديو الذكاء الاصطناعي" في محور واضح في المؤسسة وبعيدًا عن برنامج Pi chatbot الذي يواجه المستهلك.
شارك سليمان في تأسيس شركة DeepMind في عام 2010، أي قبل أربع سنوات من شراء Google لشركة الذكاء الاصطناعي البريطانية الأمريكية الناشئة مقابل مبلغ يتراوح بين 400 مليون دولار و650 مليون دولار. ترك سليمان شركة DeepMind في عام 2019 للانضمام إلى Google، وبعد ثلاث سنوات، غادر ليشارك في تأسيس Inflection AI.
وكتب ناديلا في منشور على مدونة مايكروسوفت: "لقد عرفت مصطفى منذ عدة سنوات وأعجبت به كثيرًا كمؤسس لكل من DeepMind وInflection، وباعتباره صاحب رؤية وصانع منتجات وبانيًا للفرق الرائدة التي تسعى إلى تحقيق مهام جريئة". . وصف الرئيس التنفيذي الوافدين الجدد في شركة Inflection بأنهم "بعض من مهندسي الذكاء الاصطناعي والباحثين والبنائين الأكثر إنجازًا في العالم".
وشدد ناديلا على أن شراكة مايكروسوفت مع OpenAI لا تزال تمثل أولوية قصوى. يوفر صانع ChatGPT نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية الأساسية لـ Copilot. وكتب: "يستمر ابتكارنا في مجال الذكاء الاصطناعي في البناء على شراكتنا الأكثر استراتيجية وأهمية مع OpenAI". "سنستمر في بناء البنية التحتية للذكاء الاصطناعي بما في ذلك الأنظمة المخصصة وأعمال السيليكون لدعم خارطة طريق النموذج الأساسي لـ OpenAI، وكذلك ابتكار وبناء المنتجات فوق نماذجها الأساسية."
تصل هذه الأخبار حول دور سليمان وقسم الذكاء الاصطناعي بالشركة قبل أيام قليلة من حدث Microsoft Surface المقرر عقده في 21 مارس. إنه يحمل عنوان "عصر جديد من العمل"، لذا فمن المحتمل أن يركز على المؤسسات، على الرغم من ظهور مصطلح "الذكاء الاصطناعي" بالفعل. وتقول الشركة إنها ستعرض "الأحدث في توسيع نطاق الذكاء الاصطناعي في بيئتك باستخدام Copilot وWindows وSurface". يمكنك مشاهدة ذلك عبر البث المباشر على موقع Microsoft على الويب أو العودة إلى هنا حيث سنغطي الإعلانات عند صدورها.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
بتشويه «فوضى الذكاء الاصطناعي» للواقع يمضي العالم إلى كارثة
تهيمن قناتان متوازيتان للصور على استهلاكنا البصري اليومي. في إحداهما، صور ولقطات حقيقية للعالم كما نعرفه، ففيها سياسة ورياضة وأخبار وترفيه. وفي الثانية، فوضى الذكاء الاصطناعي [أو ما يعرف بـ AI slop]، بمحتوى متواضع الجودة ليس فيه من الإسهام البشري إلا الحد الأدنى. بعض ما فيه تافه الشأن عديم المعنى، لا يعدو صورا كرتونية لمشاهير، ومناظر طبيعية خيالية، وحيوانات ذات سمات بشرية. وبعضه الآخر عرض خادش للحياء...ففيه تجد حبيبات افتراضيات لا يمكن أن تتفاعل معهن تفاعلا حقيقيا. ونطاق هذا المحتوى وحجمه مذهلان، فهو يتسرب إلى كل شيء، من صفحات التواصل الاجتماعي إلى الرسائل المتداولة على واتساب. فلا تكون النتيجة محض تشويش على الواقع، وإنما هي تشويه له.
وفي فوضى الذكاء الاصطناعي شيء جديد هو الخيال السياسي اليميني. فعلى موقع يوتيوب مقاطع فيديو كاملة ذات سيناريوهات مختلقة ينتصر فيها مسؤولو ترامب على القوى الليبرالية. وقد استغل حساب البيت الأبيض على منصة إكس صيحة إنشاء صور بأسلوب استوديو جيبلي، ونشر صورة لامرأة من الدومينيكان تبكي أثناء تعرضها للاعتقال على يد إدارة الهجرة والجمارك (ICE). والواقع أن السخرية السياسية باستعمال الذكاء الاصطناعي قد انتشرت على مستوى العالم.
فهناك مقاطع فيديو صينية من إنتاج الذكاء الاصطناعي تسخر من العمال الأمريكيين البدناء وهم يقفون في خطوط التجميع بعد إعلان التعريفات الجمركية، وقد أثارت هذه المقاطع سؤالا موجها للمتحدثة باسم البيت الأبيض الأسبوع الماضي وردا منها. فقد قالت المتحدثة: إن هذه مقاطع أنتجها من «لا يرون إمكانات العامل الأمريكي». ولإثبات مدى انتشار فوضى الذكاء الاصطناعي، كان علي أن أتأكد ثلاث مرات من أنه حتى هذا الرد نفسه لم يكن في حد ذاته محتوى ذكاء اصطناعي منفذا على عجل مختلقا خدعة أخرى لأعداء ترامب.
وليس الدافع إلى تسييس الذكاء الاصطناعي بالأمر الجديد، فهو ببساطة امتداد للبروباجندا المعهودة. ولكن الجديد هو مدى ديمقراطيته وانتشاره، وأنه لا يحتوي أشخاصا حقيقيين ويخلو من قيود الحياة الواقعية المادية، فيوفر بذلك ما لا حصر له من السيناريوهات الخيالية.
وانتشار محتوى الذكاء الاصطناعي عبر قنوات الدردشة الضخمة عظيمة الحضور، من قبيل واتساب، يعني غياب أي ردود أو تعليقات تشكك في صحته. فكل ما تتلقاه ينعم بسلطة من ثقتك في الشخص الذي أرسله إليك. لذلك أخوض صراعا دائما مع قريبة لي كبيرة السن، مطلعة على عالم الإنترنت، تتلقى سيلا من محتوى الذكاء الاصطناعي على واتساب بشأن حرب السودان وتصدقه. تبدو الصور ومقاطع الفيديو حقيقية بالنسبة لها، وترد إليها موجهة من أشخاص تثق فيهم. ويصعب على المرء حتى أن يستوعب قدرة التكنولوجيا على إنتاج محتوى يبدو حقيقيا إلى هذه الدرجة.
وبإضافة هذه القدرة إلى توافق المحتوى مع رغبات قريبتي السياسية، ستجد نفسك متعلقا به إلى حد بعيد، حتى لو اعتراك بعض من الشك فيه. فوسط الكم الهائل من القطط [في بعض الفيديوهات المختلقة]، يجري استعمال الذكاء الاصطناعي في خلق سيناريوهات سياسية، وتحسينها والوصول بها إلى درجة الكمال عبر تقديمها بلغة بصرية تؤجج الرغبة في الانتصار أو تعتمد على الشعور بالحنين.
يشير البروفيسور رولاند ماير، الباحث في الإعلام والثقافة البصرية، إلى «موجة حديثة من الصور المولدة بالذكاء الاصطناعي لعائلات بيضاء شقراء، تطرحها حسابات إلكترونية فاشية جديدة بوصفها نماذج لمستقبل مشرق». وهو لا يعزو ذلك إلى اللحظة السياسية الراهنة فحسب، وإنما إلى أن «الذكاء الاصطناعي التوليدي محافظ بطبيعته، بل ويقوم على حنين إلى الماضي». فالذكاء الاصطناعي التوليدي يقوم على بيانات مسبقة أثبتت الأبحاث أنها بيانات متحيزة بطبيعتها ضد التنوع العرقي، والأدوار الجندرية والميول الجنسية التقدمية، فتأتي منتجات الذكاء الصناعي بتركيز كبير على هذه المعايير.
يمكن أن نرى الأمر نفسه في محتوى «الزوجة التقليدية» [“trad wife”]، الذي لا يقدم ربات البيوت الجميلات الخاضعات فحسب، وإنما يقدم عالما رجعيا كاملا لينغمس فيه الرجال. وتغص جداول موقع إكس بنوع من المواد الإباحية غير الجنسية، حيث تلمع على الشاشة صور الذكاء الاصطناعي لنساء يوصفن بالحسن والخصوبة والخضوع. ويجري طرح سيادة البيض والاستبداد وتقديس التراتبيات الهرمية في العرق والجندر بوصفها سلة متكاملة من الحنين إلى ماض موهوم. فبات الذكاء الاصطناعي يوصف بالفعل بأنه جمالية الفاشية الجديدة.
لكن الأمر لا يكون دائما على هذا القدر من التماسك. ففي معظم الأحيان، لا تعدو فوضى الذكاء الاصطناعي محتوى فيه بعض المبالغة أو الإثارة بما يغري على التفاعل، ويوفر لمبدعيه فرصة ربح المال من المشاركات والتعليقات وما إلى ذلك. وقد تبين للصحفي ماكس ريد أن فوضى الذكاء الاصطناعي على فيسبوك ـ وهي الفوضى الكبرى على الإطلاق ـ ليست «محض محتوى غير مرغوب فيه» من وجهة نظر فيسبوك، وإنما هي «ما تريده الشركة بالضبط: فهي محتوى شديد الجاذبية». والمحتوى بالنسبة لعمالقة التواصل الاجتماعي هو المحتوى، فكلما كان أرخص، وقلت فيه الحاجة إلى جهد بشري، فذلك أفضل. وتكون النتيجة أن يتحول الإنترنت إلى إنترنت الروبوتات التي تدغدغ مشاعر المستخدمين البشريين وتؤجج فيهم أي أحاسيس أو عواطف تبقيهم منشغلين.
ولكن بغض النظر عن نوايا مبتكريه، يؤدي هذا السيل من محتوى الذكاء الاصطناعي إلى فقدان الإحساس بالواقعية وإرهاق الحواس البصرية. والتأثير العام لدوام التعرض لصور الذكاء الاصطناعي، ما كان منها تافها أو مهدئا أو أيديولوجيا، هو أن كل شيء يبدأ في اتخاذ مسار مختلف. ففي العالم الواقعي، يقف الساسة الأمريكيون خارج أقفاص سجن الترحيل. وتنصب الأكمنة لطلاب الجامعات الأمريكية في الشوارع ليجري إبعادهم. ويحترق أهل غزة أحياء. وتمضي هذه الصور والفيديوهات مع سيل لانهائي من الصور والفيديوهات الأخرى التي تنتهك القوانين المادية والأخلاقية. فتكون النتيجة ارتباكا عميقا. ولا يعود بوسعك أن تصدق عينيك، ولكن ما الذي يمكن أن تصدقه إن لم تصدق عينيك؟ فكل شيء يبدو حقيقيا للغاية وغير واقعي بالمرة، في آن واحد.
أضف إلى هذا ما نعرفه من التبسيط الضروري والإيجاز المستفز في (اقتصاد الانتباه)، وإذا بك في سيرك ضخم من التجاوزات. فحتى عندما يكون المحتوى شديد الجدية، يجري تقديمه بوصفه ترفيها، أو فاصلا، أشبه بنسخة مرئية من موسيقى المصاعد. فهل أفزعك هجوم دونالد ترامب وجيه دي فانس على زيلينسكي؟ حسنا، إليك رسم مصمم بالذكاء الاصطناعي لفانس في هيئة رضيع عملاق. تشعر بالتوتر والإرهاق؟ فها هو بلسم للعين في كوخ فيه نار موقدة والثلج يتساقط في الخارج. ولسبب ما، قرر فيسبوك أنني بحاجة إلى رؤية تيار مستمر من الشقق الصغيرة اللطيفة مع تنويعات من التعليقات التوضيحية مفادها أن «هذا هو كل ما أحتاج إليه».
وتؤدي التحورات السريعة للخوارزميات إلى إمداد المستخدمين بمزيد مما حصدته لهم معتبرة أنه مثير لاهتمامهم. والنتيجة هي أنه يستحيل ترشيد ذلك الاستهلاك حتى لأكثر المستخدمين اتزانا. لأنك تزداد انغماسا في عوالم ذاتية بدلا من الواقع الموضوعي. فتكون النتيجة انفصالا شديد الغرابة. ويضعف الشعور بالقلق والحاجة إلى العمل الذي ينبغي أن يوحي به عالمنا الممزق، وذلك بسبب طريقة عرض المعلومات. وإذن فها هي طريقة جديدة لكي نسير نياما نحو الكارثة وهي طريقة لا تقوم على نقص المعرفة، وإنما تنشأ بسبب الشلل الناجم عن تمرير كل شيء من خلال هذا النظام المشوه، فهو محض جزء آخر من العرض البصري المبالغ فيه.