قالت القاضي في المحكمة التجارية الابتدائية في دبي، الدكتورة حمدة السويدي، «إن المشرّع الإماراتي حرص على دعم تشريعات الإفلاس، نظراً لخصوصيتها وتأثيرها المباشر في اقتصاد الدولة، ومن ثم سن المرسوم بقانون رقم 51 لسنة 2023 بشأن الإفلاس والتنظيم المالي»، مشيرة «إلى حرص المشرع الإماراتي على إتمام الإجراءات الوقائية للمدين، من خلال منحه حق التقديم وفق اشتراطات محددة، منها أن تكون أعماله قابلة للاستمرار، وهذا لم يكن متحققاً في التشريع السابق، ويمثل تعديلاً مهماً عالج صعوبات كانت تعترض إجراءات الصلح الوقائي».

وتفصيلاً، ذكرت الدكتورة حمدة السويدي أن دولة الإمارات تواصل تقدمها وترسيخ مكانتها العالمية بين الاقتصادات الأكثر تنافسية، من خلال صياغة استراتيجيات مبتكرة، وانتهاج سياسة تشريعية حديثة تواكب متطلبات العصر في دعم النمو، وبناء اقتصاد قائم على المعرفة، وتشجيع الابتكار، وتعزيز الإطار التنظيمي للقطاعات الرئيسة، ومنها القطاعات المصرفية والتجارية المختلفة.

وأضافت، «أنه رغبةً من المشرّع الإماراتي في دعم تشريعات الإفلاس، نظراً لخصوصيتها وتأثيرها المباشر في اقتصاد الدولة والكيانات التجارية، اشترط المشرع إنشاء محكمة للإفلاس أو تخصيص دائرة أو أكثر لنظر طلبات الإفلاس، لتحقيق التخصص النوعي لهذه الطلبات التي تتميز بمسار إجرائي مختلف عن غيرها من الدعاوى الموضوعية، إذ تتطلب في حال قبولها قدراً من الزمن والتسلسل التنظيمي والمتابعة الفورية والمباشرة من القاضي المختص ومعاونيه».

وأشارت إلى «أنه تسهيلاً لآلية تدقيق وتجهيز المستندات والإعلانات، ينص القانون على إنشاء إدارة تنظيمية يترأسها قاضٍ لا تقل درجته عن قاضي استئناف، تتولى تلقي الطلبات وتوجيه الإخطارات لذوي الشأن، والتحقق من طلبات التسوية الوقائية وإعادة الهيكلة وإشهار الإفلاس، وتنفيذ التدابير التحفظية اللازمة التي تقررها محكمة الإفلاس، والاجتماع مع الدائنين للمناقشة وغيرها من الإجراءات التحضيرية والمعاونة لتنفيذ القرارات وتحقيق السرعة والدقة المطلوبة».

وأوضحت، «أن الجهات المختصة بتقديم طلب افتتاح إجراءات الإفلاس أو إعادة الهيكلة، تتمثل في المدين، أو الدائن، أو مجموعة الدائنين، بحسب الأحوال، والجهة الرقابية التي يكون المدين خاضعاً لرقابتها».

ولفتت إلى «أن المدين هو الطرف المعني بتقديم طلب افتتاح إجراءات التسوية الوقائية بشروط محددة، منها أن تكون أعماله قابلة للاستمرار حتى وإن كان متوقفاً عن السداد، أو كان الدائنون قد رفضوا مقترح التسوية الوقائية أو خطة إعادة الهيكلة، أو رفضت المحكمة التصديق على أي من تلك الطلبات، أو قررت إنهاء إجراءات التسوية الوقائية أو إعادة الهيكلة، ولو كانت متعلقة بديون أخرى غير المقدم بشأنها الطلب، شريطة انقضاء مدة ثلاثة أشهر من تاريخ اجتماع الدائنين، أو قرار أو حكم محكمة الإفلاس بإنهاء الإجراءات أو رفض التصديق».

وقالت القاضي الدكتورة حمدة السويدي: «يحق للمدين الاستمرار في إدارة أعماله التجارية بعد صدور قرار افتتاح إجراءات التسوية الوقائية بشكل اعتيادي، ما لم تكن هناك خطورة على الدائنين تقدرها المحكمة، وفي ذلك يكون المشرع قد عدل عن اتجاهه في التشريع السابق، حيث كانت هناك صعوبة عملية في تطبيق إجراءات الصلح الوقائي، نظراً لاشتراطاته المتمثلة في استمرار المدين في سداد الديون وموافقة الدائنين على الخطة، وفي حال الرفض يتم اللجوء إلى افتتاح إجراءات الإفلاس».

وتابعت: «إنه لدعم قرارات محكمة الإفلاس، ومنع تعارضها مع القرارات التنفيذية الصادرة عن الدوائر التنفيذية في المحاكم المختصة، نص المشرع على اعتبار كل القرارات الصادرة عن محكمة الإفلاس سندات تنفيذية بمجرد صدورها، ولا حاجة للإعلان عنها، ولا يجوز الإشكال فيها».

وأضافت: «أن المشرع حرص على تحقيق عنصر الجدية في الطلبات المقدمة لمحكمة الإفلاس وحماية الكيانات التجارية، من خلال اشتراط حد معين للمديونية لا يقل عنها، وأحال تحديدها للائحة التنفيذية، كما ضمن علانية قرارات المحكمة من خلال التزام إدارة الإفلاس بإعلان القرار لذوي الشأن خلال 10 أيام من تاريخ صدور قرارات محكمة الإفلاس المتعلقة بطلبات افتتاح الإجراءات أو رفضها أو عدم قبولها أو انتهاء الإجراءات، كما يفرض المرسوم على أسواق الأوراق المالية الإفصاح عن القرار إذا كان المدين مدرجاً فيها، ويتحتم على المدين الإفصاح بدوره عن تلك القرارات على موقعه الإلكتروني، ولمحكمة الإفلاس الاكتفاء بأي طريقة من تلك الطرق، ولها أن تقرر الإعلان عن القرار في الصحف اليومية الصادرة في دولة أجنبية، إذا كان جانب كبير من الدائنين موجودين بتلك الدولة أو بأي سبب آخر تقدره المحكمة».

وأوضحت، «أن اشتراط الإفصاح جاء لحماية المراكز القانونية والمعاملات التجارية المنعقدة في السوقين التجاريين المحلية والعالمية، ولزيادة ثقة المستثمرين بالقضاء الإماراتي، وتعزيز الإجراءات والحفاظ على حقوق الدائنين وأموال المدين»، مؤكدة أن «المشرع انتهج نهجاً حميداً في تشجيع ودعم إجراءات إعادة الهيكلة، ومنحها الأولوية في التطبيق قبل قرار افتتاح إجراءات الإفلاس، وكذا العمل على تعظيم أموال (التفليسة) إلى أكبر قدر ممكن، واستقرار المعاملات المالية تماشياً مع متطلبات الاقتصاد الوطني، ولحمايته ولتحقيق العدالة الناجزة».

صحيفة الامارات اليوم

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: افتتاح إجراءات إعادة الهیکلة من خلال

إقرأ أيضاً:

سوريا على شفا حرب أهلية.. هل تأخرت الحكومة في اتخاذ تدابير وقائية؟

يعتبر السلم الأهلي هو حالة التعايش السلمي بين مكونات المجتمع، حيث تسود سيادة القانون، ويتم احترام التعددية، ويغيب العنف كوسيلة لحل النزاعات.

كما يُعتبر هذا المفهوم جزءًا أساسيًا من الاستقرار الوطني، خاصة في الدول التي تمر بفترات انتقالية حساسة كالوضع السوري.

وبالنسبة لسوريا، فهي تمر بمرحلة انتقالية معقدة، تتسم بتحديات سياسية، اقتصادية، وأمنية. وفي هذا السياق، يبدو أن الحكومة لم تتخذ إجراءات تنفيذية احترازية كافية لمنع تصاعد التوترات في الساحل السوري، مما أدى إلى اندلاع الاشتباكات المسلحة الدموية الأخيرة. 

وأوضح الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي، إنه وفقًا للقانون الدولي، فإن الدولة مسؤولة عن حماية السلم الأهلي من خلال ضمان حقوق الأفراد، منع التمييز، واتخاذ تدابير استباقية ضد أي تهديد أمني أو اجتماعي قد يزعزع الاستقرار.  

هل تأخرت الحكومة السورية في حماية السلم الأهلي؟ 

وأضاف إنه كان من الضروري أن تضع الدولة استراتيجية شاملة تشمل:  

1. *إجراءات استباقية لمنع تفجر العنف*: 

مثل نشر قوات حفظ النظام في المناطق الأكثر حساسية، وتعزيز الرقابة الاستخباراتية على المجموعات المسلحة.  

2. *الحوار المجتمعي*: 

كان من الممكن تقليل التوترات عبر آليات المصالحة الوطنية وبرامج الوساطة بين الأطراف المختلفة.  

3. *تحقيق العدالة الانتقالية*: التأخير في محاسبة المتورطين في انتهاكات الماضي أو تقديم تعويضات للضحايا ساهم في خلق بيئة من عدم الثقة، دفعت البعض إلى اللجوء للعنف.  

4. *ضبط الخطاب الإعلامي*: غياب الرقابة على خطابات التحريض الطائفي والانقسامات السياسية في وسائل الإعلام والمنصات الإلكترونية عزز من حالة الاستقطاب المجتمعي.  

ما المطلوب لاستعادة السلم الأهلي؟  

وأشار إلى أنه لترميم السلم الأهلي، يتوجب على السلطات السورية اتخاذ خطوات قانونية وتنفيذية واضحة:  

1. *تعزيز سيادة القانون*: 

يجب أن تكون هناك محاسبة قانونية عادلة لكل من تورط في أعمال عنف، بغض النظر عن انتمائه السياسي أو الطائفي.  

2. *إطلاق مبادرة مصالحة وطنية*: 

عبر تشكيل لجان مختصة تضم ممثلين عن كافة المكونات المجتمعية، بهدف تعزيز المصالحة وإعادة بناء الثقة بين الأطراف المتنازعة.  

3. *إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية*: لضمان حياديتها وتوجيهها لحفظ الأمن بدلاً من قمع الحريات.  

4. *دعم التنمية الاقتصادية*: فالتدهور الاقتصادي يعد أحد المحركات الأساسية للصراعات، ويجب العمل على تحسين الأوضاع المعيشية عبر خلق فرص عمل وتنفيذ مشاريع تنموية.  

واختتم: إذا لم تتخذ الحكومة السورية تدابير جادة وعاجلة، فإن خطر انهيار السلم الأهلي سيظل قائمًا، مما يهدد مستقبل سوريا كدولة موحدة.

مقالات مشابهة

  • قصة شاب غامر بالسباحة عبر البحر إلى سبتة ليتمكن من إتمام إجراءات زواجه بعد رفض تأشيرته
  • سوريا على شفا حرب أهلية.. هل تأخرت الحكومة في اتخاذ تدابير وقائية؟
  • السكرتير العام المساعد ببني سويف يناقش إجراءات استكمال مشروع إنشاء كوبري الشاملة
  • سكرتير بني سويف يناقش إجراءات تسريع وتيرة العمل بمشروع كوبري الشاملة
  • لـ المرضى والحالات الإنسانية.. «الجوازات» تواصل تسهيل إجراءات الحصول على خدماتها
  • تتهمها بتسليح قوات الدعم السريع..السودان ترفع دعوى ضد الإمارات في محكمة العدل الدولية
  • برلمانية: إجراءات الحكومة لمواجهة التهريب تعيد الانضباط للجمارك
  • 5 إجراءات.. خطوات إصدار هوية تابع مقيم من منصة "أبشر"
  • محكمة في كوريا الجنوبية تلغي اعتقال الرئيس يون مع استمرار قضية التمرد
  • السودان يشكو الإمارات لدى محكمة العدل الدولية ويقدم قائمة إتهامات وأبوظبي تعلق على الدعوى