الأنبا عمانوئيل يترأس قداس عيد الصليب وعيد القديس يوسف البتول برعية بدراو بأسوان
تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT
ترأس، نيافة الأنبا عمانوئيل عياد، مطران إيبارشية طيبة للأقباط الكاثوليك، قداس عشية عيد الصليب وعيد القديس يوسف البتول، شفيع رعية بدراو، بأسوان.
شارك في الصلاة الأب لوقا عايد، راعي الكنيسة، وعدد من الآباء الكهنة، والأخوات الراهبات، حيث هنأ صاحب النيافة الحضور، ببدء زمن الصوم الأربعيني المقدس، وعيد القديس يوسف البتول، شفيع الرعية.
وفي كلمة العظة، تأمل الأب المطران حول "معنى الصليب في حياتنا اليومية"، الذي فيه نضع كل آلام، وأوجاع، وجراحات البشر، ففيه حمل يسوع جميع خطايا البشرية، ووهبنا الخلاص، بموته أعطانا الحياة والقيام من خطايانا، حول ظلمتنا إلى نور دائم.
واختتم القداس بطلبة للقديس يوسف البتول مع طلب شفاعته، والتمجيد للصليب المقدس. وعقب الذبيحة الإلهية، أقيم لقاء أبوي بين راعي الايبارشية، وكافة الحاضرين.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: عيد الصليب
إقرأ أيضاً:
غزة وعيد الفطر الحزين
من أبسط حقوق الإنسان حرّيّته في أعياده وممارسه طقوسه، وشعائر دينه، وليس من السّهل على شعب أعزل كما في غزّة أن يمرّ عيد الفطر الثّاني على التّوالي بعد حادثة 7 أكتوبر، وهو يعيش حالة غير إنسانيّة من التّجويع والقصف والإبادة، فلا القريب قادر أن يقول كلمته الحاسمة، ولا البعيد يملك أدنى الأدبيّات الإنسانيّة في الحرب، والعالم لا يملك فعل شيء أمام إبادة تبث بشكل مباشر، وليس لها التفاتة إلى حقوق الإنسان، ولا تملك أدنى ذرّة من الرّحمة البشريّة.
لقد اجتمع قادة العرب وممثلوهم قريبا في القاهرة لإعادة إعمار غزّة، وإن كان الإعمار ذاته حالة سابقة لأوانها ما لم يكن هناك حل جذريّ للقضيّة، فليس من العقل أن يظلّ العرب مجرد بنك كلمّا حدثت إبادة أعاد الإعمار ثمّ يهدم بعد حين، ويتكرّر مسلسل الإعمار بعد كلّ إبادة، وإن كان الإعمار لابدّ منه، وهو حالة إنسانيّة واجبة، ولكن في الوقت ذاته لابدّ من مراجعة القضيّة بحزم، ولابدّ من موقف عربيّ موحد يوقف هذه الإبادة، ابتداء من مراجعة القضيّة الفلسطينيّة من داخلها، وإلّا الأحداث الأخيرة من قبل الاحتلال هي أبسط ردّ على القمّة العربيّة في القاهرة، وعلى الخطابات المكرّرة.
إنّ ما يحدث في غزّة اليوم من إبادة ظاهرة لا يستطيع القلب مشاهدة أدنى بشائعها، فكيف بمن يعايشها، هذا الأمر يزيد من اختناق الشّعوب العربيّة خصوصا، وهي ترى من يمثلها لا يستطيع مجاوزة البيانات، ممّا تنفجر يوما ضدّ أنظمتها، وهنا تتسع دائرة غير التّعقل، حينها الّذي سوف يسود هي الفوضى العارمة نتيجة خطابات عاطفيّة وماضويّة لا تعقل لحظة المرحلة الّتي يعيشها العالم، وسننيّة إدارة الأزمات، والخروج منها بأدنى الخسائر.
من السّهولة بمكان تأجيج الحروب، ونشر الفوضى في البلدان، حينها يركب موجتها غير العقلاء، ويوجهونها يمينا ويسارا وفق شعارات عاطفيّة، يركن إليها العقل الجمعيّ، ويراها الخلاص لآلامه ومشاكله، ومن يرفعها هو المخلّص له، وتشتدّ إذا ألبست لباس الدّين أو الغيب، فتسقط نصوصا لاهوتيّة لغايات قاصرة، ويُرفع لها شعارات عاطفيّة مؤجّجة، وقد تكون لغايات فئويّة أو ذاتيّة أو طائفيّة باسم الجماعة أو الأمّة.
على العقلاء في عالمنا العربيّ أن يدركوا اليوم خطورة المرحلة، وأنّ شرارة غزّة قد تمتدّ لتشمل مواقع جغرافيّة أوسع من أوطاننا العربيّة، وإذا استمرت القضيّة الفلسطينيّة كحالتها اليوم، فهي كمسمار جحا الّذي به يتشبث القريب والبعيد لنشر الفوضى في هذه المنطقة، واستمرار الصّراع والاحتراب فيها، وأكل خيراتها، مقابل نشر الفقر والمسكنة في مجتمعاتها.
إنّ إقامة دولة فلسطينيّة اليوم، واستقرار هذه المنطقة؛ من أهم الطّرق لاستقرار العالم العربيّ، وإن كان هو كما أسلفت في أكثر من مقالة حالة إنسانيّة قبل النّظر إلى أيّ معايير أخرى، قريبة أم بعيدة، فمن حقّ الإنسان الفلسطينيّ كأيّ إنسان في العالم في تحقّق كرامته الإنسانيّة، وفي تحقّق أمنه واستقراره.
نحن اليوم بحاجة إلى تحرّك العقلاء بشكل أوسع من أيّ وقت مضى، وأن يحرّك المرحلة العقل لا العواطف، والتّعقّل لا التّهييج، والواقع لا الأحلام، والسّننيّة لا الماضويّة، هذا التّحرّك لابدّ أن يسايره حزم وعزم، ووحدة عربيّة ترى أن قوّتها في داخلها، وأمنها من استقرار كافّة بلدانها، ونهضتها تتحقّق بنهضة جميع شعوبها، والاستفادة من التّعدّديّة فيها، وإلّا حينها يتحقّق المثل «اتّسع الفتق على الرّاتق»، ورأينا اليوم شيئا من اتّساعه في أكثر من قطر عربيّ، وقد يمتدّ إذا لم يساير بحركة عقلانيّة حازمة.
وإنني أقترح هنا ضرورة وجود مجمع أو مركز عربيّ موحد ومستقل، غايته البحث العقليّ والنّقديّ الموحد، ويستفيد من القامات العقليّة فيه، وقد يتبع مستقبلا بجامعة عربيّة نهضويّة ونقديّة واحدة، تحدّ من الخطابات العاطفيّة، سابقا باسم اليسار، واليوم يغلب عليها ذات اليمين، وتستثمرها سياسات خارجيّة لأغراضها الذّاتيّة، ولتحقيق مصالحها الآنيّة، فلا يهمّها أكان يمينا أو يسارا، ما دامت تحقّق مصالحها، ولو خالفت شعاراتها، وباينت لباسها، هذه الجامعة تخرّج أجيالا تحرّكهم العقول لا العواطف، والواقع لا الماضي، والعلم وليس التّسطيح، وأن تنطلق من نهضة الذّات قبل الالتفاتة إلى البعيد.
هذا المركز إذا ما أحسن توظيفه سيكون أهم رافد للسّياسيين، فليس كلّ سياسيّ قادر على التّعقّل وإدارة الأزمات، كما أنّه يكبح الرّؤية القاصرة وغير المتعقّلة أمام خطابات بعض رجال الدّين، الّذين همّهم تحريك عواطف الجماهير، دون حساب لتبعات هذه الخطابات على المستوى القريب والبعيد.
وعودا إلى حديثنا، وقد ابتعدنا عنه وإن كان لابدّ من حديث الابتعاد، فإنّه من المحزن حقّا أن يمرّ هذا العيد الحزين على شعب لا ذنب له، فأيّ عيد يفرحون به، على بيوتهم المهدّمة، أم على أشلاء جثثهم الممزقة، أم على بسمات أطفالهم الّتي منعها صراخ أمهاتهم، هذا إذا كان الصّراخ باقيا إن لم يسكته الموت أيضا، أم عيد يفرحون به على بطونهم الجائعة، ومياه شربهم الملوثة، فما بقي من حالهم إلّا كما يقول أحمد شوقي:
برء العباد من الشّرائع كلّها
إن كان قتل النّفس ممّا يرفع
لا تذكرنّ الحرب أو أهوالها
إلّا بقلب خاشع يتوجع
واذرف على القلب الدّموع فكلّكم
في آدم أهل وآدم يجمع
للخلق صبيان كما لك صبية
ولهم لباس فارقوه ومضجع
واخرج من الحرب العوان بِعبِرة
إنّ العظات من الحوادث أوقع
حرب على حرب حنانك ربنا
لم يبق منا ما ينال المدفع
أدرك دماء الخلق إنّ دماءهم
سالت فوجه الأرض منها مترع