إعداد: سيباستيان سايبت | حسين عمارة تابِع إعلان اقرأ المزيد

لقد حان الوقت لولاية رئاسية خامسة على رأس روسيا. سمح الفوز غير المفاجئ لسيد الكرملين فلاديمير بوتين في الانتخابات الرئاسية الروسية، التي جرت من الجمعة 15 إلى الأحد 17 مارس/آذار الجاري، بإضافة ست سنوات جديدة إلى رصيد حكمه للبلاد. وإذا تمكن من البقاء في السلطة حتى نهاية هذه الولاية الجديدة، فسوف يعادل بذلك في عام 2030 طول الفترة التي قضاها ليونيد بريجنيف في حكم الاتحاد السوفياتي أي 18 عاما، من 1964 إلى 1982.

فقط جوزيف ستالين هو صاحب الرقم القياسي في طول فترة الحكم…

وحتى يصل إلى رقم "أب الشعوب" (ستالين) القياسي في الحكم، نجح بوتين في إعادة انتخاب "قياسية" لنفسه وفقا للنتائج شبه النهائية التي أعلنتها لجنة الانتخابات المركزية، الإثنين 18 مارس/آذار. وأكدت إيلا بامفيلوفا، رئيسة لجنة الانتخابات المركزية، أن 87,28 بالمئة من جميع بطاقات الاقتراع التي تم فرزها كانت باسم الرئيس المنتهية ولايته. ووفقا لها، وصلت نسبة المشاركة أيضا إلى مستوى "غير مسبوق" حيث صوت في الانتخابات أكثر من 77 بالمئة من الناخبين المسجلين.

 

 

 

اقرأ أيضاما رسائل بوتين من خلال خطابه السنوي للأمة

 "الرواية الخيالية الانتخابية" للكرملين

وفي الغرب، وصفت معظم الحكومات الأوروبية الانتخابات بأنها "انتخابات وهمية" أو على الأقل "انتخابات بدون خيار". لكن حجم ما يسمى "بموجة بوتين" قد فاجأ المراقبين بصورة كبيرة.

"كنا نظن أن فلاديمير بوتين كان يهدف إلى إحراز ما يزيد قليلا عن 75 بالمئة من الأصوات للبقاء منسجما مع نتائج انتخابات عام 2018 [77 بالمئة - ملاحظة المحرر]، لكن من الواضح أنه قرر تجاهل كافة المظاهر تماما من خلال القيام بعمل أكبر تأثيرا من ألكسندر لوكاشينكو، الذي منح نفسه 81 بالمئة من الأصوات خلال الانتخابات الرئاسية البيلاروسية عام 2020. ويلخص ستيفن هول، المتخصص في السياسة الروسية بجامعة باث، الموضوع بأن الحديث عن "انتصار ساحق" أمر مثير للسخرية في هذا السياق، فهو بالأحرى ترشيح ذاتي ساحق إن استطعنا قول ذلك".

لماذا إذن هذه النسبة العالية جدا؟ يقول جيف هاون، متخصص في الشؤون الروسية بكلية لندن للاقتصاد، إن الحرب في أوكرانيا "جعلت من الضروري أكثر من أي وقت مضى إظهارروسيا متحدة وراء رئيسها ".  فيما يؤكد ستيفن هول أن الجمهور الأول المستهدف بهذه "الرواية الخيالية الانتخابية التي ابتكرها الكرملين" هو الجمهور الروسي. بالنسبة لهذا الخبير، فإن الانجراف الاستبدادي للنظام كان من نتيجته أن فلاديمير بوتين بات يعتبر نفسه أكثر فأكثر "أب الأمة" و"يجب أن تحظى شخصية الأب هذه بالدعم الثابت من جميع أبنائه".

كما كان لابد من إقناع الطبقة السياسية الروسية والنخبة الاقتصادية بهذه النظرية. ومع مثل هذه النتيجة فإن "الرسالة واضحة: من المفترض أنه ليس هناك معارضة فحسب، ولكن أيضا لا توجد مساحة سياسية لوصيف محتمل أو خليفة"، حسب تحليل جيف هاون.

هذه "النتيجة غير المسبوقة" تبعث أيضا برسالة خارج حدود روسيا. وهي أنه "يجب استخدامها لتعزيز سردية القوة الروسية في الديمقراطيات الغربية. لن أتفاجأ إذا استخدمت وسائل الإعلام الموالية لروسيا أو المتعاطفين مع موسكو هذه النتيجة في الأسابيع المقبلة لمحاولة تقويض الدعم لأوكرانيا من خلال الإشارة إلى أن هذا الانتصار في الانتخابات يدل على عزم روسي أقوى من أي وقت مضى".

 

اقرأ أيضاربع قرن على رأس السلطة في روسيا... خمس محطات أساسية في حكم بوتين

 

معارضة محدودة في مراكز الاقتراع

ومن المفارقات أنه إذا كانت النتائج الرسمية تشير إلى توطيد سلطة فلاديمير بوتين، فإن "هذه الانتخابات شهدت أيضا مستوى من مشاركة المجتمع المدني على نطاق لم يسبق له مثيل منذ الاحتجاجات الجماهيرية في شتاء 2011-2012"، حسب صحيفة موسكو تايمز الروسية المستقلة الناطقة بالإنكليزية.

"الدعوة للتصويت ظهر يوم الأحد احتجاجا على فلاديمير بوتين لقيت صدى جيدا جدا، حتى ولو كان أساسا في أوساط الشتات الروسي"، كما يؤكد جيف هاون. يقول ستيفن هول، الذي كان حاضرا يوم الأحد: "أمام السفارة الروسية في لندن، كان هناك طابور يبلغ نحو كيلومتر واحد في الساعة 12 ظهرا". وفعل العديد من الروس الشيء نفسه في برلين، حيث تظاهرت يوليا نافالنايا - أرملة ألكسي نافالني.

ولم يحصل فلاديمير بوتين أيضا على غالبية أصوات الروس في الخارج. مع استثناءات قليلة (في اليونان أو إيطاليا)، فقد فضل الروس في الخارج المرشح الأكثر "ليبرالية" - ولكنه مع ذلك مؤيد لبوتين - فلاديسلاف دافانكوف.

لكن الصورة لم تكن جميلة تماما في الحملة الانتخابية التي قادها الكرملين داخل روسيا، ورغم الصفوف الطويلة التي تشكلت ظهر الأحد أمام مراكز الاقتراع في موسكو أو سانت بطرسبرغ. فقد كانت هناك أعمال تخريب صغيرة في جميع أنحاء البلاد، وصب بعض الناخبين "صبغة خضراء في صناديق الاقتراع أو قاموا بتفجير مفرقعات نارية. كما رسم آخرون وجه ألكسي نافالني على بطاقات الاقتراع" كما يلخص ستيفن هول. وهكذا أصبحت مراكز الاقتراع أو صفوف الانتظار خلال الانتخابات "أماكن تجمع مرتجلة للروس الساخطين الذين ليس لديهم طريقة أخرى لمقابلة بعضهم بعضًا أو التعرف على بعضهم بعض"، كما يؤكد ستيفن هول.

أخبار سيئة في الأفق؟

إيماءات احتجاج صغيرة ليس لها وزن يذكر مقابل 87 بالمئة من الأصوات لبوتين التي يلوح بها الكرملين. فيما أوضح الرئيس الروسي أنه لا يخاف من "بذرة" الاحتجاج هذه. في خطاب النصر الذي ألقاه، أشار ولأول مرة إلى خصمه الرئيسي الراحل ألكسي نافالني بالاسم. "وهذا يدل على أنه اكتسب مزيدا من الثقة في هذه الانتخابات"، يقول ستيفن هول.

ولكن مزيد من الثقة لعمل ماذا؟ مواصلة الحرب، بالتأكيد. ولكن ربما أيضا البدء في تنفيذ المشاريع الكبرى - تجديد الطرق، بناء المطارات في المناطق النائية - التي تحدث عنها خلال خطابه إلى الأمة في نهاية فبراير/شباط الماضي؟ ستيفن هول لا يعتقد ذلك: "أي إصلاح أو إنفاق من شأنه أن يخاطر بإضعاف النظام. سيفعل فلاديمير بوتين ببساطة أي شيء للحفاظ على الوضع الراهن"، كما يؤكد هذا الخبير.

 

ربما يأتي التغيير الوحيد في شكل أخبار سيئة للروس. "فالكرملين عادة ما يستفيد من فترة ما بعد الانتخابات الرئاسية لتمرير التدابير التي لا تحظى بشعبية"، حسب صحيفة نيويورك تايمز. ففي عام 2018، اعتمدت الحكومة قانونا ينص على تخفيض سن التقاعد. وماذا عن 2024؟ يمكن أن يكون هناك حديث عن موجة جديدة من التعبئة لزيادة أعداد الجنود المرسلين إلى أوكرانيا، كما تخشى صحيفة موسكو تايمز. فهل ستكون بذرة الاحتجاجات التي ظهرت خلال الانتخابات كافية لثني فلاديمير بوتين عن اتخاذ مثل هذا القرار؟

النص الفرنسي: سيباستيان سايبت | النص العربي: حسين عمارة

المصدر: فرانس24

كلمات دلالية: الحرب بين حماس وإسرائيل روسيا الحرب في أوكرانيا ريبورتاج الكرملين فلاديمير بوتين الاتحاد السوفياتي الحرب في أوكرانيا روسيا معارضة المجتمع المدني اليونان إيطاليا نيويورك تايمز روسيا فلاديمير بوتين انتخابات رئاسية اقتصاد الحرب في أوكرانيا للمزيد إسرائيل الحرب بين حماس وإسرائيل الولايات المتحدة دبلوماسية السعودية الجزائر مصر المغرب السعودية تونس العراق الأردن لبنان تركيا الانتخابات الرئاسیة فلادیمیر بوتین فی الانتخابات بالمئة من

إقرأ أيضاً:

لن أذهب إلى أي مكان.. بايدن مُستمرّ في السباق الرئاسي رغم دعوات انسحابه

أكّد الرئيس الأميركي، جو بايدن، الخميس، مواصلة ما يصفه بـ"النضال"، على الرغم من عدّة دعوات تُطالبه بالانسحاب من السباق الرئاسي، وذلك خلال احتفال بعيد الاستقلال في قلب البيت الأبيض.

وردّ بايدن، البالغ 81 عاما، في ردّه على أحد مؤيديه الذي طلب منه "مواصلة النضال"، بالقول: "لن أذهب إلى أي مكان".

وكشفت عدد من التقارير الإعلامية، استمرار بايدن في محاولاته لتبرير ما اعتُبر "أداء كارثي" خلال مناظرته مع الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، قبل أسبوع، على الرغم من مخاوف جدية بخصوص ما يُنشر عن قدراته الذهنية.

وخلال مقابلة له مع إذاعة محلية في بنسلفانيا، الخميس، اعترف بايدن مجددا بأنه كان "سيئا في المناظرة"و مردفا: "90 دقيقة على المسرح لا تمحو ما فعلته خلال ثلاث سنوات ونصف سنة".

وفي السياق نفسه، يُواجه بايدن، دعوات مُتسارعة لسحب ترشّحه من الانتخابات الرئاسية المقررة في تشرين الثاني/ نوفمبر. فيما قالت كارين جان بيار، وهي المتحدثة باسم البيت الأبيض إن "الرئيس لا يفكر أبدا في الانسحاب من السباق". 


بدورها، قالت أبيجيل ديزني، وهي حفيدة والت ديزني، ووريثة شركة الترفيه الكبرى لشبكة "سي.إن.بي.سي"، الخميس، إنها سوف توقّف التبرعات للحزب الديمقراطي، إلى حين أن ينسحب الرئيس جو بايدن من سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024.

كذلك، اثنان من البرلمانيين الديموقراطيين، خلال الأسبوع الجاري، إلى "إيجاد مرشح أقوى من بايدن للانتخابات الرئاسية"؛ فيما دعت عدد من الصحف بينها "نيويورك تايمز"، بايدن إلى التنحّي عن الانتخابات الرئاسية.

إلى ذلك، كشف استطلاعان للرأي نَشرت نتائجهما على صحيفتا "نيويورك تايمز" و"وول ستريت جورنال"، الأربعاء، تقدّما واضحا لترامب في نيّات التصويت على المستوى الوطني، وهو ما جعل الأزمة بين المترشحين تتأجّج أكثر. 


تجدر الإشارة إلى أنه من المرتقب أن يعقد بايدن، مؤتمرا صحافيا، خلال الأسبوع المقبل. بهدف إثبات قدرته على التعبير عن نفسه والتحدّث بكل طلاقة، وكذا من أجل قطع ما يصفها البعض بـ"الشكوك" المُنتشرة بخصوص قدرته على قيادة البلاد، خلال أربع سنوات إضافية.

مقالات مشابهة

  • الرئاسة التركية: موعد زيارة بوتين إلى تركيا لم يتحدد بعد
  • عكس أوروبا.. لماذا توجهت بريطانيا يسارًا نحو العمّال؟
  • لن أذهب إلى أي مكان.. بايدن يؤكّد استمراره في السباق الرئاسي رغم دعوات انسحابه
  • لن أذهب إلى أي مكان.. بايدن مُستمرّ في السباق الرئاسي رغم دعوات انسحابه
  • متابعة نشرات الطقس .. اليونيسيف تقدم نصائح للتعامل مع موجات الحر
  • صاحب مقابلة القرن مع بوتين يستعد لمقابلة مع زيلينسكي
  • لقاء بين فلاديمير بوتين وشي جينبينغ في كازاخستان
  • الجولة الثانية من الانتخابات الإيرانية.. أهميتها وطرق انتخاب المرشحين
  • إعلام روسي: الرئيس فلاديمير بوتين يصل إلى كازاخستان استعدادا للمشاركة في قمة منظمة شنجهاي للتعاون
  • لماذا يحاول الرئيس بوتين التدخل في الانتخابات البريطانية؟