تصور حول أهمية إنشاء هيئة مساحة جيولوجية عُمانية
تاريخ النشر: 19th, March 2024 GMT
بالرغم من أن سلطنة عُمان تملك ثراءً جيولوجيا هائلاً يسهم بصورة مباشرة في تنمية القطاعات الحيوية (كقطاعات النفط والغاز والتعدين والطاقة المتجددة والهيدروجين والحياد الصفري والماء والمخاطر الطبيعية والموارد البحرية والبيئة بشكل عام)؛ إلا أنها لم تنشئ حتى اليوم هيئة مساحة جيولوجية أسوة بالدول العربية والعالمية الأخرى، هذا على الرغم من الإمكانات الجيولوجية الهائلة التي تختزنها أرض عُمان سطحًا وباطنًا.
هيئة المساحة الجيولوجية هي جهة تُعنَى بإجراء مسوحات جيولوجية داخل منطقة أو بلد معين، سواء كانت هذه المسوحات على سطح الأرض أو في باطنها. كما أنها مسؤولة عادة على إيجاد تكاملية بين القطاعات الاقتصادية الحيوية التي تعتمد على علوم الأرض في نجاحها، وهي عبارة عن مؤسسة حكومية أو منظمة منضوية تحت جمعية رسمية أو شركة خاصة تقوم على إثراء وتحديث قواعد معلومات علوم الأرض من نتائج أعمال المسح الجيولوجي المستدام والمستمر لتغطية كافة أراضي سلطنة عُمان بخرائط جيولوجية ذات مقاييس رسم مختلفة وبيانات ومعلومات مكانية رقمية دقيقة ونظم معلومات جغرافية حيث تكون خرائط الأساس الطبوغرافية والجغرافية، والصور الجوية، وصور الأقمار الاصطناعية ركائز أساسية لأعمال المسح الجيولوجي ومسوحات أخرى.
كما تشمل هيئة المساحة الجيولوجية عادة أدوارًا واختصاصات حيوية في مجالات متعددة، من أهمها:
1- إنشاء وتطوير قاعدة بيانات جيولوجية وبصفة موثوقة وشاملة؛ إذ تعتبر هذه القاعدة البيانات مصدرًا قيمًا للمعلومات الجيولوجية والجيومورفولوجية والجيوكيميائية والجيوفيزيائية مسهمة في فهم تكوين الأرض وتوزيع الموارد الطبيعية وتحليل المخاطر الطبيعية ويمكن استخدام هذه القاعدة في العديد من المجالات مثل الاستكشاف واستخراج المعادن والنفط والغاز، وإدارة المياه الجوفية، وتقييم المخاطر الجيولوجية المحيطة. وبالإضافة إلى ذلك، تسهم القاعدة البيانات الجيولوجية في توجيه السياسات البيئية، وتعد عاملاً أساسيًا في التنمية المستدامة للمجتمعات المحلية والعالمية.
2- تنظيم الخرائط الجيولوجية وتوجيهها للاستفادة من الموارد: تنظيم الخرائط الجيولوجية وتحديثها بانتظام يعد جزءًا أساسيًا من الجهود التي ستعمل الهيئة على إنجازها. وذلك من خلال جمع وتحليل بيانات الخرائط الجيولوجية وصور الأقمار الاصطناعية المتاحة، والنظر في آليات تطويرها رقميًا بطريقة يسهل الوصول إليها. وستعمل الهيئة على تحديث الخرائط الجيولوجية باستمرار لضمان توافر معلومات دقيقة ومحدثة للباحثين والمهتمين في مجالات البحث العلمي والصناعي. وتتمثل أهمية هذه الخرائط في توجيه السياسات البيئية والتنموية، وتطوير الصناعات التعدينية، وتحديد فرص الاستثمار في القطاعات الطبيعية. كما توفر هذه الخرائط أيضًا الأسس العلمية للتخطيط الحضري المستدام وإدارة المخاطر الطبيعية.
3- عمل دراسات موسعة لمجالات تخزين غاز ثاني أكسيد الكربون وغاز الهيدروجين: تخزين ثاني أكسيد الكربون (CO2) وغاز الهيدروجين يعتبر جزءًا أساسيًا من إستراتيجيات الحد من انبعاثات الكربون وتطوير الطاقة المستدامة. يشمل تخزين ثاني أكسيد الكربون تقنيات مثل: التخزين الجيولوجي؛ إذ يُضخ ثاني أكسيد الكربون المنبعث من مصادر مثل محطات توليد الطاقة والصناعات الثقيلة إلى طبقات جيولوجية عميقة تحت الأرض للحفاظ عليه ومنعه من الانتشار في الغلاف الجوي. أما تخزين غاز الهيدروجين فيشمل تخزينه في باطن الأرض أو في أنابيب مصممة لحفظه بأمان، حتى يمكن استخدامه في المستقبل كوقود نظيف ومتجدد للسيارات والصناعات. إن تطوير تقنيات فعالة لتخزين الهيدروجين يعزز من استدامة الطاقة ويخلق فرصًا لتحسين الأداء البيئي والاقتصادي. وفي هذا الصدد؛ ستسعى الهيئة إلى توسعة الدراسات المتعلقة بهذا المجال والبحث عن الأماكن الحيوية والمناسبة لتطبيق تقنيات التخزين، ووضع حلقة وصل منظمة بين الهيئة والجهات الحكومية والخاصة ذات العلاقة، وذلك لتحقيق نقلة نوعية جيدة في مجالات تقليل الانبعاثات الضارة وتعزيز استدامة الطاقة.
4- تقييم المخاطر الطبيعية: من خلال دراسة الهياكل الجيولوجية بما يمكن من تقييم المخاطر المرتبطة بالكوارث الطبيعية مثل: الزلازل والانهيارات الأرضية المحتملة، خصوصًا في الشوارع العامة والمناطق السكنية والصناعية. وسيساعد هذا على إيجاد قاعدة بيانات مرجعية لربط المخاطر الطبيعية بالبيانات الجيولوجية المختلفة.
5- حماية البيئة: المسوحات الجيولوجية توفر معلومات قيمة لتقييم التأثير البيئي لمشروعات البناء وعمليات التعدين وغيرها من الأنشطة التي قد تؤثر على النظم البيئية أو الموارد المائية. باستخدام هذه المعلومات؛ يمكن تحديد المناطق الحساسة بيئياً وتطوير استراتيجيات الحماية البيئية، بالإضافة إلى تقديم تقديرات دقيقة للتأثيرات البيئية المحتملة واتخاذ القرارات المدروسة للتخطيط البيئي وإدارة الموارد الطبيعية، وبالتالي تعزيز الاستدامة البيئية وحماية النظم البيئية الطبيعية.
6- البحث العلمي: تُعد المسوحات الجيولوجية مصدرًا حيويًا للبحث العلمي؛ لأنها تسهم في فهمٍ عميقٍ لتاريخ الأرض وتطورها من خلال توفير البيانات والمعلومات الضرورية للجيولوجيا وعلم الأحافير وعلم المناخ بفضل دراسة الطبقات الجيولوجية والصخور. وتسهم هذه المعلومات في دراسة العوامل التي أثرت على تشكيل الطبيعة وتطور الأرض، مما يعزز من التقدم العلمي وفهمنا لعمليات الطبيعة وتأثيراتها على الحياة الأرضية.
7- تطوير البنية التحتية: تعد معرفة الظروف الجيولوجية أمرًا حيويًا لتخطيط وهندسة مشاريع البنية التحتية مثل: الطرق والجسور والأنفاق والمباني. وتساعد المسوحات الجيولوجية في تحديد المواقع المناسبة وتصميم الهياكل التي يمكنها تحمل التحديات الجيولوجية، مع العمل على مشاركة البيانات الجيولوجية للجهات ذات الاهتمام الهندسي والتخطيطي.
توظف هذه الهيئات عادة الجيولوجيين والجيوفيزيائيين والهيدرولوجيين وخبراء آخرين لإجراء العمل الميداني وجمع البيانات وتحليل النتائج، وتتعاون أيضًا مع المؤسسات الأكاديمية والوكالات الحكومية الأخرى والشركات الخاصة لتحقيق أهدافها.
كذلك تعتبر التطبيقات الجيولوجية المتطورة والتقنية مهمة جدًا في عمليات التطبيق والمحاكاة، وستسهم البرمجيات الحاسوبية وتقنيات الذكاء الاصطناعي الحالية في عمل تكامل حيوي وذي تفاعل سريع يسهل من خلاله تمثيل البيانات وعرضها بشكل واضح وميسر للجميع. وأيضًا ستكون مرجعًا جيدًا لجميع الجهات الحكومية والخاصة وكذلك للمهتمين والباحثين في مجالات العلوم الجيولوجية والعلوم الأخرى المرتبطة.
ستكون الهيئة - كما نراها- مرجعًا وطنيًا عالمي المستوى في أبحاث علوم الأرض والمسح عن الموارد الطبيعية ورصد ومراقبة الأنشطة الجيولوجية لحماية المجتمع وتمكين سلطنة عمان من الاستغلال الأمثل لمواردها الطبيعية.
وفي ظل النهضة المتجددة التي يقودها بخطى علمية وثابة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق - حفظه الله ورعاه-؛ نأمل أن نرى هيئة مساحة جيولوجية عُمانية قريبًا -إن شاء الله- تشارك بفعالية في تنفيذ رؤية ٢٠٤٠ من خلال دعم وتطوير قطاع حيوي مهم لثروات وموارد طبيعية تزخر بها سلطنة عُمان من شأنه الدفع بمقومات الاقتصاد العُماني واستدامته.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: ثانی أکسید الکربون المخاطر الطبیعیة جیولوجیة ع جیولوجیة ا فی مجالات من خلال
إقرأ أيضاً:
هزاع بن زايد يؤكد أهمية المضي قُدماً في مسيرة التنمية الشاملة التي تشهدها العين
استقبل الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، ممثّل الحاكم في منطقة العين، اليوم الجمعة، عدداً من الشيوخ والمسؤولين والمواطنين، خلال زيارتهم لبرزة قصر المقام في منطقة العين.
وتبادل الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان والحضور، خلال اللقاء، الأحاديث الودية التي تُجسِّد متانة العلاقات الوطيدة التي تربط القيادة الرشيدة بالمواطنين، كما تناول معهم عدداً من الموضوعات ذات الصلة بشؤون الوطن والمواطن. وأكّد الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان أهمية المضي قُدُماً في مسيرة التنمية الشاملة والمستدامة التي تشهدها منطقة العين في مختلف القطاعات ذات الأولوية الوطنية، بهدف تحقيق الرؤى والتطلّعات الطموحة التي وضعتها القيادة الرشيدة، وتعزيز جودة حياة المواطنين والمقيمين، والارتقاء بمستوى الخدمات المقدَّمة لهم في منطقة العين.
وأشار إلى الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة الحكيمة لمنطقة العين من خلال مواصلة إطلاق المشاريع التنموية والمبادرات الاستراتيجية، بهدف تطوير البنى التحتية، وتعزيز القطاعات الحيوية، وتوفير المزيد من فرص العمل التنافسية.
وحضر اللقاء عدد من الشيوخ، وكبار المسؤولين، وجموع من أهالي منطقة العين.
هزاع بن زايد يستقبل عدداً من الشيوخ والمسؤولين والمواطنين في برزة قصر المقام في منطقة العين، حيث تبادل سموّه مع الحضور الأحاديث الودية التي تُجسِّد متانة العلاقات الوطيدة التي تربط القيادة الرشيدة بالمواطنين. pic.twitter.com/vHSRwZR2OF
— مكتب أبوظبي الإعلامي (@ADMediaOffice) January 10, 2025