شيخ الأزهر يكشف الفرق بين اسم الله "الخبير" و"العالم"
تاريخ النشر: 19th, March 2024 GMT
قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إن اسم الله "الخبير" قد ثبت بالنصوص القرآنية والسنة النبوية وإجماع العلماء، ومعناه "العالم ببواطن الأمور"، موضحا أن الفرق بين "الخبير"، و"العالم"، هو أن العالم يعلم الشيء لكن الخبير يعلم باطن هذا الشيء، ومن ذلك استخدامه في توصيف أصحاب المهن كالهندسة مثلا ب"الخبير"، فنقول هذا "مهندس خبير" بمعنى أنه تعمق في مهنته وعلمها بعمق لا يعرفه غيره بعد إخباره واستخباره، إلا أن ذلك لا يصح مع الذات الإلهية، ولا نستطيع أن نقول أن "الخبير" للذات الإلهية هو العليم ببواطن الأمور بعد إخباره أو بعد استخباره ففي ذلك علم بعد جهل كما هو للبشر، وهو نقص يستحيل على الله تعالى.
وأوضح شيخ الأزهر، خلال الحلقة التاسعة من برنامج "الإمام الطيب"، أن كل علوم البشر ناقصة لأنها تتغير وتتبدل، تكون جهلا أو تكون خطئا، على خلاف ما عليه المعلوم، وكل هذه نواقص علم الله تعالى منزه عنها، فعلمه تعالى أزلي وفيما لا يزال، يعلم ما كان وما يكون وما سيكون كيف سيكون، قبل أن يوجد كل هذا، فهذا هو العلم الإلهي وهم يصفونه بالشمول وبالامتداد والاسترسال، ويصفونه بأنه الأزلي وعلمه في الأزل وفيما لا يزال، مبينا أن بعض المفكرين قد ضلو الطريق في تفسير "علم الله"، حين قالو "إذا كان الله علم كل شيء، فمثلا إذا علم أن زيدا سيأتي في زمان ما وسيشرب الخمر وسيعاقب مثلا، فما ذنب زيد هنا"، ونرد عليهم بأن "العلم" هنا ليس ليس صفة تأثير ولكنه صفة انكشاف، بمعنى أنها تكشف الأشياء والموجودات لكنها لا تؤثر فيها ولا في خلقها.
وحول "القدرة" و"الإرادة"، بين فضيلته أنهما صفتا تأثير، افلقدرة صفة لها تأثير، والإرادة أيضا صفة تأثير وتعلق وهو الاختيار، فمثلا الله سبحانه وتعالى علم أن "طفلا سيولد في يوم كذا"، فهذا علم كاشف، ثم تأتي "القدرة" لتظهر أو تخرج هذا الطفل من العدم إلى الوجود، فهذه هي القدرة، التأثير بإخراج العدم من الوجود، ثم تأتي الإرادة، لتخصص أنه سيأتي في يوم كذا، وليس في اليوم السابق ولا اللاحق، وسيأتي في شكل كذا وليس في الشكل الآخر، وفي طول كذا، وهكذا، لأن الإرادة تختار لكل مخلوق أشياء من بين أشياء عديدة جدا يمكن أن تكون له، لكن اختار له هذا دون ذاك، موضحا أن في ذلك لطف كبير من الله بعباده، بل بجميع المخلوقات، فجميع المخلوقات تأخذ نصيبها من اللطف حتى الجمادات، حيث أن لها شعور وحس ومن ذلك قوله "ولقد آتينا داود منا فضلا يا جبال أوبي معه"، فأمر الجبال بأن تسبح معه، والأمر لا يصدر لميت.
وردا على سؤال " كيف يتجلى إيمان العبد باسم الله "الخبير" في أفعاله وحياته؟"، أكد فضيلته أن يكون ذلك بتعهد العبد لباطنه وخفايا قلبه، ويقصد هنا الأمراض القلبية كالحقد والحسد والغضب، وهذه معروفة بأنها آفات القلب، وهي عديدة جدا، فعلى العبد أن يتعهدها ويحاربها ويكون بها خبيرا، لأنه لو غفل عن هذا لا يصح أن يأخذ من اسم الله "الخبير" أي نصيب، فهو محروم تماما، والذي يأخذ بنصيبه هو الذي يتعهد نفسه وأمراض قلبه باستمرار، بمعنى أن يكون خبيرا بها، وألا ينشغل بالحياة ومظاهرها ولا يلتفت إلى ما في قلبه من آفات وأمراض وذنوب وآثام، فنستفيد من اسم الله "الخبير" في محاربة آفات القلب، وما أكثرها الآن، بل الناس يندر أن تجد شخصا يتوقف ولو قليلا ليحاسب نفسه على هذه الآفات أو هذه الأمراض.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: شيخ الأزهر الخبير العالم الامام الطيب اسم الله
إقرأ أيضاً:
نائب رئيس جامعة الأزهر: الرجال والنساء تحملوا عبء الدعوة مع النبي
شهد الدكتور رمضان عبد الله الصاوي، نائب رئيس جامعة الأزهر للوجه البحري، ندوة تثقيفية حول" مجابهة العنف ضد المرأة والتطرف " بكلية الاقتصاد المنزلي بطنطا، بالتعاون مع إدارة رعاية الطلاب بأمانة وجه بحري، ومرصد الأزهر، وفرع المجلس القومي للمرأة بكفر الشيخ .
تأتي الندوة في إطار مبادرة رئاسة الجمهورية (بداية)، وبرعاية كريمة من الدكتور سلامة داود، رئيس الجامعة، والدكتور رمضان الصاوي، نائب رئيس جامعة الأزهر للوجه البحري.
وفي كلمته بين الصاوي، أن الله-سبحانه وتعالى- كرم بني آدم جميعًا "ذكرًا وأنثى "مستشهدًا بقوله تعالى: " وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا" كما ساوي الله-سبحانه وتعالى- بين النوعين في الجزاء على العمل " فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ"، كما أن الله-سبحانه وتعالى- رد الخلق جميعا إلى الذكر والأنثي " ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا".
وأوضح أن دور المرأة المشاركة في كل شيء مستدلًا بحادث النبوة حين أسرع النبي-صلى الله عليه وسلم- إلى زوجته خديجة -رضي الله عنها-، ودخل خائفًا يرتجف ينادي: " زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي فَزَمَّلُوهُ حتَّى ذَهَبَ عنْه الرَّوْعُ، فَقالَ: يا خَدِيجَةُ، ما لي؟ وأَخْبَرَهَا الخَبَرَ، وقالَ: قدْ خَشِيتُ علَى نَفْسِي، فَقالَتْ له: كَلَّا، أبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لا يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا؛ إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ علَى نَوَائِبِ الحَقِّ".
وأضاف أن الرجال والنساء تحملوا عبء هذه الدعوة مع النبي محمد-صلى الله عليه وسلم-، حينما قال: " خذوا نصف دينكم من هذه الحميراء "، كما أن النساء هاجرن إلى الحبشة، وكان من بينهم من حضر بيعة العقبه"، كما أن أم سلمة خرجت لتهاجر فمنعها أهلها وأخذوا ولدها " قالت: فتجاذبوا ابني سلمة بينهم، حتى خلعوا يده وانطلق به بنو عبد الأسد، وحبسني بنو المغيرة عندهم، انطلق زوجي أبو سلمة إلى المدينة، قالت: ففرقوا بيني وبين زوجي وبين ابني، قالت: فكنت أخرج كل غداة فأجلس بالأبطح، فما أزال أبكي حتى أمسي، سنة أو قريبا منها، حتى مر بي رجل من بني عمي أحد بني المغيرة، فرأى ما بي، فرحمني، فقال لبني المغيرة: ألا تحرجون من هذه المسكينة؟ فرقتم بينها وبين زوجها وبين ولدها، قالت: فقالوا لي: الحقي بزوجك إن شئت".
وأكد الصاوي، أن الاسلام حين جاء أنصف المرأة وأعطاها حقوقها المهضومة قبل ذلك في الجاهلية، مستدلًا بقوله تعالى: "وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودًا وهو كظيم".
وتابع: للمرأة حقًا في أن تكون لها ذمة مالية مستقلة، ويكون لها نسب يتصل بأهلها، وهذا لا يعترف به الغرب، كما كانوا في الجاهلية يحرمونها من حقوقها "مستشهدًا بما حدث عندما توفي سعد بن الربيع وعدى أخوه على ماله، وجاءت امرأة سعد بن الربيع بابنتيها من سعد ، فقالت : يا رسول الله ، هاتان ابنتا سعد ، قتل أبوهما معك يوم أحد شهيدا ، وإن عمهما أخذ مالهما ، فلم يدع لهما مالا ، ولا تنكحان إلا ولهما مال ، قال : يقضي الله في ذلك . فأنزلت آية المواريث ، فبعث إلى عمهما فقال : أعط ابنتي سعد الثلثين ، وأعط أمهما الثمن ، وما بقي فهو لك.
وأكد أن الإسلام حرم العنف ضد المرأة، فأوصى الفاتحين ألا يقتلوا شيخًا ولا امرأة ، كما مر صلى الله عليه وسلم في غزوة فوجد امرأة مقتولة، فغضب غضبًا شديدًا، وأنكر ذلك.
ومن جانبها قالت الدكتورة شرين جلال محفوظ، عميدة الكلية، إن مثل هذه اللقاءات التي تقام بالكلية وتدعمها رعاية الطلاب بالجامعة والوجه البحري، نافذة على عالم رحب تتطلع فيه الطالبات إلى الفهم العميق للقضايا المعاصرة مما تعم به الفائدة.
واكدت على حرص الجامعة بتخريج شباب قادرٍ على معاصرة كل ما هو جديد، محافظ على القيم والمبادئ تحت مظلة الكتاب والسنة.
من جانبه استعرض الدكتور محمد بناية، مشرف وحدة التطوير والمتابعة بمرصد الأزهر الشريف، صورًا من الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة الفلسطينية؛ لاسيما في ظل استمرار الصمت الدولي وازدواجية المعايير الغربية، والتي تنوعت بين العنف الجسدي، والنفسي، والاجتماعي، وهى تعيش حالة من عدم الاستقرار والقلق المستمر والخوف الدائم، نتيجة التهجير القسري، وقصف المنازل، وتدمير البنية التحتية، وبهذا تتخطى تحديات المرأة الفلسطينية أُطر الحياة اليومية.
فيما ناقش الدكتور عبد الله عابدين، مشرف وحدة الرصد باللغة الإنجليزية بمرصد الأزهر الشريف مفهوم "الإسلاموفوبيا سبب في معاناة المرأة في أوروبا"و تداعيات ظاهرة إرهاب الإسلام على أبناء الجالية الإسلامية وبخاصة النساء والأطفال، إذ تحول الخوف المرضي من الإسلام إلى ممارسة التمييز والعنصرية ضد المسلمين لمجرد كونهم مسلمين.
وأضاف أن تنظيمات اليمين المتطرف تستغل الأزمات البيئية والمجتمعية، في نشر أفكارها العنصريَّة واستقطاب عدد كبير من الشباب، والترويج للأيديولوجية المتطرفة، بالإضافة إلى تنفيذ عمليات ضد اللاجئين والأجانب، مستغلة بعض الأزمات كسلاحٍ ضد الأجانب بشكلٍ عام والمُسلمين بشكل خاص.
فيما تناول الدكتور إيهاب شوقي، مشرف وحدة التقارير الدورية بالمرصد، الحديث عن إساءة التنظيمات الإرهابية استغلال المرأة؛ لاسيما بعد أن تبين أن أعداد النساء في صفوف تنظيم داعش الإرهابي تشكل نحو (15%) من إجمالي عناصر التنظيم، موضحًا أن ذلك اتضح بعد ضعف التنظيم عام 2015م.
و من هذا المنطلق حرص المرصد على إصدار كتاب باسم (النساء في صفوف الجماعات المتطرفة)، ثم انتقل للحديث عن أساليب استقطاب التنظيمات الإرهابية للنساء، وكيفية الوقاية منها.