الصحافة العراقية.. وتهاوي عروشها المتهالكة
تاريخ النشر: 19th, March 2024 GMT
مارس 19, 2024آخر تحديث: مارس 19, 2024
حامد شهاب
ربما لم تشهد الصحافة العراقية وحتى العربية عموما حالات موت سريري مثلما تشهده الآن بالرغم من أن العصر الذي نعيشه يطلق عليه بالعصر الديمقراطي.
وترى الأسرة الصحفية أنها تعيش اليوم حالات انهيار في المنظومة الإعلامية والقيمية وإنهيار في الإرتقاء بفنون الصحافة وترد كبير في الأساليب والمضامين الصحفية وحتى الثقافية والأدبية عموما وتراجع دورها عراقيا وعربيا وحتى على مستوى دولي ربما وكأنها تعيش حالة سبات ورقود وهي تعاني سكرات الموت الأخيرة.
ولعدم وجود جهة قطاعية تدعم نهوض الصحافة وتقدمها أو تشد من عضد رجالاتها لكي يرتقوا بالكلمة الى مملكتها التي كانت تحظى بالاحترام والتقدير وإذا بها تشهد حالات ارتدادات انحدارية لم يسبق لها مثيل وكأنما تشهد حالاتها المرضية من يودع جثمانها الى مثواها الأخير.
ثم جاء عصر الإنترنيت والمواقع الإلكترونية وبدلا من أن يعلي من شأنها وإذا بها تهبط بأساليبها وفنونها ومضامينها الى منحدرات خطيرة لا علاقة لها بمضامين الصحافة والإعلام لا من قريب ولا من بعيد.
المشكلة أن العراق كان يعد رائد الصحافة العربية في السبعينات والثمانينات وربما الى عهد التسعينات وكانت هناك أعلام عراقية نابغة في الصحافة والأدب يشار لها بالبنان .
كانت الصحافة العراقية تضم بين جنباتها وبين صفحات تاريخها المجيد العشرات من الرواد والنجوم اللامعة الذين كانوا محل إهتمام القراء والمتابعين ليس على مستوى العراق فحسب بل على مستوى عربي وأقليمي .
كان هؤلاء الأعلام وجلهم من كتاب رفيعي المستوى وهم يرتقون بالذائقة العراقية لترتفع بمقاماتها الى حيث تعلو قيم الكلمة وترفرف أجنحتها لتحلق في الأعالي وهي تغمر قرائها ومتابعيها بطيب الأثر وبلاغة المعاني وصدق التعبير عن الأماني والتطلعات المشروعة.
كان ملايين العراقيين يجدون في مملكتها مبتغاهم في أنها ترفع من شأنهم وتعبر عن خلجاتهم وما يدور في ثنايا الصدور وهي تهتم بأحوالهم ، وكل ما يجدونه فيها من وسائل الارتقاء بالمجتمع والدولة والعلوم والفنون والحضارة والإبداع والرقي المجتمعي والمتعة الفنية التي إزدهرت فنونها وعلومها في السبعينات والثمانينات واذا بها تتراجع وتنتكس مكانتها عقدا بعد آخر حتى أن العهد الديمقراطي كما يبدو قد سلبها آخر أدوارها ومكانتها التاريخية وأحالها على التقاعد، ولم يبق هناك من أعلام يشار لهم بالبنان ربما إلا على عدد أصابع اليدين في أكثر تقدير.
ومثلما شهدت الصحافة العراقية هذا التراجع الرهيب والمرعب زحف هذا المد ليزحف باتجاه الجهات الصحفية التي كانت ترعى مكانتهم وتضع لها اعتبارها، وإذا بنقابة الصحفيين العراقيين التي بقيت الوحيدة التي تتربع على عرش ما تبقى من رواد الصحافة وكتابها المبدعين وإذا بها الأخرى وتبدو قلاعها تتهاوى هي الأخرى وتعيش حالة عزلة وسبات وانقطاع عن دورها ومكانتها.
بل لم يعد من الأسرة الصحفية وروادها من يهتم بنقابتهم أو يراجعونها سوى يوم واحد في أو لمرتين في العام الواحد في أعلى تقدير عندما يتم تجديد هويات أعضائها الذين امتد عددهم من بضع مئات الى ما يقرب من 26 الفا كما يقال في حين أن الرقم الحقيقي كما تؤكده مصادر صحفية ضليعة بمعرفة أحوال الصحافة لا يزيد في كل الأحوال عن عشرة آلاف صحفي ، إن لم يكن هذا الرقم هو الآخر كبيرا ولا يقترب من المصداقية في شيء.
ويبدو أن نقابة الصحفيين أرادت أن تضع حدا لهذا التضخم المهول الذي تشهده أعدادها بوضع إجراءات وتعليمات مشددة وإذا بها تستهدف روادها وأعلامها الكبار قبل أن تستهدف الطارئين عليها أو من انضموا اليها في غفلة من الزمان وبطرق ما أنزل الله بها من سلطان.
ثم جاءت كليات الإعلام في العراق ومن خارجه لتخرج الى الشارع المئات بل الآلاف كل عام من صحفيين كثير منهم أميون ليس بمقدور الكثيرين منهم كتابة عنوان لخبر أما كتابة خبر أو إلمام بأبسط الفنون الصحفية الأخرى فهذا شأن أكثر مرارة وأكثر إيلاما والأتعس من هذا أن بعضهم يحمل شهادات عليا في الإعلام وليس بمقدوره كتابة خبر صحفي.
حتى نقابة الصحفيين العراقيين أدركت أخيرا أن مكانتها هي الأخرى أصبحت أمام امتحان خطير وبدأت تعاني من التشتت والضياع وفقدان الدور ، لأن السلطة نفسها لم تعد تمنحها هذا الاهتمام ربما أو لأن جمهرة الصحافة فقدوا تأثيرهم بسبب غزو وسائل الاتصال غير الإعلامية التي تعارفنا بها واذا بها تنزل الى مهاوي وسائل تواصل لا علاقة لها بالصحافة من قريب أو بعيد.
أحوال الصحافة العراقية يبكي عليها الحجر قبل البشر وهي الآن في مرحلة عصيبة لا يحسد عليها فبعد أن كان القائمون عليها من كبار قامات الأدب والثقافة وهم من ارتقوا بالإعلام ودوره ومنحوه المنازل الرفيعة، وإذا بهم انفسهم يبتعدون عن الإعلام ، بعد أن وجدوا أن هناك آلافا مؤلفة دخلت هذا الميدان وأصبح بمقدور كل من هب ودب أن يركب موجتها ويغرد على سربه كيفما يشاء وإذا بهياكل الصحافة وقد تحولت الى أشلاء مقطعة تشكو رمقها الاخير الذي تودع بها أقدارها الى غير رجعة.
ربما كان النظام السياسي المنفلت الأدوار ومن انغمر في مهاوي الفساد والفوضى والصراعات بين قواهم السياسية وزعاماتهم قد وصل الى درجات مرعبة ، ولم يعد يهتم بالثقافة والمثقفين ولا بالمبدعين والأعلام الشامخة وراح يسلط عليهم الطارئين ومن تسللوا الى مواقع السلطة والقرار في غفلة من الزمان ليزيدوا من إنهيار مكانة الصحافة وإهمال دورها ربما لأنها أصبحت رقيبا خطيرا عليهم يكشف عورات نظامهم السياسي وعيوبه وإذا بهم يستهدفونها في الصميم ويحيلونها الى كهل لاحول له ولا قوة.
حتى الحرية الصحفية التي بشرنا بها النظام السياسي الديمقراطي وهي وإن منحتنا الحرية في التعبير فعلا لكنها من الجانب الآخر حولتنا الى قطاعات اجتماعية وسياسة متصارعة ليس بمقدور الصحافة وقف صراعاتها أو تداعيات إنهياراتها ، وتحولت الحرية الصحفية الى أن يتحدث الإنسان كيفما أراد دون وازع انضباطي أو أن يدرك أن للكلمة قدسية أيضا ينبغي أن لا تنزل بها في سوق النخاسة .
وما عسانا أن نقول عن حال الصحافة العراقية ومملكتها التي سقط عرشها في وحل التراجع المرعب والرهيب سوى أن نقول أنها راحت تلفظ أنفاسها الأخيرة في وداع أبدي ، لنقرأ على السلطة الرابعة السلام بعد أن تحولت الى سلطة عاشرة بل وربما في مراحلها العشرين ، وهي تندب حظها العاثر الذي أوصلها الى تلك المسالك الإنحدارية التي هوت بها الى قاع الانهيارات المتسارعة التي يشهدها العراق على أكثر من صعيد.
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: الصحافة العراقیة
إقرأ أيضاً:
مصطفى بكري: مصر لن تخضع للابتزاز وإذا قالت كلمتها فاستمعوا لها
كتب- حسن مرسي:
قال الإعلامي مصطفى بكري، الشعب المصري والأمة العربية أمام مشهد تاريخي يتمثل في احتشاد آلاف من المصريين أمام معبر رفح من أجل رفض مخطط التهجير الذي تحاول الإدارة الأمريكية متمثلة في دونالد ترامب فرضه بالقوة مصر والأردن.
وأضاف بكرى خلال برنامجه "حقائق وأسرار"، المذاع على قناة "صدى البلد": "النهاردة احنا أمام مشهد تاريخي، وهو احتشاد عشرات الألوف من المصريين أمام معبر رفح ليقولوا بوضوح ان مخطط التهجير مرفوض وسيسقط تحت أقدام الشعب المصري، المشهد النهاردة بيقول ان الشعب المصري كله رجال ونساء غني وفقير، كلهم صف واحد ووقفة رجل واحد خلف الرئيس عبد الفتاح السيسي".
وتابع مقدم "حقائق وأسرار": "مصر مش بتتهدد واحتشاد الآلاف أمام معبر رفح رسالة لإسرائيل وأمريكا، إذا قالت مصر كلمتها فاستمعوا لها، مصر لن تخضع للابتزاز".
وأكمل: "النهاردة مفيش مؤيد ومعارض، لأن الجميع يدرك أبعاد المخطط والمؤامرة على مصر، الرئيس عبد الفتاح السيسي بيواجه ومعاه الجيش المصري والشعب المصري أخطر تحدي في تاريخ مصر الحديث، وأخطر تهديد يواجه القضية الفلسطينية من 48 لحد النهاردة".
اقرأ أيضًا:
التهجير خط أحمر.. آلاف المصريين أمام معبر رفح يعلنون رفض تصريحات ترامب - فيديو
برواتب تصل لـ60 ألف جنيه.. فرص عمل بالداخل والخارج - التخصصات والتقديم
6 أعمال محببة في شهر شعبان استعدادا لبداية السنة الإيمانية
الصحة تكشف أسباب نجاح تحقيق أقل معدل مواليد منذ 2007
"الوزراء": 29.8 مليار جنيه لتمويل المشروعات متناهية الصغر وتوفير 2.8 مليون فرصة عمل
لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا
لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا
مصطفى بكري مقترح ترامب لتهجير غزة مصر لن تخضع للابتزاز احتشاد المصريين أمام معبر رفح برنامج حقائق وأسرار رفض مخطط التهجيرتابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
الخبر التالى: وزير الخارجية ورئيس المتحف الكبير.. أبرز فعاليات معرض القاهرة الكتاب غداً الأخبار المتعلقة سندافع عن أراضينا.. أحمد موسى: نحن أمام معركة قادمة لا محالة أخبار 25 صورة لمشاركة الأحزاب والقوى الشعبية في الوقفة التضامنية أمام معبر رفح أخبار مصطفى بكري: مخطط ترامب أخطر تحدي يواجه مصر في تاريخها الحديث أخبار مختار جمعة: مواقف الرئيس السيسي أزعجت العدو الصهيوني ونقف صفا واحدا خلفه أخبارإعلان
إعلان
أخبارمصطفى بكري: مصر لن تخضع للابتزاز وإذا قالت كلمتها فاستمعوا لها
أخبار رياضة لايف ستايل فنون وثقافة سيارات إسلاميات© 2021 جميع الحقوق محفوظة لدى
إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك لمدة 6 سنوات.. الجيزة: غلق كلي لامتداد شارع الأهرام بدءًا من غدًا السبت 25 صورة لمشاركة الأحزاب والقوى الشعبية في الوقفة التضامنية أمام معبر رفح 22القاهرة - مصر
22 13 الرطوبة: 42% الرياح: شمال المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار bbc وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك