لست متفائلة أكثر من اللازم، كما لست سوداوية متشائمة مثل غيرى وأنا أقول إن بلدنا قادر على تحقيق نهضة صناعية حقيقية ونمو اقتصادى مستدام ينعكس بالخير على الشعب الذى بات أغلبه مطحوناً بين سعار الغلاء والتضخم ومحدودية الدخل، وسبق أن عرضت لكم المعارض الصناعية والإنتاجية والتراثية المحلية أو العالمية التى تشارك فيها مصر، بما يؤكد جودة المنتجات المصرية، وقدرتها التنافسية العالمية، إذا توافرت الإرادة الحقيقية، وتوافر رجالات مال وأعمال وطنيون بحق.
وتحضرنى فى هذا الإطار قراءة لكتاب اسمه «محمد على من التبعية للاستقلال والتنمية» للكاتب والخبير الاقتصادى مجدى حسين، ويدور الكتاب حول تجربة الضابط الألبانى محمد على فى مصر، وما حققه من نهضة صناعية، وتصادف أن حضرت مناقشة للكتاب فى ندوة دعا لها الكاتب الجليل الأستاذ على القماش بنقابة الصحفيين، فى الواقع أعجبتنى الدراسة المحنكة والعرض لتجربة محمد على من أجل إحداث تنمية صناعية فى الفترة التى حكم فيها مصر من مايو 1805 حتى سبتمبر 1848، حتى اعتبره كثيرون أنه مؤسس مصر الحديثة وتغاضوا عن ظلمه وجرائمه وكل إخفاقاته، ولكننى تحفظت خلال ندوة عرض الكتاب على أن محمد على رغم كل ما قام به، إلا أن تلك النهضة الصناعية لم تنعكس بالخير والرفاهية أبداً على أبناء الشعب المصرى البسطاء والفقراء.
بل كان يتخذ أبناء الشعب سخرياً أو مقابل أقل القليل للعمل فى المصانع واهتم بالحجر على حساب تنمية البشر، رغم تلك البعثات التى أرسلها من رجال الأزهر ليظهر أمام العالم اهتمامه بالدين الإسلامى، كما أنه طبق مبدأ الاحتكار فى كل مناحى الحياة الاقتصادية، سواء فى الزراعة، التجارة، الصناعة، حتى أصبح هو المالك الوحيد لأراضى مصر، والتاجر الوحيد لحاصلات تلك الأراضى، وأصبح الصانع الوحيد لصنائعها، وكان يعتقد أن الاحتكار يمكنه أن يزيد من إيرادات الحكومة أو خزانة الدولة وأنه بهذا الاحتكار قد فتح باباً جديداً للربح.
لكن للأسف كل جهوده الصناعية والزراعية لم تكن لها ربحية اقتصادية حقيقية تعود لا على الدولة ولا تنعكس بالتالى على الشعب بالخير والرفاهية، الأمر الذى أضر فى الواقع رغم كل مظاهر النهضة الصناعية بالحالة الاقتصادية فى مصر ضرراً كبيراً، ولم يجنِ الشعب أى حصاد مثمر من تلك النهضة فى البناء والمصانع، بل كان الشعب يرزح تحت الفقر والسخرة، وكان كل ما يهم محمد على أن يقترن اسمه بتلك المشروعات الصناعية الضخمة حتى لو كانت بلا ربحية وحكر على الدولة دون أى استثمار يذكر.
ومن هنا لم توجد أى جدوى اقتصادية من وراء الكثير من مصانعه، لأنها كانت تستنفد رأس المال المتوافر لخزانة الدولة دون أى ربحية أواستثمار فى رأس المال هذا، بل كانت تصرف العمال فى نفس الوقت عن النشاط الزراعى ذى الجدوى الربحية الأعلى، واصبح اعتياد العمال على الشغل فى الصناعة مع غياب الحافز الربحى نوعاً من السخرية والعبودية لهم، وأصبح الإنتاج عبئاً وليس به أى دافع اقتصادى نفعى للشعب، من هنا أصيب مشروعه الصناعى بالعوار، بجانب عدم إدراكه لضرورة تحديث المجتمع المصرى وتحويله إلى مجتمع له ثقافة إنتاجية حديثة.
ولم ينجح محمد على فى توطين صناعات حقيقية فى مصر، وأعنى بالتوطين أن تلعب الصناعة المصرية الخالصة دوراً فعالاً فى تحقيق التنمية بتوافر المنتج الوطنى، ودفعه لعجلة الاقتصاد بما يسد باب الاستيراد، ويزيد الصادرات وفرص العمل، ويستقطب المستثمر الأجنبى بما يحقق ارتفاعاً للناتج القومى الإجمالى للدولة، ولعل شيئاً وحيداً نجح فيه محمد على هو عدم جر مصر إلى الديون الخارجية، وهو ما هدمه تماماً بعده الخديو إسماعيل، وللحديث بقية
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: والله نستطيع 3 فكرية أحمد مؤسس مصر الحديثة محمد على
إقرأ أيضاً:
السيسي يطمئن كبريات الشركات الصناعية: تحسين مناخ الاستثمار وتذليل العقبات أولوية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم الثلاثاء، برؤساء عدد من كبريات الشركات الدولية العاملة في قطاع الصناعة، المشاركين في النسخة الثالثة من الملتقى والمعرض الدولي السنوي للصناعات الذي يعقد في مصر خلال الفترة من 25 إلى 27 نوفمبر الجاري.
وذلك بحضور الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، والمهندس كامل الوزير نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل، والمهندس محمد زكي السويدي رئيس اتحاد الصناعات المصرية.
وفي بداية اللقاء، رحب الرئيس بالحضور، مؤكدًا حرص مصر على بذل كافة الجهود لتحفيز القطاع الصناعي، بهدف توطين الصناعة، وتشجيع استخدام التكنولوجيا في الصناعة، وتطوير الصناعات التكنولوجية المتخصصة، فضلًا عن تعزيز الصناعات الصغيرة والمتوسطة وزيادة تنافسيتها، وأشار الرئيس إلى الخطوات التي اتخذتها مصر لتحسين مناخ الاستثمار وتذليل العقبات التي تواجه المستثمرين وتطوير بيئة الأعمال، مؤكداً أن الحكومة المصرية سوف تواصل بذل الجهد واتخاذ ما يلزم من قرارات وإجراءات لإزالة العقبات أمام المستثمرين.
وفي هذا الصدد شدد الرئيس على اهتمام مصر بتفعيل الشراكات مع الكيانات الإقليمية والدولية، بما يحقق المصلحة للدولة وللمستثمرين، موضحًا أنه تأكيدًا من الدولة على التزامها بدعم القطاع الصناعي؛ فإنها على استعداد لتعزيز التعاون مع القطاع الخاص الأجنبي من خلال تفعيل مشروعات مشتركة، بما يضمن نقل الخبرات للعمالة المصرية، مشددًا على أن تلك المشروعات يجب أن تستهدف الزيادة الكبيرة والملموسة في المكون المحلي في المنتجات النهائية، وتوطين صناعة مستلزمات الإنتاج.
كما أكد الرئيس على وجود قطاعات متعددة ضمن أولويات مصر في جهود توطين الصناعة، ومن ضمنها الاستثمار في توفير مستلزمات تحلية وإعادة تدوير المياه، بما يدعم المشروعات الوطنية ذات الصلة.
وأضاف السفير محمد الشناوي المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية أن رؤساء الشركات الحاضرة قد أشادوا من جانبهم بالجهود الكبيرة التي تقوم بها الحكومة المصرية لتحسين مناخ الاستثمار وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، مستعرضين الفرص المتاحة للتعاون بين الجانبين، ومؤكدين حرصهم على تطوير التعاون مع مصر بما يحقق المصالح المتبادلة.
وأوضح المتحدث الرسمي أن عدداً من رؤساء الشركات المتخصصة في قطاعات صناعة السيارات والصناعات المغذية، الأجهزة المنزلية، الصناعات الهندسية، صناعة الأخشاب والأثاث، الصناعات الغذائية، صناعة المنسوجات، صناعة مستحضرات التجميل، وقطاع الإنشاءات ومحطات التحلية، قد أجروا خلال الاجتماع حواراً تفاعلياً مع السيد الرئيس، أكدوا فيه على حرصهم على الاستجابة لسياسة الدولة في توطين الصناعة، وزيادة المنتج المحلي في التصنيع، وتقديرهم لما تقدمه الدولة من تسهيلات وإعفاءات ضريبية تشجيعاً للاستثمار