الجزيرة:
2024-07-07@01:51:25 GMT

أفلام الصدمة والأزمات في السينما الإسرائيلية

تاريخ النشر: 26th, July 2023 GMT

أفلام الصدمة والأزمات في السينما الإسرائيلية

تقدم رئيسة وزراء إسرائيل غولدا مائير الحساء إلى وزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر وهما يجلسان على طاولة في المطبخ. تذكِّره مائير بأصوله اليهودية ومسؤوليته تجاه الشعب اليهودي، فيرد عليها قائلا إنه مواطن أميركي أولا ثم وزير خارجية ثانيا ويهودي ثالثا، فترد عليه سريعا بأنهم في إسرائيل يقرؤون من اليمين إلى اليسار.

وتستمر الحوارات والنقاشات بين مائير وكيسنجر، ويختلط فيها ما هو سياسي وعسكري بما هو شخصي وإنساني إبان حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 في فيلم "غولدا" للمخرج الإسرائيلي غاي ناتيف، إنتاج عام 2023.

الفيلم عُرض بافتتاح مهرجان القدس السينمائي الذي أقيم مؤخرا في دورته لهذا العام 2023، وهو إنتاج أميركي بريطاني، ويقدم رواية سياسية وتاريخية جديدة تنضم لسلسلة الأفلام التي تناولت الأحداث السياسية والعسكرية المفصلية في تاريخ إسرائيل. ولا يقدم سيرة ذاتية لهذه السياسية العمالية (مائير) بقدر ما يركز تحديدا وبشكل حصري على دورها في حرب أكتوبر.

والجديد في هذا الفيلم أنه يأتي بالتزامن مع حدثين كبيرين في إسرائيل أولهما الأزمة السياسية التي تموج بها من مظاهرات وغضب عارم بسبب قانون الإصلاحات القضائية، وثانيا هو الذكرى الخمسين لحرب أكتوبر التي تحل ذكراها بعد أشهر قليلة.

وقد حاولت الممثلة البريطانية هيلين ميرين، التي قامت بدور مائير، أن تواكب حالة الحشد والغليان الشعبي في إسرائيل وأطلقت عدة تصريحات تتضامن فيها مع المحتجين قائلة إن مشروع القانون الإسرائيلي إنكار للقيم وتبدل تام ويمهد لصناعة الدكتاتورية.

ولم تكتف ميرين بهذا، وإنما تقمصت أيضا شخصية مائير في الواقع معتبرة أن مثل هذه الخطوة الحكومية الإسرائيلية تنكر لميراث مائير التي دافعت عن المثاليات، على حد زعمها. الأمر ذاته فعله المخرج، واستدعى مواقف مائير قائلا إنها لو كانت على قيد الحياة ورأت ما يحدث لعادت للقبر.

رغم شهرة الممثلة البريطانية والمخرج، وكلاهما حائز على جائزة الأوسكار، فإن الفيلم لم يلق ترحيبا لدى النقاد الغربيين والإسرائيليين. وبدأ الجدل فور الإعلان عن تصويره واستنكار عدم قيام ممثلة يهودية بدور مائير. وبذلك اهتزت رمزية ميرين التي ارتبطت في أذهان المشاهدين بالملكة البريطانية إليزابيث الثانية حيث جسدت دورها سابقا بفيلم الملكة الشهير للمخرج البريطاني ستيفن فريزر وإنتاج عام 2006، وكان من الممكن أن تحمل معها الرمزية ذاتها في هذا الفيلم لتضفي على مائير هالة الهيبة الملكية في أذهان المشاهدين.

ميرين في فيلم "الملكة" (الجزيرة)

الاستقبال الفاتر للفيلم حتى الآن قد ينعكس على الإقبال الجماهيري عليه، بعد أن يقدم في دور العرض الإسرائيلية وحول العالم بعد أشهر قليلة. ومن غير الواضح مدى نجاح القائمين عليه في أن يتمكنوا من استغلال الوضع السياسي الحالي لصالحهم من أجل ترميز مائير كنقيض تاريخي لمسار رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو.

شعور الصدمة في السينما الإسرائيلية

ينتمي فيلم "غولدا" إلى سينما ما بعد حرب أكتوبر، وهي أفلام تختلف في خصائصها عن تلك التي أُنتجت قبل الحرب. فهناك تقسيم متعارف عليه للسينما الإسرائيلية إلى مرحلتين:

إحداهما قبل حرب أكتوبر والتي كانت تجنح نحو التفاخر بالقدرات العسكرية الإسرائيلية خاصة بعد هزيمة العرب عام 1967، والثانية بعد حرب أكتوبر وهي تميل إلى القصص الإنسانية والرمزية واستجلاب التعاطف بعيدا عن روح النصر والفخر مثل فيلم "يوم القيامة" للمخرج الإسرائيلي من أصول عراقية جورج أوفاديا إنتاج عام 1974، والذي يعرض لقصة مدير فندق إسرائيلي ترك زوجته وأولاده وهاجر إلى الولايات المتحدة، ثم عاد ليشارك في الحرب ويصاب بجروح ويحتاج إلى نقل دم توفره له ابنته المتطوعة في المستشفى.

ومن المثير للانتباه أن أفلام المرحلة الثانية أقل بكثير من المرحلة الأولى رغم مرور نصف قرن الآن على اندلاع هذه الحرب. ويعزو النقاد الإسرائيليون هذا إلى شعور الصدمة الوطنية الذي لا يزال يرافق الإسرائيليين عند ذكر كل ما يتعلق بحرب أكتوبر، ومن ذلك الإنتاج السينمائي. وهو شعور مناقض للرواية السياسية والعسكرية لإسرائيل التي ترى أنها قد انتصرت عسكريا وسياسيا في حرب 1973، ولكنه انتصار باهظ الثمن خلَّف مئات القتلى والآلاف من الجرحى، واستدعى تحقيقا موسعا عرف باسم لجنة أغرانات والتي مثلت أمامها مائير، وقد تناولها الفيلم.

ومن هنا يمكن وضع فيلم "غولدا" كأحد أفلام الهزيمة الإسرائيلية. والهزيمة هنا ليست بالمعنى السياسي أو العسكري بقدر ما هو تعبير وصفي لحالة الإنتاج السينمائي المرتبك الذي يعزوه الإسرائيليون للصدمة، وهو مناقض لحالة الإنتاج السينمائي المعبر عن النصر والفخر. والحديث هنا محصور في الأفلام التي تتناول الصدمات والحروب الإسرائيلية فقط، من دون التوسع في بقية الأفلام الإسرائيلية.

فيلم "غولدا" للمخرج الإسرائيلي غاي ناتيف إنتاج عام 2023 (الجزيرة)

ورسالة الفيلم الملتبسة يفسرها كتاب "السينما الإسرائيلية المعاصرة.. الصدمة والأخلاق والزمان" الصادر هذا العام في بريطانيا للبروفيسور الإسرائيلي راز يوسف الذي يرى أن هناك تراكما للصدمات في نفسية الإسرائيليين بسبب الحروب المتوالية وبسبب الهولوكوست أيضا.

وهذه الصدمات -من وجهة نظر الكاتب- منفصلة عن الذاكرة الوطنية الجماعية، ولا تجد سبيلا للتعبير عنها سوى عبر الإطار الشخصي والذاتي، ولهذا مثلت السينما المتنفس الذي تخرج فيه هذه الصدمات.

وضرب الكاتب مثالا بحرب إسرائيل في لبنان، وكيف تجلت مشاعر الصدمة في فيلم "فالس مع بشير" من سيناريو وإخراج الإسرائيلي آري فولمان وإنتاج عام 2008، وهو مأخوذ عن كتاب "فالس مع بشير.. قصة لبنان". وفيه يروي فولمان سردية درامية متقاطعة مع سيرته الذاتية والتي تعبر عن نظرة الجنود الإسرائيليين لمذبحة صبرا وشاتيلا، وكيف أنها سببت لهم صدمة لم يتجاوزوها بعد أكثر من ربع قرن على وقوعها، كما ينتقد قرار القيادة الإسرائيلية اجتياح بيروت ومحاصرة المخيمات.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معناوظائف شاغرةترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: إنتاج عام

إقرأ أيضاً:

المخرج هاني أبو أسعد: لم يعد ممكنا الحديث عن فلسطين في هوليود بعد 7 أكتوبر

إسطنبول- قال المخرج الهولندي من أصل فلسطيني هاني أبو أسعد، إنه لم يعد بإمكان أي فلسطيني الحديث عن فلسطين في هوليود بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

جاء ذلك في ندوة أقيمت الأربعاء على هامش برنامج التعريف بتقرير "موقف المجتمع الثقافي والفني تجاه الإبادة الجماعية الإسرائيلية"، الذي أقيم في مكتبة رامي بإسطنبول، أعده اتحاد الأكاديميين والكتاب في الدول الإسلامية (AYBİR) بمشاركة أسماء عديدة من عالم الفن والثقافة.

وشملت فعالية التعريف بالتقرير معرضا فنيا فلسطينيا يحمل عنوان "يوما ما سنعود بالتأكيد"، وضم 40 رسما للفنان حسن آيجن في إسطنبول.

وأوضح أبو أسعد، في كلمة خلال الندوة، أنه قبل تاريخ 7 أكتوبر/تشرين الأول كان يسمح له بالعمل في هوليود رغم مواجهته بعض الصعوبات، "لكن بعد الحرب الإسرائيلية على غزة أدرك الصهاينة أن القضية الفلسطينية لم تكن قضية ميتة بل كانت حية بالفعل".

وأضاف: "منذ اللحظة التي شعروا فيها أن الانتفاضة لم تكن مجرد بيان، قرروا (الصهاينة) إيقاف كل أعمالي التي كنت أقوم بها في هوليود".

وذكر أنه كان ينظر إلى القضية الفلسطينية قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول على أنها صراع من أجل البقاء، لكنه اليوم ينظر إلى القضية من منظور مختلف.

ويرى أبو أسعد، أن القضية الفلسطينية ستكون في وضع مختلف كثيرا في المستقبل، وأن تاريخ 7 أكتوبر/تشرين الأول سيتحول في العقود المقبلة إلى واقع ثوري مثل الثورة الفرنسية.

ندوة على هامش برنامج التعريف بتقرير "موقف المجتمع الثقافي والفني تجاه الإبادة الجماعية الإسرائيلية"(وكالة الأناضول )

بدوره، قال مؤلف التقرير الأستاذ في جامعة صقاريا مصطفى أصلان، في كلمته الافتتاحية للبرنامج، إن العديد من الشخصيات في المجتمع الثقافي والفني تعرضت لعقوبات مختلفة بسبب انتقادهم لإسرائيل.

وشارك أصلان، منشورات حول الفنانين الذين يدعمون فلسطين ويتخذون موقفا ضد إسرائيل.

وذكر أن التقرير ناقش كيفية انتقاد الفنانين في تركيا والعالم موقف الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة.

ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تشن إسرائيل حربا على غزة خلفت أكثر من 125 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ونحو 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.

وتواصل إسرائيل حربها رغم قرار من مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح مدينة رفح جنوبي القطاع، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال "إبادة جماعية"، وتحسين الوضع الإنساني المزري في غزة.

مقالات مشابهة

  • ختام اليوبيل الذهبي لمهرجان جمعية الفيلم هذا الموعد
  • هكذا دمر 7 أكتوبر أسطورة القوة العسكرية الإسرائيلية التي لا تقهر وإلى الأبد
  • تزامنا مع عيد الاستقلال.. مظاهرة احتجاجية بمدينة نيويورك ضد الحرب الإسرائيلية على غزة
  • ولاد رزق 3 يحقق إيرادات ضخمة وينجح في إثارة إعجاب الجمهور
  • 5 أفلام إماراتية تنافس في صالات العرض
  • إيرادات "Inside Out 2" تتخطى تكلفته الإنتاجية 6 مرات
  • فيلم Bad boys Ride or die يحصد إيرادات ضخمة في السينما المصرية
  • المخرج هاني أبو أسعد: لم يعد ممكنا الحديث عن فلسطين في هوليود بعد 7 أكتوبر
  • أكثر من 38 ألف شهيد حصيلة الإبادة الجماعية الإسرائيلية على غزة
  • مخرج فلسطيني: لم يعد ممكنا الحديث عن فلسطين في هوليوود بعد 7 أكتوبر