أظهرت مقاطع فيديو جرى تداولها على منصات التواصل الاجتماعي، مشاركة أطفال في القتال الدائر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في وقت حذرت فيه جماعات حقوقية من تصاعد عمليات تجنيد الأطفال بواسطة الأطراف المتصارعة في البلاد.

وفي أحدث موقف دولي، دعت لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة، الاثنين، أطراف النزاع للتوقف عن تجنيد الأطفال، وطالبت "بإجراء تحقيقات سريعة وشاملة في كل مزاعم الانتهاكات والتجاوزات بالسودان".

ملامح حرب أهلية

تُتهم 3 أطراف رئيسية في السودان بالتورط في تجنيد الأطفال، والدفع بهم إلى ساحات المعارك، إذ يشير مختصون إلى أن "مقاطع فيديو جرى التحقق من صحتها، دللت على أن قوات الدعم السريع والجيش السوداني والحركات المسلحة تورطت في إشراك أطفال بالمعارك".

ويشير الخبير القانوني السوداني، عمر الجيلي، إلى أن "عدم التزام الجيش وقوات الدعم السريع بقواعد الاشتباك، جعل مئات الأطفال يجدون أنفسهم في ساحات القتال طواعية أو قسرا".

وأوضح الجيلي لموقع الحرة أن "الانهاك الذي تعرض له الجيش وقوات الدعم السريع خلال الحرب التي بدأت في 15 أبريل الماضي، جعلهما يتجهان إلى خيار التحشيد القبلي والمناطقي، لتعويض النقص في الجنود".

ولفت إلى أن "تحوُّل الحرب من مواجهة بين قوتين نظاميتين، إلى ما يُشبه الحرب الأهلية والمناطقية، جعل مكونات قبلية عديدة، تدخل على خط الصراع، وتنشط لتوفير المقاتلين لكل طرف".

وأضاف أن "بعض القبائل في غرب السودان تمد قوات الدعم السريع بمقاتلين على أساس قبلي، بينهم عشرات الأطفال، في مخالفة صريحة للقوانين الدولية التي تجرّم استغلال الأطفال في المعارك".

وأشار الخبير القانوني إلى أن "المبادرة التي أطلقها مناصرون للجيش لتجنيد شباب من وسط وشمال وشرق السودان، لمواجهة قوات الدعم السريع، تخللتها عمليات تجنيد للأطفال".

وأطلق ناشطون وقادة أهليون مبادرة تحت اسم المقاومة الشعبية، للقتال إلى جانب الجيش، إذ جرى تدريب متطوعين من خارج المؤسسة العسكرية على استخدام السلاح، بينما رحب القائد العام للجيش  عبد الفتاح البرهان بالمبادرة، ودعا "لتسليح القادرين على القتال".

موجات هجوم أم "محاولات انتحارية".. ماذا يحدث بالخرطوم بحري؟ عادت المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى مدينة الخرطوم بحري، بعد أن شهدت المدينة حالة من الهدوء خلال الأيام الماضية، إذ تجددت الاشتبكات بين الطرفين في عدد من المحاور القتالية بالمدينة التي يفصلها النيل الأزرق عن العاصمة الخرطوم.

وتطرح الناشطة الحقوقية السودانية، انتصار عثمان، سببا آخر لتصاعد عمليات إشراك الأطفال في المعارك الحربية، بخاصة من جانب الدعم السريع، وتشير إلى أن "التجنيد يتم بالإكراه".

وقالت عثمان لموقع الحرة، إن "منطقة الحزام التي تقع جنوب الخرطوم شهدت أكبر عمليات تجنيد للأطفال بواسطة قوات الدعم السريع، باستغلال حاجة السكان إلى الغذاء والدواء".

وأضافت أن "قوات الدعم السريع تمارس الإكراه على السكان، وتحرمهم من الخدمات والغذاء، وترهن حصولهم عليها، بالانخراط في القتال بصفوفها، بما في ذلك عشرات الأطفال". 

واتفقت انتصار مع الجيلي بخصوص وجود أطفال يقاتلون إلى جانب الجيش، وقالت إنها "وقفت شخصيا، على تجربة أسرة في ولاية نهر النيل بشمال السودان، أدخلت طفلها إلى معسكرات التجنيد الطوعي".

وأشارت إلى أن "دافع الأسرة من تجنيد طفلها، يعود للخوف من حدوث انتهكات من قوات الدعم السريع تجاه المدنيين، خاصة الفتيات، على نحو ما جرى في ولاية الجزيرة بوسط السودان، عقب اجتياجها بواسطة عناصر الدعم السريع".

ونوّهت الناشطة إلى أن "بعض الحركات المسلحة في دارفور والنيل الأزرق وكردفان، ضالعة أيضا في تجنيد الأطفال، وذلك ضمن سباق التسلح والتحشيد الذي يجري في السودان، مع أن تلك الحركات لا تشارك فعليا في الحرب".

وكان تقرير لمكتب مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، صدر في فبراير الماضي، أكد أن "قوات الدعم السريع جندت الأطفال من القبائل العربية في دارفور وكردفان".

وذكر التقرير أن "القبائل الأفريقية، بما في ذلك قبائل الفور والمساليت والزغاوة، استجابت لحملات التجنيد التي أطلقها الجيش". بينما قالت الهيئة الشعبية لدعم الجيش أنه سلح "255 ألف شاب في المعسكرات".

خارج مقاعد الدراسة

ولا تنحصر أسباب تجنيد الأطفال بواسطة الأطراف السودانية المتنازعة على العوامل السابقة وحدها، إذ يشير مختصون إلى عوامل أخرى "متعلقة بتوقف الدراسة في معظم أنحاء السودان".

وبرأي الخبير التربوي السوداني، عبد الباقي صغيرون، فإن وجود ملايين الأطفال في السودان خارج مقاعد الدراسة، جعل بعضهم ينضمون طوعا لمعسكرات الجيش، كما أنه أغرى قوات الدعم السريع لتجنيدهم قسريا في بعض المناطق".

وقال صغيرون لموقع الحرة، إن "العملية الدراسية في السودان توقفت كليا بسبب الحرب، إذ توزع طلاب 6 ولايات بين معسكرات النزوح داخليا واللجوء خارجيا، بينما تحولت معظم المدارس في المناطق الآمنة، إلى مراكز إيواء مؤقتة للفارين من جحيم الحرب".

ودعا الخبير التربوي "السلطات السودانية للعمل على إعادة فتح المدارس لإنهاء حالة الفراغ التي يعاني منها الطلاب والتلاميذ في السودان، حتى لا ينجر مزيد منهم إلى أمور تتقاطع مع القوانين، بما في ذلك التجنيد والجريمة والمخدرات وغيرها".

وفي تقريرها الذي صدر، الاثنين، تخوفت لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة من أن "تضع الانتهاكات في السودان 24 مليون طفل، أمام خطر كارثة الأجيال، بخاصة في ظل وجود 19 مليون طفل خارج المدارس".

ويشير الجيلي إلى أن "أطراف النزاع خالفت القوانين التي تجرّم تجنيد الأطفال، وخاصة اتفاقية حقوق الطفل، والميثاق الأفريقي لحقوق الطفل، كما أنها خالفت المادة 136 من القانون الدولي الإنساني، التي تحظر الاستعانة بالأطفال في الجيوش والجماعات المسلحة".

ولفت إلى أن "النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية يصنف تجنيد الأطفال، بواسطة الجيوش أو الجماعات المسلحة، سواء كان طوعا أو بالإكراه، ضمن جرائم الحرب".

وأضاف "كل تلك الأفعال تجعل الأطراف المتنازعة في السودان معرّضة للمساءلة الجنائية الدولية، على جريمة تجنيد الأطفال، وعلى الانتهاكات التي تطال الأطفال بشكل عام".

ويتبادل الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، الاتهامات بالتورط في تجنيد الإطفال. ويدعو كل طرف المنظمات الإقليمية والدولية الناشطة في حماية الأطفال، لإدانة الطرف الآخر.

وبحسب تقرير صادر عن الأمم المتحدة في يونيو الماضي، فإن أطرافا سودانية عدة متورطة في انتهاكات ضد الأطفال، بما في ذلك عمليات التجنيد القسري والطوعي.

وأشار التقرير إلى أنه "تم تجنيد 68 طفلا تتراوح أعمارهم بين تسع إلى 17 عاما من قبل مجموعات سودانية مسلحة، منهم اثنان من قبل الجيش السوداني". 

وأوردت شبكة "سي إن إن" الأميركية، الثلاثاء، عن أكثر من 30 شاهدا، أن قوات الدعم السريع "استخدمت الغذاء كسلاح وحجبت الإمدادات عن الجوعى، في محاولة لإجبار الرجال والفتيان على الانضمام لصفوفها".

وأشارت الشبكة إلى أن "ما لا يقل عن 600 شخص، من بينهم 50 صبيا دون سن الثامنة عشر، انضموا لقوات الدعم السريع شرقي ولاية الجزيرة بدافع الجوع في حالات كثيرة"، فيما تم "تجنيد 150 آخرين، من بينهم 15 فتى، بشكل قسري في غرب الولاية".

واندلعت الحرب في السودان في 15 أبريل الماضي، بين الجيش وقوات الدعم السريع. وقالت الأمم المتحدة إن نحو 25 مليون شخص، أي نصف سكان السودان، يحتاجون لمساعدات، وإن حوالي 8 ملايين فروا من منازلهم.

وحذرت الأمم المتحدة، الجمعة، من أن 5 ملايين سوداني قد يواجهون في غضون بضعة أشهر "انعدام أمن غذائي كارثيا" بسبب الحرب الأهلية الدائرة في البلاد.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: وقوات الدعم السریع قوات الدعم السریع الجیش السودانی تجنید الأطفال الأمم المتحدة فی السودان الأطفال فی بما فی ذلک إلى أن

إقرأ أيضاً:

ما حقيقة زيارة قائد الجيش السوداني لجبهات القتال في ولاية سنار؟

أعلنت قوات الدعم السريع، التي تحارب الجيش السوداني منذ أكثر من عام، أنها سيطرت، السبت، على عاصمة ولاية سنار ذات الأهمية  الاستراتيجية.

وبالتزامن مع اشتداد المعارك هناك، نشرت مواقع إخبارية وصفحات وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، فيديو قيل إنه يُظهر وصول قائد الجيش عبد الفتاح البرهان إلى الميدان، إلى جانب قواته، في تلك الولاية التي تربط وسط السودان بجنوبه الشرقي.

ويظهر في الفيديو المتداول على مواقع التواصل مثل فيسبوك ومنصة إكس، البرهان، بين جنود، في حالة ترحيب وهتافات. وجاء في التعليقات المرافقة أن المشاهد تُظهر وصول البرهان إلى "الميدان في سنار".

وحسب ما وقع عليه صحافيو خدمة تقصي صحّة الأخبار في وكالة فرانس برس، بدأت هذه المنشورات تظهر على مواقع التواصل في السودان في الأيام الأخيرة من يونيو 2024، بالتزامن مع المعارك الدائرة في الولاية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي".

"دخول مربك" مع زيارة البرهان.. ماذا تعني سيطرة الدعم السريع على سنجة؟ بعد أيام من استيلائها على مدينة الفولة عاصمة ولاية غرب كردفان، في غرب السودان، أعلنت قوات الدعم السريع، في بيان، السبت، سيطرتها على مقر الفرقة 17 مشاة، في مدينة سنجة، عاصمة ولاية سنار، جنوب شرق البلاد.

والسبت، أعلنت قوات الدعم السريع أن قواتها سيطرت على الفرقة 17 مشاة التابعة للجيش في مدينة سنجة بولاية سنار.

وقال سكان في المدينة لوكالة فرانس برس، إن "قوات الدعم السريع انتشرت في شوارع سنجة"، فيما أفاد شهود عيان بأن طائرات تابعة للجيش تحلّق في سماء المدينة إضافة إلى سماع إطلاق نيران مضادات أرضية.

وقبيل إعلان قوات الدعم السريع سيطرتها على سنجة، تحدث شهود عيان لوكالة فرانس برس عن اشتباكات تدور في الشوارع و"حالة من الهلع بين المواطنين الذين يحاولون الفرار". 

ومن شأن سيطرة قوات الدعم السريع على هذه الولاية أن تتيح لها تشديد الخناق على بورتسودان الواقعة على البحر الأحمر، حيث يتمركز الآن الجيش والمؤسسات الحكومية ووكالات الأمم المتحدة.

فيديو قديم

إلا أن الفيديو المتداول ليس حديثاً، مثلما ادعى ناشروه، فالتفتيش عنه على محركات البحث يظهر أنه منشور في يناير الماضي، مما ينفي أن يكون حديثًا.

ونشر الفيديو (أرشيف) وكالة الأنباء السودانية في 31 يناير الماضي، وقالت إنه يُظهر استقبالاً للبرهان في مدينة سنار.

ويشهد السودان منذ 15 أبريل 2023 حرباً دامية بين الجيش بقيادة البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة دقلو، أعقبتها أزمة إنسانية عميقة.

وتسيطر قوات الدعم السريع على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة في وسط البلاد ومنطقة غرب دارفور الشاسعة إضافة إلى جزء كبير من كردفان إلى الجنوب.

وتؤوي ولاية سنار أكثر من مليون نازح سوداني، وهي تربط وسط السودان بجنوب شرقه الذي يسيطر عليه الجيش.

مقالات مشابهة

  • قيام كيان بـ«الجزيرة» لإيقاف القتل والتهجير وانتزاع الحقوق
  • الانتحار السوداني ... متى يتوقف وكيف؟!
  • حرب السودان.. تدمير جسر الحلفايا الرابط بين بحري وأم درمان
  • ما حقيقة زيارة قائد الجيش السوداني لجبهات القتال في ولاية سنار؟
  • مسؤولون: قوات الدعم السريع تفتح جبهة قتال جديدة في وسط السودان
  • قوات الدعم السريع تعلن سيطرتها على مدينة رئيسية في السودان
  • الدعم السريع يعلن سيطرته على مدينة رئيسية في السودان
  • تصفية الأسرى في حرب السودان.. ما خفي أعظم!!
  • السودان.. الجيش يتصدى لهجوم في سنجة
  • السودان والأسئلة المفتوحة