تجنيد الأطفال في السودان.. طرق عدة و3 أطراف بقفص الاتهام
تاريخ النشر: 19th, March 2024 GMT
أظهرت مقاطع فيديو جرى تداولها على منصات التواصل الاجتماعي، مشاركة أطفال في القتال الدائر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في وقت حذرت فيه جماعات حقوقية من تصاعد عمليات تجنيد الأطفال بواسطة الأطراف المتصارعة في البلاد.
وفي أحدث موقف دولي، دعت لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة، الاثنين، أطراف النزاع للتوقف عن تجنيد الأطفال، وطالبت "بإجراء تحقيقات سريعة وشاملة في كل مزاعم الانتهاكات والتجاوزات بالسودان".
تُتهم 3 أطراف رئيسية في السودان بالتورط في تجنيد الأطفال، والدفع بهم إلى ساحات المعارك، إذ يشير مختصون إلى أن "مقاطع فيديو جرى التحقق من صحتها، دللت على أن قوات الدعم السريع والجيش السوداني والحركات المسلحة تورطت في إشراك أطفال بالمعارك".
ويشير الخبير القانوني السوداني، عمر الجيلي، إلى أن "عدم التزام الجيش وقوات الدعم السريع بقواعد الاشتباك، جعل مئات الأطفال يجدون أنفسهم في ساحات القتال طواعية أو قسرا".
وأوضح الجيلي لموقع الحرة أن "الانهاك الذي تعرض له الجيش وقوات الدعم السريع خلال الحرب التي بدأت في 15 أبريل الماضي، جعلهما يتجهان إلى خيار التحشيد القبلي والمناطقي، لتعويض النقص في الجنود".
ولفت إلى أن "تحوُّل الحرب من مواجهة بين قوتين نظاميتين، إلى ما يُشبه الحرب الأهلية والمناطقية، جعل مكونات قبلية عديدة، تدخل على خط الصراع، وتنشط لتوفير المقاتلين لكل طرف".
وأضاف أن "بعض القبائل في غرب السودان تمد قوات الدعم السريع بمقاتلين على أساس قبلي، بينهم عشرات الأطفال، في مخالفة صريحة للقوانين الدولية التي تجرّم استغلال الأطفال في المعارك".
وأشار الخبير القانوني إلى أن "المبادرة التي أطلقها مناصرون للجيش لتجنيد شباب من وسط وشمال وشرق السودان، لمواجهة قوات الدعم السريع، تخللتها عمليات تجنيد للأطفال".
وأطلق ناشطون وقادة أهليون مبادرة تحت اسم المقاومة الشعبية، للقتال إلى جانب الجيش، إذ جرى تدريب متطوعين من خارج المؤسسة العسكرية على استخدام السلاح، بينما رحب القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان بالمبادرة، ودعا "لتسليح القادرين على القتال".
موجات هجوم أم "محاولات انتحارية".. ماذا يحدث بالخرطوم بحري؟ عادت المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى مدينة الخرطوم بحري، بعد أن شهدت المدينة حالة من الهدوء خلال الأيام الماضية، إذ تجددت الاشتبكات بين الطرفين في عدد من المحاور القتالية بالمدينة التي يفصلها النيل الأزرق عن العاصمة الخرطوم.وتطرح الناشطة الحقوقية السودانية، انتصار عثمان، سببا آخر لتصاعد عمليات إشراك الأطفال في المعارك الحربية، بخاصة من جانب الدعم السريع، وتشير إلى أن "التجنيد يتم بالإكراه".
وقالت عثمان لموقع الحرة، إن "منطقة الحزام التي تقع جنوب الخرطوم شهدت أكبر عمليات تجنيد للأطفال بواسطة قوات الدعم السريع، باستغلال حاجة السكان إلى الغذاء والدواء".
وأضافت أن "قوات الدعم السريع تمارس الإكراه على السكان، وتحرمهم من الخدمات والغذاء، وترهن حصولهم عليها، بالانخراط في القتال بصفوفها، بما في ذلك عشرات الأطفال".
واتفقت انتصار مع الجيلي بخصوص وجود أطفال يقاتلون إلى جانب الجيش، وقالت إنها "وقفت شخصيا، على تجربة أسرة في ولاية نهر النيل بشمال السودان، أدخلت طفلها إلى معسكرات التجنيد الطوعي".
وأشارت إلى أن "دافع الأسرة من تجنيد طفلها، يعود للخوف من حدوث انتهكات من قوات الدعم السريع تجاه المدنيين، خاصة الفتيات، على نحو ما جرى في ولاية الجزيرة بوسط السودان، عقب اجتياجها بواسطة عناصر الدعم السريع".
ونوّهت الناشطة إلى أن "بعض الحركات المسلحة في دارفور والنيل الأزرق وكردفان، ضالعة أيضا في تجنيد الأطفال، وذلك ضمن سباق التسلح والتحشيد الذي يجري في السودان، مع أن تلك الحركات لا تشارك فعليا في الحرب".
وكان تقرير لمكتب مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، صدر في فبراير الماضي، أكد أن "قوات الدعم السريع جندت الأطفال من القبائل العربية في دارفور وكردفان".
وذكر التقرير أن "القبائل الأفريقية، بما في ذلك قبائل الفور والمساليت والزغاوة، استجابت لحملات التجنيد التي أطلقها الجيش". بينما قالت الهيئة الشعبية لدعم الجيش أنه سلح "255 ألف شاب في المعسكرات".
خارج مقاعد الدراسةولا تنحصر أسباب تجنيد الأطفال بواسطة الأطراف السودانية المتنازعة على العوامل السابقة وحدها، إذ يشير مختصون إلى عوامل أخرى "متعلقة بتوقف الدراسة في معظم أنحاء السودان".
وبرأي الخبير التربوي السوداني، عبد الباقي صغيرون، فإن وجود ملايين الأطفال في السودان خارج مقاعد الدراسة، جعل بعضهم ينضمون طوعا لمعسكرات الجيش، كما أنه أغرى قوات الدعم السريع لتجنيدهم قسريا في بعض المناطق".
وقال صغيرون لموقع الحرة، إن "العملية الدراسية في السودان توقفت كليا بسبب الحرب، إذ توزع طلاب 6 ولايات بين معسكرات النزوح داخليا واللجوء خارجيا، بينما تحولت معظم المدارس في المناطق الآمنة، إلى مراكز إيواء مؤقتة للفارين من جحيم الحرب".
ودعا الخبير التربوي "السلطات السودانية للعمل على إعادة فتح المدارس لإنهاء حالة الفراغ التي يعاني منها الطلاب والتلاميذ في السودان، حتى لا ينجر مزيد منهم إلى أمور تتقاطع مع القوانين، بما في ذلك التجنيد والجريمة والمخدرات وغيرها".
وفي تقريرها الذي صدر، الاثنين، تخوفت لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة من أن "تضع الانتهاكات في السودان 24 مليون طفل، أمام خطر كارثة الأجيال، بخاصة في ظل وجود 19 مليون طفل خارج المدارس".
ويشير الجيلي إلى أن "أطراف النزاع خالفت القوانين التي تجرّم تجنيد الأطفال، وخاصة اتفاقية حقوق الطفل، والميثاق الأفريقي لحقوق الطفل، كما أنها خالفت المادة 136 من القانون الدولي الإنساني، التي تحظر الاستعانة بالأطفال في الجيوش والجماعات المسلحة".
ولفت إلى أن "النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية يصنف تجنيد الأطفال، بواسطة الجيوش أو الجماعات المسلحة، سواء كان طوعا أو بالإكراه، ضمن جرائم الحرب".
وأضاف "كل تلك الأفعال تجعل الأطراف المتنازعة في السودان معرّضة للمساءلة الجنائية الدولية، على جريمة تجنيد الأطفال، وعلى الانتهاكات التي تطال الأطفال بشكل عام".
ويتبادل الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، الاتهامات بالتورط في تجنيد الإطفال. ويدعو كل طرف المنظمات الإقليمية والدولية الناشطة في حماية الأطفال، لإدانة الطرف الآخر.
وبحسب تقرير صادر عن الأمم المتحدة في يونيو الماضي، فإن أطرافا سودانية عدة متورطة في انتهاكات ضد الأطفال، بما في ذلك عمليات التجنيد القسري والطوعي.
وأشار التقرير إلى أنه "تم تجنيد 68 طفلا تتراوح أعمارهم بين تسع إلى 17 عاما من قبل مجموعات سودانية مسلحة، منهم اثنان من قبل الجيش السوداني".
وأوردت شبكة "سي إن إن" الأميركية، الثلاثاء، عن أكثر من 30 شاهدا، أن قوات الدعم السريع "استخدمت الغذاء كسلاح وحجبت الإمدادات عن الجوعى، في محاولة لإجبار الرجال والفتيان على الانضمام لصفوفها".
وأشارت الشبكة إلى أن "ما لا يقل عن 600 شخص، من بينهم 50 صبيا دون سن الثامنة عشر، انضموا لقوات الدعم السريع شرقي ولاية الجزيرة بدافع الجوع في حالات كثيرة"، فيما تم "تجنيد 150 آخرين، من بينهم 15 فتى، بشكل قسري في غرب الولاية".
واندلعت الحرب في السودان في 15 أبريل الماضي، بين الجيش وقوات الدعم السريع. وقالت الأمم المتحدة إن نحو 25 مليون شخص، أي نصف سكان السودان، يحتاجون لمساعدات، وإن حوالي 8 ملايين فروا من منازلهم.
وحذرت الأمم المتحدة، الجمعة، من أن 5 ملايين سوداني قد يواجهون في غضون بضعة أشهر "انعدام أمن غذائي كارثيا" بسبب الحرب الأهلية الدائرة في البلاد.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: وقوات الدعم السریع قوات الدعم السریع الجیش السودانی تجنید الأطفال الأمم المتحدة فی السودان الأطفال فی بما فی ذلک إلى أن
إقرأ أيضاً:
ادانات بالغة للإنتهاكات الجسيمة والعنف الجنسي ضد النساء على يد قوات الدعم السريع بالسودان
أعربت منظمة صحفيات بلا قيود عن إدانتها البالغة وقلقها الشديد إزاء الانتهاكات الجسيمة وجرائم العنف الجنسي التي ترتكبها قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها ضد النساء والفتيات في السودان، والتي وثقتها تقارير حقوقية وإعلامية موثوقة، من بينها تقرير هيومن رايتس ووتش الصادر في 16 ديسمبر 2024.
تشمل هذه الجرائم المروعة جرائم الاغتصاب الجماعي، الاستعباد الجنسي، التعذيب، وحالات اختطاف، ما يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني ويرقى إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وفق أحكام الاتفاقيات والمواثيق الدولية.
أكد التقرير الصادر عن هيومن رايتس ووتش ارتكاب قوات الدعم السريع جرائم حرب في جنوب كردفان، حيث شنت قوات الدعم السريع سلسلة من الهجمات ضد المدنيين بين ديسمبر 2023 ومارس 2024، أسفرت عن مقتل عشرات المدنيين والاغتصاب الجماعي لعدد من النساء والفتيات. تم توثيق 79 حالة اغتصاب لنساء وفتيات نوباتيات، شملت بعض الحالات العبودية الجنسية. كما وثق التقرير شهادات لضحايا وعائلاتهن خلال الهجمات على حبيلة وفايو، حيث تم اغتصاب النساء تحت تهديد السلاح. إحدى الشهادات تشير إلى قيام المهاجمين بقتل زوج المرأة قبل اغتصابها، وأكدت الضحية أن هذا الحادث وقع في يناير 2024. كما جمع الباحثون في هيومن رايتس ووتش شهادات من 70 نازحًا في مناطق جبال النوبة في جنوب كردفان، وتم فحص صور الأقمار الصناعية التي كشفت عن تدمير ممتلكات مدنية وهجمات ضد المجتمعات النوبية.
وقالت بلا قيود ان مفوضية حقوق الإنسان الأممية نسبت 70 في المئة من حوادث العنف الجنسي المؤكدة لمقاتلين يرتدون زي قوات الدعم السريع، وحادثة من بينها، يتهم بارتكابها مقاتل بلباس قوات الجيش ، في حين وثق تقرير الهيومن رايتس وواتش وقوع انتهاكات ممنهجة طالت عشرات النساء والفتيات، تراوحت أعمارهن بين 7 سنوات و50 عامًا، خاصة في ولاية جنوب كردفان ودارفور. ووفقًا لمنظمة المرأة في منطقة القرن الإفريقي (SIHA)، فإن أكثر من 90% من حالات الاغتصاب كانت ضمن اعتداءات جماعية، حيث ارتُكبت الجرائم أمام عائلات الضحايا، في منازلهن، أو بعد اختطافهن واستعبادهن جنسيًا ، روايات مروعة عن نساء وفتيات تعرضن للعنف الجنسي والتعذيب على يد عناصر قوات الدعم السريع والجماعات المسلحة المتحالفة.
واضاف بين بلا قيود " في ٦ ديسمبر نشر موقع أخبار الأمم المتحدة عن بعثة الأمم المتحدة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن السودان ، التي نشرت تقريرها الأول ، والذي تضمن إن الأطراف استهدفت المدنيّين من خلال الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي، والاحتجاز التعسفي والاعتقال، بالإضافة الى التعذيب وسوء المعاملة، كما اكدت أن قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها ارتكبت "اعتداءات مُرعبة" ضد المجتمعات غير العربية – وبالتحديد ضد مجتمع المساليت في الجنينة وحولها بغرب دارفور - تضمّنت القتل والتعذيب والاغتصاب وغيرها من أشكال العنف الجنسي وتدمير الممتلكات والنهب. وهي جرائم ترقى جميعها الى جرائم حرب "متمثلة في الاعتداء على الحياة والأشخاص والاعتداء على الكرامة الشخصية".
كما أكدت "صحفيات بلا قيود" إن ما ترتكبه قوات الدعم السريع في السودان يُعد انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان الأساسية، حيث تحظر اتفاقيات جنيف لعام 1949 وبروتوكولها الإضافي الثاني جميع أشكال العنف ضد المدنيين، بما فيها العنف الجنسي أثناء النزاعات المسلحة، فيما ينص نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في مادتيه السابعة والثامنة على اعتبار الاغتصاب، الاستعباد الجنسي، والتعذيب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية إذا ارتُكبت بشكل ممنهج وواسع النطاق. كما يلزم قرار مجلس الأمن رقم 1325 (2000) الأطراف المتنازعة بحماية النساء والفتيات من العنف الجنسي، ويؤكد على مسؤولية المجتمع الدولي في ضمان محاسبة مرتكبي هذه الجرائم. ويُعد استمرار الإفلات من العقاب خرقًا واضحًا لالتزامات السودان الدولية، ولا سيما اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) التي صادق عليها السودان، ما يستدعي تحركًا عاجلًا لتحقيق العدالة وإنهاء هذه الانتهاكات.
ودعت صحفيات بلا حدود المجتمع الدولي ذلك الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي التحرك لملاحقة المسؤولين عن هذه الجرائم وضمان محاسبتهم أمام المحاكم الدولية المختصة ، والعمل علي اتخاذ خطوات عاجلة لحماية النساء والفتيات في السودان، وتقديم الدعم النفسي والطبي والقانوني للضحايا. ، مؤكده علي ضرورة تنفيذ قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بشأن تعزيز تدابير المساءلة وإنهاء الإفلات من العقاب، بما في ذلك محاسبة المسؤولين الجنائيين وضمان وصول الضحايا إلى العدالة .
وطالبت بلا قيود كافة الأطراف وقف استهداف المدنيين فورًا ، خاصة النساء والأطفال، والعمل على إيجاد حلول عاجلة لوقف الحرب الدامية وتحقيق السلام.
كما طالبت بوجوب تنفيذ قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ، ولا سيما بشأن تدابير المساءلة، و وضع حد للإفلات من العقاب ومعالجة أسبابه الجذرية، وضمان المساءلة، بما في ذلك، حسب الاقتضاء، المسؤولية الجنائية الفردية، ووصول الضحايا إلى العدالة.
وفي أخر بيانها أكدت "صحفيات بلا قيود" إن معاناة النساء في السودان تتطلب استجابة سريعة وفعّالة لضمان حقوقهن وحمايتهن من هذه الجرائم البشعة. سنواصل، في منظمة صحفيات بلا قيود، فضح هذه الانتهاكات والدفاع عن حقوق النساء في كل مكان، والعمل مع الجهات المعنية لتحقيق العدالة والمساءلة.