نموذج قائم على الذكاء الاصطناعي يخترع نازيين ذوي بشرة سمراء... خطأ وقع فيه برنامج "جيميناي" المطوّر من غوغل، وكان ليمرّ مرور الكرام بعد المسارعة إلى تصحيحه، لكنه يسلّط الضوء على النفوذ المفرط الذي تتمتع به حفنة من الشركات على هذه التكنولوجيا الأساسية بشكل متزايد.

مع "جيميناي"، حاول مهندسو غوغل إعادة التوازن للخوارزميات لتقديم نتائج تعكس التنوع البشري بشكل أفضل.

لكن جاءت هذه الجهود بنتائج عكسية.

وقد تحدث الرئيس التنفيذي لمجموعة غوغل سوندر بيتشاي الشهر الماضي عن أخطاء "غير مقبولة على الإطلاق" من جانب تطبيق "جيميناي إيه آي" التابع لشركته، بعد أن أجبرته زلات مثل صور لقوات نازية متنوعة عرقياً على منع المستخدمين موقتاً من إنشاء صور لأشخاص.

وسخر مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي من غوغل، وانتقدوها بسبب صور غير دقيقة تاريخياً، مثل تلك التي تظهر امرأة أميركية سوداء تُنتخب عضواً في مجلس الشيوخ في القرن التاسع عشر، فيما لم يحصل ذلك على أرض الواقع قبل العام 1992.

وقال المؤسس المشارك في غوغل سيرغي برين، في "هاكاثون" للذكاء الاصطناعي أقيم أخيراً "لقد حصلت أخطاء بالتأكيد لدينا في عملية توليد الصور"، مضيفاً أنه كان ينبغي على الشركة اختبار برنامج "جيميناي" بشكل أكثر شمولاً.

واعتبر أشخاص جرت مقابلتهم خلال مهرجان "ساوث باي ساوثوست" الشهير للفنون والتكنولوجيا في أوستن، أن تعثّر "جيميناي" يسلط الضوء على القوة المفرطة التي تمتلكها حفنة من الشركات على منصات الذكاء الاصطناعي التي تتجه لتغيير طريقة عيش الناس وعملهم.

ورأى المحامي ورائد الأعمال في مجال التكنولوجيا جوشوا ويفر أن غوغل اعتمدت في برمجيتها هذه في بادئ الأمر مساراً يعتنق بشكل "مفرط" مبادئ حركة الـ"ووك" (المناهضة لكل أشكال التمييز وعدم المساواة)، ما يعني أنها ذهبت بعيداً في جهودها لإبراز الشمول والتنوع.

وقال تشارلي بيرغوين، الرئيس التنفيذي لمختبر فالكيري للعلوم التطبيقية في تكساس، إن غوغل صححت أخطاءها بسرعة، لكنّ المشكلة الأساسية لا تزال قائمة. وشبّه إصلاح غوغل لخطأ "جيميناي" بوضع ضمادة على جرح ناتج عن تلقي رصاصة.

وأشار ويفر إلى أنه في حين كانت غوغل تتمتع برفاهية الحصول على الوقت الكافي لتحسين منتجاتها، فإنها الآن تندفع في سباق الذكاء الاصطناعي مع "مايكروسوفت"، و"أوبن إيه آي"، و"أنثروبيك" وغيرها، مضيفاً "إنهم يتحركون بسرعة تتخطى حدود معارفهم".

كما أن الأخطاء التي ارتُكبت في إطار الجهود الرامية إلى مراعاة الحساسية الثقافية تشكّل نقاطاً متفجرة، خصوصاً في ضوء الانقسامات السياسية المتوترة في الولايات المتحدة، وهو الوضع الذي تفاقم بسبب منصة إكس المملوكة للملياردير إيلون ماسك.

وقال ويفر "لا يتوانى الناس على تويتر ("إكس" حالياً) عن الاحتفال بأي حدث محرج في مجال التكنولوجيا"، مضيفاً أن رد الفعل على الزلة التي حصلت عبر برنامج جيميناي كان "مبالغاً فيه".

ومع ذلك، أكد ويفر أن هذه الحادثة أثارت تساؤلات حول درجة تحكّم أولئك الذين يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي بالمعلومات.

وأشار إلى أنه في العقد المقبل، يمكن أن تتجاوز كمية المعلومات - الصحيحة منها أو الخاطئة - التي يولّدها الذكاء الاصطناعي تلك التي يولّدها البشر، ما يعني أن أولئك الذين يتحكمون في ضمانات الذكاء الاصطناعي سيكون لهم تأثير كبير على العالم.

ويعتقد خبراء أنه حتى المهندسين ذوي النوايا الحسنة المشاركين في تدريب الذكاء الاصطناعي لا يمكنهم إلا أن يجلبوا خبراتهم الحياتية وتحيزهم اللاواعي إلى العملية.

ويدعو ناشطون إلى مزيد من التنوع في الفرق التي تنشئ الذكاء الاصطناعي والأدوات ذات الصلة، وزيادة الشفافية على صعيد كيفية عملها - خصوصاً عندما تعيد الخوارزميات كتابة طلبات المستخدمين "لتحسين" النتائج.

المصدر: أخبارنا

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

كيف أصبحت غزة ساحة لتطوير الاحتلال قدرات الذكاء الاصطناعي وتجريبه؟

كشف تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، عن مدى توغل التكنولوجيا المتقدمة، وخاصة الذكاء الاصطناعي، في العمليات العسكرية الإسرائيلية خلال حربها المستمرة على قطاع غزة.

وأوضح التقرير الذي ترجمته "عربي21"، أن الاحتلال الإسرائيلي اعتمد بشكل متزايد على أدوات وتقنيات الذكاء الاصطناعي لتحقيق تفوق نوعي في ميدان المعركة، وهو ما أدى في بعض الأحيان إلى نتائج قاتلة طالت المدنيين.

وأشار التقرير إلى أن أبرز مثال على هذا الاستخدام جاء في أواخر عام 2023، عندما حاولت القوات الإسرائيلية اغتيال إبراهيم البياري، أحد القادة البارزين في حركة حماس. ونظراً لصعوبة تحديد مكانه الفعلي، نظراً لاحتمال اختبائه في شبكة الأنفاق المنتشرة تحت غزة، لجأ جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى تقنية تحليل صوتي مدعومة بالذكاء الاصطناعي، كانت قد طُورت قبل نحو عقد من الزمن لكنها لم تُستخدم في ساحات القتال من قبل.

وبحسب مصادر أمريكية وإسرائيلية مطلعة تحدثت للصحيفة، فقد تولى مهندسون في الوحدة 8200، المكافئة الإسرائيلية لوكالة الأمن القومي الأمريكية، تطوير الأداة ودمجها بتقنيات ذكاء اصطناعي متقدمة.

وتم تحليل مكالمات البياري، واعتمادا على تلك البيانات الصوتية، قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بشن غارة جوية في 31 تشرين الأول/أكتوبر 2023 استهدفت الموقع المشتبه به. غير أن الغارة، التي فشلت في قتل البياري، أسفرت عن استشهاد 125 مدنيا، بحسب منظمة "إيروورز" المعنية بتوثيق ضحايا الحروب.

ويمثل هذا الهجوم، وفق التقرير، نموذجاً مصغراً لطريقة استخدام إسرائيل لتقنيات الذكاء الاصطناعي في حربها ضد غزة، حيث دمجت هذه التقنيات بمجالات متعددة تشمل التعرف على الوجوه، وتحليل البيانات النصية، وتحديد الأهداف العسكرية المحتملة. وقد أشارت مصادر الصحيفة إلى أن عمليات تطوير هذه الأدوات جرت عبر تعاون وثيق بين ضباط الوحدة 8200 وعدد من جنود الاحتياط العاملين في شركات تكنولوجية كبرى مثل غوغل، مايكروسوفت، وميتا.


وتحدث التقرير عن إنشاء ما يعرف بـ"الاستوديو"، وهو مركز ابتكار تابع للوحدة 8200، يهدف إلى تسريع إنتاج وتطبيق أدوات الذكاء الاصطناعي في العمليات العسكرية. وبيّن أن نشر هذه الترسانة التكنولوجية أدى أحياناً إلى نتائج كارثية، منها أخطاء في تحديد الهوية، واعتقالات عشوائية، بل ووقوع ضحايا مدنيين، وهو ما أثار تساؤلات أخلاقية لدى مسؤولين عسكريين إسرائيليين وأمريكيين على حد سواء.

وفي هذا السياق، قالت هاداس لوربر، المديرة السابقة لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي ورئيسة معهد الأبحاث التطبيقية في الذكاء الاصطناعي، إن "وتيرة الابتكار تسارعت تحت وطأة الحاجة الملحة للرد على التهديدات"، مشيرة إلى أن هذه الابتكارات التقنية منحت الجيش الإسرائيلي "مزايا استراتيجية"، لكنها "أثارت أيضاً قضايا أخلاقية جوهرية تتطلب وجود ضوابط صارمة".

ورغم امتناع جيش الاحتلال الإسرائيلي عن التعليق المباشر على هذه التقنيات لأسباب تتعلق بالسرية، إلا أن مصادر التقرير كشفت أن الجيش أطلق تحقيقاً داخلياً في الغارة التي استهدفت البياري. أما شركات التكنولوجيا التي ذُكر أن موظفيها شاركوا في هذه الجهود ضمن صفوف جنود الاحتياط، فقد رفض معظمها التعليق، بينما قالت شركة غوغل إن مشاركة موظفيها "لا علاقة لها بمهامهم داخل الشركة".

ويذكر التقرير أن الاحتلال الإسرائيلي دأب على استغلال الحروب، خاصة في غزة ولبنان، كمنصات لاختبار وتطوير قدراتها التكنولوجية، مثل الطائرات بدون طيار، وأدوات اختراق الهواتف، ونظام الدفاع الصاروخي "القبة الحديدية". 

ومنذ  7 تشرين الأول/ أكتوبر، فتح الاحتلال المجال أمام استخدام واسع النطاق لتقنيات الذكاء الاصطناعي بالتعاون مع الوحدات العسكرية المختصة.


كما طوّر جيش الاحتلال الإسرائيلي نموذجاً لغوياً كبيراً باللغة العربية، أنشئ لتشغيل روبوت محادثة قادر على تحليل الرسائل النصية، ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي، وغير ذلك من البيانات. وتم تغذيته بكم هائل من البيانات التي جمعت خلال سنوات من المراقبة الإلكترونية، مما مكنه من تمييز اللهجات المختلفة وتحليل ردود الفعل العامة، كما حدث بعد اغتيال حسن نصر الله في أيلول/سبتمبر الماضي، وفق ما أفاد به ضباط إسرائيليون للصحيفة.

إلا أن النموذج لم يكن خالياً من العيوب، إذ فشل أحياناً في تفسير بعض المصطلحات العامية، أو أخطأ في فهم المحتوى البصري، ما تطلب تدخل ضباط مخضرمين لتصحيح هذه الأخطاء. وعلى الأرض، زودت إسرائيل نقاط التفتيش المؤقتة في غزة بكاميرات مدعومة بتقنيات التعرف على الوجه، لكنها أخفقت أحياناً في التعرف على الأشخاص بدقة، ما تسبب في اعتقال مدنيين عن طريق الخطأ.

ومن بين الأدوات التي أثارت جدلاً أيضاً، خوارزمية "لافندر"، وهي أداة تعلم آلي صممت لتحديد المقاتلين منخفضي الرتب في حماس، لكنها كانت غير دقيقة، ومع ذلك استخدمت لتحديد أهداف في بداية الحرب.

ويخلص التقرير إلى أن هذه التجارب التقنية، رغم ما توفره من قدرات عسكرية متقدمة، قد تؤدي إلى تسريع وتيرة العنف وسقوط ضحايا من المدنيين، في وقت لم تُحسم فيه بعد الأسئلة الأخلاقية الكبرى المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي في ميادين الحروب.

مقالات مشابهة

  • "إكسترا نيوز" تبرز مخاطر الذكاء الاصطناعي على الأطفال
  • الرئيس الصيني: الذكاء الاصطناعي سيغير أسلوب الحياة البشرية بشكل جذري
  • كيف أصبحت غزة ساحة لتطوير الاحتلال قدرات الذكاء الاصطناعي وتجريبه؟
  • حمدان بن محمد: أسبوع دبي للذكاء الاصطناعي سيصبح محطة سنوية تستضيف صناع مستقبل التكنولوجيا من حول العالم
  • حمدان بن محمد: أسبوع دبي للذكاء الاصطناعي سيصبح محطة سنوية تستضيف صناع مستقبل التكنولوجيا من حول العالم بدبي
  • لطافتك تكلف الذكاء الاصطناعي الملايين!
  • جهاز ذكي يساعد المكفوفين على التنقل باستخدام الذكاء الاصطناعي
  • غوغل تدفع لشركة سامسونغ أموالا طائلة مقابل تثبيت تطبيق جيميناي على هواتفها
  • كيف تعمل من المنزل باستخدام الذكاء الاصطناعي؟
  • يساعدك في اتخاذ القرار.. كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي صورة الإنسان عن نفسه؟