رسائل الثورة في درعا السورية تكشف وهم سلطة الأسد
تاريخ النشر: 19th, March 2024 GMT
صورة لثلاثة يافعين فوق مئذنة الجامع العمري بدرعا البلد جنوبي سوريا عادت بالسوريين 13 عاما إلى الوراء، الثلاثاء. وبينما أعطت دلالة على استمرارية المضي بثورة 2011 ومطالبها وشعاراتها، كشفت حسبما أوضح مراقبون لموقع "الحرة" عن "وهم سلطة الأسد".
للوهم جذور وأسباب ترتبط بخصوصية درعا جنوبي البلاد ككل، ومن كونها باتت تحت سلطة النظام السوري الأمنية والعسكرية منذ عام 2018، بعدما فرض اتفاق "تسوية" رعته موسكو، قضى بإخراج فصائل المعارضة منها.
لكن ومنذ تاريخ "التسوية"، أو كما تعرف أيضا بـ"المصالحة"، لم تنقطع مشاهد الاحتجاج ورفع الرايات والعبارات المناهضة للأسد في المحافظة، رغم أنها تحسب منذ 6 سنوات ضمن مناطق السيطرة الخاصة بالأخير.
ولا تعتبر هذه الحالة استثناء، بل حكمت مشهد غالبية مناطق "التسوية" التي أعاد النظام سلطته الأمنية والعسكرية فيها، وتطورت مجرياتها في أغسطس العام الماضي لتصل إلى السويداء ذات الغالبية الدرزية.
18-3-2011
18-3-2024
إحياء ذكرى بداية الثورة السورية من مكان انطلاقتها أمام الجامع العمري في درعا البلد.
رسالة درعا مختصرة واضحة وجذرية كعادتها: "مستمرون" pic.twitter.com/Mn7sM0chRh
والسويداء أيضا محسوبة على مناطق سيطرة النظام السوري، وبعدما كانت تخرج باحتجاجات متفرقة على الأسد هنا وهناك، أصبحت تسلك مسارا تنظيميا للشهر السابع على التوالي.
ويعتمد ذلك المسار على الخروج باحتجاجات مناهضة لنظام الأسد بصورة سلمية تتخللها مشاركة النساء على نطاق واسع، وإقدام المتظاهرين على إغلاق مقار "حزب البعث" وتدمير جميع الرموز المتعلقة بالأسد الأب والابن.
"لماذا يجب أن نخضع للسلطة؟"لا يعلّق النظام السوري ووسائل إعلامه على مثل هذه المظاهرات، التي باتت تعتبر عرفا سائدا في درعا، منذ بدايات الثورة، وحتى مع إعلان السيطرة عليها، بموجب اتفاقيات "التسوية"، التي تجاوز عددها 6 اتفاقيات.
وفيما يتعلق بمظاهرات السويداء الخاضعة لسيطرته أيضا كان قد اتبع منذ أغسطس الماضي سياسة ترتكز على عدم التعليق والتعاطي والخوض مع المتظاهرين، خلافا لما اتبعه قبل 13 عاما بحق عموم المناطق التي خرجت بتظاهرات.
"العلاقة بين السلطة والشعب في أي دولة يحكمها سؤال محدد: لماذا يجب أن نخضع للسلطة؟".. يطرح الناشط الحقوقي، عمر الحريري هذا السؤال ويجيب عليه.
علم الثورة السورية فوق مئذنة المسجد العمري المعاد ترميمها في درعا البلد
في إحياء ذكرى بداية الثورة السورية في ١٨ آذار ٢٠١١
جيل جديد يرفع علم الحرية pic.twitter.com/65pP7ge00Z
ويقول الحريري لموقع "الحرة": "إما لأن السلطة تفرض العدل وتطبق القانون وتحمي حقوق الشعب، أو أنها تمارس الترهيب والخوف والرعب".
وعند النظر إلى الحالة السورية يعتبر الناشط أن النموذجين "ضُربا في مقتل".
ويوضح حديثه بأن "النظام أبعد ما يكون عن النموذج الأول، فلا هو يفرض العدل ولا يطبق القوانين التي باتت مشاعا ولا يحترم حقوق الشعب".
وكذلك هو "عاجز عن فرض النموذج الثاني نتيجة الضعف الاقتصادي والاستنزاف العسكري والأمني وفوضى السلاح التي فرضتها سنوات الحرب"، وفق الحريري.
وعلى أساس ذلك يضيف: "نحن اليوم أمام شكل للدولة لا يرى فيها الشعب حاجة للخضوع للسلطة، وعليه نرى ما نراه من أشكال في مناطق التسويات".
"النظام عاجز"ويعتقد الباحث في مركز "جسور للدراسات"، وائل علوان، أن ما يحصل في درعا من احتجاجات متواترة، وفي السويداء أيضا، يكشف أن "النظام مفكك وغير قادر على أن يضبط السلطة بكافة مجرياتها".
ولا تقف حالة عدم القدرة و"العجز"، كما يراها علوان، على الشق الأمني بمفهومه المذكور، بل تنسحب إلى حد غياب إمكانياته لتقديم الخدمات لمناطق "التسويات" من ماء وطرق وكهرباء.
الناشط الحريري يشير من جانبه إلى أن "النظام لم يقم بواجبه كدولة في تقديم الخدمات وبناء البنية التحتية وإعادة الإعمار بدرعا، ولا حتى على مستوى فرض الأمن، لأن يرى نفسه غير معني".
"كار المراجل كارنا وسيفونا ما تنثني" أبناء درعا يحيون الذكرى الثالثة عشرة للثورة السورية في مهدها درعا البلد من أمام المسجد العمري الكبير.#أحرار_حوران pic.twitter.com/jZtFUTDlVV
— تجمع أحرار حوران (@HoranFreeMedia) March 18, 2024وبوجهة نظره، يرتبط سلوكه "بمزيج ما بين العقاب لهذه المناطق على ثورتها وبين العجز عن القيام بهذا الدور بعدما غياب شكل الدولة الحقيقي في أي شيء".
ومنذ توقيع "التسوية" عام 2018 وحتى الآن لم تهدأ درعا ولم تشهد أي استقرار، بل على العكس، لم يخل مشهدها من عمليات اقتحام ومداهمات واشتباكات من قوات الأسد بين الفترة والأخرى.
وإلى جانب ذلك، عكر جوها قاتل "خفي" ما تزال هويته مجهولة، وأقدم على سلسلة من حوادث الاغتيال، طالت عسكريين من الطرفين (النظام والمعارضة) ومدنيين ونشطاء وإعلاميين.
وفي ظل ما سبق، لم ينقطع الحراك السلمي من قبل ناشطي المحافظة، وتجلى في الأعوام الماضية بخروج مظاهرات متفرقة مناهضة للأسد، طالب فيها المتظاهرون بالإفراج عن المعتقلين وإيقاف الحملات الأمنية.
وبموازاة الحراك السلمي شهدت المحافظة حراكا مسلحا أيضا، لكنه بصورة فردية أكثر من جماعية.
"غير خاضعين"وينظر الباحث السوري علوان إلى المناسبات الخاصة بالثورة، التي يتم إحياؤها في درعا، على أنها تؤكد فكرة أن السكان المحليين "غير خاضعين لسيطرة النظام الأمنية"، لعدة أسباب.
الأول هو عدم قدرة النظام على تثبيت سلطته، والثاني عدم اكتراثه وسعيه لإبعاد شبح أي عملية استنزاف جديدة.
الباحث يشير إلى مدينة جاسم بريف محافظة درعا وما جرى فيها خلال السنوات الماضية، ويقول إن سكانها هم من واجهوا خلايا تنظيم داعش هناك، بعدما عزف النظام عن الزج بقواته خشية الاستنزاف.
ويعتبر الناشط الحقوقي الحريري أن "سياسة النظام في مناطق التسويات أقرب لتحييد الجبهات العسكرية من إعادة السيطرة أو ترسيخ الاستقرار أو حتى فرض هيبة الدولة وشكلها".
ودائما ما كانت أولوية النظام تخفيف الضغط العسكري بغض النظر عما سيأتي بعد ذلك، و"هذا شهدناه بشكل واضح في كل المناطق التي استعادها شكلا لا مضمونا"، وفق حديث الناشط.
ويضيف: "النتيجة إما أن تدخل المناطق في حالة فوضى أمنية وانتشار أسلحة وعصيان مدني وتظاهرات وحراك شعبي أو أن تكون في حالة خراب بلا مستقبل ولا شكل اجتماعي أو اقتصادي كما في الغوطة الشرقية وحمص".
والغوطة الشرقية وحمص مناطق مشمولة أيضا بـ"اتفاقيات التسوية".
ومنذ عودتها إلى سلطة النظام السوري الأمنية والعسكرية لم يخرج منها أي خبر أو حتى صورة للأهالي الموجودين فيها، ولم تقام فيهما مشروعات تصب في إطار "إعادة إعمار"، سوى تلك البسيطة التي تنفذها برامج الأمم المتحدة الإنمائية.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: النظام السوری درعا البلد فی درعا
إقرأ أيضاً:
وزير الدفاع السوري: روسيا يمكنها البقاء في سوريا بشرط واحد
أكد وزير الدفاع السوري، مرهف أبو قصرة، أن سوريا مستعدة للسماح لروسيا بالاحتفاظ بقواعدها الجوية والبحرية على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط، طالما أن الاتفاقات مع موسكو تصب في مصلحة البلاد.
وقال وزير الدفاع السوري في حوار مع صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية إنه: "إذا كان الاتفاق مع روسيا يعود بالفائدة على سوريا، فلا مانع من ذلك".
وأضاف أن الموقف الروسي تجاه الحكومة السورية قد "تحسن بشكل كبير" بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر الماضي، وأن دمشق تدرس مطالب موسكو في إطار لتطورات الجديدة.
وتابع وزير الدفاع: "في السياسة، لا يوجد أعداء دائمون"، في إشارة إلى التحول في العلاقات مع موسكو التي كانت من أبرز حلفاء الأسد.
وحول ما إذا كانت سوريا ستسمح لروسيا بالاحتفاظ بقواعدها العسكرية في طرطوس وحميميم، أشار أبو قصرة إلى أن ذلك يتوقف على شرط الفوائد التي قد تجنيها دمشق، قائلا: "إذا حصلنا على فوائد لسوريا من هذا، نعم".
وفيما يخص الأسد، رفض أبو قصرة التأكيد على ما إذا كان الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، قد طلب تسليم الأسد في لقائه مع المسؤولين الروس في يناير الماضي. لكنه أشار إلى أن قضية محاسبة الأسد كانت قد أثيرت خلال الاجتماع.
من جانبها، لم تقدم روسيا أي تعليق رسمي على ما إذا كانت قد ناقشت مصير الأسد مع الشرع.
وقال نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، إن المفاوضات بشأن الوجود العسكري الروسي في سوريا ستستمر، مضيفا: "حتى الآن، لم يتغير شيء، ولكننا اتفقنا على مواصلة المشاورات بشكل أعمق".
ومن جانب آخر، لم تقتصر التحركات السورية على العلاقات مع روسيا فقط، إذ قال أبو قصرة إن دمشق تتفاوض أيضا حول وضع القواعد العسكرية الأميركية والتركية في البلاد، مع احتمال أن تشمل الاتفاقات العسكرية مع تركيا تقليصا أو "إعادة توزيع" للقوات التركية في الأراضي السورية.
وأوضح أن المفاوضات بشأن الوجود العسكري الأميركي في شمال شرق سوريا ما زالت جارية.