قال فضيلة الدكتور شوقي علَّام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن التيسير هو جوهر الشريعة الإسلامية، فالشرع الشريف يقوم على مراعاة التيسير ورفع الحرج وإزالة الضرر عن المكلفين، وهذا ظاهر مبثوث في عموم المقاصد والأدلة والأحكام حتى أصبح الاعتدال سمة ملازمة للمسلم ومكونًا من مكونات شخصيته.

وأضاف فضيلة المفتي، خلال لقائه الرمضاني اليومي بـ برنامج «اسأل المفتي»، مع الإعلامي حمدي رزق، المذاع على فضائية صدى البلد، أن من خصائص الشريعة الإسلامية أنها جاءت لكل المكلَّفين على اختلاف قدراتهم، ولكن في الوقت ذاته وردت تكاليفها بما هو مقدور للإنسان وفي استطاعته، كما أن الأخذ بالرخص في الشرع ليس تفلتًا من التكليف ولكن بسبب الانتقال من حكم إلى حكم بسبب الأحوال الطارئة، فالتيسير نوع من إعمال القواعد العلمية المدروسة والمقننة بعنايةٍ من قِبل علماء الإسلام وأئمة الفقه، ولهذا فلا يخرج حكمه عن الندب أو الوجوب بحسب ما يقتضيه الواقع.

حكم الشرع في جشع التجار

وردًّا على سؤال عن حكم الشرع في جشع التجار وعدم رفقهم بالمستهلكين قال فضيلته: في ظل الأزمات الاقتصادية الراهنة بسبب الأحداث العالمية، يتعاظم دور الأفراد والتجار في دعم الطبقات الأقل حظًّا في المجتمع، حيث يُعد الاهتمام بالمحتاجين وتقديم المساعدة لهم ليس فقط واجبًا اجتماعيًّا بل عبادة متكاملة، تعكس جوهر تعاليمنا الدينية. فالشرع الإسلامي يحث على العدل، الرحمة، والتكافل الاجتماعي، خصوصًا في شهر رمضان المبارك، ونثمن تقديم البعض شنط رمضان وغيرها من المساعدات، إيمانًا بأن دعم المحتاجين والعناية بهم يُعد من أرقى العبادات التي تعزز الترابط والتكاتف بين أفراد المجتمع. في هذا الإطار، يُؤكد الشرع على أن مساعدة الفقراء والمحتاجين والابتعاد عن الممارسات الجشعة ليست فقط تعبيرًا عن الإيمان بل طريقة لتقوية أواصر المجتمع والارتقاء بقيم التعاون والمودة بين أفراده.

حكم إخراج زكاة الفطر والفدية نقودًا

وأوضح مفتي الجمهورية، ردًّا على سؤال عن حكم إخراج زكاة الفطر والفدية نقودًا: والذي نختاره للفتوى في هذا العصر، ونراه أوفقَ لمقاصد الشرع، وأرفقَ بمصالح الخلق، هو جوازُ إخراجِ زكاة الفطر مالًا، وهذا هو مذهب الحنفية، وبه العمل والفتوى عندهم في كل زكاة، وفي الكفارات، والنذر، والخراج، وغيرها، كما أنه مذهب جماعة من التابعين، حيث إن دار الإفتاء المصرية أخذت برأي الإمام أبي حنيفة في جواز إخراج زكاة الفطر بالقيمة نقودًا بدلًا من الحبوب، تيسيرًا على الفقراء في قضاء حاجاتهم ومطالبهم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أَغْنُوهم عن السؤال في هذا اليوم» والفتوى مستقرة على ذلك.

وفي رده على سؤال عن حكم الحجامة أثناء الصيام قال فضيلته: أما عن حكم الحجامة أثناء الصيام فهي لا تُفسِد الصوم، لأن الفطر مما دخل لا مما خرج.

اقرأ أيضاًمفتي الجمهورية: القرآن والسنة حثَّا على الوحدة والبعد عن مواطن النزاع

مفتي الجمهورية: العلماء المسلمون المعتَمدون اعتبروا التنوع الفكري بين المذاهب الإسلامية ظاهرةً صحية

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الدكتور شوقي علام زكاة الفطر صدى البلد مفتي الجمهورية إخراج زکاة الفطر مفتی الجمهوریة عن حکم

إقرأ أيضاً:

مفتي الجمهورية يلتقي رئيس جامعة محمد بن زايد لتعزيز التعاون العلمي والديني

التقى فضيلة الأستاذ الدكتور نظير عياد -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم- الدكتور خليفة الظاهري، رئيس جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، في لقاء مهم شكَّل محطة رئيسية لتعزيز التعاون المشترك بين المؤسستين الدينيتين والعلميتين.

جاء هذا في إطار مشاركة فضيلته في المؤتمر الدولي "المواطنة والهُويَّة وقيم العيش المشترك"، الذي تستضيفه العاصمة الإماراتية أبو ظبي بمشاركة نخبة من العلماء والمفكرين وقادة المؤسسات الدينية. 

وقد استعرض فضيلةُ المفتي خلال اللقاء الجهودَ الحثيثة التي تبذلها دار الإفتاء المصرية في مجال تجديد الخطاب الديني، وترسيخ مفاهيم التعايش والتعددية، ومكافحة الفكر المتطرف، بالإضافة إلى المبادرات الريادية التي تطلقها الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم في سبيل دعم الفتوى الرشيدة وتبادل الخبرات بين المفتين على المستويين الإقليمي والدولي.

هل الدعاء يرد القضاء فعلا؟ اعرف هذه الكلمات التي لا تردهل يكفي قول دعاء الاستخارة بدون صلاة ركعتين؟.. الإفتاء: يجوز بشروط

وأكد فضيلته أن الفتوى لم تعد مسألة محلية فحسب، بل أصبحت ذات أبعاد إنسانية تتطلب مقاربات شمولية تتكامل فيها العلوم الدينية مع العلوم الاجتماعية والإنسانية، مشيرًا إلى أن دار الإفتاء تسعى دومًا إلى مدِّ جسور التواصل مع المؤسسات الأكاديمية والبحثية الرصينة التي تشاركها الأهداف ذاتها في بناء وعي عالمي يقوم على السلام والرحمة والعدل.

من جانبه، ثمَّن الدكتور خليفة الظاهري مشاركة فضيلة المفتي في أعمال المؤتمر، مؤكدًا أن وجود فضيلته يُعد قيمة مضافة كبيرة وركيزة أساسية لإنجاح النقاشات حول الهُويَّة والمواطنة والعيش المشترك. وأشاد بالدور المحوري الذي تضطلع به دار الإفتاء المصرية كمرجعية أولى للفتوى في العالم الإسلامي، ذات مصداقية واسعة وامتداد مؤسسي عميق.

كما قدَّم الدكتور الظاهري عرضًا موسَّعًا حول جهود جامعة محمد بن زايد في تعزيز البحث العلمي والدراسات التطبيقية المتخصصة في مجالات الفلسفة الإسلامية، وعلوم الاجتماع الديني، والدراسات الحضارية، فضلًا عن المشاريع الثقافية والمبادرات العالمية التي تنفذها الجامعة لتعزيز قيم السلام والحوار.

وقد شهد اللقاء توافقًا كبيرًا في الرؤى بين الجانبين، تُوِّج بالاتفاق على حُزمة من المبادرات والمشروعات الطموحة التي تعكس تطلع المؤسستين إلى بناء تعاون مؤسسي عميق ومثمر.

ومن أبرز ما تم الاتفاق عليه: الإعداد لعقد مؤتمر دولي مشترك يتناول العلاقة بين الفتوى والعلوم الاجتماعية والإنسانية، بما يُسهم في ربط الاجتهادات الشرعية بسياقات الحياة المعاصرة، ويعزز التكامل بين المرجعية الدينية والرؤى العلمية الحديثة.

كما اتفق الطرفان على إقامة ملتقًى سنوي حول "فقه التعايش"، يُعقد بمناسبة تأسيس مركز الإمام الليث بن سعد لفقه التعايش، ليكون منبرًا فكريًّا يعالج قضايا العيش المشترك في ضوء الفقه الإسلامي وتجديد أدواته.

وفي سياق التعاون العلمي والتأهيلي، تم التوافق على إطلاق عدد من المشروعات البحثية المشتركة في مجالات تتقاطع فيها الفتوى مع قضايا المجتمع والإنسان، فضلًا عن توقيع مذكرة تفاهم بين دار الإفتاء المصرية وجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، يُنتظر توقيعها رسميًّا خلال زيارة مرتقبة للدكتور خليفة الظاهري إلى مقر الدار في القاهرة، وتتضمن المذكرة أطر التعاون البحثي وتبادل الخبرات وعقد الفعاليات العلمية المشتركة.

كما تم الاتفاق على تصميم برامج تدريبية متخصصة لتأهيل المفتين، يشرف عليها خبراء من الجانبين، وتستهدف الارتقاء بقدرات المفتين، بما يواكب التحديات الراهنة في مجتمعاتنا ويعزز من كفاءة الخطاب الإفتائي عالميًّا.

وقد عبَّر الطرفان عن سعادتهما بهذا اللقاء المثمر الذي يعكس عمق العلاقات بين جمهورية مصر العربية ودولة الإمارات العربية المتحدة، خاصة في المجال الديني والفكري، وحرصهما على بناء تعاون مؤسسي دائم بين دار الإفتاء وجامعة محمد بن زايد بما يحقق أهداف السلام والاستقرار المجتمعي.

واختُتم اللقاء بتأكيد الجانبين على أن هذه الشراكات ستفتح آفاقًا جديدة في العمل المشترك على المستوى الدولي، وستُسهم في تعزيز منظومة الإفتاء وتطوير أدواتها بما يتواكب مع التحديات المعاصرة، وبما يخدم المجتمعات المسلمة في شتى بقاع الأرض.

مقالات مشابهة

  • هل يجوز الذهاب لعرفات مباشرة وترك المبيت يوم التروية؟.. الإفتاء تجيب
  • مفتي الجمهورية يلتقي نظيره التشادي على هامش مؤتمر أبو ظبي
  • مفتي الجمهورية يلتقي مفتي سنغافورة في أبو ظبي
  • مفتي الجمهورية يلتقي رئيس جامعة محمد بن زايد لبحث سُبل التعاون
  • مفتي الجمهورية ونظيره التشادي يبحثان أوجه التعاون على هامش مؤتمر أبو ظبي
  • مفتي الجمهورية يبحث مع نظيره من سنغافورة سبل تعزيز التعاون
  • مفتي الجمهورية يلتقي رئيس جامعة محمد بن زايد لتعزيز التعاون العلمي والديني
  • هل يجوز صرف أموال الزكاة في إصلاح أسقف بيوت الفقراء؟.. الإفتاء تجيب
  • مفتي الجمهورية: القيم الإنسانية في الإسلام صورة من صور الإعجاز الإلهي
  • هل المال المدخر للزواج وشراء مسكن الزوجية عليه زكاة؟.. الإفتاء تجيب