قال الشيخ محمد الحسن ولد الددو، رئيس مركز تكوين العلماء في موريتانيا، إن الخيرية التي أثبتها الله لأمة محمد (صلى الله عليه وسلم) هي خيرية لها في الجملة لا بالجملة، ولا يتصف بها الفرد إلا إذا قام بلوازمها وواجباتها وحقق شروطها.

وخصصت حلقة (2024/3/19) من برنامج "الشريعة والحياة في رمضان" موضوعها لمفهوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأحكامه وحالاته وكثير من المسائل والإشكالات المتعلقة به، وارتباطه بخيرية الأمة.

وأوضح الشيخ ولد الددو أن الأمة فيها منافقون وشياطين وفجرة، ومن ثم فإن الخيرية التي اتصفت بها هي لجمهورها ولها في الجملة، لكن منتسبيها لا بد لهم من تحقيق شروطها لنيل تلك الخيرية، لافتا إلى أن الكثير من أمة الدعوة، لا من أمة الإجابة، كما أن أفراد أمة الإجابة يتفاوتون في المراتب.

ويضيف أن هذه الخيرية تحاز بالإيمان بالله وتحقيق الإسلام والإحسان واليقين، لكن الكبر على الأمم الأخرى مذموم، وقد أخبر النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من الكبر، فإذا كان الحامل للإنسان على تفاخره بتلك الخيرية الكبر، فإنه من أسباب سوء الخاتمة.

ولفت إلى أن هذه الخيرية تحمل في مقتضاها مسؤولية عظمى على الأمة، باعتبارها مسؤولة عن الناس وأنها ستشهد عليهم كافة يوم القيامة، كما أنها مسؤولة عن أمنهم ورخائهم واستقامة حالهم في الدنيا وعن هدايتهم ونجاتهم من النار في الآخرة، والسعي لإيصالهم إلى مرضاة الله جل جلاله.

الاهتمام بباقي الأمم

وتابع بأن من مقتضيات ذلك الاهتمام بالأمم الأخرى دراسة تاريخها وواقعها وثقافتها ولغتها ودينها من أجل التأثير فيها، وأن ذلك مرتبط بمشروعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وفي سياق المقارنة بين تفاعل الأمة الإسلامية والعربية مع ما يقع من ظلم للمسلمين في العالم، ومن ذلك حرب غزة، وضعفه في مقابل تفاعل أمم أخرى، يرى العلامة الددو أن الظروف المختلفة وما يتوفر للأمم الأخرى مما لا يتوفر للمسلمين في بلادهم يوفر قدرا من العذر لتلك الشعوب، مع ضرورة بذل ما هو مستطاع.

وأضاف في هذا السياق أن "الأمة معذورة في أغلبها، لكن المنافقين والقادرين على البذل والحكام الذين بأيديهم القرار والجيوش غير معذورين، فلذلك لا يدخلون في هذه الخيرية، ولا في هذه الشهادة".

وعن سر تأخر أمة الإسلام عن باقي الأمم رغم خيريتها، يوضح الشيخ ولد الددو أن أمة محمد فاضلة عند الله محبوبة لديه، وهي آخر الأمم في الدنيا وأولها يوم القيامة، وسبب ذلك ليكونوا شهودا على الناس، لأن الشهادة شرطها العلم.

لكنه عاد وأكد أنه ليس كل أفراد الأمة شهودا وعدولا تتحقق لديهم الخيرية عند الله، لافتا إلى أن السكوت عن المنكر وهو صغير، يعطيه الفرصة للنمو والازدياد، وأن سكوت الأمة في عصورها المتأخرة عن بعض المنكرات قوّى تلك المنكرات وأوصلها إلى نتائج قيدت الأمة.

الخذلان شؤم الذنب

وأشار في هذا السياق إلى أن من سنن الله في الكون خذلان الأمة إذا خذلت المظلوم في أي مكان حتى لو كان غير مسلم، فإن الله يسلط عليها ظلما وحينئذ تُخذل وهي محتاجة إلى النصر، وهذا ليس من جزاء الذنب وإنما من شؤمه، لأن الجزاء كله أخروي والدنيا دار عمل.

ويرى الشيخ ولد الددو أن دوائر الاستضعاف والنهضة يتلو بعضها بعضا، وأن الأمة في وضعها الحالي في فترة استضعاف، لكن ما يحدث معها فيه دلالة على قرب نهضتها، لأن الأحوال متقلبة ولا تدوم، وقد تعهد الله لنبيه أن يبعث للأمة على رأس كل 100 عام من يجدد لها أمر دينها.

وفي سياق حديثه عن المعروف المشروع الأمر به، أوضح الشيخ ولد الددو أنه درجات فمنه الواجب والمسنون والمندوب ومنه ما هو أولى وأحسن، أما المنكر المشروع النهي عنه، فهو المجمع على تحريمه فقط، ومنه ما يستطيع كل فرد إنكاره كالمعلوم من الدين بالضرورة، ومنه ما لا يستطيع إنكاره إلا المتفقه والعالم.

وبالنسبة إلى من يأمر بالمعروف ولكن لا يفعله، وينهى عن المنكر ويرتكبه، يرى الشيخ ولد الددو أن ذلك مذموم ذما عظيما بنصوص مختلفة، لكن مع ذلك إذا كان الإنسان تاركا للأمر بالمعروف فإنه فعل منكرا آخر، فإن وقع في منكر ولم ينه عنه، ارتكب بذلك منكرين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات عن المنکر إلى أن

إقرأ أيضاً:

يضمن لها عزها.. خطيب المسجد النبوي: خضوع الأمة للتوجيهات الإلهية والعمل بسنة النبي

 قال الشيخ حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ،  إمام وخطيب المسجد النبوي، إن خضوع الأمة الإسلامية للتوجيهات الإلهية وطاعتها لربها والعمل بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وتزكية النفوس وتنقيح الأفكار والأخلاق بما حمله الإسلام هو ما يضمن لها عزها وصلاحها.

يضمن لها عزها

وأوضح “ آل الشيخ” خلال خطبة الجمعة الثانية في جمادي الأول اليوم من المسجد النبوي بالمدينة المنورة، أن الإسلام في مصادره وأهدافه حدد الهدف الأسمى للإنسان ليحقق العبادة الشاملة لله، وسنة الله في الخلق أنه لا يغير حال قوم إلا بسبب من أنفسهم.

واستشهد بما قال الله سبحانه وتعالى : «إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ » أي أن الله لا يغير ما بقوم من عافية ونعمة فيزيل ذلك عنهم ويهلكهم حتى يغيروا ما بأنفسهم، منوهًا بأن الواجب على المسلمين القيام وفق الإمكانيات لحفظ الأمن وسلامة المجتمع.

العودة إلى وحدة الصف

ونبه إلى أن الجميع مسؤول أمام الله عز وجل ، كما أن الإدراك التام علاج لمشاكل الحياة والتغيير الهادف لسنن الحياة، والتوكل على الله والاعتصام بالله، مشيرًا إلى أن أعظم ما يجب على المسلمين أن يعيدوا النظر في أحوالهم ويراقبوا الله في جميع الأمور وأحوالهم والعودة إلى وحدة الصف واجتماع الكلمة والحرص على أخوة الدين والتعاون على حفظ الأوطان وسلامة المجتمع.

وأفاد بأن استبصار أسباب الهدى والفلاح يؤدي إلى العزة والسعادة والصلاح، مشيرًا إلى أن آيتين من كتاب الله متى أدرك مفهومهما بوعي وإدراك، تدلان على سبل الهداية تنير للأمة مواطن السلامة ومقومات الأمن وعناصر النجاة.

وأضاف : ورسمت طريق الخلاص من أسباب الهلاك والشقاء قال تعالى «ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ».

 

مقالات مشابهة

  • مفهوم التضحية ومكانة الشهداء في الإسلام
  • السلطة القضائية بذمار تقيم فعالية خطابية بذكرى سنوية الشهيد
  • وزير الرياضة يتدخل.. تحقيق عاجل في واقعة لاعب كفر الشيخ
  • تدشين زيارات أسر الشهداء في مديرية التحرير بالأمانة
  • يسري نصر الله: تعلمت من يوسف شاهين ضرورة تحقيق المتعة في بيئة العمل
  • محافظة عمران تشهد 49 مسيرة حاشدة دعماً واسناداً لغزة ولبنان
  • افتتاح مدرسة أساسية للبنات بمحافظة مأرب بتمويل جمعية خيرية فرنسية
  • يضمن لها عزها.. خطيب المسجد النبوي: خضوع الأمة للتوجيهات الإلهية والعمل بسنة النبي
  • مسيرات حاشدة في 101 ساحة بالحديدة تنديدا بالعدوان على غزة ولبنان
  • “نص”كلمة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي حول آخر تطورات العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان