لجريدة عمان:
2024-07-08@00:58:47 GMT

عندما تضللنا الأرقام

تاريخ النشر: 19th, March 2024 GMT

الهوس بالأرقام دفع الكثير من الناس إلى تصديق أي معلومة تكون مقرونة برقم أيا كان مصدرها، بل إن المعلومات المقرونة بالأرقام غالبا ما تكون ذات مصداقية أكبر من المعلومات التي لا تحتوي على أرقام أو إحصاءات، وهذا ما شجع كثير من المؤسسات البحثية ومراكز الدراسات إلى انتهاج فلسفة أن «لغة الأرقام لا تكذب» وأن الإحصاءات والأرقام تتحدث عن نفسها بدون الحاجة إلى المزيد من الشرح والتفصيل، فالرقم هو الفيصل في كل المعادلات.

غير أن هنالك بعض الأصوات بدأت تنادي بأن لغة الأرقام تكذب وأن الأرقام يمكن أن تضللنا وتقودنا إلى اتخاذ قرارات خاطئة نتيجة الثقة العمياء في الأرقام والبيانات، ومن هذه الأصوات الدكتورة الهولندية سان بلو التي قامت بتأليف كتاب «كيف تقودنا الأرقام وتضللنا» واعتبر هذا الكتاب لفترات طويلة بأنه «الكتاب الأكثر مبيعا على الإطلاق» لا سيما عند نشره لأول مرة وتم ترجمته إلى العديد من اللغات منها العربية. الكتاب يقع في ستة فصول تتناول فيه المؤلفة قصة الأرقام والقرارات التي بنيت عليها مثل معدل الذكاء ولون البشرة، حين أثبتت الأرقام أن ذوي البشرة السوداء يتمتعون بدرجة ذكاء أقل عن ذوي البشرة البيضاء، وهذا ما أثبتت المؤلفة خطأه في كتابها، وأيضا قضية «أن التدخين يسبب سرطان الرئة» حين استغلت شركات التبغ مراكز الإحصاء والمعلومات في تضليل الناس بأن لا علاقة بين التدخين وسرطان الرئة، وغيرها من الأمثلة التي جاءت في فصول الكتاب المختلفة التي لا يكفي هذا العمود لسردها ويمكن إحالة القارئ إلى الكتاب لقراءته لمعرفة كيف أن الكثير من الأرقام باتت تستخدم بطرق غير صحيحة في تضليل الناس وإلهائهم والكذب عليهم لتحقيق غايات ينشدها مستخدمو هذه البيانات.

في عصر البيانات الضخمة زادت الحاجة إلى الأرقام والبيانات والمعلومات كمرجعية أساسية للقياس وبناء القرارات في كل مناحي الحياة خصوصا في النواحي التجارية والاقتصادية وحتى الاجتماعية، وأصبح اتخاذ القرارات مرتبطا ارتباطا وثيقا بالمعلومات والأرقام التي يتم جمعها تلقائيا من الجمهور المستخدم للتقنية من دون الحاجة إلى تدخل بشري مباشر لجمع البيانات والمعلومات، وإنما يتم تجميع تلك الأرقام والبيانات في خوادم ضخمة تقوم بتحليل البيانات بصورة تلقائية قد تصدق في بعض الأحيان وقد تكذب في التحليلات والقرارات التي تبنى على تلك البيانات.

كما تحدثت سلفا عن الهوس في استخدام الأرقام حين بدأت الحكومات والشركات وصناع القرار في بناء قراراتهم بناء على توصيات الأرقام التي تنتجها مراكز البحوث ومعاهد استطلاعات الرأي المختلفة، غير أن هذا الهوس امتد إلى الإنسان العادي الذي أصبح متيما بالأرقام ولغتها ويقيس كل صغيرة وكبيرة في يومه بما تمليه عليه لغة الأرقام، فمثلا يقاس أثر تدوينة إلكترونية بعدد أرقام الإعجاب التي حازت عليها من دون ملاحظة أثرها المرتجى على المجتمع، ويقاس عدد الخطوات والسعرات الحرارية المحروقة للدلالة على المشي مع إغفال أهمية الحركة في حياة الإنسان وعدد الزوار لموقع معين مع إغفال ما يحتوي عليه ذلك الموقع من معلومات وبيانات قد تكون مفيدة أو ضارة للفرد والمجتمع.

الخشية من أن تتسبب الأرقام والبيانات لا سيما التي تتحكم فيها الآلة بدل من البشر في تفاقم أزمة الأرقام المضللة والكاذبة عند اتخاذ القرارات المصيرية التي يترتب عليها حياة كثير من البشر لأن هنالك الكثير من المعايير التي لا يمكن قياسها بالأرقام بل هي بحاجة إلى النظر إليها من كافة الجوانب الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية.

عبدالله الشعيلي رئيس تحرير جريدة «عمان» أوبزيرفر

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

يورو 2024.. الأرقام السلبية تحاصر كريستيانو رونالدو

ودع منتخب البرتغال، بقيادة نجمه كريستيانو رونالدو، بطولة كأس أمم أوروبا 2024 بعد الخسارة أمام منتخب فرنسا، في إطار منافسات دور الربع نهائي.

يورو 2024.. ليكيب الفرنسية تحرج مبابي وكريستيانو رونالدو

ولم ينجح كريستيانو رونالدو في تسجيل أي هدف مع منتخب البرتغال طوال بطولة اليورو، بالرغم من أنه لم يغيب عن أي لقاء منذ بداية المسابقة.

وتحاصر الأرقام السلبية كريستيانو رونالدو بعد الخروج من بطولة يورو 2024، خاصة وأنهم كانوا ضمن المنتخبات المرشحة للتتويج باللقب.

 

وسجل رونالدو، رقما سلبيا في تاريخ بطولة يورو 2024 حتى الآن، حيث أنه ثاني أكثر لاعب إهدار للفرص الكبيرة برصيد 5 فرص بعد البلجيكي روميلو لوكاكو.

وتعد تلك هى المرة الأولى لكريستيانو رونالدو التي لم بسجل فيها خلال بطولة كبرى مع منتخب البرتغال، أي أنه سجل في كل بطولات اليورو وكأس العالم التي شارك بها عادا البطولة الحالية.

حيث شارك كريستيانو رونالدو مع منتخب البرتغال في 6 نسخ لبطولة اليورو منذ عام 2004، وأيضا شارك في 5 نسخ لكأس العالم منذ عام 2006, أي أنه شارك في 11 بطولة كبيرة منذ إرتداؤه قميص منتخب بلاده.

 

مقالات مشابهة

  • تركيا بالمرتبة 19 عالميًا في تسريب البيانات الشخصية
  • يورو 2024.. الأرقام السلبية تحاصر كريستيانو رونالدو
  • قراءة في كتاب: أطروحات ما بعد التنمية الاقتصادية: التنمية حريّة- محمود محمد طه وأمارتيا كومار سن «مقاربة» «1- 15»
  • «مركز البحوث بكهرباء دبي» ينظم جلسة حول «إنترنت الأشياء»
  • الصحراوي قمعون: القضية الفلسطينية وحروب التضليل
  • قراءة في كتاب: أطروحات ما بعد التنمية الاقتصادية: التنمية حريّة – محمود محمد طه وأمارتيا كومار سن (مقاربة)، (1- 15)
  • النائب فضل الله: عندما يتوقف العدوان على غزة تتوقف جبهات المساندة
  • قضية تسريب بيانات سوريين في تركيا.. إلى أين وصلت؟
  • عرضان لكتاب كينيث بيركنز: “بورتسودان: نشوء وتطور مدينة كولونيالية”
  • مارتينيز يرد على الانتقادات قبل معركة فرنسا