لجريدة عمان:
2024-11-15@10:27:30 GMT

عندما تضللنا الأرقام

تاريخ النشر: 19th, March 2024 GMT

الهوس بالأرقام دفع الكثير من الناس إلى تصديق أي معلومة تكون مقرونة برقم أيا كان مصدرها، بل إن المعلومات المقرونة بالأرقام غالبا ما تكون ذات مصداقية أكبر من المعلومات التي لا تحتوي على أرقام أو إحصاءات، وهذا ما شجع كثير من المؤسسات البحثية ومراكز الدراسات إلى انتهاج فلسفة أن «لغة الأرقام لا تكذب» وأن الإحصاءات والأرقام تتحدث عن نفسها بدون الحاجة إلى المزيد من الشرح والتفصيل، فالرقم هو الفيصل في كل المعادلات.

غير أن هنالك بعض الأصوات بدأت تنادي بأن لغة الأرقام تكذب وأن الأرقام يمكن أن تضللنا وتقودنا إلى اتخاذ قرارات خاطئة نتيجة الثقة العمياء في الأرقام والبيانات، ومن هذه الأصوات الدكتورة الهولندية سان بلو التي قامت بتأليف كتاب «كيف تقودنا الأرقام وتضللنا» واعتبر هذا الكتاب لفترات طويلة بأنه «الكتاب الأكثر مبيعا على الإطلاق» لا سيما عند نشره لأول مرة وتم ترجمته إلى العديد من اللغات منها العربية. الكتاب يقع في ستة فصول تتناول فيه المؤلفة قصة الأرقام والقرارات التي بنيت عليها مثل معدل الذكاء ولون البشرة، حين أثبتت الأرقام أن ذوي البشرة السوداء يتمتعون بدرجة ذكاء أقل عن ذوي البشرة البيضاء، وهذا ما أثبتت المؤلفة خطأه في كتابها، وأيضا قضية «أن التدخين يسبب سرطان الرئة» حين استغلت شركات التبغ مراكز الإحصاء والمعلومات في تضليل الناس بأن لا علاقة بين التدخين وسرطان الرئة، وغيرها من الأمثلة التي جاءت في فصول الكتاب المختلفة التي لا يكفي هذا العمود لسردها ويمكن إحالة القارئ إلى الكتاب لقراءته لمعرفة كيف أن الكثير من الأرقام باتت تستخدم بطرق غير صحيحة في تضليل الناس وإلهائهم والكذب عليهم لتحقيق غايات ينشدها مستخدمو هذه البيانات.

في عصر البيانات الضخمة زادت الحاجة إلى الأرقام والبيانات والمعلومات كمرجعية أساسية للقياس وبناء القرارات في كل مناحي الحياة خصوصا في النواحي التجارية والاقتصادية وحتى الاجتماعية، وأصبح اتخاذ القرارات مرتبطا ارتباطا وثيقا بالمعلومات والأرقام التي يتم جمعها تلقائيا من الجمهور المستخدم للتقنية من دون الحاجة إلى تدخل بشري مباشر لجمع البيانات والمعلومات، وإنما يتم تجميع تلك الأرقام والبيانات في خوادم ضخمة تقوم بتحليل البيانات بصورة تلقائية قد تصدق في بعض الأحيان وقد تكذب في التحليلات والقرارات التي تبنى على تلك البيانات.

كما تحدثت سلفا عن الهوس في استخدام الأرقام حين بدأت الحكومات والشركات وصناع القرار في بناء قراراتهم بناء على توصيات الأرقام التي تنتجها مراكز البحوث ومعاهد استطلاعات الرأي المختلفة، غير أن هذا الهوس امتد إلى الإنسان العادي الذي أصبح متيما بالأرقام ولغتها ويقيس كل صغيرة وكبيرة في يومه بما تمليه عليه لغة الأرقام، فمثلا يقاس أثر تدوينة إلكترونية بعدد أرقام الإعجاب التي حازت عليها من دون ملاحظة أثرها المرتجى على المجتمع، ويقاس عدد الخطوات والسعرات الحرارية المحروقة للدلالة على المشي مع إغفال أهمية الحركة في حياة الإنسان وعدد الزوار لموقع معين مع إغفال ما يحتوي عليه ذلك الموقع من معلومات وبيانات قد تكون مفيدة أو ضارة للفرد والمجتمع.

الخشية من أن تتسبب الأرقام والبيانات لا سيما التي تتحكم فيها الآلة بدل من البشر في تفاقم أزمة الأرقام المضللة والكاذبة عند اتخاذ القرارات المصيرية التي يترتب عليها حياة كثير من البشر لأن هنالك الكثير من المعايير التي لا يمكن قياسها بالأرقام بل هي بحاجة إلى النظر إليها من كافة الجوانب الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية.

عبدالله الشعيلي رئيس تحرير جريدة «عمان» أوبزيرفر

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

معارك بالفاشر وتقديرات بتجاوز عدد القتلى الأرقام الأممية

أظهر تقرير جديد أصدره باحثون في بريطانيا والسودان أن التقديرات تشير إلى مقتل أكثر من 61 ألف شخص في ولاية الخرطوم خلال 14 شهرا من الحرب في السودان، بينما قالت مصادر محلية للجزيرة إن قوات الدعم السريع قصفت فجر اليوم مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.

ووفق وكالة رويترز، فإن التقرير ذكر وجود أدلة تشير إلى أن العدد الكلي لضحايا الصراع في السودان أعلى بكثير مما سجل من قبل.

وأشارت التقديرات الواردة في التقرير إلى مقتل نحو 26 ألف شخص متأثرين بجروح خطرة أصيبوا بها بسبب العنف، وهو رقم أعلى من الرقم الذي سجلته الأمم المتحدة حتى الآن لحصيلة ضحايا الحرب في كل أنحاء السودان.

وتشير مسودة التقرير، الذي صدر أمس الأربعاء عن مجموعة أبحاث السودان في كلية لندن، إلى أن الجوع والأمراض المستشرية في البلاد أصبحا ضمن الأسباب الرئيسية للوفاة في شتى أنحاء السودان.

قصف

في سياق متصل، قالت مصادر محلية للجزيرة إن قوات الدعم السريع قصفت فجر اليوم بالمدفعية الثقيلة أحياء بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.

وأشارت المصادر إلى أن الطيران الحربي بالجيش السوداني قصف مواقع الدعم السريع شمال وشرق المدينة.

وتشهد مدينة الفاشر منذ أسبوع معارك عنيفة تستخدم فيها الأسلحة الثقيلة بين الجيش السوداني والقوات المتحالفة معه من جهة، وقوات الدعم السريع.

ويقترب القتال بين الطرفين بمدينة الفاشر من شهره السابع، وأسفر حتى الآن عن مقتل آلاف المدنيين ونزوح نحو 140 ألف شخص من المدينة.

مقالات مشابهة

  • بالأرقام.. «الوطنية للنفط» تحصي كميات الاستهلاك بالساعات الماضية
  • اتحاد الكتاب العرب والاتحاد العام للكتاب الفلسطينيين ينعيان الأديب رافع الساعدي
  • تجاوز عدد القتلى في السودان الأرقام الأممية
  • استشاري في علم الأوبئة عن المبادرات الرئاسية للصحة: الأرقام تتحدث عن نفسها
  • معارك بالفاشر وتقديرات بتجاوز عدد القتلى الأرقام الأممية
  • مصادرة الكتاب أو المصنف التعليمي حال بيعه بدون ترخيص بالقانون
  • بالأرقام.. «معلومات الوزراء» يوضح تفاصيل الأهمية العالمية للاقتصاد الأزرق
  • شاهد بالأرقام | الإسناد الشعبي اليمني في عام الطوفان الأول ..
  • اليمن في عام الطوفان الأول.. وعي شعبي تخطى حدود الأرقام وجغرافيا المنطقة
  • إصدار جديد للمؤلف الدكتور جمال سند السويدي في معرض الكتاب