صحيفة التغيير السودانية:
2025-03-05@02:01:35 GMT

الدائرة الخبيثة…

تاريخ النشر: 19th, March 2024 GMT

الدائرة الخبيثة…

الدائرة الخبيثة…

مهدي رابح

بعد مرور ما يقارب العام على حرب 15 ابريل 2023م ومقتل عشرات آلاف المدنيين ونهب ممتلكات مئات الآلاف وتشريد ما يزيد عن العشرة ملايين، ودمارا غير مسبوق للبني التحتية والممتلكات العامة والخاصة، فإن عناصر اكتمال الدائرة الخبيثة للحروب الأهلية متوفرة تماماً في السودان.

أولها بالطبع أطراف حرب ليس بمقدورها تحقيق حسم عسكري صريح وكامل، وتكتفي بدلاً عن ذلك بانتصارات محدودة غير منتظمة.

وتتسم فترات الهدوء القتالي التي تفصل بين تلك الانتصارات- الصغيرة مقارنة بالمساحات الجغرافية الكلية المستهدفة بالسيطرة- بالحشد الجماهيري والاستقطاب الحاد، الجهوي والإثني في الغالب، وبالتعبئة القتالية، أي توفير العدة عبر الاستنفار من داخل الصف المدني باستخدام الخطاب الديني أو الوطني “حرب الكرامة أو القضاء على دولة 56″، والعتاد عبر دعم بعض الأطراف الدولية والإقليمية مقابل وعود مكلفة جداً تخصم بالتأكيد من الرصيد المتآكل لما تبقى من وحدة وسيادة البلاد.

ثانيها هو استمرار تدفق استثمارات الشر في هذه الحرب من بعض القوى الدولية والإقليمية المتورطة فيها منذ ما قبل اندلاعها، وأقصد بذلك تلك التي دعمت انقلاب طرفي الحرب الحاليين على الحكومة الانتقالية في أكتوبر 2021م ثم استمرت في دعم أحد طرفيها بالمال والعتاد والثقل الدبلوماسي والسياسي.

وهؤلاء وصلوا الآن إلى مرحلة لا يمتلكون فيها خيارات غير الاستمرار في ذلك الدعم، رغم انجلاء الحقيقة التي لا تخفى على احد باستحالة تحقيق نصر كامل، وهو وضع أصبح مؤكداً عقب فشل خطة القوات المسلحة في تصفية قيادة الدعم السريع منذ السويعات الأولى لاندلاع الحرب حسب عديد المؤشرات والأدلة، وفشل الدعم السريع منذ أيامها الأولى في احتلال القيادة العامة للجيش وتصفية رأس نظام انقلاب الـ 25 اكتوبر 2021م.

وهو ما يعني أنه رغم وصول الحرب لمحصلتها العسكرية النهائية، أي “لم ينجح أحد”، لم تجد هذه القوى خياراً غير الاستمرار في دعم أحد طرفي الحرب لحماية استثماراتها الخبيثة السابقة ومحاولة الوصول إلى طاولة المفاوضات بأفضل موقف عسكري ممكن لتحقيق ما يمكن تحقيقه من المكاسب الممكنة، أو استرداد رأس المال المستثمر على أقل تقدير إن صح التعبير.

الأخطر من ذلك هو دخول لاعبين دوليين وإقليميين جدد على خط النزاع مدفوعين بالفرصة المتوافرة للاستثمار المربح في الحرب نتيجة استعداد طرفيها تقديم تنازلات أكبر على حساب سيادة السودان على أراضيه وموارده ومستقبله بالطبع.

ثالثها، أو لنقل ثالثة الأثافي هو هشاشة وتضعضع الصف المدني نتيجة تدهور البيئة السياسية التي فتحت الباب واسعاً أمام الأجندة الذاتية والانتهازية ومزاد شراء الولاءات. وربما خروج المجتمع المدني “الحقيقي” عبر ضغط العمل الميداني السلمي الاحتجاجي من المعادلة بصورة شبه كلية لهو أخطر نتائج هذه الحرب.

فما تبقى من كيانات سياسية واجتماعية منظمة وفاعلة مضطرة للتصالح والمناورة مع رؤى بعض القوى الدولية الضبابية تجاه القوى المدنية وأدوارها ومشاريعها والتعامل مع جهل أغلبها بالثقل الجماهيري لكل واحدة منها ومدى تأثيرها في ظل غياب أداة القياس الدقيقة الوحيدة المتمثلة في التفويض الانتخابي، الغائبة منذ ما يقارب الأربعة عقود.

وبالتالي اعتماد تصميم كامل العمليات السياسية على الآليات التفاوضية واقتران شرعية التمثيل الى حد كبير بتصورات غير دقيقة مرجعيتها الى حد كبير هي الاحساس بالاستحقاق الذاتي لبعض الفاعلين ذوي التأثير او قدرة هؤلاء على إيصال اصواتهم، والتي تتناسب راجحية سماعها والتجاوب معها  كلما أصبحت أكثر حدة وتطرفا او اكثر انسجاماً مع أحكام وتصورات مسبقة لهذه القوى الدولية، والمشغولة بدورها بأزمات اكبر تهدد امنها بصورة مباشرة.

وأثناء تلكم الملهاة المأساوية يسقط المئات كل يوم، اما بفعل العنف المباشر للحرب قصفا وقتلا واغتصابا او عنفها غير المباشر المتمثل في نقص الغذاء والدواء والنزوح والقهر، وتتحول حيوات كل هؤلاء الأبرياء الطيبين وافراحهم وامالهم المقبورة بالتدريج الى أرقام باردة محايدة في شاشات ذكية/ بلهاء محتشدة بالحقائق الموازية والبطولات الزائفة ومستغرقة تماما بكل غير ذي جدوى ومعني.

#مدنية

#لاللحرب

#حرب_المجرمين_البُلَهاء

الوسومالجيش الدعم السريع السودان الصف المدني القوى الإقليمية مهدي رابح

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الجيش الدعم السريع السودان القوى الإقليمية

إقرأ أيضاً:

الأردن يرفض المحاولات التي قد تهدد وحدة السودان عبر الدعوة لتشكيل حكومة موازية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكّدت وزارة الخارجية وشئون المغتربين الأردنية، رفض المملكة للمحاولات التي قد تهدد وحدة جمهورية السودان؛ من خلال الدعوة لتشكيل حكومة سودانية موازية؛ ممّا يعيق جهود التوصل لحل للأزمة السودانية.

وأكّد الناطق الرسمي باسم الوزارة السفير د.سفيان القضاة، دعم الأردن للجهود المُستهدفة حل الأزمة السودانية، وبما يحفظ أمن السودان الشقيق واستقراره وسيادته وسلامة مواطنيه.

وكانت قوات الدعم السريع وقوى سياسية وحركات مسلحة سودانية، أعلنت - السبت الماضي - ميثاقًا سياسيًا لتشكيل حكومة موازية في السودان، في خطوة رفضتها الحكومة السودانية، وجاء التوقيع بعد مشاورات ومفاوضات استمرت لنحو خمسة أيام في العاصمة الكينية (نيروبي) بهدف تشكيل "حكومة موازية" في المناطق التي تقع تحت سيطرة قوات الدعم السريع والقوى الداعمة لها.

مقالات مشابهة

  • تعليق الدعم الأمريكي يوقف أنشطة المنظمة الدولية للهجرة بالمغرب
  • سودانايل تنشر نص خطاب دكتور عبدالله حمدوك رئيس التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة (صمود) حول نداء سلام السودان .
  • ما هي الدول الأوروبية التي ستشارك في "تحالف الراغبين" من أجل أوكرانيا؟
  • مكاسب الجيش في العاصمة… هل تُنهي حرب السودان؟ توقعات بأن تنتقل المعارك منها إلى غرب البلاد
  • ما هي الأسباب التي تعزز فرص الهجوم الإسرائيلي على إيران؟
  • خبير اقتصادي: الدولة تهتم بالشريحة التي تحتاج الرعاية المجتمعية
  • وليد جاب الله: الدولة المصرية تهتم بالشريحة التي تحتاج للرعاية المجتمعية
  • الحَرْبُ مُنْعَطَفٌ تِكْتِيكِيٌّ أَمْ مُطَبٌّ دْيالِكْتِيكِيٌّ (2)
  • الأردن يرفض المحاولات التي قد تهدد وحدة السودان عبر الدعوة لتشكيل حكومة موازية
  • ثاني دولة عربية تعلن رفضها تشكيل حكومة سودانية موازية بقيادة الدعم السريع