بقلم : د.محمد نعناع ..

يراهن ائتلاف إدارة الدولة الحاكم، والذي شكل بأريحية غير مسبوقة حكومة محمد شياع السوداني، على بناء الاستقرار السياسي والانطلاق منه كركيزة قوية نحو التقاسم الحقيقي للسلطة، وكل ذلك من منطلق أو مبدأ مشاركة جميع المكونات الاجتماعية في العملية السياسية، ولطالما كانت الشراكة المكوناتية السياسية رأس مال الطبقة السياسية الحاكمة في عملية تشكيل الحكومة وتقاسم المناصب وتوزيع الثروات المالية، ولكن الوضع الحالي أفرز رغبات زعاماتية وجهوية جديدة تكونت منها توجهات سياسية مختلفة تتحقق شيئاً فشيئاً على أرض الواقع، وهذا يعني تغييراً في قواعد اللعبة السياسية، وباتأكيد سيصاحب هذا التغيير عمليات إقصاء وتهميش وتخلي وتنصل عن الإتفاقات السياسية وبنود الخطة البرامجية الحكومية.


إن العهد والميثاق الذي طبع سلوك الطبقة السياسية الحاكمة والمتنفذة والمتمثل في عدم الحياد عن التوافقات المكوناتية وتمثيل كل الطوائف في الحكومة وفي إدارة الدولة لم يعد هو حجر الأساس في الصفقات السائدة، ولم يأتي هذا التحول من منطلق تعزيز الديمقراطية وترسيخ الاستحقاقات الانتخابية وتقوية مؤسسات الدولة، بل جاء في سياق كسر إرادة الشركاء السياسيين وإجبارهم على القبول بالأمر الواقع، ولو كان التخلي عن مسار المحاصصة والتوافق والشراكة العريضة والواسعة تعضيداً لمسار دستوري حقيقي لما اعترض عليه الخبراء والنخب الواعية وعدوه مساراً يستدعي الحذر، ولكنه مسار غير مسؤول يهدر سياق الأحداث، ويُمكن قوى لا تؤمن بالديمقراطية والتبادل السلمي للسلطة من السيطرة على مقدرات البلاد وانفاقها خارج الخطط التنموية والخدمية الوطنية.
ويبدو أن المعادلة السياسية القائمة التي ولدت من رحم أزمة دموية في طريقها للانهيار، فكما أن التيار الصدري تحرر نسبياً من الإصرار على التوافق حتى لو كلفه ذلك خسائر سياسية باهضة، فأن الديمقراطي الكردستاني سائرُ بنفس الإتجاه ولأسباب تقترب من الأسباب التي دعت التيار الصدري للانسحاب من العملية السياسية والامتناع عن المشاركة في تشكيل الحكومة وخوض انتخابات مجالس المحافظات.
لقد هدد الديمقراطي الكردستاني بقوة بالانسحاب من العملية السياسية، وتكفل بيان المكتب السياسي للحزب بتوضيح الأسباب الموجبة لذلك، وهذه سابقة خطيرة، وقد تكون هي ومن قبلها انسحاب التيار الصدري، وبعدها الحكم على الحلبوسي وإخراجه من رئاسة البرلمان مقدمات حتمية لفقدان الحكومة لشرعيتها، والأكثر من ذلك تهديد الاستقرار والسلم الأهلي.
وإذا كان للتيار الصدري سبباً واحداً للانسحاب من العملية السياسية، وللحلبوسي وحزب تقدم خط رجعة، فأن الديمقراطي الكردستاني لديه عدة أسباب للذهاب بعيداً في قرار مغادرة العملية السياسية، ومنها أسباب وجودية تهدد كيان الإقليم كما ردد أكثر من مرة مسعود البارزاني في أحاديثه العلنية والسرية، فمن قرارات المحكمة الإتحادية ومنها قرار انتخابات برلمان إقليم كردستان، ومروراً بعدم تنفيذ الإتفاقات السياسية وعدم سيطرة الحكومة الإتحادية على سلوكيات الأحزاب والفصائل الإطارية، ووصولاً إلى ما يسميه الإقليم بالإقصاء والتهميش المتعمد، فأن جدار معادلة السلطة الهش سيتصدع ويكون عرضة لهزات بنيوية قد تسقطه بالضربة القاضية.

د. محمد نعناع

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات الدیمقراطی الکردستانی العملیة السیاسیة التیار الصدری

إقرأ أيضاً:

الجيش العراقي: الحكومة صاحبة السلطة لاستخدام أراضينا في تنفيذ أي عمليات عسكرية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكد المتحدث باسم الجيش العراقي اللواء يحيى رسول، أن الحكومة صاحبة السلطة في استخدام "أراضينا" في تنفيذ أي عمليات عسكرية.

وقال يحيى رسول- في مداخلة مع قناة "القاهرة" الإخبارية، مساء اليوم  الأربعاء - إن العراق يرفض بشكل قاطع الشكوى التي قدمتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي الموجهة ضده.

وأكد أن هذه الاتهامات لا تهدف إلا تبرير عدوان مخطط له ضد العراق من قِبل السلطات الإسرائيلية، لافتا إلى أن إسرائيل تحاول أن تجر العراق إلى عملية استهداف.

وأشار إلى أن قرار السلم والحرب من اختصاص الحكومة العراقية وحدها، متابعا: "حكومتنا صاحبة السلطة لاستخدام أراضينا في تنفيذ أي عمليات عسكرية".

وأضاف أن الحكومة العراقية ترى أنه من الضروري الوقوف بجانب الأشقاء في الدول المعتدى عليها من إسرائيل، وتقديم الدعم الإنساني والسياسي والقانوني.

واختتم حديثه قائلا إن "العراق يؤكد التزامه بالقوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة، ويدين تهديدات السلطات الاسرائيلية التي تهدف إلى زعزعة المنطقة".

مقالات مشابهة

  • «الجيل الديمقراطي»: الحوار الوطني أحدث زخمًا كبيرًا في الحياة السياسية والحزبية
  • الجيش العراقي: الحكومة صاحبة السلطة لاستخدام أراضينا في تنفيذ أي عمليات عسكرية
  • تامر أمين: الحكومة سنّت سنانها بعقوبات رادعة لسرقة التيار الكهربائي
  • الحكومة توافق على مشروع قانون يغلظ جرائم التيار الكهربائي وعدد من القرارات
  • الحكومة تعلن تغليط عقوبة سرقة التيار الكهربائي.. «غرامة تصل إلى مليون جنيه»
  • الحكومة تصدر قراراً مهماً بشان سرقة التيار الكهربائي
  • بين النجف وبيروت… طرق إنسانية تعبّدها قوافل التيار الصدري
  • التيار الصدري.. نبض التوازن المفقود
  • أول تعقيب رسمي من الحكومة على الاقتطاعات الأخيرة من أموال المقاصة
  • المجتمع الفلسطيني من التعبئة السياسية إلى الاستقطاب.. كتاب جديد