الأستاذ الدكتور محمد القضاة يكتب: سلطنة عُمان.. مسيرة واثقة ونهضة شاملة
تاريخ النشر: 19th, March 2024 GMT
أ.د. محمد القضاة عميد كلية الآداب بالجامعة الأردنية
حين زرت سلطنة عمان قبل سنوات أحسست بدفء المكان وصدق الإنسان، وشعرت بطعم المحبة والأخوة الصادقة، وعندما عدت إلى عمان كتبت عن ذلك في جريدة الرأي الأردنية، ويومها كم فرحت لردود الفعل التي وصلت إليَّ من القرُاء في الأردنّ وسلطنة عُمان، وكلّها تشعرُكَ بمسؤوليّة الكلمة، وأهميّة تعزيز وسائل التواصل بين بلدين تربطهما علاقات أخويّة أساسُها الاحترام والتقدير.
وقبل أسابيع قليلة زارنا في الجامعة وفد عُماني مكون من أساتذة يعيدون لك بهجة عُمان وصورها الذهنية الخلابة وتكتشف وأنت تجلس معهم أدبهم الجم وفكرهم المستنير وآراءهم الحكيمة، وحين تحاورهم وتسمع مداخلاتهم تعود بك الذاكرة إلى أنموذج الشخصية العمانية التي تقوم على الجد والاحترام والأخلاق الحكيمة والثقافة الراقية، وهو ما يؤكد أنّ السلطنة تمضي في نهضتها وتقدمها بشكل لافت على المستويين الداخلي والخارجي، وهنا عليّ أن أشكر الأستاذ موسى الفرعي مدير مؤسسة أثير الذي تحدث بفكر منفتح عن الدور الذي تنتهجه سلطنة عمان في عهد السلطان هيثم في إعادة الروح والحياة لكل مفاصل الدولة التي بدأها المغفور له السلطان قابوس، وهو ما يعطيها القدرة على إحداث التغيير المنشود في البناء والإنجاز والعطاء والحضور، ولعل المواقف السياسية المتزنة التي تقوم فيها سلطنة عمان على الصعيدين العربي والإقليمي ما يؤكد على السياسة الحصيفة، وحين تستمع للدكتور محمود السليمي والشاعر حمود تعود بك الذاكرة إلى عُمان مرة ثانية لتأسَرُكَ بهدوئها وتعيدك إلى زمنك الجميل؛ ذاك الزمن الخالد بعبقه وأريجه وأصالته. وهنا، قد لا نجد أجمل من سفراء الأردنّ في عُمان؛ الطلبة العُمانيين ممّن تخرجوا في الجامعات الأردنيّة، وباتوا يحملون صورة الأردنّ بقلوبهم وعقولهم، فضلاً عن الأردنيين الذين يعيشون على أرض السلطنة، معزّزين مُكرّمين، هؤلاء جميعم يحملون تجاربهم وخبراتهم، ويسعون جادّين إلى بناء مجتمع سلطنة عمان على أسس حضاريّة وعلميّة وتنافسيّة عالية.
وهنا، لا أنسى جامعة صحار حين زرتها؛ رئيسَها وأساتذتها وطلبتها، فهؤلاء قصّة من قصص النجاح أساسها التقدير الشديد للعلم والعلماء، والإصغاء اللافت والانتباه إلى التفصيلات الدقيقة أثناء الحوار والمحاضرة؛ إذ تجد الأساتذة يستمعون إليك بعمق ودراية ومحبّة، يطرحون أسئلتهم بعلميّة وموضوعيّة، هدفهم المعرفة والرغبة في الاستزادة. أمّا الطلبة فقصّة أخرى من قصص النجاح؛ تتوافر فيها أجواء مهنيّة عالية، ووسائل تعليميّة حديثة، مقرونة برغبة حقيقيّة في الاستماع إلى المحاضرة، ومشفوعة بالانتباه الحقيقي إلى كل ما يُقال، والسؤال عمّا يشكل فهمه أو يصعب تبيّنه. إنك في عُمان الإنسان والمكان والرغبة في التنافس علمًا وحضارة وتقدّمًا، هكذا هم يحترمون أنفسهم وعملهم وعلمهم ووطنهم وضيوفهم.
تشاهد في سلطنة عُمانَ شعاعَ فجر يبشّر بمسيرة البناء والتعمير التي رسمها المغفور له السلطان قابوس ويحملها اليوم السلطان هيثم -حفظه الله ورعاه-، وقد حققت للعُمانيين إنجازات في مناحي الحياة جميعها؛ التعليم والصّحة والطرق والرعاية الاجتماعيّة، وكذا تحقيق المشاركة الشعبية على المستوى السياسي، المتمثلة في انتخابات مجلس الشورى، والهدف الأسمى تحقيق غاية واحدة هي بناء الإنسان العُماني الحديث وإعداده وإطلاق طاقاته كلّها، ليس في العاصمة مسقط فحَسْبُ؛ وإنما في المحافظات جميعها والمناطق كلّها. ومّا يؤكد ذلك أنّ عُمان تحوّلت بخططها وقدراتها وإنجازاتها إلى مدارسَ وجامعاتٍ ومصانعَ ومستشفياتٍ ومشروعاتٍ وطرقٍ وجسور، وها هي تواصل العمل ليل نهار من أجل إقامة دولة عصريّة حديثة. ولعلّ التجربة العُمانية في دعم الجامعات الرسمية والخاصّة تؤكد أهمية التعليم كأساس حقيقي لبنية الدولة العصريّة. وهنا، دعني أكرّر ما سمعته وأصف ما شاهدته في الجامعات العُمانية، وهو ممّا يثير لدينا في بلدنا الأردنّ أسئلة كثيرة؛ إذ كان الأردنّ وما زال خزّان الموارد البشريّة في المنطقة العربيّة، والحقّ يُقال إنّ هذه المسألة ينبغي لها أن تدفعنا نحو المنافسة والتميز للوصول إلى أحسن الأهداف.
وبعد، أقول إنّ عُمان قصّة مثيرة في حضورها وهدوئها، قصّة جامعات أخذت على عاتقها تأكيد ريادتها العلميّة في السلطنة، وأداء دورها في تنمية الموارد البشريّة العُمانيّة، ورفع مستوى كفاءتها من خلال تقديم نوعيّة متميّزة من التعليم العالي، واستحداث برامج للتعليم والتدريب المستمرّ لجميع قطاعات المجتمع. كما سعت تلك الجامعات إلى فتح آفاقٍ أرحبَ للتعاون معَ مؤسسات تعليميّة أخرى. وفي الختام ندعو الله أن تستمر النهضة العُمانية في مختلف مجالات الحياة وأن تبقى السلطنة منارة مضيئة على بحر العرب وخليجها الجميل.
المصدر: صحيفة أثير
كلمات دلالية: سلطنة عمان سلطنة ع
إقرأ أيضاً:
جلالة السلطان ورئيس بيلاروس يبحثان تعزيز التعاون والشراكة في عدة مجالات
العُمانية: عقد حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظّم -حفظهُ اللهُ ورعاهُ- وفخامةُ الرئيس ألكسندر لوكاشينكو رئيسُ جمهورية بيلاروس جلسةَ مباحثات رسميّة بقصر العلم العامر.
جرى خلال الجلسة استعراضُ العلاقات الطيّبة التي تربط سلطنة عُمان بجمهورية بيلاروس، وبحثُ تعزيز التعاون والشراكة بين البلدين الصّديقين في مختلف المجالات الاقتصاديّة والاستثماريّة والتكنولوجيّة والطّبّية التي تخدم المصالح المشتركة للشعبين العُماني والبيلاروسي.
كما تمت خلال الجلسة مناقشةُ العديد من الأمور ذات الاهتمام المتبادل، ومستجدات الأوضاع على الساحتين الإقليميّة والدوليّة.
حضر جلسةَ المباحثات من الجانب العُماني، صاحب السُّموّ السّيد شهاب بن طارق آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع، وصاحب السُّمو السّيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزيرُ الثّقافة والرياضة والشباب، ومعالي السّيد خالد بن هلال البوسعيدي وزير ديوان البلاط السُّلطاني، ومعالي الفريق أول سُلطان بن محمد النُّعماني وزير المكتب السُّلطاني، ومعالي السّيد حمود بن فيصل البوسعيدي وزير الدّاخلية، ومعالي السّيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجيَّة، ومعالي الدكتور حمد بن سعيد العوفي رئيس المكتب الخاصّ، ومعالي عبد السّلام بن محمد المرشـدي رئيس جهاز الاستثمار العُمانـي (رئيس بعثة الشرف)، وسعادة السفير حمود بن سالم آل تويه سفير سلطنة عُمان المعتمد لدى روسيا الاتحادية وغير المقيم لدى جمهورية بيلاروس.
فيما حضرها من الجانب البيلاروسي، فيكتور ألكسندر لوكاشينكو نجل فخامة الرئيس، رئيس اللجنة الأولمبية لجمهورية بيلاروس، ومعالي مكسيم ريزنكوف وزير الشؤون الخارجية، ومعالي ألكسندرايفيموف وزير الصناعة، ومعالي أنتوني لينيفلتش وزير الزراعة والأغذية، وسعادة السفير سيرجي تيريانتيف سفيرُ جمهورية بيلاروس المعتمد (غير المقيم) لدى سلطنة عُمان.
عقب ذلك عقد حضرة صاحب الجلالة السُّلطان المعظم وفخامة رئيس جمهورية بيلاروس جلسةً ثُنائيّةً خاصّةً.
وأُجريت مراسم استقبال رسميّة صباح اليوم تكريمًا لفخامةِ الرئيس ألكسندر لوكاشينكو رئيسِ جمهورية بيلاروس بقصر العلم العامر بمناسبة زيارة فخامتِه إلى سلطنة عُمان.
فقُبيْل وصولِ السّيارة المُقلّة لفخامتِه إلى قصر العلم العامر، اصطفّت كوكبةٌ من الفرسان في رواق التّرحيب على جانبيْ الطريق المُؤدّي إلى القصر، وبعد الوصول إلى ساحة القصر استقبل حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظهُ اللهُ ورعاهُ- فخامةَ الرئيس، مُرحّبًا به ضيفًا عزيزًا في سلطنة عُمان، متمنّيًا له ولوفده المُرافق زيارةً طيّبةً، ومُكلّلةً بمزيد من التعاون والشراكة.
ثم اصطحب جلالتُه فخامةً الضّيف إلى منصّة الشّرف، حيث عُزف السّلامُ الوطنيُّ لجمهورية بيلاروس، وأطلقت المدفعيّة 21 طلقةً تحيّةً لفخامتِه.
بعدها صافح جلالةُ السُّلطان المعظم الوفد الرسميّ المُرافق لفخامةِ الضيف، فيما صافح فخامةُ الرئيسِ الضّيف مُستقْبلِيه من الجانب العُماني، حيث كان في الاستقبال عددٌ من أصحاب السُّموّ وأصحاب المعالي الوزراء وعددٌ من القادة العسكريين.