◄ العيسري: التقنيات الرقمية أبعدت كثيرا من الأطفال عن متابعة الأعمال الأدبية المختلفة

◄ الشامسية: التحديات التي تواجه الهوية الثقافية باتت كثيرة بسبب التداخل المعلوماتي

◄ الربيعي: تعزيز الهوية الثقافية واجب يقع على عاتق المختصين بأدب الطفل

مسقط- العُمانية

تُشكل الهوية الثقافية ركيزة أساسية لنمو الطفل معرفيًّا وإبداعيًّا، من خلال العديد من المحفّزات والمكوّنات من حوله، والتي يتفاعل معها بشكل يومي سواء في البيت أو المدرسة أو المجتمع، أو من خلال ما يستلهمه من أمور مرتبطة بالدين الإسلامي وعقيدته السمحة.

وفي سلطنة عُمان هناك مُؤثرات كثيرة أخرى تشكل تلك الهوية، وتصل إلى جوانب معرفية مرتبطة بالثقافة العُمانية الأصيلة الضاربة في القدم، والتاريخ الإنساني المعرفي التراكمي، والعادات والتقاليد والسمت العُماني المتعارف عليه.

كل هذه المحفزات تساعد في تكوين وبناء هوية الطفل العماني في مجال الأدب بصوره المختلفة، مثل الشعر والمسرح والقصة القصيرة والنشيد وغيرها من المفردات، إلا أنَّ عددا من المختصين يشيرون إلى وجود العديد من التحديات التي تواجهها الهوية في ظل التداخل المعلوماتي في الفضاءات الثقافية المفتوحة.

ويقول الدكتور عامر بن محمد العيسري أستاذ مساعد للتربية المبكرة بجامعة السُّلطان قابوس، إن أدب الطفل في سلطنة عُمان نشأ أولاً في كنف أدب الكبار وامتزج به، وبدأ أول ما بدأ شفويًا يعتمد على الرواية للأدب والقصص الشعبية على ألسنة الأجداد والجدات، أو في صورة أشعار تتوارثها الأجيال، مثل حكايات الغواصين ومغامرات الهجرة والسفر وحكايات الشجاعة والبطولة والألغاز والألعاب الشعبية التي كان لها دور في إثراء الأدب وتذوقه لدى الأطفال وتنشئتهم وبناء شخصيتهم.

ويضيف: يتمثّل الاهتمام بالأطفال وأدبهم في سلطنة عُمان في مجهودات بعض الوزارات المعنية بالطفل مثل وزارة الإعلام التي قدمت برامج للأطفال في الإذاعة والتلفزيون، وفي بعض الصحف المحلية التي خصص صفحات وملاحق أسبوعية لأدب الأطفال، وحلقات العمل والندوات في معرض الكتاب ومسابقة جائزة أدب الطفل في الخيال العلمي، وجائزة الإجادة الإعلامية للأطفال وغير ذلك من الجهود.

ويشير العيسري إلى التحديات التي تواجه مجال أدب الطفل في سلطنة عمان، مثل المخصصات المالية المحددة لمجال الطفولة، والتقنية الرقمية التي تمثل تحديا كبيرا يمكن أن تبعد شريحة واسعة من الأطفال عن الاستمرار في متابعة ما يكتب لهم، مشددا بضرورة إيجاد استراتيجية أو رؤية لتعزيز الهوية الأدبية لدى الأطفال وزيادة الدراسات والنقد الهادف للإنتاج المقدم للأطفال، وتوفير المتخصصين في مجال نقد أدب الأطفال ودعمهم وتعزيزهم، وزيادة الوعي بأهمية تطوير وتجويد ما يقدم للأطفال من إنتاج أدبي، وزيادة وعي الأهالي بآليات اختيار المناسب منه لأبنائهم، وزيادة الحلقات والفعاليات والمسابقات المتخصصة في هذا المجال، وإتاحتها بشكل واسع لجميع الفئات، ووجود دعامات أساسية لإبراز الإنتاج المكتوب للأطفال مثل المجلات، والقناة الفضائية المتخصصة للأطفال، وتحويل الإنتاج القصصي المكتوب إلى قصص برامج كرتونية متحركة ووجود الكتب التفاعلية وتوظيف التكنولوجيا بها، ووجود مدونات وقنوات ومواقع إلكترونية متخصصة في أدب الأطفال، وتخصيص منابع تمويلية ثابتة لدعم الإنتاج المقدم للأطفال وتطويره وتقديم التسهيلات وتبسيط الإجراءات الإدارية فيما يتعلق بطباعة ونشر وإنتاج محتوى أدب الطفل، والابتعاد عن النظرية الربحية في الإنتاج المقدم للأطفال من خلال تقليل البهرجة في الشكل والاهتمام بالمحتوى المقدم وفائدته وتأثيره على الأطفال والاهتمام بالموروث الشعبي والثقافي واهتمامه بالعمق والصدق والخيال وموضوعات فلسفة الحياة التي تهتم بمستقبل الأطفال، وتعدّهم للمشاركة بفاعلية في المجتمع.

من جهتها، توضح الدكتورة وفاء بنت سالم الشامسية المختصة في أدب الطفل، أن التحديات التي تواجه الهوية الثقافية لدى الطفل باتت كثير بسبب التداخل المعلوماتي، ولكن الأصل في التنشئة هو تمكين الطفل من هويته الثقافية الأصيلة، وتعزيز مهارات التعامل مع ما حوله بطريقة واعية يعتمد فيها على الغربلة، والتقييم، والمقارنة للوصول إلى المنطقة الآمنة.

وتبيّن: "أدب الطفل في سلطنة عُمان قطع شوطًا كبيرًا في بلورة المحفزات مستعيناً بأدواته الأدبية والعلمية، وما رأيناه وعايشناه في معرض مسقط الدولي للكتاب في نسخته الأخيرة لهو شاهدٌ على ثراء الاشتغال في مجالات الهوية الثقافية، وتقديمها بأساليب مختلفة ومتنوعة للطفل القارئ، وتأتي الموسوعة العُمانية للأطفال على رأس الهرم فيما قُدِّمَ له تمكيناً لمعارفه، وتأصيلاً لهويته الثقافية".

وترى الباحثة والناقدة في الأدب العُماني الدكتورة فايزة بنت محمد الغيلانية، أن أدب الطفل يعدّ جنسًا أدبيًّا خاصّا وخاضعا لمعايير أخلاقية وقيمية، بالإضافة إلى الخصائص الفنيّة وأن الإخلال بأيّ منهما يخرج أي إنتاج أدبي منسوب لهذا الجنس منه.

وتضيف أنه من خلال الإنتاج المتزايد في أدب الطفل في سلطنة عُمان، وظهور أقلام شابّة تطرح رؤيتها لعالم الطفل من خلال هذا الإنتاج، تبرز مهارات القرن الحادي والعشرين مثل مهارات الاتصال والتواصل ومهارات التفكير النّاقد وتوظيف الخيال، لتنتج للطفل أدبًا يربطه بمجتمعه وبالعالم من حوله، ويتيح له في الوقت نفسه التعامل معه في جوانبه الإيجابية والسلبية بوعي وقدرة كبيرة على حلّ المشكلات.

أما الكاتب عبدالرزّاق الربيعي الذي صدرت له إصدارات شعرية ومسرحية موجهة للأطفال، فيقول في هذا السياق، إن تعزيز الهوية الثقافية من أهم الواجبات الملقاة على عاتق من يكتب للطفل في سلطنة عُمان، وهذه الهوية تقوم على ركائز ثابتة وعميقة، مبينا: "سلطنة عُمان غنية بموروثاتها الثقافية التي تشكّل مصدرا مهما ومعينا لا ينضب ينهل منه المشتغلون بالكتابة للطفل، واكتسبت غنى ثقافيًّا ومعرفيًّا، بفضل تاريخها الممتد إلى عصور قديمة، وانفتاحها الثقافي الممنهج على الثقافات الأخرى وهو انفتاح نتج عنه تواصل مع الحضارات المحيطة بدأ منذ العصور القديمة، عندما ارتبطت بعلاقات تجارية مع تلك الحضارات، وكان اللبان والبخور همزة وصل بينها وبين دول قامت في وادي الرافدين والنيل والهند".

ويشير إلى ضرورة أن يعرف الطفل في سلطنة عُمان هذا التاريخ وأن يدرك سمات هذه الهوية المتأصلة ذات الجذور العميقة التي يغلب عليها الاعتدال والتسامح والتعايش والتعدّد والخصوصيّة الوطنية التي تدخل في مفردات الحياة اليومية من ملبس ومأكل ومشرب، وللوصول إلى تحقيق هذا الهدف السامي لابدّ من جهد كبير يبذل على مستوى فردي ومؤسساتي، فالتحدّيات التي تواجهها الهوية في هذه المرحلة كبيرة، والانفتاح الثقافي أضرّ بالثقافة المحلية، وهذا الجهد يبدأ من البيت حيث يربّى الطفل محافظا على موروثه الثقافي والاجتماعي وانتمائه لقضايا مجتمعه حريصا على العادات والتقاليد التي من شأنها أن تشكّل منه مواطنا يتفاعل مع مجتمعه ثم تأتي مهمّة المدرسة التي تقوم بالتأكيد على تلك المفردات وغرس الانتماء الوطني لدى النشء الجديد وإعداده إعدادا صحيحا للمستقبل، ويكون دور المشتغلين بأدب الطفل هو مساعدة البيت والمدرسة بهذه المهمة بما ينتجونه من إبداعات في الكتابة الشعرية والسردية والفنون البصرية، لوضع البوصلة في اتجاهها الصحيح، لذا فالمهمة الملقاة على عاتقهم كبيرة، فلابد من تكاتف الجهود من أجل تحقيق الهدف المنشود.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

المصريين الأحرار يُشيد بزيارة الرئيس السيسي لأكاديمية الشرطة: استراتيجية بناء وطنية

أثنى حزب المصريين الأحرار برئاسة النائب الدكتور عصام خليل، على زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لمقر أكاديمية الشرطة والتي تتسم بروح  الأبوة والقيادة لشباب مصر وإعلاء مبدأ الشفافية المعهود ومكاشفة الشعب بجوانب الأمور، ولاسيما مضمون حوار الرئيس وضباط مصر المنتظرين تناول قضايا محورية إقليميًا ودوليًا ومحليًا.

وقال النائب عصام خليل، إن الرئيس تحدث كالعادة مع الشباب من القلب كل كلمة  كانت بمثابة قطع ألسنة الإفك التي دأبت الطعن والتشكيك فى كل تقدم تخطوه الدولة المصرية، ولعل توضيح الرئيس أن شركة العاصمة الإدارية بدأت  من الرصيد صفر بات لديها حساب بالبنوك بقيمة 80 مليار جنيه دون أن ترهق الموازنة العامة للدولة، ولديها أموال لدى المطورين العقاريين تصل إلى 150 مليار جنيه مما يعكس نجاحها بالإضافة للمباني والمنشآت الرائدة التي  شيدت، والأمر نفسه ينطبق على المدن الجديدة  .

وأضاف خليل،  في بيان صحفي اليوم السبت ، أن  مصر لديها قيادة  تتحرك وفقا لاستراتيجية وأهداف لبناء حقيقي ومتكامل للجمهورية الجديدة  ورغم الهجمات الشرسة والظروف المحيطة لم تتوقف عن المضي قدومًا  لأن  البناء والإعمار  هما رافدًا رئيسيًا في تحقيق التنمية المستدامة وقول الرئيس صريح" الدولة حولت الأرض إلى فرص لبناء البلد "، وقطعًا لن تبني بلد  إلا بسواعد وجهود أبنائها؛ مشيرًا إلي أن  التوسع في إنشاء العديد من الجامعات الجديدة  شجع على شراكات مع جامعات عالمية وحافظ على أبنائنا من الاغتراب للدراسة بالإضافة لكونها فتح أبواب التعاون المثمر مع دول متقدمة.

وأكد أن الرئيس لديه نظرة ثاقبة ولاسيما  توجيهاته للعمل علي الرقمنة والتحول الرقمي الشامل منذ سنوات، واليوم يدعو الجميع الاهتمام  بعلوم الحاسب والنظم والرياضيات في ظل  الطفرة التكنولوجية التي يشهدها العالم حتى نواكب مسارها، ولم يدع كلمته دون الاهتمام بالزراعة  وتركيز الدولة على الصناعة الزراعية بشكل موسع لأن الواقع يتحدث بأن الحروب العالمية الجديدة أحد جوانبها حروب الغذاء وعلينا ان نزرع ما نأكل وننتج ما يحتاجه  المستهلك المصري.

وعن حديث الرئيس بشأن الموانئ .. أوضح رئيس حزب المصريين الأحرار، أن تعزيز المواني وإنشاء شبكات متطورة على البحرين الأحمر والمتوسط  وغيرها يساهم في تعزيز التجارة العالمية  وتوفير بنية أساسية قوية.

وتابع:"أن الرئيس تحدث للشعب وشباب مصر عن فرص مصر في الاستثمار في الهيدروجين الأخضر والأمونيا وطاقة الرياح والطاقة الشمسية؛ موضحًا خطوات الدولة نحوها، لأن مصر دولة الحضارة أولت الدولة اهتماما وحققت نقلة نوعية في عالم المتاحف بافتتاح المتحف المصري الكبير ، وفي ضوء التقدم  رغم التحديات على اختلاف الأصعدة علينا الحفاظ على كل شيء في بلادنا لانه بالأساس نتيجة جهد وصمود شعب عظيم ورؤية قيادة رشيدة ".

وختامًا يناشد حزب المصريين الأحرار شباب مصر وعمادها وكافة ابنائها الحفاظ علي مقدرات الوطن والتصدى لكافة الشائعات الهادفة ضرب الاصطفاف المصري الذي يُشكل حائط الصد المنيع أمام مكائد الطامعين.

مقالات مشابهة

  • المتاحف وأدوارها في التنمية الثقافية
  • "صوِّت لقصتنا".. الهوية الوطنية الترويجية لعُمان
  • مختصون يؤكدون أهمية تعميق التواصل بين المؤسسات العامة والمجتمع
  • أفتتاح الدورة 37 لمهرجان نيابوليس الدولي لمسرح الطفل (صور)
  • أبناء أرحب يؤكدون جهوزيتهم لكل الخيارات التي يوجه بها قائد الثورة
  • حماية المال العام.. التزام وطني ورؤية استراتيجية لتعزيز النزاهة في سلطنة عُمان
  • المصريين الأحرار يُشيد بزيارة الرئيس السيسي لأكاديمية الشرطة: استراتيجية بناء وطنية
  • مدبولي يتابع مع وزير الثقافة استراتيجية الوزارة لتعزيز الهوية المصرية
  • لسه فاكر كلام اهلك السلبي عنك؟.. تعرف على آثار الأذى النفسي للأطفال
  • انعقاد لقاء الجمعة للأطفال بمسجد الهياتم ضمن مبادرة بداية جديدة