عربي21:
2025-03-18@10:34:20 GMT

كل ما هو إسرائيلي في هذه الحرب هو أمريكي

تاريخ النشر: 19th, March 2024 GMT

تعود الولايات المتحدة لتبدو ناطقا باسم الجيش الإسرائيلي، هذه المرّة مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان يحل مكان الناطق باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري؛ ويعلن مقتل مروان عيسى، نائب قائد الجناح العسكري لحركة حماس؛ الذي قالت "إسرائيل" إنّها استهدفته في وقت سابق من هذا الشهر آذار/ مارس، وذلك في حين أنّها غير متأكدة حتى كتابة هذه المقالة من كونه قد استشهد بالفعل؛ بالأطنان العشرين التي ألقتها على المكان الذي تزعم أنّه كان متحصنا فيه، وبالقنابل الخارقة للحصون التي استخدمتها لهذا الغرض.



منذ أنّ أعلنت "إسرائيل" عن استهدافها الرجل الثاني في كتائب القسام، وهي تنشر معلومات أقرب ما تكون إلى الاستدراج الاستخباراتي لحمل حركة "حماس" على الإعلان عن حالة مروان عيسى. سوليفان ينضم إلى الحملة الإسرائيلية ولكن بوثوقية أعلى؛ ويؤكد في انخراط كامل في الدعاية الإسرائيلية أنّ "إسرائيل" فككت العديد من كتائب حماس وقتلت الآلاف من مقاتليها بينهم قادة كبار.

الخلافات بين "الإدارات" لا يعني خلافا على الحرب مبدأ وغاية. الخلاف بين بايدن ونتنياهو، كالخلاف بين غالانت أو غانتس أو حتى لابيد ونتنياهو، إنها نقاشات داخل البيت الواحد، ومهما تنافر الأشخاص، فإنّ الأهداف العليا التي تبدأ بـ"القضاء على حماس" وتنتهي بتصفية القضية الفلسطينية لا خلاف عليها، الخلاف قد يكون حول شكل هذه التصفية
يأتي هذا الابتهاج الأمريكي "بالإنجاز الإسرائيلي" المزعوم، بعد أيّام من العبث الإعلامي والدعائي الذي أشغلت فيه الولايات المتحدة العالم حول خلافات بين الرئيس الأمريكي بايدن ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو. الآن، وبالرغم من أنّ الموقف الأمريكي لا يحتاج تصريحا كهذا من سوليفان، فإنّ هذا الأخير يعود بهذا النوع من التصريحات للتأكيد على أنّ الخلافات بين "الإدارات" لا يعني خلافا على الحرب مبدأ وغاية. الخلاف بين بايدن ونتنياهو، كالخلاف بين غالانت أو غانتس أو حتى لابيد ونتنياهو، إنها نقاشات داخل البيت الواحد، ومهما تنافر الأشخاص، فإنّ الأهداف العليا التي تبدأ بـ"القضاء على حماس" وتنتهي بتصفية القضية الفلسطينية لا خلاف عليها، الخلاف قد يكون حول شكل هذه التصفية!

في الأثناء كشفت معلومات حول محادثة بين بايدن ونتنياهو؛ مفادها طلب الرئيس الأمريكي من نتنياهو إرسال وفد إسرائيلي إلى واشنطن لمناقشة الهجوم على رفح، لا في سياق الاختلاف على هذا الهجوم، بل في سياق الاتفاق عليه مبدأ، ومناقشة تفاصيله خطة ومجريات. قال بايدن لنتنياهو إن حماس حركة إرهابية، لا بدّ من القضاء عليها، ولكن لا بدّ من خطة إنسانية تقلّل من الضحايا المدنيين في رفح.

الحديث الأمريكي المستمرّ في الآونة الأخيرة عن الضحايا المدنيين الفلسطينيين، لا بدّ وأن يُشعِر كلّ عاقل وصاحب ضمير بالإهانة، لأنّ الكارثة الإنسانية في غزّة لم تصل إلى هذه الدرجة إلا بالدعم الأمريكي الذي بدأ بتبني الرواية الإسرائيلية ابتداء واستمرارا، وإنكار أعداد الضحايا الفلسطينيين، وتعطيل أيّ جهد لمحاولة وقف إطلاق النار، لكن الأهمّ في ذلك كلّه، لا الدعم التسليحي الذي لم ينقطع، بل الممارسة القتالية المباشرة التي دارت حولها إشاعات منذ مطلع الحرب، إلا أنّ الانخراط الاستخباراتي الأمريكي في الحرب لصالح "إسرائيل"، مُعلن من الأطراف كلها، ليكون إعلان سوليفان الذي يبدو واثقا من اغتيال مروان عيسى؛ إعلانا عن "إنجاز" أمريكي لا إسرائيلي، فيبدو أنّ العملية جرت وفق معلومات أمريكية وبقذائف أمريكية، ومن غير المستبعد أنّها نُفّذت بواسطة طيارين أمريكان، وإن لم تكن ثمّة حاجة لذلك!

تبدو الأمور كاليوم الأوّل، أمريكا تلصق كتفها بـ"إسرائيل" قتلا وتجويعا للفلسطينيين في غزّة، المختلف فقط، هو أنّ الموقف العربي الرسمي أشدّ سوءا من اليوم الأوّل، ولا يبدو أن مليارات الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي التي هطلت على مصر مرّة واحدة بعيدة عن ذلك، تماما كمليارات صفقة رأس الحكمة
كل ما هو إسرائيلي في هذه الحرب هو أمريكي، وقد آن الأوان للتوقف عن الجري في متاهة "الخلافات الأمريكية الإسرائيلية" التي هي في آخر الأمر بلا معنى، طالما أنّها في جوهر الأمر بحث في الشروط الأفضل لهذه الحرب لأجل إنجاز إسرائيلي أحسن؛ راهنا ومستقبلا. أمريكا هنا تعالج الحماقات الإسرائيلية، وتتنبه لما لا يقيم الإسرائيلي له وزنا، وتسعى لوضع استراتيجي أفضل لـ"إسرائيل" في نهاية الحرب.

أخيرا تعود "إسرائيل" لاقتحام مستسفى الشفاء، وتغتال داخل المستشفى فائق المبحوح، مسؤول العمليات في الشرطة المدنية بغزة؛ الذي كان يعمل في ظروف مستحيلة لتأمين وصول المساعدات بعيدا عن أيدي لصوص الحروب، وذلك بعدما أشاعت أمريكا، والإعلام الغارق في متاهاتها، إحساسا زائفا بتحسن وصول المساعدات، وبدا وكأن نافذة انفتحت لترتيب معقول لتوزيع المساعدات بالاستناد للشرطة المدنية في غزة، وكأنّ كل ما تفعله أمريكا هو لعبة في خطة أمنية إسرائيلية!

بعد انتصاف الشهر السادس من هذه الحرب، تبدو الأمور كاليوم الأوّل، أمريكا تلصق كتفها بـ"إسرائيل" قتلا وتجويعا للفلسطينيين في غزّة، المختلف فقط، هو أنّ الموقف العربي الرسمي أشدّ سوءا من اليوم الأوّل، ولا يبدو أن مليارات الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي التي هطلت على مصر مرّة واحدة بعيدة عن ذلك، تماما كمليارات صفقة رأس الحكمة!

twitter.com/sariorabi

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإسرائيلي رفح غزة إسرائيل امريكا غزة تحالف رفح مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة صحافة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الخلاف بین هذه الحرب الأو ل

إقرأ أيضاً:

???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه

???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه
( عميد التَنوير ، نِحرِير النبوءاتِ العَتيقة )

في أعمق لحظاتي مع نفسي صدقاً ، لا أراني أعظَمُ مَيلاً للحديث عن الشخصيات، إن تكرَّمَت وأسعفَتني الذاكرة ، فقد كتبتُ قبل عن فيلسوفِ الغناء مصطفى سيد أحمد ، والموسيقار الكابلي ، والمشير البشير ، وشاعر افريقيا الثائر ؛ الفيتوري .

لا أجدُني مضطراً لمدح الرّجال ، ولكنها إحدى لحظات الإنصاف ، ومن حسن أخلاق الرجال أن ينصفوا أعداءهم، دعك من أبناء جلدتهم ونبلائها ، والرجلُ ليس من قومنا فحسب، بل هو شريف قوم وخادمهم ، خطابه الجَسور يهبط حاملاً “خطاب” ابن يعمر الإيادي لقومه ، وخطبة درويش “الهندي الأحمر” ، و”بائية” أبي تمّام ، وتراجيديا الفيتوري في “التراب المقدّس” ..
عبد الرحمن ، لم يكن حالة مثقفٍ عادي ، “عمسيب” مثالٌ للمثقف العضوي قويّ الشَّكِيمَة ، العاملِ علَى المقاومة والتغيير والتحذير ، المحاربِ في ميادين التفاهة والتغييب والتخدير ، المتمرّد على طبقته ، رائد التنوير في قومه ، ظلّ يؤسس معرفياً وبأفقٍ عَالمٍ لنظرية اجتماعية ، نظرية ربما لم تُطرح في السوح الثقافية والاجتماعية من قبل ، أو لربما نوقشت على استحياء في همهمات أحاديث المدينة أو طُرحَت في ظلام الخرطوم عَهداً ثم غابت . هذا الرجل امتلك من الجسارة والثقافة العميقة بتفاصيل الأشياء وخباياها ، ما جعله يُقدم على تحطيم الأصنام السياسية والثوابت الاجتماعية وينفض الغبارَ عن المسكوت عنه في الثقافة والاجتماع والسياسة.

عمسيب قدم نظريةً للتحليل الاجتماعي والسياسي ، يمكن تسميتها بنظرية ( عوامل الاجتماع السياسي) أو نظرية ( النهر والبحر) في الحالة السودانية ، فحواها أن الاجتماع البشري يقوم على أسس راسخة وليس على أحداث عابرة . فالاجتماع البشري ظلّ منذ القدم حول ( القبيلة Tribe ) ثم ( القوم Nation ) ثم ( الوطن Home) ثم ( الدولة country) . هذا التسلسل ليس اجتماعيٌ فحسب، بل تاريخيٌ أيضاً ، أي أن مراحل التحَولات العظيمة في بِنية المجتمعات لا يصح أن تقفز فوق الحقب الاجتماعية ( حرق المراحل).. فالمجتمعات القَبَلية لا يمكنها انتاج (دولة) ما لم تتحول إلى (قومية) ، ثم تُنتج (وطن) الذي يسع عدد من القوميات ، ثم (دولة) التي تخضع لها هذه القوميات على الوطن ، مع تعاقد هذه القوميات اجتماعيا على مبادئَ مشتركة، وقيمٍ مضافة ، كالأمن والتبادل الاقتصادي وادارة الموارد ، والحريات الثقافية ونظام الحكم .

هذه النظرية تشير إلى أن الاجتماع السياسي في السودان ظل في مساره الطبيعي لمراحل التسلسل التاريخي للمجتمعات والكيانات ، إلى أن جاءت لحظة ( الاستعمار) Colonization . ما فعله الاستعمار حقيقة ، أنه وبدون وعي كامل منه ، حرق هذه المراحل – قسراً – وحوّل مجتمعات ما قبل الدولة ( مجتمعات ما قبل رأسمالية) إلى مجتمعات تخضع للدولة.

فالمجتمعات التي كانت في مرحلة ( القبيلة) او تلكَ في مرحلة( القومية) قام بتحطيم بنيتها وتمحوراتها الطبيعيه وتحويلها إلى النموذج الرأسمالي الغربي ، خضوع قسري لمؤسسات الدولة الحديثة، مجتمع ما بعد استعماري ، تفتيت لمفاهيم الولاءات القديمة الراسخة ، بل وتغييرها إلى نظم شبه ديموقراطية، وهذا بالطبع لم يفلح، فبعد أن حطّم المستعمر ممالك الشايقية ودولة سنار ومشيخات العرب بكردفان ومملكة الفور ، وضم كل ذلك النسق الاجتماعي ( القبلي / القومي) إلى نسق الوطن/ الدولة.. أنتج ذلك نخب وجماعات سياسية ( ما بعد كولونيالية ) تعيش داخل الدولة ، لكنها تدير الدولة باللاوعي الجمعي المتشبّع بالأنساق التقليدية ( القبيلة / الطائفة / القومية) ، أي مراحل ماقبل الوطن والدولة.

ما نتج عن كل هذه العواصف السياسية والاجتماعية ، والاضطرابات الثقافية، أن هذه المجتمعات والقوميات التي وجدت نفسها فجأة مع بعضها في نسق جديد غير معتاد يسمى ( الدولة) ، وأقصدة بعبارة ( وجدت نفسها فجأة) أي أن هذا الاجتماعي البشري في الاطار السياسي لم يتأتَ عبر التمرحلات الطبيعيه الانسانية المتدرجة للمجتمعات، لذا برزت العوامل النفسية والتباينات الثقافية الحادة ، الشيئ الذي جعل الحرب تبدأ في السودان بتمرد 1955 حتى قبل اعلان استقلاله . ذات الحرب وعواملها الموضوعيه ومآلاتها هي ذات الحرب التي انطلقت في 2002 ثم الحرب الأعظم في تاريخنا 2023 .

أمر آخر شديد الأهمية، أن دكتور عبد الرحمن ألقى حجرا في بركة ساكنة، وطرق أمراً من المسكوت عنه ، وهو ظاهرة الهجرات الواسعة لقوميات وسط وغرب افريقيا عبر السبعين عاما الماضية ( على الأقل) , فظاهرة اللجوء والهجرات الكبيرة لقبائل كاملة من مواطنها لأسباب التصحر وموجات الجفاف التي ضربت السهل الافريقي، ألقت بملايين البشر داخل جغرافيا السودان، مما يعني بالضرورة المزيد من المنافسة العنيفة على الأرض والموارد وبالتالي اشتداد الحروب والصراعات بالغة العنف، وانتقال هذا التهديد الاستراتيجي إلى مناطق ومجتمعات وسط وشمال السودان ( السودان النّهري)

اذن ، سادتي ، فنظرية (الاجتماع السياسي ، جدلية الهوية والتاريخ ) هذه تؤسس لطرائق موضوعيه ( غير منحازة) لتفسير الظواهر الاجتماعية والثقافية وجدليات الحرب والسلام ، وتوضّح أسباب ظاهرة تعدد الجيوش والميليشيات القبلية والمناطقية والخطابات المؤسسة ديموغرافياً ، وما ينسجم معها من تراكمات تاريخيه وتصدّعات اجتماعية عميقة في وجدان تلك الجماعات العازية .. التوصيات البديهية لهذا الخطاب ، أن الحلّ الجذري لإشكاليات الصراع في السودان هو بحلّ جذور أزمة الهوية، والهوية نفسها لم تكن ( أزمة) قبل لحظة الاستعمار الأولى ، بالتالي تأسيس كيانات جديدة حقيقية تعبّر عن هويات أصحابها والعقد الاجتماعي المنعقد بين مجتمعاتها وقومياتها .

النظرية التي أطلق تأسيسها دكتور عبد الرحمن، لم تطرح فقط الأسئلة الحرجة ، بل قدمت الإجابات الجسورة وطرقت بجراءة الأبواب المرعبة في سوح الثقافة والاجتماع والسياسة في السودان.

Mujtabā Lāzim

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • أنباء عن مقتل رهينة إسرائيلي وإصابة اثنين جراء القصف على غزة
  • رئيس الوزراء: الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة هي حرب على الإنسانية
  • عودة الحرب على غزة.. إسرائيل تتوعد "بالجحيم" وأول تعليق من واشنطن
  • حديث أركو مناوي ..الذي نفذ في خضّم المعركة ورغم مرارات الحرب
  • عودة الحرب "على مراحل".. خيار إسرائيل البديل إن فشلت المفاوضات
  • أغلبية في إسرائيل تفضل إعادة الأسرى على القضاء على حماس
  • ???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه
  • تعليق إسرائيلي عاجل على الغارات التي استهدفت صنعاء قبل قليل
  • بينها السودان.. تسريبات خطيرة حول مقترح أمريكي إسرائيلي جديد لتهجير سكان غزة إلى 3 دول أفريقية
  • كاتب إسرائيلي: دعهم ينتصرون.. الفلسطينيون لن يذهبوا إلى أي مكان وانتصار إسرائيل الكامل وهم خطير