الأحمق من لا يميز بين الدولة والحكومة ولا يري الفرق بين إسقاط حكومة كريهة وتشليع الدولة كدولة.
وهو نفس الأحمق الذي يحرق أخر تايوتا هايس عندو لانه لا يحب السائق ولا يملك لا ركشة ولا دراجة ولا حمار مكادي كبديل للهايس.
وأحمق منه يساري جزافي لا يعي شروط مرحلة تاريخية لو سقطت فيها الدولة لعاد المجتمع إلي مرحلة تاريخية سابقة للراسمالية وأدني من قانون الغاب ولا مجال فيها لتحقق نيرفانا أناركيىة موجودة في عقول حوالي سبعة أفراد ونصف (وانا ثامنهم ) من مجموع أكثر من أربعين مليون سوداني.
بالمناسبة، أس شرور الفلسفة النيوليبرالية هو إضعاف دور الدولة الإقتصادي. وفي غياب أي بديل تقدمي في دولة تعيش في أدني مراحل نمط الأنتاج البشري يصير محو الدولة أسوأ من نيولبرالية بلا بنج بل أدني من ذلك لان علي المواطن أن يدفع إتاوات من ماله أو “دمه” لأي صبية معهم بندقية وان يجد صيغة تعايش مع أي عصابة مسلحة ممولة من داخل أو خارج تجتاح قريته وتغتصب رجالها وبناتها.
نجح الحزب الشيوعي الصيني في الحياز علي لقب أعظم منظومة في التاريخ البشري بحساب الإنجاز الذي قاد فيه أعظم تجربة تنموية في التاريخ بضمان وجود دولة قوية عالية الكفاءة طويلة الذراع تسيطر علي راس المال والعمل معا.
وهو نفس الحزب الشيوعي الصيني المدرك لتعقيدات المراحل التاريخية المختلفة والسياق الكوني.
وهو نفس الحزب الذي أعلن أنه سيقإرب إكتمال الشيوعية في عام 2050 بعد أن يكمل إنجاز الشروط السابقة تاريخيا.
وهو نفس الحزب الذي كفرته جماعات الشيوعية السوفيتية في نسختها الستالينية ومثقفو دار التقدم الذين امتلكوا الحقيقة والنقاء الثوري وإتهموا كل من أختلف بالانحراف البرجوازي.
شتان بين القول بالسيطرة علي جهاز الدولة لتحويله لخادم للجماهير والتنمية وبين التواطوء علي تمديره لمصلحة جنجويد ممول من الخارج لينتقل المجتمع بعد ذلك لقانون الغاب والنسخ المختلفة من عنف الجنجا..
من أستوعب الديالكتك لن يري غضاضة ولا تناقضا في الدفاع عن الدولة في مرحلة تاريخية شديدة البؤس مع إضمار نية حرقها في الوقت المناسب عندما تنضج الشروط.
ولو سقط جهاز الدولة لن يحد برجوازي جواز سفر مقبول يجدد إقامته أو ينقله إلي قاهرة أو مسقط أو دبي أو أديس أو أي من عواصم الفرنجة. وهذا أقل تكاليف سقوط الدولة.
البرجوازية السودانية المصابة بعمي التاريخ – بكافة مدارسها – علي ذمة الواعي.
مشاكل إجتماعية علي قول حنان بلو بلو.
معتصم اقرع
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: وهو نفس
إقرأ أيضاً:
مشكلة السودان هي الأوناش
عبد الله علي إبراهيم
اتربص ما أزال بالليبرويساريين الذين يصعب عليهم العيش ويتنكد في الديمقراطيات التي أفنوا العمر لاستعادتها من براثن نظم للديكتاتورية في 1958، 1969، 1989. فمتى فازت القوى التقليدية أو المحافظة في انتخاباتها قنعوا من البرلمانية ظاهراً وباطناً وقضوا عليها بانقلاب، أو بطلوع الخلاء في أثر جيش خلاء. وكنت أخذت عليهم تقززهم من البرلمانية في عمودي الراتب في جريدة الخرطوم في 1978-1988 حين بدا لي زهدهم في الديمقراطية الليبرالية وعزيمتهم على الخلاص منه بالهزء، وبالإضراب عن استثمار إمكاناتها لتنشئة ثقافة ديمقراطية لا يولد شعب بها بل يرعرعها بالممارسة. وأزعجني منهم سخريتهم من نائب عمالي عن مدينتي، عطبرة، وصفوه بالحصر والعي. وكان ذلك عندي اعتراض مؤسف على عامل أثناء أدائه لبروليتاريته مما لا أجد له عذراً ويسقمني. وكتبت كلمة في المعني واقترحت، من معرفتي بجوانب من في الديمقراطية في أمريكا، سبلاً لتمكين ممثلي الشعب من مثل عامل عطبرة من أن يلحن بالقول في البرلمان. فقد خشيت أن يتفق لهؤلاء الهازئة من البرجوازية الصغيرة أن النيابة لا تكون إلا لمن تدبج بشهادة جامعية بما يجعل البرلمان لمة أفندية تكنوقراطية.
إذا انتقلنا من حديث السياسية إلى السياسات سنجد أن كلمة الدكتور أحمد إبراهيم أبوشوك عن دار الوثائق القومية (بعد ثورة ديسمبر 2018) مثالاً طيباً لهذه النقلة. فلم ينشغل بتسيس إدارتها في ظل النظام المباد دون تمييز متانتها ك"ذاكرة للأمة" برغم ذلك. فلم يشغله عدوان الإنقاذ عليها دون عرضها تاريخها، ومأثرتها والرجال والنساء الذين اعتنقوها بالسهر والحمى. وترصّد آفاق ترقيها لا بعد زوال نظام أحسن إليها بوجوه وأساء إليها بوجوه كثيرة فحسب، بل لتلقى تحديات تكنلوجيا التوثيق المعاصرة، واستزادة الإيداع الحكومي والأهلي فيها، وتسليس خدمتها الوثائقية لدواوين الدولة.
ذكر أبوشوك قيام الدار القومية للوثائق، في صورة مكتب لمحفوظات السودان، بوزارة الداخلية في 1948. ثم صارت دار الوثائق المركزية في 1965 ودار الوثائق القومية في 1982. وانتقلت إلى دار مصادرة كانت للمرحوم الإمام عبد الرحمن المهدي على شارع الجمهورية ثم لمبانيها الجديدة حسنة الإعداد لمهنة التوثيق في نحو 2005. ولي ذكريات مع دارها الأولى والثانية. فاذكر أول معرفتي بها كانت حين شرعت في البحث العلمي بجامعة لخرطوم في 1966 وغشيتها في وزارة الداخلية لألتقي بالمسؤول عنها المرحوم محمد إبراهيم أبو سليم الذي صار مديرها حتى تقاعده في 1995. أما الدار الثانية على شارع السيد عبد الرحمن فكنا نغشاها ممثلين لاتحاد طلاب جامعة الخرطوم على عهد حكومة عبود لاجتماعات الجبهة الوطنية التي رعاها طيب الذكر الإمام الصديق المهدي على قبره سحائب الرحمان.
كلمة أبو شوك وافية. فهو ابن بجدتها عمل في دار الوثائق حيناً ثم انتقل إلى الجامعات أستاذاً محسناً للتاريخ لأنه يكتب من فوق معرفة دقيقة بدروب الوثيقة فيها. ولا أزيد هنا على كلمته في سوى التوسع في ضروب الخدمات التي نرنوا لتقوم الدار بها للدولة بتوفير الوثائق متى احتاجت لدراسة شأن شاغل مثل لجنة تصفية الإدارة الأهلية في 1964، أو حتى ما زودت به مصر لتحقق لها تبعية طابا من براثن إسرائيل.
من رأيي أن تتوسع خدمات دار الوثائق لخدمة نواب البرلمان كما تخدم مكتبة الكونغرس مجلس النواب والشيوخ الأمريكيين في تكوين رأيهم حول المشروعات المعروضة عليهم. ومعلوم أن هذا الغرض كان السبب في نشأة المكتبة الأمريكية أصلاً. ولهذا الاقتراح مني قصة عمرها فوق الثلاثين عاماً. فقد عدت من بعثتي للدكتوراه في أمريكا في 1987 مفتوناً بالمكتبة الأمريكية التي غشيتها مرات وبفكرتها. وزرت عطبرة ووجدتها تختنق بالسخرية من نائبها البرلماني علي محي الدين، أسطى الأوناش بالسكة حديد، تسلقه سلقاً لأنه لا يحسن التعبير عن نفسه والمدينة في مداولات البرلمان. وكانت النكتة عنه الأكثر سخرية (صدقت أو كذبت) أنه وقف مرة في البرلمان وقال إن مشكلة البلاد مشكلة أوناش. ووجدتهم من الجهة الأخرى يشيدون بالأداء البرلماني الفصيح لرفيقنا المرحوم محمد إبراهيم نقد اللسِن الحاذق.
وبالطبع أمغصني، كماركسي، هذا التعريض بعامل خلال أداء بروليتاريته. وكتبت كلمة في عمودي "ومع ذلك" بجريدة "الخرطوم" أدافع عن حق مثل على محي الدين (وهو اتحادي ديمقراطي بالمناسبة) في الوجود في البرلمان بغض النظر. وقلت إن نقد، على طول باعه السياسي، يتغذى بالمعارف، متى عُرض شأن ما على البرلمان، من مكاتب الحزب الاقتصادية والنسائية والشبابية والثقافية ليُلحن بحجته. وجاء هنا موضع عرضي لتجربة مكتبة الكونغرس في بذل المعارف حول الشؤون المعروضة أمام البرلمان حتى يدلي النائب دلوه في الأمر على بينة. وزدت، مفتتناً ما أزال بآليات المعرفة في صلب العملية الديمقراطية الأمريكية، باقتراح أن تكون للنائب البرلماني مكاتب في البرلمان وفي دائرته لخدمته في بحث المسائل المعروضة وتقليب الرأي معه حولها. وأذكر أن الدكتور على عبد القادر، الاقتصادي المميز، استحسن الفكرة وقال إنه لا يمانع أن يتطوع لمثل هذه الخدمة ولاء للسكة الحديد التي عمل بها والده.
وجئت لذلك الاقتراح من درب آخر أيضاً. فقد رأيت العزة بالشهادة الجامعية العليا في تزكية النواب للناس. وأكثر من اقترف هذه العزة الجبهة الإسلامية القومية فروجت لمرشحيها ببينة علو كعبهم في التعليم. وخشيت أن يتسرب للناس فهم مؤداه أن النيابة عن الشعب قاصرة على أهل الشهادة دون غيرهم من غمار الناس. واشمأزت نفسي، كعطبراوي ترعرع في الديمقراطية النقابية وقادتها اللسنين، من ترويج البرجوازية الصغيرة لنفسها كأهل الحل والعقد البرلماني لا شريك لهم.
ولما رأيت المزاباة الأخيرة بالشهادات في تكوين مجلس الوزراء الانتقالي عادني حديث "الأوناش". وقلت هل يريد حملة الشهادات، على وزن حملة السلاح، أن يكون الحكم فيهم إلى جنى الجنى؟ وهي شهادات قال شكري غالي، نقلاً عن منصور خالد، إنها ليست علماً محضاً لأنها في واقع الأمر شهادات ميلاد طبقية.
ibrahima@missouri.edu