دراسة: الكون لا يحتوي على المادة المظلمة
تاريخ النشر: 19th, March 2024 GMT
تتحدى دراسة حديثة النموذج الحالي لقوام الكون وتكوينه، وتقدم أدلة تناقض فكرة وجود المادة المظلمة في ورقة بحثية نُشرت في مجلة "الفيزياء الفلكية" من قبل باحثين بجامعة أوتاوا الكندية.
ويَفترض النموذج النظري الحالي للكون أنّه يتكون بشكل أساسي من ثلاثة عناصر:
المادة العادية أو الطبيعية: وتشمل جميع المواد والأجسام المألوفة التي يمكن ملاحظتها مباشرة مثل الذرات والجسيمات دون الذرية والنجوم وغيرها.الطاقة المظلمة: وهي قوة غامضة يُعتقد أنها العنصر المسؤول عن التوسع المتسارع للكون الذي رُصد وأُثبت مرارا وتكرارا. المادة المظلمة: ويُعتقد أنها نوع من المادة التي لا تنبعث منها أو تمتص أو تعكس أشعة كهرومغناطيسية، مما يجعلها غير مرئية ولا يمكن اكتشافها.
وفي علم الكونيات، يُفترض أن المادة المظلمة تفسر ظواهر مختلفة، مثل سلوك جاذبية المجرات، وانتشار المادة في الكون على نطاق واسع. وعلى الرغم من افتقارها إلى المراقبة المباشرة، فقد كانت المادة المظلمة عنصرا حاسما في العديد من النماذج الكونية لتفسير هذه الظواهر الفلكية.
وتخالف الدراسة الحديثة الأعراف العلمية الرائجة في المجتمع العلمي اليوم، والتي تبدو متطرّفة في طرحها، مقدمةً أدلة تناقض الفهم الحالي، وهو ما يُعد تحوّلا فيزيائيا كبيرا.
المادة المظلمة قوة غير مرئية توجد في جميع أنحاء الكون بكميات هائلة (سيمونز فاونديشن)ويقترح راغندرا غوبتا أستاذ الفيزياء في كلية العلوم بجامعة أوتاوا، نهجا جديدا لفهم تكوين الكون، معتمدا على مزيج من نظريتين: نظرية "ثوابت الاقتران المتغيرة"، ونظرية "الضوء المُجهَد"، والتي يشار إليهما معا باسم نموذج "سي سي سي + تي إل". ويتحدى هذا النموذج المبتكر توزيع النسب بشكلها الحالي لتكوين الكون من المادة المظلمة والطاقة المظلمة والمادة العادية.
ويدمج النموذج المستخدم في الدراسة مفهومين أساسيين يتعلقان بسلوك القوى في الكون، وسلوك الضوء عبر المسافات الكونية الشاسعة؛ فالنظرية الأولى تقول إن القوى الأساسية للطبيعة -مثل الجاذبية والكهرومغناطيسية- قد تتغير مع مرور الوقت بفترات زمنية كونية طويلة، وفي الوقت ذاته تقترح النظرية الثانية أن الضوء يفقد طاقته عندما يقطع مسافات شاسعة عبر الكون "فيُجهد".
ومن خلال الجمع بين هاتين النظريتين، طوّر غوبتا وفريقه إطارا يوفر تفسيرا بديلا لمختلف الظواهر الكونية، وخضع هذا النموذج للاختبار وأثبت توافقه مع العديد من نقاط بيانات الرصد، ففسّر توزيع المجرات في الكون وتطور الضوء المنبعث من الكون المبكر.
عمر الكون يفوق تقديراتناومن أهم التبعات المترتبة على اكتشاف غوبتا مخالفة الفهم التقليدي لتركيبة الكون والذي يشير إلى أن 27% منه تتكون من المادة المظلمة، في حين أقل من 5% فقط منه تمثّله المادة المظلمة، فما ترمي إليه الدراسة أننا لا نحتاج إلى افتراض وجود المادة المظلمة من الأساس.
سبب تسارع توسّع الكون -وفقا لدراسة جديدة- يتعلّق بقوى طبيعية ضعيفة وليس بسبب الطاقة المظلمة (شترستوك)ويعقّب غوبتا بالقول: "تؤكد نتائج الدراسة أن عملنا السابق عن عمر الكون البالغ 26.7 مليار سنة أتاح لنا الفرصة لاكتشاف أن الكون لا يحتاج إلى مادة مظلمة كي يكون موجودا". ويعلل سبب توسع الكون قائلا: إنّ سبب تسارع توسّع الكون يتعلّق بقوى طبيعية ضعيفة وليس بسبب الطاقة المظلمة.
وركّزت الدراسة على توزيع المجرات في الفضاء، وخاصة التركيز على تلك القريبة نسبيا من الأرض وتبتعد بسرعات بطيئة ذات "انزياح أحمر" منخفض، كما درس الباحثون ظاهرة كونية تتعلّق بالكون المبكّر والمعروفة باسم "الأفق الصوتي" عند المجرّات البعيدة ذات الانزياح الأحمر المرتفع.
يقول غوبتا: "هناك العديد من الأوراق البحثية التي تشكك في أصل وجود المادة المظلمة، لكن بحثي هو الأول على حد علمي الذي يلغي وجودها الكوني، بينما يتوافق مع الملاحظات الكونية الرئيسية التي كان لدينا الوقت الكافي لتأكيدها".
ويشير مصطلح الانزياح الأحمر في علم الكونيات إلى الظاهرة التي يبدو فيها الضوء المنبعث من الأجسام الموجودة في الفضاء منزاحا نحو أطوال موجية أطول و"أكثر احمرارا" أثناء ابتعادها عن المراقب "أو عن الأرض"، فعندما تبتعد الأشياء عنا تتمدد موجات الضوء المنبعثة منها، مما يجعلها تبدو أكثر احمرارا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات المادة المظلمة
إقرأ أيضاً:
حسم الجدل حول انتشار موجات الجاذبية في الكون
تمكنت مجموعة من الفلكيين من حسم الجدل الطويل حول النظريات السابقة التي تشير إلى وجود اهتزازات مستمرة في نسيج الكون، وذلك باستخدام أكبر كاشف للموجات الجاذبية بُني حتى الآن، وهو "تلسكوب ميركات"، المخصص لرصد النجوم النابضة، ويتألف هذا التلسكوب من 64 هوائيا راديويا موزعة في أقصى جنوب القارة الأفريقية.
وتشير نتائج الدراسة، التي نُشرت حديثا في دورية "ذا مونثلي نوتيسس" التابعة للجمعية الملكية الفلكية إلى أن موجات الجاذبية أكثر انتشارا وأعظم قوة مما كان يُعتقد سابقا. حيث تمكنوا من الكشف عن خلفية قوية للموجات الجاذبية، يُعتقد أنها ناجمة عن الاصطدامات العنيفة بين الثقوب السوداء الضخمة التي تقع في مراكز المجرات عبر الكون.
العلماء اعتمدوا في هذا الاكتشاف الرائد على النجوم النابضة (مرصد أريسيبو) الموجات الجاذبية.. تموجات في نسيج الزمكانالموجات الجاذبية هي تموجات دقيقة تنتقل عبر نسيج الزمكان، وتنشأ نتيجة حركة الأجسام شديدة الكثافة والضخامة، مثل الثقوب السوداء. وتحمل هذه الموجات في طياتها معلومات غنية عن أكثر الظواهر الكونية قوة ودراماتيكية، مما يجعلها مفاتيح لفهم الكون على نطاق أوسع.
وفي عام 2015، تمكن العلماء من الكشف لأول مرة عن الموجات الجاذبية ذات الترددات العالية الناتجة عن اصطدام الثقوب السوداء. في حين أن الموجات الأكثر قوة ذات الترددات المنخفضة، والتي تتولد عن اصطدام الثقوب السوداء العملاقة، لم تُكتشف إلا مؤخرا. وقد احتاج العلماء في هذا الصدد إلى كاشفات بحجم مجري حقيقي، مثل تلسكوب ميركات، القادر على تغطية مساحات شاسعة ضمن مجرة درب التبانة.
إعلانوتكمن قيمة اكتشاف موجات الجاذبية الحقيقية في الكم الهائل من المعلومات التي تحملها حول ديناميكيات الكون، فعندما تصطدم الثقوب السوداء العملاقة على سبيل المثال، تُطلق طاقة هائلة تترجم إلى تموجات عبر الزمكان. ومن خلال دراسة هذه الموجات، يأمل العلماء في فك ألغاز أساسية في الفيزياء الفلكية، مثل فهم سلوك الثقوب السوداء العملاقة ودراسة تأثيرها العميق على تشكيل وتطور المجرات.
دور النجوم النابضة في الكشف عن الموجات الجاذبيةاعتمد العلماء في هذا الاكتشاف الرائد على النجوم النابضة، وهي نجوم نيوترونية ذات مغناطيسية عالية تدور بسرعة مذهلة، وتبعث نبضات منتظمة من الإشعاع الكهرومغناطيسي. وتشبه النجوم النابضة الساعات الكونية، إذ تصدر إشعاعات بدقة استثنائية تتيح للباحثين قياس أي تغييرات طفيفة تحدث عند مرور الموجات الجاذبية من خلالها.
وعندما تعبر موجة جاذبية بين الأرض والنجم النابض، فإنها تُحدث تشوها في الزمكان، مما يؤدي إلى تغير بسيط في وقت وصول النبضات، وقد أثبتت هذه التقنية فعاليتها العالية في رسم خرائط دقيقة لخلفية الموجات الجاذبية. وبناء على 5 سنوات من الرصد، أظهرت النتائج أن خلفية الموجات الجاذبية أعلى بكثير مما كان متوقعا، فالإشارة المكتشفة كانت تشير إلى كون مليء بالحركة والنشاط أكثر مما تخيله العلماء بمراحل.