ارتفاع الإنفاق على الألعاب الرقمية بالمنطقة العربية.. هل يجذب المزيد من الاستثمارات؟
تاريخ النشر: 19th, March 2024 GMT
لم تعد ألعاب الفيديو مجرد وسيلة تسلية يضيع الأطفال وقتهم فيها، بل تطورت هذه الصناعة مع تطور التقنيات المختلفة لتصبح الآن إحدى أهم الصناعات الرقمية في العالم أجمع لتنبثق أسفلها مجموعة واسعة من الصناعات المختلفة التي تعتمد عليها بشكل رئيسي، مما أدى إلى توسع قطاع هذه الألعاب بشكل كبير وتحوله إلى فئة من فئات التسلية العالمية بعد أن كان جزءا صغيرا يضم مجموعة متشابهة من الألعاب.
يعود الفضل جزئيا في هذا التطور الواسع داخل قطاع ألعاب الفيديو إلى القدرات التي وصلت إليها الحواسيب ووحدات المعالجة في العالم، إذ أصبحت الحواسيب قادرة على توليد عوالم تقترب من الواقع بشكل كبير للغاية، مما ساهم في أسر قلوب الملايين حول العالم وجذبهم إلى عالم الألعاب الرقمية.
كما أن الألعاب الرقمية أصبحت جزءا من الهوية المكونة للكثير من أبناء جيل الألفية والجيل زد، والذين أصبحوا اليوم يشكلون القوة الشرائية العظمى في العالم، إذ يتحكمون في أكثر من 300 مليار دولار سنويا وفق أحدث دراسة نشرتها مجلة "فوربس".
لذلك، كان من المنطقي أن يتوجه جزء كبير من هذا الدخل والقوة الشرائية إلى الهوايات التي يفضلها هؤلاء، والتي شكلت الألعاب الرقمية الجزء الأكبر فيها، وهو ما أكدته دراسة نشرتها مجلة "فارايتي" في أبريل/نيسان الماضي، إذ كشفت أن 52% من أبناء جيل الألفية يفضلون قضاء وقتهم في ممارسة ألعاب الفيديو.
هذا الاهتمام العالمي لم يكن بمنأى عن المنطقة العربية التي كانت لها حصة من الإنفاق العالمي على الألعاب الرقمية في عام 2023، والذي وصل إلى 1.92 مليار دولار مع توقعات بتجاوز 2.6 مليار دولار بحلول عام 2027.
تظهر تفاصيل الإنفاق المحلي على قطاع الألعاب الرقمية في التقرير الذي نشرته شركة "نيكو بارتنرز" مطلع فبراير/شباط 2024، وهو تقرير سنوي تطلقه الشركة لتحليل هذا القطاع في المنطقة العربية.
التقرير أظهر بوضوح نمو الإنفاق على قطاع الألعاب الرقمية في المنطقة العربية بمقدار 7.8% عن العام الماضي محققا هذا العام 1.92 مليار دولار تقريبا مع توقعات بوصوله إلى 2.65 مليار دولار عام 2027، وذلك عن منطقة "مينا- 3" كما تطلق عليها الشركة، وهي تشكل الدول الثلاث الرئيسية في الإنفاق على الألعاب الرقمية في المنطقة العربية.
وفي مقدمة الدول المنفقة على الألعاب الرقمية جاءت المملكة العربية السعودية مشكلة 57.6% من إجمالي الإنفاق على هذا القطاع، وتليها الإمارات مع 31.9%، ثم مصر مع 10.5% من إجمالي الإنفاق المحلي على الألعاب الرقمية.
ورغم أن السعودية تقود المنطقة في الإنفاق على الألعاب الرقمية فإن الأمر يختلف كثيرا في إجمالي عدد اللاعبين، إذ تمتلك المملكة 30.4% من إجمالي عدد اللاعبين في المنطقة العربية وعلى النقيض تستحوذ مصر على 58.5% من إجمالي عدد اللاعبين والإمارات 11.1% فقط، وذلك من إجمالي عدد اللاعبين الذي وصل هذا العام إلى 68.4 مليون لاعب.
ورغم أن التقرير المتاح عبر موقع الشركة لم يتطرق إلى نسب الإنفاق على المنصات المختلفة في عالم الألعاب الرقمية بالمنطقة فإنه من المتوقع أن تتفق هذه النسب مع معدلات الإنفاق العالمية على منصات هذه الألعاب التي غطاها تقرير شركة "نيوزو" للتحليلات.
وهذا يعني أن الحصة الكبرى من الإنفاق المحلي على الألعاب الرقمية تأتي من ألعاب الهواتف المحمولة ممثلة 49% من إجمالي الإنفاق، وتليها ألعاب المنصات المنزلية عند 29%، ثم ألعاب الحاسب الشخصي مع 21% من إجمالي هذا الإنفاق، وهو ما يتفق أيضا مع التوجه العالمي للكثير من شركات تطوير الألعاب الرقمية في تقديم ألعاب للهاتف المحمول وألعاب للمنصات قبل تقديم ألعاب الحاسوب الشخصي.
يذكر أيضا أن إنفاق مصر المتمثل في 10.5% من 1.92 مليار دولار، أي ما يتجاوز 20 مليون دولار يأتي وسط أزمة اقتصادية بسبب توافر النقد الأجنبي داخل الدولة، مما يشير إلى أن معدلات الإنفاق هذه قد ترتفع في حال انتعاش الاقتصاد.
النمو الواسع في الإنفاق على قطاع الألعاب الرقمية في المنطقة العربية جذب أنظار المسؤولين المحليين والمستثمرين حول العالم، مما أسفر عن تنامي الاستثمارات داخل هذا القطاع على جميع الأصعدة بداية من الاستثمارات والدعم الحكومي لفرق الألعاب الإلكترونية وحتى ظهور شركات الألعاب الرقمية المحلية واهتمام الشركات العالمية بإطلاق الألعاب الخاصة بها في المنطقة.
السعودية كان لها نصيب الأسد من هذه الاستثمارات المحلية والعلمية، وذلك بفضل الدعم الحكومي الواسع والمعلن عنه رسميا لقطاع الألعاب الرقمية، وتحديدا قطاع الرياضات الإلكترونية، إذ شهدت المملكة استثمارات عدة مهمة في هذا القطاع.
البداية كانت من الإعلان عن كأس العالم للرياضات الإلكترونية مع صندوق الجوائز الأكبر في تاريخ الرياضات الإلكترونية ثم إنشاء مجموعة سافي للاستثمار في الألعاب الرقمية عبر دعم مباشر من صندوق الاستثمار الملكي السعودي بقيمة تصل إلى 37.8 مليار دولار.
ومؤخرا المبادرة التي أطلقها صندوق التنمية الوطنية بالتعاون مع بنك التنمية الاجتماعية، والتي تشمل استثمار 120 مليون دولار في قطاع الألعاب الرقمية، وهي المبادرة التي أعلن عنها خلال مؤتمر "ليب 24" الأخير، كما أن الدعم الحكومي لهذا القطاع في السعودية لم يقتصر على صناديق الاستثمار فقط، بل امتد إلى دعم معنوي من ولي العهد محمد بن سلمان الذي أكد على ممارسته الألعاب الرقمية في وقت فراغه.
لم يقتصر الدعم في قطاع الألعاب الرقمية في المنطقة على السعودية فقط، إذ أعلنت الحكومة المصرية عن تأسيس اتحاد الرياضات الإلكترونية في الدولة وضمه تحت مظلة وزارة الشباب ووضع خطة متكاملة للمشاركة في البطولات المحلية والعالمية.
اهتمام عالمي بالمنطقةرغم الحجم الكبير للإنفاق على الألعاب الرقمية في المنطقة العربية فإن بعض الشركات ما زالت ترى أن المنطقة ليست أهلا لاستثماراتها، وهذا يظهر بوضوح في تجاهل قوانين المنطقة واشتراطاتها في إطلاق الألعاب الرقمية العالمية عبر إزالة ما يتعارض مع الذوق العربي العام.
لكن هذا التجاهل ليس حالة عامة بين جميع شركات الألعاب، إذ إن الأغلبية العظمى من الشركات تهتم بالمنطقة وتحاول تلبية متطلباتها، بل وترى أنها أرض خصبة تستجيب للمزيد من الاستثمارات العالمية والمحلية.
لذلك، سعت الكثير من الشركات إلى تعزيز وجودها في المنطقة عبر بناء واجهات رسمية لها والتعاون مع الأجهزة الرقابية من أجل إطلاق الألعاب الرقمية رسميا مثلما يحدث مع متاجر "بلاي ستيشن" في السعودية والإمارات.
الاهتمام لم يكن حكرا على شركات تطوير المنصات والألعاب الرقمية الضخمة، بل إن العديد من الشركات الصغيرة ترى أيضا أهمية المنطقة وتعمل على بناء ألعاب تتماشى معها، ويظهر ذلك بوضوح في الألعاب الرقمية التي تقدم أحداثا خاصة لموسم رمضان وغيره من المناسبات المحلية، وهو ما قامت به ألعاب رقمية كبيرة مثل "بوبجي" و"فورتنايت" أيضا.
ووسط كل هذه الاستثمارات والدعم العالمي لقطاع الألعاب الرقمية في المنطقة تظل شركات تطوير الألعاب المحلية غائبة عن الساحة، إما عبر غياب كامل عن إطلاق هذه الألعاب أو حتى عبر إطلاق ألعاب رقمية لا ترقى إلى مستوى المنافسة، ولهذا يظل السؤال الحقيقي: هل سنرى يوما ما ألعابا رقمية عربية قادرة على المنافسة عالميا؟
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات على الألعاب الرقمیة فی فی الإنفاق على ملیار دولار هذا القطاع من إجمالی
إقرأ أيضاً:
البيت الأبيض يرد على تقارير “مغادرة ماسك”
قال البيت الأبيض، إن الملياردير إيلون ماسك سيبقى في منصبه إلى حين اكتمال مهمته في خفض الإنفاق الحكومي وتقليص حجم القوى العاملة الاتحادية، نافيا تقارير صحفية أفادت بأنه سيترك منصبه قريبا.
وكان موقع بوليتيكو وشبكة (إيه.بي.سي) أعلنا أن الرئيس الأميركي أخبر أعضاء في إدارته أن ماسك سيغادر قريبا ويعود إلى القطاع الخاص على الرغم من أن التقارير لم توضح ما إذا كان ذلك يعني مغادرة ماسك قبل انتهاء فترة عمله كموظف حكومي خاص لمدة 130 يوما في أواخر مايو تقريبا.
وكلف ترامب حليفه ماسك، الرئيس التنفيذي لشركتي تسلا وسبيس إكس، بقيادة جهود إدارة الكفاءة الحكومية في خفض الإنفاق الحكومي وإعادة تشكيل الجهاز الحكومي الاتحادي.
وقالت كارولين ليفيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض “صرح إيلون ماسك والرئيس ترامب أن إيلون سيغادر الخدمة العامة كموظف حكومي خاص حين يكتمل عمله الرائع في إدارة الكفاءة الحكومية”.
وارتفعت أسهم بعض الشركات، منها شركات المقاولات الحكومية، بعد التقارير التي تحدثت عن احتمال عودة ماسك الوشيكة إلى القطاع الخاص.
وكانت أسهم شركة تسلا المملوكة لماسك انخفضت أكثر من ستة بالمئة في التعاملات المبكرة بعد انخفاض أكثر حدة من المتوقع في تسليمات الربع الأول، لكنها عدلت مسارها لترتفع بنحو خمسة بالمئة.
وقال ماسك لبرنامج “تقرير خاص مع بريت باير” على فوكس نيوز الأسبوع الماضي إنه واثق من أنه سينهي معظم هدفه المعلن المتمثل في خفض تريليون دولار من الإنفاق الاتحادي بحلول نهاية 130 يوما في منصبه.
لكن في مقابلة أجراها في 10 مارس مع برنامج “كودلو” على شبكة فوكس بيزنس نتورك، حين سأله مقدم البرنامج لاري كودلو “هل ستستمر سنة أخرى؟”، أجاب ماسك “نعم، أعتقد ذلك”.
وجاء على موقع إدارة الكفاءة الحكومية على الإنترنت، وهو النافذة الرسمية الوحيدة لعملياتها، أن الإدارة وفرت على دافعي الضرائب الأميركيين 140 مليار دولار حتى الثاني من أبريل عبر سلسلة من الإجراءات تضمنت خفضا للقوى العاملة ومبيعات أصول وإلغاء عقود، وهذا ما زال أقل بكثير من هدف ماسك البالغ تريليون دولار.
ومن المقرر أن يستمر تفويض إدارة الكفاءة الحكومية بالكامل حتى الرابع من يوليو 2026.
وكثيرون من كبار الشخصيات في إدارة الكفاءة الحكومية مرتبطون بماسك، ولم يفصحوا عن مدى رغبتهم في البقاء بعد رحيل الملياردير الذي كان القوة الأيديولوجية وراء الإصلاح الحكومي الشامل.
رويترز
إنضم لقناة النيلين على واتساب