الكتاب: مقدسيون صنعوا تاريخاً.
الكاتب: عزيز محمد العصا، عماد عفيف الخطيب.
الناشر:  اللجنة الوطنية للقدس عاصمة دائمة للثقافة العربية، عام 2018م.
عدد الصفحات: 266 صفحة.


إن الحديث عن قادة الفكر والعمل من المقدسيين خلال القرن العشرين، يعني الحديث عن أولئك الذين رابطوا على الجبهة الأمامية في الصراع القائم على أرض فلسطين بين شعب أعزل لا يملك سوى إرادة الصمود، بالمقابل يقف أطول وأشرس احتلال شهده التاريخ المعاصر؛ إنه الاحتلال الثنائي البريطاني الصهيوني، الذي كان للبريطانيين فيه دور من أعد المكان لدولة قامت على الظلم والطغيان، في حين نفذت الصهيونية بدعم منقطع النظير من بعض دول العالم المتواطئة لتعلن دولتها عام 1948م على نكبة الشعب الفلسطيني، وشردته بسلب أرضه، بل عملت على محو وجوده الثقافي والحضاري!

تستعرض هذه الدراسة سيرة عشر شخصيات مقدسية ساهمت في الحفاظ على عروبة فلسطين؛ فجاءت تكريما لأعلام مقدسية، حملوا على عاتقهم أمانة الدفاع عن القدس، وواجهوا الاحتلال وغطرسته، فكان ليقظتهم وعطائهم وتفانيهم في خدمة المجتمع المقدسي أثرهم الملموس في مواجهة عمليات التهويد والأسرلة وحماية وبناء مؤسسات القدس، إن إيلاء سيرة ومسيرة هؤلاء مساحة وافرة من الاهتمام والمتابعة لأمر ضروري لتعريف الأجيال بما قدمه الأسلاف من مساهمات وانجازات باقية رغم أنف المحتل.



عشر من القادة المقدسيين تركوا فينا ما لا ينسى من أثر وآثار مادية وغير مادية، في المجالات التربوية والتعليمية والسياسية والفكرية، شكلت في مجموعها، تحديات للاحتلال، واعاقات جادة وفاعلة لمحاولاته تهويد المكان والزمان والتاريخ والجغرافيا، ما يشكل تاريخاً واضاءة تمهد الطريق للأجيال القادمة، للسير قدما على خطى الآباء والأجداد.

إليزابيث موسى ناصر:

تغيرت حياة إليزابيث عندما حلت النكبة بالشعب الفلسطيني عام 1948م، بين عشية وضحاها، فهجرت من بيتها في يافا، ولجأت إلى بيت العائلة في بيرزيت، درست مادة التاريخ في كلية بيرزيت، ومن ثم أسست روضة الزهور في شباط عام 1952م، عندما صادفت فتاتين صغيرتين في السادسة والخامسة من العمر؛ بثياب رثة مبللة تتسولان على قارعة الطريق، فراودتها فكرة انشاء دار للفتيات المشردات، وذلك ايمانا منها بأن هذه الدار ستحمي الفتيات من اللجوء لكسب لقمة العيش، وبذلك انطلقت هي شخصياً إلى الشوارع لتبحث عن الفتيات المتسولات، فجلست في المقاهي مع العمال وسائقي سيارات الأجرة لتحصل على معلومات عن أماكن وجودهن.

بدأت ناصر مشروعها في منزلها المستأجر، مكتفية بركن منه، وأسمته جمعية روضة الزهور؛ لأنها أرادت للفتيات أن يشعرن بأنهن زهرات في حديقة الزهور، ولكي تزيل أية وصمة عار قد تربطهن بحياة التشرد، استوعبت في مشروعها نحو خمسة وعشرين فتاة التقطتهن من الأزقة والمغاور بهدف إيوائهن وتعليمهن بعض المهارات وركزت على محو الأمية، والتدريب الصحي، والتدبير المنزلي والخياطة؛ لتمكينهن من إيجاد فرصة عمل أو ليكن ربات بيوت صالحات، تطورت الروضة وأصبحت مدرسة ساهمت في سد حاجة المدينة للمدراس الوطنية(ص16).

هذه العائلة ذات نبراس مضيئ في تاريخ العلم والتعليم فشقيقتها الكبرى نبيهة أسست مدرسة بير زيت التي تطورت عبر السنوات، لكلية عام 1973م، من ثم أول جامعة فلسطينية على أرض الوطن تحمل اسم جامعة بيرزيت.

حسني سليمان الأشهب:

تربوي مقدسي، جعل من القلم سيفا حاداً في مواجهة الاحتلال والمحتلين، مارس اللعبة السياسية والنضالية، أعاد للتعليم مكانته وهيبته، وهب بعد النكسة لتخليص التعليم في القدس من براثن التهويد الذي هبت نيرانه لتلتهم عروبة القدس وعروبة أبنائها؛ فحمى التعليم في القدس مما أحاكه ضده المحتل الغاشم(ص87).

"إن كانت القوة العسكرية تحسم أمر المعركة لصالح الأقوى والأقدر على التخطيط السليم، فإن هناك قوة تقابلها لا تقل عنها أهمية، وهي القدرة على تعليم المجتمع وتغذيته بثقافة وطنية، قادرة على تأجيج الانتماء في نفوس أبنائه، لتجعلهم قادرين على التحرر من رقبة الاحتلال ومواجهة الظلم والظالمين، أيا كانت سطوتهم وسلطتهم".

عشر من القادة المقدسيين تركوا فينا ما لا ينسى من أثر وآثار مادية وغير مادية، في المجالات التربوية والتعليمية والسياسية والفكرية، شكلت في مجموعها، تحديات للاحتلال، واعاقات جادة وفاعلة لمحاولاته تهويد المكان والزمان والتاريخ والجغرافيا، ما يشكل تاريخاً واضاءة تمهد الطريق للأجيال القادمة، للسير قدما على خطى الآباء والأجداد.قاد الأشهب صراعاً مريراً مع الاحتلال وأعوانه حتى تمكن من تخليص التعليم في القدس من براثن التهويد، الذي شرع به الاحتلال من اللحظة الأولى؛ لاستكمال احتلال القدس بشطريها الغربي والشرقي، شهد ثورة البراق عام 1929م، وجرحى فيها، فانتقل من طالب متظاهر إلى حامل للسلاح دفاعاً عن نفسه وأهله ومقدساته ووطنه(ص94).

استطاع الأشهب تفريغ الطلبة من المدراس الرسمية المستولى عليها من الاحتلال، التي كانت تدرس المنهاج الإسرائيلي، للمحافظة على عروبة المناهج، بل وعروبة القدس، وعن دور الأشهب تشير الدراسة" إن هذه السياسة التهويدية قوبلت بمقاومة باسلة متعددة الأشكال، تزعمها مدير التربية والتعليم حسني الأشهب، مما أجبر سلطة الاحتلال على التراجع عن بعض الأوامر العسكرية، بخاصة الأمر العسكري رقم( 107)، الذي حظر بموجبه تدريس 55 كتاباً مدرسيا ًمن المنهاج الأردني، واستبدله بالقرار(183)، الذي سمح بالعودة إلى المناهج الأردنية المعتمدة في الضفة الغربية دون القدس، بعد اخضاعه للرقابة؟" (ص106)

الشيخ سعيد عبد الله صبري

شيخ أزهري تخصص في علم الميراث، قاوم البريطانيون وقارع الصهاينة، عاش شامخاً لم ينحن لأحد، وعندما طلب منه الانحناء فضل الموت، فلسطيني قادم من مدينة قلقيلية؛ اعتلي منبر صلاح الدين الأيوبي خطيباً، انتمى للقدس والمقدسيين، قلباً وقالباً، فأبدع في تطوير الأوقاف عندما عين قاضياً شرعيا في القدس، ووظفها لخدمة المجتمع المقدسي.

عن إنجازاته وأفكاره الخلاقة تحدث ابنه الشيخ عكرمة صبري" وظف أموال المسلمين، أفضل توظيف في مجال الاستثمار للصالح العام، أشرف على انشاء عدة مساجد وعقارات للأوقاف في المدن التي كان قاضياً، كما أنجز سلسلة من الأعمال العمرانية ...ساهم في تشكيل الهيئة الإسلامية الذي كان أحد أعضائها البارزين بتاريخ 24/7/1967م، للإشراف على الأوقاف والمحاكم الشرعية وشؤون المسلمين، يشهد المسجد الأقصى المبارك للشيخ صبري، مواقفه من الاحتلال ومن بيع الأراضي، ومن المحافظة على المقدسات وقول الحق واسداء النصح والإرشاد" (ص147).

كما تشهد المحاكم الشرعية على دوره في توثيق السجلات والوثائق وحفظ ما فيها من وقفيات؛ لحفظ حقوق المسلمين في حدود القدس، وركز على الميراث وحفظ حقوق العباد، وحصر الأراضي الوقفية والمحافظة عليها من الضياع وفق قوانين ولوائح من أجل تعميقها، وتابع بنفسه كل أرض وقفية.

حرصه الشديد على طلب العلم الشرعي أسهم في تأسيس معهدين لطلاب الشريعة عام 1957م، الأول: في نابلس باسم المدرسة الإسلامية التابعة لجمعية التضامن الخيرية، أما الثاني: في القدس باسم ثانوية الأقصى الشرعية التابعة للأوقاف، وفي عام 1970مـ ساهم في إقامة قسم الشريعة للبنات في دار الطفل العربي في القدس.(ص149).

 نهاد عليان أبو غربية

اسم حفر باللغة العربية الفصحى في صخور القدس، وبيوتها، درس في جامعة لندن بالمراسلة، وحصل على شهادة( B.A ) متخصصاً في التاريخ العام، عين في المدرسة الإبراهيمية  في محلة المصرارة بالقدس، التي اشترى فيها أبو غربية أسهم الشيخ عز الدين الشريف؛ ليصبح من أصحاب المدرسة، بل ومالكها عام 1935م، ومن ثم نقلها إلى عمارة تقع على شارع صلاح الدين في باب الساهرة بالقدس، تحولت المدرسة عام 1945م للكلية الإبراهيمية، ووصلت الكلية لدرجة عالية من الرفعة المتميزة في معلميها وطلابها، الذين وصل عددهم في عام النكبة نحو نيفاً وألف طالب خارجي، ونحو 85 طالباً داخلياً، مع حلول النكبة نكبت الكلية الإبراهيمية في القدس أيضا، وهي في ذروة تقدمها وتطورها، وعاش طلابها على أزيز الرصاص وأصوات الانفجارات والقذائف التي سقطت بالقرب من الكلية؛ ليغادر أغلب طلابها القدس.

عادت الكلية للعمل عام 1955م وفق المنهاج المصري، مع تدريس المنهاج الأردني للطلاب الذين يرغبون في دراسته، لتصبح معلم معالم القدس المشرقة.

هند الحسيني.. سيدة العمل والرفاه الاجتماعي

عاشت آلام النكبة وعذاباتها، تجرعت مرارة النكسة، وما أل إليه حال القدس، وما بين هاتين الكارثتين وما بعدها؛ شمرت عن ساعديها، وكرست حياتها للأطفال الأيتام الذين كانت ترى البسمة على ووجوههم السعادة.

بُعيد مذبحة دير ياسين في إبريل عام 1948م، جمعت خمسة وخمسين طفلاً وطفلة ووضعتهم في غرفتين بالبلدة القديمة، وبدا لديها فكرة تأسيس جمعية دار الطفل العربي في القدس، التي مازالت تشهد على انتماء  الحسيني، وإبداعاتها متعددة الأبعاد والأوجه، أسست دار الطفل العربي، ومن مؤسسي جمعية المقاصد الخيرية ـ القدس.

تحدث الكاتبان عما جرى لأيتام دير ياسين الأحياء" فقد أرغموهم والحراب تعمل في أقفيتهم على التجمع في مكان عينوه بعد أن اغتالوا فريقاً من هؤلاء النسوة، وبعضهن الحوامل ثم ركبوا الصغار منهم السيارات المكشوفة، وطافوا بهم في الأحياء اليهودية، بعد أن رجمتهم جموع اليهود بالحجارة، وأخيراً أوصل اليهود هؤلاء التعساء إلى الحدود الفاصلة بين الأحياء العربية واليهودية في حي المصرارة، فأنزلوهم من السيارات وأمروهم بالتوجه إلى الأحياء العربية، وهم يطلقون مئات العيارات النارية فوق رؤوسهم لإرهابهم".

بعد أسبوعين من المجزرة تحديداً بتاريخ 23/4/1948م، صادفت الحسيني خمسة وخمسين طفلاً، أكبرهم في الثانية عشر من عمرهم، وأصغرهم في سنته الأولى، وعيونهم تنطق بالذعر والهلع مما رأوه، ويحاول الكبار منهم تهدئة روع الصغار؛ فاتجهت نحوهم وسألتهم عن سبب تجمعهم في تلك المنطقة؛ فوقف أكبرهم وقص عليها ما حدث معهم من قتل، وذبح وترويع، وكانت تقول في نفسها: "لو مات هؤلاء الأطفال لمحي الشعب الفلسطيني، فقطعت عهداً على نفسها بأن ترعى الأيتام وتربيهم تربية صالحة"، أخذت الحسيني الأطفال اليتامى واحتضنتهم وقام برعايتهم، فوضعتهم في غرفتين في سوق الحصر، وبدأت بتفقد احتياجاتهم ونقلتهم دير راهبات صهيون، وخلال الحرب نقلتهم إلى بيتها، وبدعم من محافظ القدس أنور الخطيب ففتحت لهم مدرسة في بيتها، وكان ذلك بداية انطلاق مشروع دار الطفل العربي، الذي تحول إلى مؤسسة اجتماعية وطنية، تحتضن الأطفال، وترعاهم، وتربيهم حتى يبلغوا القدرة على السير في دروب الحياة والنضال لأجل قضيتهم.(ص247).

متحف التراث الفلسطيني:

يعد المتحف ثروة قومية، ومصدر من مصادر المقاومة الثقافية ظهرت الحاجة الفلسطينية له لتعريف الأجيال الفلسطينية والعالم الخارجي بالتراث الفلسطيني، إذ بدأت الحسيني بتجميع المقتنيات التراثية من خلال تبرعات الفلسطينيين الشخصية، فجمعت ثياباً مطرزة قديمة من عدة مدن فلسطينية، ليتم افتتاح أول متحف عام 1978م، تحت مسمى اسم مركز التراث الشعبي العربي الفلسطيني أودعت فيه 2200 قطعة، ثم دأبت على زيادة مقتنياته، اليوم يضم المتحف ثلاث طوابق تستقبل الزائرين؛ بعرض أفلام وثائقية عن أحداث دير ياسين لعلاقتها التاريخية بتأسيس المؤسسة عام 1948م.

ضم المتحف مجسماً لقرية دير ياسين مع مجسم حائط لخارطة فلسطين التاريخية؛ تظهر فيه(450)قرية فلسطينية مدمرة ومهجرة بفعل حرب عام 1948م، كما يعرض فيه أيضا أدوات تراثية تعكس الأدوات التي تستخدم في البيوت الفلسطينية التقليدية في الريف الفلسطيني، والأزياء الشعبية، والفرمانات العثمانية الأصلية، والوثائق القديمة والمخطوطات التي تروي قصة نهايات فترة الحكم العثماني في القدس، بالإضافة لوجود مكتبة مهمة تضم مراجع متخصصة في العمل المتحفي والتراث الفلسطيني بشكل محدد.

دار إسعاف النشاشيبي.. تحفة ثقافية تشهد على عروبة القدس

قامت هند الحسيني عام 1982م، بشراء قصر أديب العربية محمد اسعاف النشاشيبي في حي الشيخ الجراح، وأضافته لأملاك وعقارات مؤسسة الطفل العربي في مدينة القدس، واستخدم القصر لخدمة الثقافة والعلم في فلسطين بشكل عام والقدس بشكل خاص، وأسهمت في احياء النشاطات الثقافية والفكرية في مدينة القدس؛ بعرض الندوات والمعارض وورش عمل ذات أبعاد وأهداف محددة، وتم تجهيز مكتبة الدار ببضعة آلاف من الكتب والمراجع القيمة والمخطوطات، شملت مكتبة الأديب اسعاف النشاشيبي، وفوزي يوسف، واسحاق الحسيني، وعارف العارف، وغيرهم من أدباء فلسطين الذين سخروا أقلامهم لخدمة قضيتهم.

لقد كرست الحسيني حياتها للشأن العام، فلم تتوقف أنشطتها وفعاليتها عند الجانب الاجتماعي الإنساني وحسب، بل إنها كانت فاعلة على المستوى الوطني والسياسي، ففي عام 1967م، عندما احتلت إسرائيل القدس، والضفة الغربية، وقطاع غزة؛ حولت مدرستها مستوصفاً لعلاج الجرحى، وعندما انطلقت الانتفاضة الأولى، شجعت الحسيني على المشاركة في أحداثها، لتدخل قوات الاحتلال المؤسسة وتعبث بمحتوياتها كباقي المؤسسات الفلسطينية، فقد أغلقت المؤسسة لأشهر عديدة(ص250).

أخيراً تعد هذه الدراسة من الدراسات الخاصة بالسير الذاتية، التي اجتهد الكاتبان في جمعها وتبويبها والتعليق عليها، فأرخوا لشخصيات كان لها بصماتها في الدفاع عن القدس والوقوف بالمرصاد لعمليات التهويد، وبشكل خاص التهويد الثقافي، وحالة التجهيل المتبعة من الحكومات الإسرائيلية لكي الوعي الفلسطيني، لإفراغ المقدسي من قضيته وصموده الأسطوري، وهذه الدراسة بحاجة إلى سلسلة أخرى من الدراسات؛ لاستكمال الدور الريادي لمن حملوا هم القدس والمحافظة على المقدسات الإسلامية والمسيحية، والإبقاء على عروبة القدس في ظل الهجمة الشرسة التي تتبعها حكومات اليمين الإٍسرائيلي.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير كتب فلسطين احتلال سيرة الأقصى احتلال فلسطين الأقصى رجال سيرة كتب كتب كتب كتب كتب كتب أفكار أفكار أفكار سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دار الطفل العربی على عروبة دیر یاسین فی القدس

إقرأ أيضاً:

موظف سابق في مايكروسوفت: الشركة تهتم بالربح المادي على حساب الدم الفلسطيني

لم يكن فصل شركة مايكروسوفت للمهندستين ابتهال أبو سعد وفانيا أغراوال أول حالات الطرد لموظفين رفضوا تعاونها مع جيش الاحتلال خلال عدوانه على قطاع غزة عبر برمجيات الذكاء الاصطناعي.

وأقالت الشركة الأمريكية في تشرين الأول/ أكتوبر 2024 مهندس البرمجيات حسام نصر، والباحث وخبير البيانات عبده محمد، لأنهما نظما وقفة احتجاجية إحياء لذكرى الشهداء الفلسطينيين في غزة ولجمع التبرعات في حرم الشركة.

واعتبر المهندس حسام نصر في مقابلة خاصة مصورة مع "عربي21" أن هذا القرار إجراء تعسفي، مؤكدا أنه يدل على خوف الشركة من حملة مقاطعة منتجاتها التي أسسها هو وزملاء له رافضين لتعاون مايكروسوفت مع جيش الاحتلال.

وأكد نصر أن قرار فصله هو وزملائه الآخرين، (عبده محمد، ابتهال أبو سعد، فانيا أغراوال) ما هو إلا تعبير عملي عن سياسات الشركة الواضحة والصريحة منذ بداية الحرب والمتمثلة بدعم واضح وصريح وغير مشروط لجيش الاحتلال.

ولفت إلى أن عدد موظفي مايكروسوفت الرافضين لتعاونها مع جيش الاحتلال كبير، ويزداد يوما بعد يوم، مشيرا إلى أن بعضهم قد يكون لديه ظروفه الخاصة لهذا لا يقدم استقالته من الشركة.

وتاليا نص الحوار كاملا:

- كيف تصف قرار مايكروسوفت بفصلك أنت وزملاء آخرين بسبب موقفكم من الحرب على غزة ورفضكم لدعم الشركة للاحتلال عبر الذكاء الاصطناعي؟

برأيي هذا القرار إجراء تعسفي ويدل على الجُبن والخوف، يعني الشركة خائفة من حملتنا وتحركاتنا وخائفة أيضا من العمل الذي نقوم به وهو فضح جرائمها المتمثلة بالضلوع في الإبادة الجماعية ضد أهلنا في غزة، ولذلك هي قررت فصل أي موظف يجرؤ على مناهضة هذه العلاقة الدموية بينها وجيش الاحتلال.

وللأسف هذا الأمر يتسق مع سياسات الشركة، بالتالي غير مفاجئ لأن سياساتها كانت واضحة وصريحة من بداية ما يحدث في غزة، وهي دعم واضح وصريح وغير مشروط لجيش الاحتلال.

إضافة إلى ما كشفناه مؤخرا حول تزويد الشركة لجيش الاحتلال بالخدمات السحابية والذكاء الاصطناعي والتخزين وغيرها من الخدمات التي تستخدم بشكل مباشر في عمليات القتل والإبادة الجماعية في غزة.

بالتالي الشركة تقوم بالتربح على دم الفلسطينيين ومن جرائم جيش الاحتلال في غزة، ولهذا فصلها لموظفين اعترضوا على هذا الأمر هو للأسف أمر متسق مع سياساتها وحفاظها على هذه العلاقة الدموية المربحة بالنسبة لها.

- بحسب اطلاعك كم يُقدر عدد الموظفين الرافضين لهذه العلاقة بين مايكروسوفت وغيرها من شركات التكنولوجيا مع جيش الاحتلال؟


في الحقيقة عددهم كبير وفي تزايد أيضا، لأن الموظفين وخاصة في شركة مثل مايكروسوفت كثير منهم أنضم لها بسبب وعودها بأنها شركة أخلاقية تلتزم بمبادئ الذكاء الاصطناعي المسؤول، وأن لديها التزامات تجاه حقوق الإنسان التي اتخذتها كذريعة لسحب استثماراتها من روسيا بعد شن الحرب على أوكرانيا.

كما قامت من قبل وفقا لهذه الالتزامات بسحب استثماراتها من شركة ذكاء اصطناعي إسرائيلية "آني فيجن" كانت تقوم بمراقبة الفلسطينيين في الضفة الغربية بعد حملات ضغط مشابهة لحملتنا على الشركة لسحب هذه الاستثمارات.

بالتالي أشخاص كُثر كانوا ينضمون لمايكروسوفت بالذات، تطلعا إلى أنها أكثر أخلاقية من غيرها من شركات التكنولوجيا، وبالتالي حينما يكتشفون أن عملهم يتم استخدامه في تمويل وتزويد الأسلحة التكنولوجية لجيش الاحتلال الإسرائيلي فإنهم يشعرون بأنه تم خداعهم، لذلك صُدم كثيرا منهم وانضموا لحملتنا.

أيضا موظفون كُثر عرفوا عن طبيعة علاقة مايكروسوفت بجيش الاحتلال بعد تحركات واحتجاج ابتهال أبو سعد وفانيا أغراوال الأخير، ولهذا بعدها زادت نسبة المشاركة والتوقيع على عريضتنا بأرقام غير مسبوقة، أيضا اكتشفنا زيادة ملحوظة في رسائل الدعم القادمة من موظفين ومهندسين آخرين في شركات تكنولوجيا أخرى، وهذا يدل على أن الرفض لهذا التعاون يتزايد.

- لكن لماذا لا يُقدم هؤلاء الموظفون الرافضين لسياسات هذه الشركات استقالتهم منها؟ هل هناك بنود قانونية في عقودهم تمنعهم من ذاك؟


في الحقيقة للأسف هناك ثقافة عامة من الخوف والرعب من اتخاذ هذا القرار، لعدة أسباب، منها مثلا أن هناك كثير من العرب أو المسلمين موجودين في أمريكا بفيزا أو لديهم التزامات تجاه أسرهم وما إلى ذلك وهذا يجعل من تخليهم عن وظائفهم المربحة أمر مُكلف وصعب للغاية.

بالإضافة إلى أن اللوبي الصهيوني في أمريكا لا يكل ولا يتوقف عن التشهير بأي شخص يتخذ موقف صلب وواضح لدعم القضية الفلسطينية والفلسطينيين، وهذا الأمر ساعد في خلق مناخ عام من الخوف والرعب من تحدي أو التصدي لهذه الموجة الصهيونية، ولكن مع ذلك يزداد عدد الرافضين.

ورسالتنا لهؤلاء الناس هي أن هناك العديد من الطرق للمشاركة في الحملة بدون التضحية بالوظيفة، ونقول لأي موظف يجد لديه هذا الموقف ولا يستطيع أن يتخلى عن وظيفته ولكن بنفس الوقت لا يقبل أن تتلطخ أمواله بدماء الشهداء الفلسطينيين بأن ينضم إلى حملتنا، فلدينا العديد من الأدوار التي يمكن أن يمارسها دون المخاطرة بوظيفته.

- أشرت إلى حملة لكم ضد الشركة لو تعرفنا عليها أكثر، كذلك قد يعتبرها مؤيدي الشركة بأنها حملة شخصية انتقامية بسبب فصلكم وليست حملة ذات مبادئ إنسانية، كيف ترد على ذلك؟


حملتنا اسمها "لا آزور للفصل العنصري - No Azure for Apartheid" وهي حملة عمالية قامت من عمال مايكروسوفت الحاليين والسابقين وانطلقت بعد بداية الإبادة الجماعية في غزة بوقت بسيط.

وتهدف الحملة إلى إيصال صوت موظفي مايكروسوفت الرافضين لتواطؤ شركتهم مع جيش الاحتلال واستخدام عملهم والبرمجيات التي يكتبونها في تزويد جيش الاحتلال بالأسلحة التكنولوجية التي تسمح له بتنفيذ الإبادة الجماعية في غزة.

وبدأنا هذه الحملة التي شاركت في تأسيسها انا ومجموعة من موظفي مايكروسوفت عندما رأينا أن موقف الشركة بعد بدء الابادة الجماعية في غزة كان واضح وصريح حيث أرسلت رسالة لكل موظفين الشركة تقول فيها إنها تقف مع إسرائيل.




أيضا قامت الشركة بتشجيع الموظفين على التبرع لـ"إسرائيل" ضمن برنامج "مماثلة" تقوم فيه بالتبرع بدولار واحد من أموالها مقابل كل دولار يتبرع به الموظف.

وبالطبع بعد هذه الأحداث كثير مننا اهتز وتحرك وارتعب ليس فقط بسبب الجرائم التي نراها تُرتكب في غزة بل أيضا نتيجة إدراكنا أن عملنا والبرمجيات التي نشتغل عليها قد تكون مشاركة في هذا الأمر.

وبالتالي حملتنا أصلا بدأت قبل أن يتم الانتقام مني أو من عبده و فانيا و ابتهال، وبدأت بسبب أننا كموظفين في الشركة لديهم ضمير رافضين أن يتم استخدامنا في تسهيل أو تسريع وتيرة الابادة الجماعية ضد أخوتنا، وكان يجب علينا إيصال صوتنا الرافض لهذا الأمر، وفي الحقيقة الشركة هي التي انتقمت منا وليس العكس.

مثلا قامت الشركة بفصلي وزميلي عبده محمد بعد شهور طويلة من بدء الحملة، وبعد محاولات مستميتة منهم للتشهير والتنكيل بنا ومعاقبتنا بكافة الطرق، ومع ذلك لم نكل ولم نمل وبقينا مكملين طريقنا.

أنا شخصيا قبل أن يتم فصلي تعرضت للتهديد وحققت إدارة شؤون الموظفين معي أكثر من مرة بسبب تعليقاتي وكلامي ودفاعي عن القضية الفلسطينية، ما أدى إلى خسارتي للمكافآت والحوافز حتى قبل فصلي من العمل أيضا خسرت إمكانية الترقي، وبالتالي هم عاقبوني بكافة العقوبات التي تمكنوا منها قبل فصلي.

ولذلك على العكس الشركة هي التي انتقمت من موظفين رفضوا استخدام عملهم لتسهيل الابادة الجماعية، وكان سهل جدا عليها أن تخرج وتقول إنها لن نقوم بدعم الاحتلال وأنها ستلتزم بمبادئها المُعلنة وباحترامها لحقوق الإنسان وأنها لن تسمح لجيش الاحتلال باستخدام التكنولوجيا الخاصة بها، عندها كان من الممكن أن لا يكون هناك أي مشكلة.

- تحدثت عن دعم مايكروسوفت للاحتلال، لكن هل هذا الدعم هدفه الربح المادي فقط، أم لقناعتها بصدق روايته؟

في الحقيقة السبب هو مزيج بين الأمرين، بمعنى لا شك أن هناك بعض القائمين على الشركة ومسؤوليها مؤمنين بالصهيونية فعلا وأنهم صهيوني القناعة، ولكن في النهاية مايكروسوفت هي شركة هدفها الربح، وبالتالي كأي شركة تهدف للربح تكون قراراتها نابعة من ما يولد ربح أكثر.

وللأسف نحن نعيش في عالم وزمن أصبحت فيه الإبادة الجماعية سياسة وتجارة مربحة تقوم الشركات بالتربح من خلالها على دم الفلسطينيين، وأصبحت فلسطين حقل تجارب لأحدث التكنولوجيات والأسلحة وأدوات القمع على مستوى العالم، والتي يتم استخدامها بعد ذلك على الجسد الفلسطيني ثم يتم تصديرها لأنظمة القمع الأخرى في العالم.



وهذه ليست المرة الأولى، ولكننا الآن نشهد أول إبادة جماعية باستخدام الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم، وبالتالي هذا أنشأ تجارة مربحة جدا لجميع شركات التكنولوجيا ليس فقط مايكروسوفت، بل أيضا المزودين الأمريكيين الكبار للتكنولوجيات السحابية وهم أمازون وغوغل مشاركين مع جيش الاحتلال بعقد قيمته 1.2 مليار دولار عبر برنامج نيمبوس.

وبالتالي هدف حملتنا والمقاطعة تحميل هذه الشركات تكلفة مادية أكبر من قيمة هذه العقود، بحيث إذا كانت فعلا تفكر بشكل ربحي مادي بحت نحن نقلب الموازين بحيث تصبح المشاركة في الإبادة الجماعية والتهجير والفصل العنصري للفلسطينيين سياسة مُكلفة ماديا وليست مُربحة، وهذا هو هدفنا في نهاية المطاف.

- هل تعرضت والموظفين الرافضين لسياسة مايكروسوفت الداعمة للاحتلال لتهديدات من جماعات ضغط أو أفراد داعمين له خارج نطاق الشركة؟

للأسف هذا الأمر حصل، يعني أنا شخصيا تم التشهير بي أكثر من مرة على منصات الصهاينة، والهدف تخويف وبث الرعب في نفوس المدافعين عن القضية الفلسطينية.

وكان منهم مجموعة أسمها "إيقاف معاداة السامية - StopAntisemitism"، حيث نشرت منشور عني في شهر أيار/ مايو 2024 تطالب فيه مايكروسوفت بفصلي، وحينما تم ذلك قامت بنشر الخبر قبل أن تأتيني مكالمة الفصل بساعة ونصف.

وبالتالي يبدو أن هناك تواطؤ إن لم يكن مشاركة فاعلة بين هذه المجموعات ومايكروسوفت، أو هناك تسريب يتم في مستويات عالية من اتخاذ القرارات في الشركة بينها وهذه المجموعات.

بالمقابل قامت مجموعات داخلية في الشركة بتقديم شكاوى إلى إدارة الشركة تشتكي فيها من أن مايكروسوفت لا تقوم بتوفير الحماية الكافية لموظفيها المسلمين والعرب من حملات التشويه والتنكيل والتشهير.

ولكن للأسف الشركة لم تقم أبدا بالتحرك قيد أنملة للدفاع عن هؤلاء الموظفين، ولكن والحمد لله هذا الأمر لا يرعبنا بل يزيدنا قناعة وإيمانا بعدالة قضيتنا ومواصلة الكفاح حتى تحرير فلسطين بإذن الله.

- لكن هل اكتفت هذه المجموعات بالتهديد اللفظي والتشهير، أم تعرضتم لتهديدات جسدية بالقتل أو غيره؟

على حد علمي الحمد لله لم يصل الأمر إلى هذا الحد، الذي حدث هو قيام موظف من موظفي مايكروسوفت في الكيان الصهيوني بإرسال رسائل خاصة لموظف آخر عبر مواقع التواصل الاجتماعي احتوت على تهديد للشعب الفلسطيني بالكامل، قال فيها – مات منكم 45 ألف وهذا ليس كافِ بل سنقتلكم جميعا نساء وأطفال ولن نترك منكم أحد -.

وانتشرت بعد ذلك صور لهذه الرسائل، وعلى إثر ذلك طالبت منظمات داخل الشركة وموظفين عرب ومسلمين بمحاسبة هذا الموظف، وبالفعل تم فصله، ولكن بعد ضغط كبير جدا استمر لعدة أيام، بالمقابل تم فصلي انا وزميلي عبده محمد في نفس اليوم الذي أقمنا فيه وقفة حداد تكريما لأرواح شهداء غزة.

- طالبتم في حملتكم الناس بمقاطعة منتجات مايكروسوفت، ما هي البدائل التي تقترحونها عليهم، علما أن مثلا نظامها التشغيلي ويندوز يحوز على نسبة 70 بالمئة من السوق العالمي بحيث يلتزم الناس المقاطعة وفي ذات الوقت يجدون ما يلبي رغباتهم الوظيفية؟


فيما يخص بديل نظام ويندوز هناك أنظمة تشغيل عدة بديلة منها ماك الذي يتم استخدامه في أجهزة أبل، أيضا هناك نظام التشغيل لينكس والذي يتوفر منه أنواع كثيرة تتناسب واحتياجات كل شخص، وأنا شخصيا أنصح باستخدامه.

ولكن أيضا أريد إيصال رسالة مهمة، الكثير قد يكون من الصعب عليهم مقاطعة نظام ويندوز، وبالطبع نحن مقدرين لهذا الأمر وبنفس الوقت لا نريد أن يكون قرار المقاطعة صعب أو ثقيل على الشخص بحيث يمنعه من المشاركة نهائيا.

لذلك حددت الحملة أولويات معينة لمقاطعة مايكروسوفت بحيث حتى لو الشخص غير قادر على مقاطع مُنتج مُعين مثل ويندوز أو أوفيس أو أوتلوك وغيرها، يمكنه على الأقل مقاطعة المنتجات التالية.

أولا، الألعاب التي تطورها الشركة والتي تشمل كاندي كراش، وCall of Duty، وماين كرافت وإكس بوكس، أيضا مقاطعة الألعاب التي يتم تطويرها من قبل الشركات المملوكة لمايكروسوفت.

ثانيا، مقاطعة أجهزة الكمبيوتر وملحقاتها مثل السماعات وغيرها التي تنتجها مايكروسوفت، وثالثا، مقاطعة Microsoft Copilot وهو نظام الذكاء الاصطناعي الذي طورته واستثمرت فيه بمليارات الدولارات.

ولهذا فإن مقاطعته يهدد ربحها وهو هدف حملتنا، بالتالي إن لم يتمكن الشخص من مقاطعة جميع منتجات مايكروسوفت يمكنه مقاطعة ما ذكرته أو بعضها.

- ما تعليقك على استمرار عمل بعض الموظفين العرب في شركات التكنولوجيا رغم دعمها لجيش الاحتلال واستمرار الإبادة الجماعية؟

في البداية الله أعلم بظروف كل إنسان، ولكن كل ما يمكنني قوله هو أن كل شخص سواء يعمل في شركة تكنولوجيا أو غيرها، أي شخص عربي أو مسلم أو أي شخص لديه ضمير، يجب أن يُحضر إجابة ليوم القيامة الذي يُسأل فيه أمام الله "أين كنت ماذا فعلت حينما كان يتم إبادة أخوتك في غزة وفلسطين".

إبادة جماعية نراها على كل شاشات التلفزة على مدار 18 شهرا، والناس يستنجدون بنا ويموتون، ونراها على تلفزيوناتنا وهواتفنا، نرى أطفال بدون رؤوس ونساء وأشلاء ومجازر لا يتخيلها العقل.

ونحن فعليا مشاركين في الإبادة الجماعية وليس فقط متفرجين، بالذات الذين يعملون في شركات التكنولوجيا، أيضا الذين يعيشون في الدول الغربية ويدفعون ضرائب يتم استخدامها لتمويل هذه الإبادة.

كيف سنغسل أيدينا من هذا الدم؟! كيف سنقف أمام ربنا ونقول كنا وكنا.. نعمل ماذا؟ كيف كنا صامتين!، أنا لن استطيع التعليق على دور كل شخص، لكن اتمنى أن يجد كل شخص إجابة يقولها أمام الله.

وبكل صراحة أقول لأي شخص يعمل في شركة متواطئة مع الاحتلال بالشكل الذي تشارك به الشركات التكنولوجية الكبيرة وعلى رأسها مايكروسوفت، لا أعتقد أن هناك أي خيار يتسق مع مبادئ الإنسانية أو حتى الدين، إلا خيار واحد بين أثنين، إما مغادرة الشركة وإنهاء التواطؤ مع الاحتلال، وإما الانضمام للحركات العمالية مثل حملتنا التي تسهم في إنهاء هذه الشراكة.

لأننا كموظفين في الشركة لدينا قوة أكبر بكثير من خارج الشركة، يعني شخص مثل ابتهال أو فانيا لم يكن يستطيع إيصال صوته بالشكل الذي استطاعوا إيصاله إلا لو كانوا داخل الشركة ويستطيعوا أن يكونوا في المكان الذي كانوا موجودين به وتتمكن ابتهال من أن تقف وتواجه مصطفى بهذا الشكل.

بالتالي إما أن تكن ابتهال أو أن تشارك في الحملة التي كانت خلف ابتهال أو أن تترك الشركة تماما، انا أرى أن هذه هي الخيارات الوحيدة التي تتسق مع المبادئ الإنسانية في هذا الوقت.

- أخيرا هل عرضت شركات تكنولوجيا عربية عليك وزملائك المفصولين من مايكروسوفت أي فرصة عمل دعما لموقفكم الرافض للإبادة الجماعية في غزة؟

في الحقيقة قام بعض الناس بالتواصل معنا، ولكن على حد علمي لم يكن هناك جهد جاد في تطوير بدائل لهذه الشركات، ولكن بصراحة أرى أن الأولوية في الوقت الحالي يجب أن تكون إنهاء الإبادة الجماعية في غزة وهذه الحرب المتوحشة.

وشخصيا هذا هو ما يشغل تفكيري وتركيزي الذي وضعت فيه كل مجهودي الفترة الحالية، مواصلة الكفاح والتكلم بكل ما أوتيت من قوة حتى تحرير فلسطين بإذن الله.

مقالات مشابهة

  • تفاصيل اجتماع رئيس الوزراء الفلسطيني مع وزير خارجية النرويج
  • "المركزي الفلسطيني" يصدر بيانه الختامي عقب انتهاء أعمال دورته الـ 32
  • مشاريع بنية الاستيطان التحتية تبتلع ما تبقى من القدس
  • موظف سابق في مايكروسوفت: الشركة تهتم بالربح المادي على حساب الدم الفلسطيني
  • حزنت جدا للمصيبة التي حلت بمتحف السودان القومي بسبب النهب الذي تعرض له بواسطة عصابات الدعم السريع
  • حرائق الغابات في إسرائيل.. الاحتلال يخلي عدة بلدان والرياح تساعد على الانتشار
  • قائد أنصار الله يهاجم الصمت العربي الرسمي ويحذر من مخططات “إسرائيلية” لاستهداف الأقصى
  • مصادر فلسطينية: 30 شهيدا في غارات الاحتلال على غزة اليوم
  • مصادر طبية فلسطينية: 30 شهيدا في غارات الاحتلال على غزة منذ فجر اليوم
  • السيطرة على مراكز الحرائق في منطقة بيت شيمش بمحيط القدس