الكتاب: مقدسيون صنعوا تاريخاً.
الكاتب: عزيز محمد العصا، عماد عفيف الخطيب.
الناشر:  اللجنة الوطنية للقدس عاصمة دائمة للثقافة العربية، عام 2018م.
عدد الصفحات: 266 صفحة.


إن الحديث عن قادة الفكر والعمل من المقدسيين خلال القرن العشرين، يعني الحديث عن أولئك الذين رابطوا على الجبهة الأمامية في الصراع القائم على أرض فلسطين بين شعب أعزل لا يملك سوى إرادة الصمود، بالمقابل يقف أطول وأشرس احتلال شهده التاريخ المعاصر؛ إنه الاحتلال الثنائي البريطاني الصهيوني، الذي كان للبريطانيين فيه دور من أعد المكان لدولة قامت على الظلم والطغيان، في حين نفذت الصهيونية بدعم منقطع النظير من بعض دول العالم المتواطئة لتعلن دولتها عام 1948م على نكبة الشعب الفلسطيني، وشردته بسلب أرضه، بل عملت على محو وجوده الثقافي والحضاري!

تستعرض هذه الدراسة سيرة عشر شخصيات مقدسية ساهمت في الحفاظ على عروبة فلسطين؛ فجاءت تكريما لأعلام مقدسية، حملوا على عاتقهم أمانة الدفاع عن القدس، وواجهوا الاحتلال وغطرسته، فكان ليقظتهم وعطائهم وتفانيهم في خدمة المجتمع المقدسي أثرهم الملموس في مواجهة عمليات التهويد والأسرلة وحماية وبناء مؤسسات القدس، إن إيلاء سيرة ومسيرة هؤلاء مساحة وافرة من الاهتمام والمتابعة لأمر ضروري لتعريف الأجيال بما قدمه الأسلاف من مساهمات وانجازات باقية رغم أنف المحتل.



عشر من القادة المقدسيين تركوا فينا ما لا ينسى من أثر وآثار مادية وغير مادية، في المجالات التربوية والتعليمية والسياسية والفكرية، شكلت في مجموعها، تحديات للاحتلال، واعاقات جادة وفاعلة لمحاولاته تهويد المكان والزمان والتاريخ والجغرافيا، ما يشكل تاريخاً واضاءة تمهد الطريق للأجيال القادمة، للسير قدما على خطى الآباء والأجداد.

إليزابيث موسى ناصر:

تغيرت حياة إليزابيث عندما حلت النكبة بالشعب الفلسطيني عام 1948م، بين عشية وضحاها، فهجرت من بيتها في يافا، ولجأت إلى بيت العائلة في بيرزيت، درست مادة التاريخ في كلية بيرزيت، ومن ثم أسست روضة الزهور في شباط عام 1952م، عندما صادفت فتاتين صغيرتين في السادسة والخامسة من العمر؛ بثياب رثة مبللة تتسولان على قارعة الطريق، فراودتها فكرة انشاء دار للفتيات المشردات، وذلك ايمانا منها بأن هذه الدار ستحمي الفتيات من اللجوء لكسب لقمة العيش، وبذلك انطلقت هي شخصياً إلى الشوارع لتبحث عن الفتيات المتسولات، فجلست في المقاهي مع العمال وسائقي سيارات الأجرة لتحصل على معلومات عن أماكن وجودهن.

بدأت ناصر مشروعها في منزلها المستأجر، مكتفية بركن منه، وأسمته جمعية روضة الزهور؛ لأنها أرادت للفتيات أن يشعرن بأنهن زهرات في حديقة الزهور، ولكي تزيل أية وصمة عار قد تربطهن بحياة التشرد، استوعبت في مشروعها نحو خمسة وعشرين فتاة التقطتهن من الأزقة والمغاور بهدف إيوائهن وتعليمهن بعض المهارات وركزت على محو الأمية، والتدريب الصحي، والتدبير المنزلي والخياطة؛ لتمكينهن من إيجاد فرصة عمل أو ليكن ربات بيوت صالحات، تطورت الروضة وأصبحت مدرسة ساهمت في سد حاجة المدينة للمدراس الوطنية(ص16).

هذه العائلة ذات نبراس مضيئ في تاريخ العلم والتعليم فشقيقتها الكبرى نبيهة أسست مدرسة بير زيت التي تطورت عبر السنوات، لكلية عام 1973م، من ثم أول جامعة فلسطينية على أرض الوطن تحمل اسم جامعة بيرزيت.

حسني سليمان الأشهب:

تربوي مقدسي، جعل من القلم سيفا حاداً في مواجهة الاحتلال والمحتلين، مارس اللعبة السياسية والنضالية، أعاد للتعليم مكانته وهيبته، وهب بعد النكسة لتخليص التعليم في القدس من براثن التهويد الذي هبت نيرانه لتلتهم عروبة القدس وعروبة أبنائها؛ فحمى التعليم في القدس مما أحاكه ضده المحتل الغاشم(ص87).

"إن كانت القوة العسكرية تحسم أمر المعركة لصالح الأقوى والأقدر على التخطيط السليم، فإن هناك قوة تقابلها لا تقل عنها أهمية، وهي القدرة على تعليم المجتمع وتغذيته بثقافة وطنية، قادرة على تأجيج الانتماء في نفوس أبنائه، لتجعلهم قادرين على التحرر من رقبة الاحتلال ومواجهة الظلم والظالمين، أيا كانت سطوتهم وسلطتهم".

عشر من القادة المقدسيين تركوا فينا ما لا ينسى من أثر وآثار مادية وغير مادية، في المجالات التربوية والتعليمية والسياسية والفكرية، شكلت في مجموعها، تحديات للاحتلال، واعاقات جادة وفاعلة لمحاولاته تهويد المكان والزمان والتاريخ والجغرافيا، ما يشكل تاريخاً واضاءة تمهد الطريق للأجيال القادمة، للسير قدما على خطى الآباء والأجداد.قاد الأشهب صراعاً مريراً مع الاحتلال وأعوانه حتى تمكن من تخليص التعليم في القدس من براثن التهويد، الذي شرع به الاحتلال من اللحظة الأولى؛ لاستكمال احتلال القدس بشطريها الغربي والشرقي، شهد ثورة البراق عام 1929م، وجرحى فيها، فانتقل من طالب متظاهر إلى حامل للسلاح دفاعاً عن نفسه وأهله ومقدساته ووطنه(ص94).

استطاع الأشهب تفريغ الطلبة من المدراس الرسمية المستولى عليها من الاحتلال، التي كانت تدرس المنهاج الإسرائيلي، للمحافظة على عروبة المناهج، بل وعروبة القدس، وعن دور الأشهب تشير الدراسة" إن هذه السياسة التهويدية قوبلت بمقاومة باسلة متعددة الأشكال، تزعمها مدير التربية والتعليم حسني الأشهب، مما أجبر سلطة الاحتلال على التراجع عن بعض الأوامر العسكرية، بخاصة الأمر العسكري رقم( 107)، الذي حظر بموجبه تدريس 55 كتاباً مدرسيا ًمن المنهاج الأردني، واستبدله بالقرار(183)، الذي سمح بالعودة إلى المناهج الأردنية المعتمدة في الضفة الغربية دون القدس، بعد اخضاعه للرقابة؟" (ص106)

الشيخ سعيد عبد الله صبري

شيخ أزهري تخصص في علم الميراث، قاوم البريطانيون وقارع الصهاينة، عاش شامخاً لم ينحن لأحد، وعندما طلب منه الانحناء فضل الموت، فلسطيني قادم من مدينة قلقيلية؛ اعتلي منبر صلاح الدين الأيوبي خطيباً، انتمى للقدس والمقدسيين، قلباً وقالباً، فأبدع في تطوير الأوقاف عندما عين قاضياً شرعيا في القدس، ووظفها لخدمة المجتمع المقدسي.

عن إنجازاته وأفكاره الخلاقة تحدث ابنه الشيخ عكرمة صبري" وظف أموال المسلمين، أفضل توظيف في مجال الاستثمار للصالح العام، أشرف على انشاء عدة مساجد وعقارات للأوقاف في المدن التي كان قاضياً، كما أنجز سلسلة من الأعمال العمرانية ...ساهم في تشكيل الهيئة الإسلامية الذي كان أحد أعضائها البارزين بتاريخ 24/7/1967م، للإشراف على الأوقاف والمحاكم الشرعية وشؤون المسلمين، يشهد المسجد الأقصى المبارك للشيخ صبري، مواقفه من الاحتلال ومن بيع الأراضي، ومن المحافظة على المقدسات وقول الحق واسداء النصح والإرشاد" (ص147).

كما تشهد المحاكم الشرعية على دوره في توثيق السجلات والوثائق وحفظ ما فيها من وقفيات؛ لحفظ حقوق المسلمين في حدود القدس، وركز على الميراث وحفظ حقوق العباد، وحصر الأراضي الوقفية والمحافظة عليها من الضياع وفق قوانين ولوائح من أجل تعميقها، وتابع بنفسه كل أرض وقفية.

حرصه الشديد على طلب العلم الشرعي أسهم في تأسيس معهدين لطلاب الشريعة عام 1957م، الأول: في نابلس باسم المدرسة الإسلامية التابعة لجمعية التضامن الخيرية، أما الثاني: في القدس باسم ثانوية الأقصى الشرعية التابعة للأوقاف، وفي عام 1970مـ ساهم في إقامة قسم الشريعة للبنات في دار الطفل العربي في القدس.(ص149).

 نهاد عليان أبو غربية

اسم حفر باللغة العربية الفصحى في صخور القدس، وبيوتها، درس في جامعة لندن بالمراسلة، وحصل على شهادة( B.A ) متخصصاً في التاريخ العام، عين في المدرسة الإبراهيمية  في محلة المصرارة بالقدس، التي اشترى فيها أبو غربية أسهم الشيخ عز الدين الشريف؛ ليصبح من أصحاب المدرسة، بل ومالكها عام 1935م، ومن ثم نقلها إلى عمارة تقع على شارع صلاح الدين في باب الساهرة بالقدس، تحولت المدرسة عام 1945م للكلية الإبراهيمية، ووصلت الكلية لدرجة عالية من الرفعة المتميزة في معلميها وطلابها، الذين وصل عددهم في عام النكبة نحو نيفاً وألف طالب خارجي، ونحو 85 طالباً داخلياً، مع حلول النكبة نكبت الكلية الإبراهيمية في القدس أيضا، وهي في ذروة تقدمها وتطورها، وعاش طلابها على أزيز الرصاص وأصوات الانفجارات والقذائف التي سقطت بالقرب من الكلية؛ ليغادر أغلب طلابها القدس.

عادت الكلية للعمل عام 1955م وفق المنهاج المصري، مع تدريس المنهاج الأردني للطلاب الذين يرغبون في دراسته، لتصبح معلم معالم القدس المشرقة.

هند الحسيني.. سيدة العمل والرفاه الاجتماعي

عاشت آلام النكبة وعذاباتها، تجرعت مرارة النكسة، وما أل إليه حال القدس، وما بين هاتين الكارثتين وما بعدها؛ شمرت عن ساعديها، وكرست حياتها للأطفال الأيتام الذين كانت ترى البسمة على ووجوههم السعادة.

بُعيد مذبحة دير ياسين في إبريل عام 1948م، جمعت خمسة وخمسين طفلاً وطفلة ووضعتهم في غرفتين بالبلدة القديمة، وبدا لديها فكرة تأسيس جمعية دار الطفل العربي في القدس، التي مازالت تشهد على انتماء  الحسيني، وإبداعاتها متعددة الأبعاد والأوجه، أسست دار الطفل العربي، ومن مؤسسي جمعية المقاصد الخيرية ـ القدس.

تحدث الكاتبان عما جرى لأيتام دير ياسين الأحياء" فقد أرغموهم والحراب تعمل في أقفيتهم على التجمع في مكان عينوه بعد أن اغتالوا فريقاً من هؤلاء النسوة، وبعضهن الحوامل ثم ركبوا الصغار منهم السيارات المكشوفة، وطافوا بهم في الأحياء اليهودية، بعد أن رجمتهم جموع اليهود بالحجارة، وأخيراً أوصل اليهود هؤلاء التعساء إلى الحدود الفاصلة بين الأحياء العربية واليهودية في حي المصرارة، فأنزلوهم من السيارات وأمروهم بالتوجه إلى الأحياء العربية، وهم يطلقون مئات العيارات النارية فوق رؤوسهم لإرهابهم".

بعد أسبوعين من المجزرة تحديداً بتاريخ 23/4/1948م، صادفت الحسيني خمسة وخمسين طفلاً، أكبرهم في الثانية عشر من عمرهم، وأصغرهم في سنته الأولى، وعيونهم تنطق بالذعر والهلع مما رأوه، ويحاول الكبار منهم تهدئة روع الصغار؛ فاتجهت نحوهم وسألتهم عن سبب تجمعهم في تلك المنطقة؛ فوقف أكبرهم وقص عليها ما حدث معهم من قتل، وذبح وترويع، وكانت تقول في نفسها: "لو مات هؤلاء الأطفال لمحي الشعب الفلسطيني، فقطعت عهداً على نفسها بأن ترعى الأيتام وتربيهم تربية صالحة"، أخذت الحسيني الأطفال اليتامى واحتضنتهم وقام برعايتهم، فوضعتهم في غرفتين في سوق الحصر، وبدأت بتفقد احتياجاتهم ونقلتهم دير راهبات صهيون، وخلال الحرب نقلتهم إلى بيتها، وبدعم من محافظ القدس أنور الخطيب ففتحت لهم مدرسة في بيتها، وكان ذلك بداية انطلاق مشروع دار الطفل العربي، الذي تحول إلى مؤسسة اجتماعية وطنية، تحتضن الأطفال، وترعاهم، وتربيهم حتى يبلغوا القدرة على السير في دروب الحياة والنضال لأجل قضيتهم.(ص247).

متحف التراث الفلسطيني:

يعد المتحف ثروة قومية، ومصدر من مصادر المقاومة الثقافية ظهرت الحاجة الفلسطينية له لتعريف الأجيال الفلسطينية والعالم الخارجي بالتراث الفلسطيني، إذ بدأت الحسيني بتجميع المقتنيات التراثية من خلال تبرعات الفلسطينيين الشخصية، فجمعت ثياباً مطرزة قديمة من عدة مدن فلسطينية، ليتم افتتاح أول متحف عام 1978م، تحت مسمى اسم مركز التراث الشعبي العربي الفلسطيني أودعت فيه 2200 قطعة، ثم دأبت على زيادة مقتنياته، اليوم يضم المتحف ثلاث طوابق تستقبل الزائرين؛ بعرض أفلام وثائقية عن أحداث دير ياسين لعلاقتها التاريخية بتأسيس المؤسسة عام 1948م.

ضم المتحف مجسماً لقرية دير ياسين مع مجسم حائط لخارطة فلسطين التاريخية؛ تظهر فيه(450)قرية فلسطينية مدمرة ومهجرة بفعل حرب عام 1948م، كما يعرض فيه أيضا أدوات تراثية تعكس الأدوات التي تستخدم في البيوت الفلسطينية التقليدية في الريف الفلسطيني، والأزياء الشعبية، والفرمانات العثمانية الأصلية، والوثائق القديمة والمخطوطات التي تروي قصة نهايات فترة الحكم العثماني في القدس، بالإضافة لوجود مكتبة مهمة تضم مراجع متخصصة في العمل المتحفي والتراث الفلسطيني بشكل محدد.

دار إسعاف النشاشيبي.. تحفة ثقافية تشهد على عروبة القدس

قامت هند الحسيني عام 1982م، بشراء قصر أديب العربية محمد اسعاف النشاشيبي في حي الشيخ الجراح، وأضافته لأملاك وعقارات مؤسسة الطفل العربي في مدينة القدس، واستخدم القصر لخدمة الثقافة والعلم في فلسطين بشكل عام والقدس بشكل خاص، وأسهمت في احياء النشاطات الثقافية والفكرية في مدينة القدس؛ بعرض الندوات والمعارض وورش عمل ذات أبعاد وأهداف محددة، وتم تجهيز مكتبة الدار ببضعة آلاف من الكتب والمراجع القيمة والمخطوطات، شملت مكتبة الأديب اسعاف النشاشيبي، وفوزي يوسف، واسحاق الحسيني، وعارف العارف، وغيرهم من أدباء فلسطين الذين سخروا أقلامهم لخدمة قضيتهم.

لقد كرست الحسيني حياتها للشأن العام، فلم تتوقف أنشطتها وفعاليتها عند الجانب الاجتماعي الإنساني وحسب، بل إنها كانت فاعلة على المستوى الوطني والسياسي، ففي عام 1967م، عندما احتلت إسرائيل القدس، والضفة الغربية، وقطاع غزة؛ حولت مدرستها مستوصفاً لعلاج الجرحى، وعندما انطلقت الانتفاضة الأولى، شجعت الحسيني على المشاركة في أحداثها، لتدخل قوات الاحتلال المؤسسة وتعبث بمحتوياتها كباقي المؤسسات الفلسطينية، فقد أغلقت المؤسسة لأشهر عديدة(ص250).

أخيراً تعد هذه الدراسة من الدراسات الخاصة بالسير الذاتية، التي اجتهد الكاتبان في جمعها وتبويبها والتعليق عليها، فأرخوا لشخصيات كان لها بصماتها في الدفاع عن القدس والوقوف بالمرصاد لعمليات التهويد، وبشكل خاص التهويد الثقافي، وحالة التجهيل المتبعة من الحكومات الإسرائيلية لكي الوعي الفلسطيني، لإفراغ المقدسي من قضيته وصموده الأسطوري، وهذه الدراسة بحاجة إلى سلسلة أخرى من الدراسات؛ لاستكمال الدور الريادي لمن حملوا هم القدس والمحافظة على المقدسات الإسلامية والمسيحية، والإبقاء على عروبة القدس في ظل الهجمة الشرسة التي تتبعها حكومات اليمين الإٍسرائيلي.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير كتب فلسطين احتلال سيرة الأقصى احتلال فلسطين الأقصى رجال سيرة كتب كتب كتب كتب كتب كتب أفكار أفكار أفكار سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دار الطفل العربی على عروبة دیر یاسین فی القدس

إقرأ أيضاً:

معركة طوفان الأقصى.. كتابٌ يحمل رؤية تخرج من ضغط الحاضر لما وراء الأحداث

عبر 137 صفحة، يقدم الدكتور محسن صالح في كتاب “معركة طوفان الأقصى والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.. تحليلات سياسية واستراتيجية” في عام 2024م إجابات عن كثير من الأسئلة المتعلقة بالمعركة والحرب المستمر على غزة بطريقة تحليلية معمقة ورؤية استراتيجية تخرج من ضغط الحاضر لرؤية ما وراء الأحداث.

ويرى الكتاب الصادر عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت، أن عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023م مثلت حدثًا استراتيجيًا غير مسبوق، وقفزة نوعية كبيرة في الصراع ضدّ الاحتلال الإسرائيلي.

ويخلص إلى أن هذه المعركة أسقطت نظرية الاحتلال الأمنية، وأثبتت مركزية الأقصى والقدس في الوجدان الفلسطيني والعربي والإسلامي وفشل تطويع الإنسان الفلسطيني، وكرَّست عملياً مشروع المقاومة، وأسقطت فرضية إمكانية إغلاق الملف الفلسطيني، وتركت أثراً عميقاً في المسار الفلسطيني.

تداعيات غير مسبوقة

ويعد أن للمعركة تداعيات غير مسبوقة فلسطينيًا وعربيًا وإسلاميًا وإسرائيليًا ودوليًا ما تزال متدحرجة ومتفاعلة حتى يومنا هذا، وفي المقابل، كان العدوان الإسرائيلي الذي تلاها هو الأشرس والأكثر وحشية وتدميراً في تاريخ الكيان، وما تزال غزة تعيش إبادة غير مسبوقة وحربًا تتوسع شيئًا فشيئًا.

ولقد واكب مركز الزيتونة العديد من جوانب هذه المعركة وتداعياتها، بما في ذلك المواقف الفلسطينية والعربية والإسرائيلية والدولية؛ وأصدر هذا الكتاب الذي ضمّ بين دفّتيه ثمانية وثلاثين عنوانًا لمواضيع تحليلية سياسية واستراتيجية للدكتور محسن محمد صالح، من تأليف وإعداد الدكتور محسن صالح؛ المدير العام لمركز الزيتونة للدراسات والاستشارات منذ العام 2004م، وهو أيضًا رئيس قسم التاريخ والحضارة في الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا سابقًا.

وسلَّط الكاتب الضوء على الكثير من النقاط التي تشغل اهتمامات المتخصصين والمتابعين؛ بما يجعله كتابًا مرجعيًا فيما يتعلق بالفهم السليم والعميق للمعركة وتداعياتها فلسطينيًا وعربيًا وإسلاميًا وإسرائيليًا ودوليًا.

الدلالات الاستراتيجيّة لطوفان الأقصى

وبعد المقدمة الموجزة التي عبّرت عن أهميّة ما جرى في “طوفان الأقصى” وتأثيرات المعركة المستمرة يأتي العنوان الأول “الدلالات الاستراتيجيّة لطوفان الأقصى” الذي استعرض فيه المؤلف ستّ دلالات استراتيجيّة، وهي:

أولى الدلالات الاستراتيجية لعملية طوفان الأقصى هي سقوط نظرية الأمن الإسرائيلي القائمة على مبادئ الردع والإنذار المبكر والقدرة على الحسم؛ والتي أضيف إليها مبدأ رابع سنة 2015 هو مبدأ الدفاع.

والدلالة الاستراتيجية الثانية هي مركزية الأقصى والقدس في الوجدان الفلسطيني والعربي والإسلامي.

أما الدلالة الاستراتيجية الثالثة فهي التكريس العملي لمشروع المقاومة، بعدّه الأداة الفعالة الصحيحة لانتزاع حقوق الشعب الفلسطيني ودحر الاحتلال.

والدلالة الاستراتيجية الرابعة هي فشل المشروع الصهيوني في تطويع الإنسان الفلسطيني.

والدلالة الاستراتيجية الخامسة هي فشل “إسرائيل” في تقديم نفسها كشرطي للمنطقة.

والدلالة الاستراتيجية السادسة سقوط فرضية إمكانية إغلاق الملف الفلسطيني بينما تتم عملية التطبيع مع البلدان العربية والإسلامية.

فلسفة القوة واليوم التالي

ثم يأتي العنوان الثاني “طوفان الأقصى.. التعامل مع اليوم التالي للعملية” ويناقش كل من السلوك الإسرائيلي وسلوك المقاومة بعد السابع من أكتوبر ليصل إلى نتيجة مفادها “إن الاحتلال الإسرائيلي بقدر ما هو راغب في الانتقام وسحق المقاومة في غزة، بقدر ما يتملكه الرعب من الفشل. ولذلك، سيسعى بكل قوته لتحقيق انتصار أو “صورة انتصار”؛ ولكن احتمالات فشله ليست قليلة؛ وهو ما قد يعني أن 7 تشرين الأول/ أكتوبر سيسجل في التاريخ، سواء كإنجاز نوعي للمقاومة، أم كمحطة مهمة في مسار هزيمة “إسرائيل”، بحسب الكتاب.

ويأتي العنوان الثالث “جرائم الحرب في غزة.. هل تفلت “إسرائيل” مرة أخرى؟” ويناقش العنوان فلسفة القوة عند الاحتلال الإسرائيلي متحدثًا على سبيل المثال عن فلاديمير جابوتنسكي “فيلسوف العنف” في الأيديولوجية الصهيونية، والأب الروحي لمناحيم بيغن ولحزب الليكود الحاكم، الذي كان يقول إن “السياسة هي القوة”، وإن “ما لا يؤخذ بالقوة، يؤخذ بمزيد من القوة”، وإن المشروع الصهيوني يرتبط تقدمه بقوة سلاحه. وتبنى جابوتنسكي فكرة “الأنانية المقدسة” التي تعني حتمية التضحية بالآخرين، لإنجاز المشروع الصهيوني، بحسب الكتاب.

أما العنوان الرابع “المقاومة الفلسطينية.. وجدلية التسبب بضحايا مدنيين من شعبها!” فينطلق المؤلف لمناقشة الفكرة مستبقا استعراض تجارب التحرر في العالم من قوله: “ما أغلى قطرة الدم، وفي الفهم الإسلامي، فإن هدم الكعبة المشرفة حجرًا حجرًا أهون عند الله من إراقة دمِ امرئ مسلم. والشعب الفلسطيني شعب متفتحٌ محبٌّ للحياة، كما يحب أرضه ويعشقها، كما أن بنيته النفسية والاجتماعية مجبولة بالشرف والعزة والكرامة، ولكنه وُضع تحت الاحتلال وتحت اختيارات قاسية، ففُرض عليه التهجير، واغتصبت أرضه ومقدساته، وضوعفت معاناته، وسعى العدو لإذلاله ولإفقاده حريته وكرامته، فكان لا بدّ من الثورة؛ لأن الحياة تفقد معناها والإنسان يفقد إنسانيته بلا وطن ولا أرض ولا عزة ولا كرامة”.

ثم يأتي العنوان الخامس ليجيب عن سؤال “لماذا يجنح السياسيون الغربيون لتجاهل المجازر الإسرائيلية بحق الفلسطينيين؟” مستعرضًا خمسة عوامل تدفع السياسيين الأمريكيين والغربيين، بدرجات متفاوتة، إلى تجاهل مجازر الاحتلال الإسرائيلي الفظيعة في حق الشعب الفلسطيني وتبرئته منها.

مشروع التحرير

أما العنوان السادس “استئناف مشروع التحرير.. وليس العودة لحظيرة التسوية” يتحدث فيه المؤلف عن أن أبرز المظاهر السياسية الغربية والإسرائيلية التي يُتابعها المراقب باشمئزاز من النقاش حول المشاريع والحلول المفترضة لمستقبل قطاع غزة في حالة التخلص من “حكم حماس”.

وبين أن العقل الغربي منشغلٌ في كيفية إعادة الفلسطينيين إلى “الحظيرة” وليس في كيفية تحريرهم منها، منشغلٌ في كيفية إطالة أمد معاناتهم، وتجاهل أبسط حقوقهم، وفي كيفية إطالة أمد الاحتلال والقهر، وفي شرعنته وتوسيعه وترسيخه، ويناقش المشروعات المطروحة ليخلص إلى أنّ الشعب الفلسطيني ومعه الأمة مصمّمون على تحرير فلسطين، وإن كل محاولات تطويعهم أو إخضاعهم أو وضعهم في “حظيرة التسوية” مصيرها إلى مزبلة التاريخ، على حد وصف الكتاب.

الموقف العربي

ثم يأتي العنوان السابع “الموقف العربي من العدوان على قطاع غزة.. حضيض جديد” يناقش فيه المؤلف تحول المقاومة من عبء على الأنظمة العربيّة إلى خصم لها مبينًا عوامل ذلك فيقول مثلًا: “في العشرية الثانية من القرن الحادي والعشرين، برزت ثلاثة عوامل ضغطت باتجاه التقهقر العربي والتراجع عن دعم المقاومة.

أوّلها: النزاعات والصراعات والاضطرابات الداخلية في ظل الموجات المضادة للربيع العربي، والانشغال بالهموم والملفات الداخلية.

وثانيها: أن الأنظمة العربية التي تابعت السيطرة، بعيدًا عن إدارة شعوبها، أصبحت أكثر ضعفًا في مواجهة الضغوط، وأكثر احتياجًا للدعم الخارجي الإقليمي والدولي، خصوصًا الأميركي والغربي. وهو ما سهَّل على الأميركيين – خصوصًا في عهد ترامب- الضغط باتجاه تطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال، بحسب وصف الكاتب.

أمّا ثالثها، فهو أنَّ المقاومة الفلسطينية المسلحة تتشكل بنيتها الأساسية من حركتين إسلاميتين، هما: حماس والجهاد الإسلامي. فاجتمع عليهما معارضة الأنظمة لخط المقاومة وعداء هذه الأنظمة أيضًا للتيارات الإسلامية التي تصدَّرت الربيع العربي في بلدانها؛ وهو ما زاد من صعوبة العمل المقاوم، وعدم وجود بيئة إستراتيجية حاضنة في البلاد العربية. وتسبّب ذلك في أن تلجأ المقاومة لبناء علاقة قوية بإيران التي دعمت المقاومة ماليًا وعسكريًا، وهو ما زاد من توتير العلاقات مع عدد من الأنظمة العربية؛ وأصبحت تنظر للمقاومة من خلال علاقتها بإيران، وليس من خلال واجبها تجاه القدس والمقدسات وفلسطين، ومسؤولياتها القومية والإسلامية وأمنها القومي”.

ترتيبات نهاية الحرب

ويتحدث العنوان الثامن بتفصيل “من القسام إلى القسام” والعنوان التاسع يناقش باستفاضة “دلالات الهدنة وصفقة تبادل الأسرى بين حماس والكيان الإسرائيلي” ثمّ يأتي العنوان العاشر متحدثا عن “معايير حول ترتيبات اليوم التالي لانتهاء العدوان على قطاع غزة” ويضع فيه ستة معايير على النحو الآتي:

المعيار الأول هو أن الشعب الفلسطيني شعبٌ ناضجٌ، وقادرٌ على أن يُقرّر مستقبله بنفسه، ولا يجوز لأحد أن يضع الوصاية عليه أو يُقرّر بالنيابة عنه. ولا يمكن للمشاريع الدولية والإسرائيلية أن تُفرض عليه مهما كانت (وصاية دولية، قوات عربية إسلامية، حكومة رام الله بمعايير إسرائيلية، حكومة تكنوقراط محلية مَرضيٌ عنها إسرئيليا ودوليا..).

والمعيار الثاني هو أن أي اقتراحات لحلول يجب ألا تكون حلولا لمشاكل الصهاينة، الناتجة عن الاحتلال واغتصاب الأرض والمقدسات وقهر الشعب الفلسطيني؛ وإنما إنهاء للاحتلال وإنهاء لمعاناة الشعب الفلسطيني.

والمعيار الثالث هو أن أي حلول لمستقبل قطاع غزة (ولمستقبل القضية) ليست مرتبطة بمجرد تحسين حياة الفلسطينيين تحت الاحتلال أو تحت الحصار.

وأما المعيار الرابع أن على القوى الكبرى أن تكفَّ عن توفير الغطاء لإسرائيل لتظل “دولة فوق القانون”.

والمعيار الخامس هو حق الشعب الفلسطيني الأصيل في أرضه ومقدساته، وبالتالي الوقوف في وجه محاولات تهجيره وتشريده، ومنع إيقاع نكبة جديدة به استجابة للغرور والعجرفة والوحشية الإسرائيلية.

والمعيار السادس هو أن الإجراءات المستعجلة المطلوبة تتلخص في: وقف العدوان، وفتح المعابر وفك الحصار عن قطاع غزة، ومنع التهجير، وإعادة إعمار قطاع غزة، والسعي لتدفيع الاحتلال أثمان جرائمه في قتل المدنيين، وأثمان تدميره للبيوت والمستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس والبنى التحية وغيرها.

والعنوان الحادي عشر “عالم بلا حماس” يتعامل مع فرضية التخلص من حماس بهدوء، وفي إطار موضوعي. مجيبا عن أسئلة أولئك الذين عبَّؤُوا العالم ووسائل الإعلام ضد حماس.

والعنوان الثاني عشر “مشروع تهجير فلسطينيي غزة على سيناء.. لماذا وما مصيره؟” يجيب عن الأسئلة المطروحة في هذه القضية؛ هل كان الاحتلال حقا جادا في ذلك؟! أم أنه كان نوعا من رفع سقف أهداف العدوان إلى أعلى مدى ممكن، ليحصل ما يمكن تحصيله بحسب الأداء الميداني للحرب؟ أم أنه عبّر عن حالة الهستيريا والجنون بعد الضربة القاصمة التي تلقاها في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، حيث أراد من خلال هجومه الوحشي الشرس، مستفيدا من الغطاء الأمريكي الغربي، الوصول إلى أفضل حالة أمان ممكنة لمستوطنيه خصوصا في غلاف غزة، بحيث يتم تهجير أكبر عدد ممكن من أبناء القطاع، لتوفير شريط أمني عازل على طول خطوط التماس مع القطاع؟

أما العنوان الثالث عشر فيفصل القول في “الشعب الفلسطيني يصوت للمقاومة” والعنوان الرابع عشر يستعرض بالتحليل “استشهاد العاروري.. مزيد من الوقود لحماس والمقاومة” ويأتي العنوان الخامس عشر ليقدم فيه المؤلف “قراءة في المأزق الإسرائيلي في قطاع غزة” إذ يطرح فيه ثمانية من أبرز معالم المأزق الإسرائيلي في حربه على قطاع غزة، وأما العنوان السادس عشر فيتحدث عن “الصهيونيّة وإسرائيل.. واحتكار الضحيّة” وفي العنوان السابع عشر يقدم المؤلف إجابات عن “استهداف الأونروا.. لمصلحة من؟” والثامن عشر حول “التدافع السياسي قبل الهدنة في قطاع غزة”.

الأمة وغزة

أما العنوان التاسع عشر فيفصل الحديث عن “الأمة وغزة.. من الانفعال الموسمي على العمل المنهجي” وفيه يقول المؤلف: “إن أحد أبرز التحديات التي تواجه الأمة هي كيفية تحقيق حالة التفاعل المنهجي المستمرّ والمتصاعد، بما يتناسب مع عظمة التَّحدي بخطورة المعركة.

فقد اعتدنا منذ عشرات السنوات على التفاعل الآني مع الحدث، وبحسب مدى سخونته وخسائر إسرائيل والمجازر والشهداء والدمار تكون درجة التفاعل، وهو سرعان ما يخبو مع توقف الحدث أو اتخاذه نسقًا مستمرًا معتادًا “رتيبًا”. إذ تضعف تدريجيًا المظاهرات والفعاليات وحملات جمع التبرعات وحملات المقاطعة… إلى أن تتوقف.

وربما كان ذلك طبيعة بشرية، خصوصًا مع وجود أنظمة عربية وإسلامية فاسدة ومستبدّة، يهمّها صرف انتباه جماهيرها عن هكذا معارك وانتفاضات وأحداث؛ لأنّها تكشف وتفضح عورات هذه الأنظمة وضعفها وخذلانها وتقصيرها، وتكون عنصر تثوير للشعوب ضدّ أنظمتها العاجزة أو المتواطئة.

وفي المقابل، فإن إسرائيل وحلفائها يعملون بشكل منهجي متواصل، وضمن رؤية محددة تلقى دعمًا غربيًا عالميًا لإغلاق الملف الفلسطيني، وإفراغ انتصارات المقاومة ومنجزاتها من محتواها، وتشويه نماذج البطولة والتضحية، وتحميل المقاومة مسؤولية معاناة الشعب وظروف القهر والدمار تحت الاحتلال؛ مع المراهنة على ضعف ذاكرة الشعوب، والمراهنة على “منظومات التّفاهة” السائدة في عالمنا العربي والإسلامي”.

والعنوان العشرون فيتساءل عن “استقالة حكومة اشتية.. قفزة للوراء؟!” ثم يأتي العنوان الحادي والعشرون محللا “الرصيف الأمريكي في غزة والإنسانية المتوحشة” وأما العنوان الثاني والعشرون “فتح وحماس.. وسؤال الانفصال عن الواقع” فيناقش بيان حركة فتح الذي صدر في 15 مارس / آذار 2024، والذي وزَّعته وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا”، اتهامُ حركة حماس بأنّها “مفصولة عن الواقع”، بينما ينقش العنوان الثالث والعشرون “قرار مجلس الأمن وتزايد العزلة الإسرائيلية” أما العنوان الرابع والعشرون فيستعرض “ثلاثة عشر مؤشرًا على دخول الحرب الإسرائيليّة على غزة في الوقت الضائع” بينما يتناول العنوان الخامس والعشرون بالتحليل “الاحتلال الإسرائيلي وترتيبات اليوم السابق لانتهاء الحرب على غزة” والعنوان السادس والعشرون “الهجوم الإسرائيلي على رفح محكوم بالفشل” يتحدث عن تقييم للعملة الإسرائيلية المستمر في رفح.

نتنياهو والهروب إلى الأمام

أما العنوان السابع والعشرون فيتحدث عن “نتنياهو والهروب إلى الأمام” ليأتي العنوان الثامن والعشرون مجيبًا عن سؤال “لماذا استمرار التصلب العربي الرسمي تجاه حماس والمقاومة؟” ثم يناقش العنوان التاسع والعشرون “ظاهرة التكامل والتآكل ومستقبل الكيان الصهيوني” ليأتي العنوان الثلاثون “طوفان الأقصى وتعزيز المشروع الإسلامي لفلسطين” وفيه يقول المؤلف: “وإن الذين انتفضوا لصالح فلسطين من دولٍ وشعوب من شتى القوميات والأديان والاتجاهات، يعرفون المقاومة وطبيعتها، وقد لمسوا الجانب الإنساني الذي نجحت المقاومة في تقديمه، كما لمسوا الوجه الصهيوني البشع للاحتلال والعدوان. ونحن عندما نركز على المشترك الإنساني، فلا حاجة لإلغاء هويتنا، كما لا حاجة لتغيير الآخرين لهويتهم، ففي القيم الإنسانية الكبرى ما يكفي لجمعنا وتحشيدنا ضد المشروع الصهيوني، الذي يسير ضد الإنسان وضد حركة التاريخ، ويهدّد السلم والاستقرار العالمي”.

ثم يناقش العنوان الحادي والثلاثون “الاحتلال الإسرائيلي وحالة التخبط في الحرب على غزة، أما العنوان الثاني والثلاثون فيستعرض “ملتقى الحوار الوطني الفلسطيني.. فرصة متجددة للانطلاق” والعنوان الثالث والثلاثون “حماس ونزع العباءة الأيديولوجية” يناقش الدعوة المتكررة لحماس لـ”نزع العباءة الأيديولوجية” والتخلي عن طرحها الإسلامي، وأن تصبح حركة “تحرّر وطني”، لأنه بحسب ما يرى هؤلاء فإن “القيد الأيديولوجي” يُعيق حماس، ويُضيع عليها فرصة تحقيق إنجازات في البيئات السياسية العربية والدولية ذات الحساسية السلبية تجاه الإسلاميين. ثم إن نزع العباءة هذا يُسهّل على العديد من الأطراف التعامل المنفتح مع حماس، وبالتالي تسهيل المشاركة السياسية الفاعلة لحماس في الساحة الفلسطينية، والقيام بالدور والتأثير المطلوب.

ثم يأتي العنوان الرابع والثلاثون ليفصل القول في مسألة “مشاركة قوات عربيّة في إدارة قطاع غزة بعد الحرب” بينما يتناول العنوان الخامس والثلاثون بالتحليل “خطاب نتنياهو ومنظومات الاستكبار والتفاهة”.

وفي العنوان السادس والثلاثون يتحدث المؤلف عن “حماس إذ تودع هنيّة” ثم يتحدث بالتفصيل في العنوان السابع والثلاثين عن “حماس والتصعيد القيادي” ليختم الكتاب بالعنوان الثامن والثلاثين بتقديم إجابات عن سؤال “المفاوضات حول إنهاء الحرب على غزة.. إلى أين؟”

يذكر أن الكاتب محسن صالح شغل منصب المدير التنفيذي لمركز دراسات الشرق الأوسط بعمَّان سابقًا، وهو أستاذ مشارك في الدراسات الفلسطينية، ومُحرِّر التقدير الاستراتيجي الفلسطيني، الذي صدرت منه ثمانية مجلدات. وقد صدر له أكثر من خمسة عشر كتابًا، كما قام بتحرير أكثر من ستين كتابًا، معظمها في الشأن الفلسطيني.

اقرأ المزيد عبر المركز الفلسطيني للإعلام:
https://palinfo.com/news/2024/11/02/923262/

مقالات مشابهة

  • إصابة شاب برصاص الاحتلال في عناتا شمال شرق القدس
  • وزير الحكم المحلي الفلسطيني يمنح «درع القدس» لوزيرة التنمية المحلية
  • البرلمان العربي يدعو ترامب إلى رفع الظلم عن الشعب الفلسطيني 
  • بعد أن كتب لترامب اجمع شملك.. محمد علي الحسيني يُعلق على خسارة هاريس لانتخابات الرئاسة
  • الاحتلال ينفذ عملية هدم واسعة لمساكن فلسطينية بالقدس
  • إبراهيم عيسى: مصر الدولة الوحيدة التي أنقذت فلسطين ووقفت ضد تصفية القضية
  • معركة طوفان الأقصى.. كتابٌ يحمل رؤية تخرج من ضغط الحاضر لما وراء الأحداث
  • الرئيس السيسي يستقبل نظيره الفلسطيني ويؤكد استمرار جهود مصر للتهدئة في غزة
  • عاجل - الرئيس الفلسطيني: الاحتلال دمّر 80% من مرافق غزة وأعاق التنمية في القدس والضفة
  • ماذا يخسر المجتمع والديمقراطية إذا لم يعد الدين يلعب دورًا فيه؟ قراءة في كتاب