من «الحشاشين» لـ«الإخوان».. تضليل العقول الوسيلة المفضلة للجماعات الإرهابية
تاريخ النشر: 19th, March 2024 GMT
مع إذاعة الحلقة الأولى من مسلسل "الحشاشين" للفنان كريم عبدالعزيز، والكاتب عبدالرحيم كمال، والمخرج بيتر ميمي، وهو يتلقى إشادات من جمهور عريض، معجبا بالنقلة التي انتقلتها الدراما التاريخية المصرية مع هذا الإنتاج الضخم والمفاجئ، وبدوره أثار العمل جدلا واسعا فيما يتعلق بقضايا تخص اللغة والأحداث التاريخية.
يأتي المسلسل في إطار المواجهة الفكرية، والمواجهة بالفن، للأفكار المتطرفة والجماعات الإرهابية، خاصة عقب نجاح ثلاثية "الاختيار" للمخرج بيتر ميمي، التي وثقت بصورة فنية درامية العمليات الإرهابية ضد أفراد الجيش والشرطة، وضد المدنيين ورجال القضاء، وطالت أيضا المساجد والكنائس، وعرضت في مواسم رمضانية سابقة.“الحشاشين”.. مسلسل عن جذور الإرهاب وأصوله في إطار المواجهة الفكرية
تجاه فريق العمل لشخصية حسن بن الصباح (ت.518هـ) جاء لدوره التاريخي في تأسيس طائفة مرعبة عُرفت بأنها أشهر طائفة قتل واغتيالات سياسية، تمكنت من الوصول وقتل شخصيات بارزة من أكبر رجال الدولة السلجوقية والدولة العباسية، لذا فهي من الفرق التي يرجع إليها السبب في التأسيس للإرهاب والتطرف الديني.
ويبدو التشابه أيضا كبيرا بين حسن الصباح مؤسس جماعة الحشاشين، وحسن البنا مؤسس جماعة الإخوان الإرهابية، وقد ألح العديد من المراقبين والباحثين على التشابه الكبير بين الشخصيتين، وخاصة في امتلاكهما قدرات خاصة للتأثير على أنصارهما والدفع بهم إلى تنفيذ عمليات إرهابية مهما كانت عواقبها وخيمة وغير مضمونة لمنفذ العملية.
"شيخ الجبل".. من هو الحسن الصباح؟
تعود جذور الحسن بن الصباح إلى أصول يمنية، وأنه ولد في الري في بلاد فارس القديمة (إيران حاليا)، نشأ على مذهب الشيعة الاثنا عشرية، ثم تعرف على الدعوة الباطنية الإسماعيلية وعلى أحد دعاتها في الري، والتقى بكبير الدعوة وزعيمها وهو عبد الملك بن عطاش، الذي أُعجب بعقله ومهاراته الفذة، فجعله نائبا للدعوة الباطنية، ونصحه بالذهاب إلى مصر للقاء الخليفة الفاطمي المستنصر بالله (ت.487ه)، وهي الزيارة التي ستغير مجرى تاريخ ابن الصباح حتى النهاية، إذ وقع في الخلاف القائم في القاهرة حول خلافة المستنصر، هل هي لابنه الأكبر وولي عهده نزار أم لابنه الأصغر أحمد صهر الوزير بدرالدين الجمالي، حليفه والمدعوم منه، والذي نصَّبه فعليًا في مصر ولقب بلقب المستعلي بالله.
لم يرض نزار بهذه الخطوة، ودخل في نزاع مع المستعلي، انتهى بهزيمة نزار وقتله في عام 488ه، بعدها جرى إبعاد الصباح عن القاهرة على متن سفينة متجهة للمغرب، وتعرضت السفينة لعاصفة ولم تكمل طريقها إلى المغرب بل اتجهت إلى الشام، ثم رحل إلى بغداد ثم إلى أصفهان.
في بلاد فارس، أعلن الصباح انتهاء ولائه للخلافة الفاطمية في القاهرة، وسمى نفسه "حجة الإمام المستور" يقصد نزار المقتول، واستولى بالحيلة على قلعة فوق جبل تسمى "آلموت" وتعني في لغة الديلم "عش النسر"، وأحاط نفسه بجيش من القتلة الماهرين، واستولى على عقولهم، وانتشرت عنهم قصص كثيرة مليئة بالرعب، وعرف بلقب "شيخ الجبل".
"الحشاشين".. سبب التسمية
في قصص مشهورة، استغل الصباح نبتة الحشيش للتأثير على أتباعه، وأنه أوهمهم بدخول الجنة أيضا، إلا أن الباحثين المنتمين لنفس المذهب الإسماعيلي يرفضون هذه القصص التاريخية، ولهذا رأى الباحث السوري مصطفى غالب في كتابه "تاريخ الدعوة الإسماعيلية" أن العباسيين أمروا أصحاب المقالات بالطعن في مبادئ الحركة، وتلفيق التهم والأكاذيب لها"، وأن تعاطي الحشيش كان من التهم الملفقة لهذه الفرقة.
أما المفكر العراقي رشيد الخيون رأى في كتابه "لا إسلام بلا مذاهب" أن كتب التاريخ لا تفيد بشيء عن أصل تسمية الحشاشين، ولا المخدر المقصود أو علاقة قاطني قلعة آلموت به"، ويقتبس من المؤرخ اللبناني حسن الأمين رأي مفاده أن الحشائشي لفظ يطلق على مستخدمي الحشائش البرية في الأدوية، كما قدم رأيا إضافيا متعلقا بكون التسمية مشتقة من كلمة الحشاشة بمعنى "بقية الروح في الجريح أو المريض"، فربما لتمرسهم في الاغتيال ارتبط اسمهم بالحشاشة حتى ذاع صيتهم بالحشاشين نسبة إلى عملية حش الرقاب.
خلافا لرأيه السابق، أعلن الخيون تراجعه عن رأيه في سبب التسمية، معترفا بأن تسمية الطائفة النزارية التي اتبعت حسن الصباح بالحشاشين تسمية صحيحة وليست فردية.
وقال الخيون في مقال له بعنوان "الاغتيال بالفتوى والحشيش": كنا مقتنعين، أن تسمية "الحَشاشين" جماعة حسَن الصَّباح شوهت مِن قِبل الرَّحالين الأوروبيين، وفي مقدمتهم ماركو بولو.
وأضاف "الخيون" أنه في خلال عمله على كتابه "صرعى العقائد المقتولون بسبب ديني قديمًا وحديثًا"، وجدنا أنَّ جماعة عُرفت بـ"الحشيشية"، ينفذون الاغتيالات، والمؤرخ كان زيديّا، قبل ماركو(1254-1323م)، قال: "قومٌ في تلك الدِّيار، يرمون نفوسهم على الملوك، فيقتلونهم ويُقتلون، ويرون ذلك دينيًّا"(ابن دَعثم، السّيرة الشَّريفة المنصوريَّة). تحدث المؤرخ ابن دعثم(ت: 615 هجريّة/1218م) عن أربعة أسرى مِن "النَّزاريّة".
كذلك كان الحشيش معروفًا، بدلالة التَّحريم، وفق "زَهر العريش في تحريم الحَشيش"، لبرهان الدِّين الزِّركشيّ (ت: 794هـ)، ووجود "الجُنينة تصغير جنة، من أخبث بقاع الأرض... تعرف ببيع الحشيشة، التي يبتلعها أراذل النَّاس، وقد فشت هذه الشَّجرة"(المقريزيّ، المواعظ والاعتبار). حتَّى قيل الشِّعر في تناولها، مع التَّوصية بزراعتها، وتبنت ذلك جماعة دينيّة: "دع الخمر واشرب مِن مدامة حيدر/ معنبرة خضراء مثل الزَّبرجد".
هذا الوقت غير البعيد عن القرن السَّادس الهجري، أي وجود النِّزاريَّة، وممارستهم للاغتيال. كان الحشيش يستخدم مكيفًا للدماغ، وقيل عنه "في الحشيش مِن الإسكار والإفساد"(الزَّركشي، زهر العريش). لهذا أنَّ تسمية تلك الجماعة بالحشاشين، ليست نسبة للأدوية، إنما إلى المخدر، ولا هي اختلاق أوروبي.
أوجه التشابه مع جماعة الإخوان الإرهابية
من المفارقة، أن تشبيه حسن البنا بحسن الصباح جاء في البداية على لسان سيد قطب (الذي أدين في قضية تنظيم 65) وذلك قبل انضمامه للجماعة الإرهابية، وقبل أن يصبح منظر الإرهاب الأكبر في كتابه "معالم في الطريق"، حيث تعود "قطب" أن يمازح أحد أقاربه المنتمين إلى جماعة الإخوان فيقول له: "ماذا فعل بك حسن الصبَّاح وجماعة الحشاشين؟"، وذلك ما أشار إليه ثروت الخرباوي في كتابه "أئمة الشر".
هذا التشابه الذي انتبه إليه سيد قطب في وقت سخر فيه من "البنا"، ليس عفويا، وليس ناتجا عن تشابه الأسماء فقط، إنما هو تشابه حقيقي جوهري، فالجماعات المتطرفة ينتظمها خيط واحد هو تسويق فكرة الدفاع عن الدين، والحفاظ عليه، مع ضرورة إزاحة من يقف في طريق هذه الجماعات لأنه يقف في طريق الدين.
كلا الحسنين (الصباح والبنا) اعتمد على اختيار أولى رجاله من طبقات متواضعة، فالباحث فرهاد دفتري في كتابه "الإسماعيليون تاريخهم وعقائدهم" أكد أن معظم القادة النزاريين جاؤوا من خلفيات اجتماعية متواضعة"، وهو ما يتشابه للغاية مع بداية حسن البنا الذي اعتمد في بداية تأسيس جماعته على مجموعة من ذوي الحرف والمهن البسيطة.
عندما جرى انضمام حسن الصباح للدعوى الإسماعيلية، أقسم يمين الولاء أو “يمين العهد” يلتزم فيه ببيعة مع رموزها، وقد فرضه على أتباعه، وهو نظام يجري استخدامه من قبل جماعة الإخوان الإرهابية، وكل الجماعات المتطرفة، ويسمى بالبيعة.
استغلت الجماعتان الأوضاع السياسية والاقتصادية في زمنهما للتأثير على الأفراد والمنتمين إليها، حيث يزداد تأثير الجماعة فيمن حولها عندما تركز في خطابها على الأوضاع الاجتماعية والسياسية، واستغلال أي أوضاع سيئة يمكن من خلالها التأثير على الناس، وهو ما تفعله جماعة الإخوان دائما، وما فعلته جماعة الحشاشين في استغلال أوضاع اقتصادية وأسباب للشكوى من النظام السلجوقي.
وأوهمت الجماعات المتطرفة أتباعها بأن الانضمام إليها والعمل لصالحها يسهل إقامة المجتمع الإسلامي العادل، الذي ينشده الدين، وأن الابتعاد عن الأنظمة السياسية القائمة خطوة مهمة في طريق الصلاح الديني.
كلا الفريقين ينظر للآخرين الذين لا ينتمون إليه، بل ويعملون ضد مصالحه، أو يمثلون عقبة في نشر دعوته أو جماعته، أنهم أعداء ويجب التخلص منهم، وهي الفكرة الجوهرية لدى الإرهاب، أنه لا يعمل على نشر أيدولوجية فقط، بل يعمل على تطبيقها بالعنف والقتل.
وفيما يتعلق بنظرة عناصر هذه الجماعات لضحيته، يقول برنارد لويس مؤلف كتاب "الحشاشون": "كان الحشاشون يبدون في عيون ضحاياهم مجرمين متعصبين ضالعين في مؤامرة شيطانية ضد الدين والمجتمع، أما رفاقهم الإسماعيليون فكانوا ينظرون إليهم باعتبارهم قوة نخبة في الحرب ضد أعداء الإمام وأنهم بقتلهم للطغاة والمغتصبين يعطون الدليل الناصع على إيمانهم وولائهم ويحصلون على البركة الخالدة العاجلة". وهذه صفة مشتركة في جميع التيارات المتطرفة والإرهابية، فهم ينظرون إلى قتل بعض الأفراد أنه إزاحة من طريق الدين، وقضاء على المؤتمرين ضد الدين.
ووفقا لرأي المفكر رشيد الخيون، فإنه "ما مِن جماعةٍ دينيَّة سياسية مسلحة، تمارس الاغتيال دون فتوى، أو تحت مخدر العقيدة، أو المادة المكيفة، وأخطرها عندما تمارس بيد الدّين السّياسي، لأنَّ التّنفيذ يكون واجبا مقدسا، فكم حاول الإخوان المسلمون التنصل مِن اغتيال المستشار أحمد الخازندار(1948)، حتى فضح الأمر أحد أقطابهم عبد العزيز كامل(ت: 1991)، في بحث القضية مع حسن البنا (اغتيل: 1949)، ومدبر الاغتيال عبد الرحمن السّنديّ (ت: 1962)". في إشارة منه إلى تخدير العقل بالفتوى المضللة، والسيطرة على عقول أفراد الجماعة ببث عقائد وأفكار معينة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الحشاشين كريم عبدالعزيز العمليات الإرهابية حسن البنا جماعة الاخوان الارهابية جماعة الإخوان الإرهابیة الجماعات المتطرفة حسن الصباح حسن البنا فی کتابه
إقرأ أيضاً:
محللون: خسارة الإمارات بعد سقوط نظام الأسد لا تقل عن خسارة إيران
في أعقاب السقوط السريع والمفاجئ لحكم الرئيس السوري بشار الأسد، تنظر الإمارات بعين الريبة إلى الانتماءات الإسلامية للفصائل المسلحة التي فرضت سيطرتها على دمشق بقيادة هيئة تحرير الشام، مشيرة إلى ارتباطات بجماعة الإخوان المسلمين، في ما يراه محللون خوفا على النفوذ.
وبعد هجوم خاطف استمرّ 11 يوما، تمكّنت فصائل معارضة تقودها هيئة تحرير الشام الإسلامية من السيطرة على دمشق في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر، وإنهاء حكم عائلة الأسد الذي استمرّ أكثر من نصف قرن.
وقال أنور قرقاش المستشار الدبلوماسي للرئيس الإماراتي خلال كلمة في "مؤتمر السياسات العالمية" في أبوظبي، السبت: "نسمع تصريحات معقولة وعقلانية حول الوحدة، وعدم فرض نظام على جميع السوريين، لكن من ناحية أخرى، أعتقد أن طبيعة القوى الجديدة، ارتباطها بالإخوان، وارتباطها بالقاعدة، كلها مؤشرات مقلقة للغاية".
تقول مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "تشاتام هاوس" صنم وكيل لـ"فرانس برس" إن تصريحات قرقاش "تعكس تشكيك القيادة الإماراتية تجاه الجماعات الإسلامية بشكل عام".
وتضيف أن "قادة الإمارات يرون أن كل الجماعات التابعة للإسلام السياسي، سواء كانت جماعة الإخوان المسلمين أو هيئة تحرير الشام، تشكل خطرا على نموذجهم من الحكم، واستنادا إلى تجربة تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية، يرون أن تأثير هذه الجماعات مزعزع للاستقرار في جميع أنحاء المنطقة".
"لائحة الإرهاب"
ولا تخفي السلطات في دولة الإمارات عدم ثقتها بالإخوان المسلمين. ومن ثوابت سياسة الإمارات عدم التسامح مطلقا مع أي نموذج للإسلام السياسي، في ما عدا حركة طالبان الأفغانية وهي علاقة تمليها مصالح اقتصادية وفق مختصين.
ففي العام 2014، صنّفت الدولة 83 مجموعة تنشط على المستوى العالمي ويقاتل قسم منها في سوريا في قائمة "التنظيمات الإرهابية"، وكان من بينها جماعة الإخوان المسلمين.
وكانت أصدرت قبيل ذلك أحكاما بالسجن في حق عشرات من الإماراتيين والمصريين المتهمين بتشكيل خلايا لجماعة الإخوان المسلمين، والعمل على قلب نظام الحكم، من ضمنها "جمعية الإصلاح" التي تمثل الإخوان المسلمين في الإمارات.
يقول أندرياس كريغ المحاضر في كلية الدراسات الأمنية في "كينغز كوليدج" بلندن لوكالة "فرانس برس" إن الإمارات حدّثت لائحة التنظيمات الإرهابية لديها، لكن اسم هيئة تحرير الشام لا يظهر فيها.
لكنه يشير رغم ذلك إلى أن "جبهة النصرة أُدرجت في العام 2014، لذا فإن هيئة تحرير الشام مشتقة من جبهة النصرة (...) وبالتالي فهي مدرجة".
ويضيف أن "جماعة الإخوان المسلمين هي فزاعة تستخدمها الإمارات لتقويض مصداقية المجتمع المدني والجهات الفاعلة السياسية الاجتماعية في جميع أنحاء المنطقة (...) وتصويرهم كجزء من سلسلة متصلة تؤدي في نهاية المطاف (...) إلى السلفية والجهادية على غرار القاعدة أو داعش".
ذلك أنه خلال السنوات الماضية استثمرت الإمارات في العلاقة مع بشار الأسد، وكانت عاملا أساسيا في استمالة دول عربية أخرى، وخصوصا الخليجية، لتطبيع العلاقات مع حكم الأسد.
وخلال العام الماضي، بدا أن الأسد يعود مجددا إلى "الحضن العربي" من بوابة القمة العربية التي حضرها بعد عزلة استمرت 12 عاما.
وأملت الإمارات في أن تكون الركيزة الأساسية لتسهيل إعادة الإعمار وبناء سوريا ما بعد الحرب التي وضعت أوزارها نوعا ما بعد اتفاق آستانا في العام 2017.
"أمن النظام"
وفي هذا السياق، يرى كريغ أن الإمارات "تحاول تأمين أي نوع من النفوذ المتبقي لها في البلاد، وهو ضئيل للغاية. لذا أعتقد أن الإمارات، على غرار إيران، ربما تلقت الضربة الأعظم لسياستها في سوريا".
ولطالما نظرت الإمارات إلى الانتفاضة السورية أو الثورات بشكل عام من خلال عدسة "أمن النظام"، وفق كريغ.
وبالنسبة لهم، كما يضيف: "كان انتصار الأسد أو انتصار الثورة المضادة ضد الانتفاضة في العام 2011، حربا أيديولوجية أيضا".
لكن ذلك الاستثمار الذي استمر أعواما، انهار في غضون ثلاثة أسابيع. ذلك أن تركيا وقطر، أصبحتا الآن وسيطا رئيسيا في مرحلة سوريا ما بعد حكم الأسد، وبالتالي بات التخوف الإماراتي من تحوّل الدور الرئيسي من أبوظبي إلى الدوحة أو إلى أنقرة.
لكن جماعة الإخوان المسلمين كتنظيم، لم تعد موجودة في سوريا منذ الثمانينيات حين فككها الرئيس السوري وقتها حافظ الأسد بالقوة.
ويعتبر محللون أن الإماراتيين يرون في المشروع التركي في سوريا إشكاليا لأنه مدفوع جزئيا بالمصلحة الذاتية التركية بدلا من مصلحة بناء الاستقرار في سوريا.
لذا فإن تصوير هيئة تحرير الشام على أنها تابعة أو مرتبطة بالإخوان المسلمين هو "شكل كسول للغاية من خلق رواية لتقويض وتشويه سمعة هذا الكيان الاجتماعي السياسي الجديد الذي يتم تشكيله أو تطويره داخل سوريا"، بحسب كريغ.
"منافسة أيديولوجية"
تلفت كريستين ديوان من معهد دول الخليج العربية في واشنطن إلى أن "الإمارات تتشاطر مخاوف جميع الدول العربية من أن تفقد سوريا وحدتها وسيادتها وترفض الإرهاب الدولي"، وهي بالفعل أبدت مخاوفها من رؤية سوريا تغرق في الفوضى، كما أن لديها انعدام ثقة عميق في أيديولوجية القادة الجدد في دمشق.
وتضيف ديوان "لكن عدم الثقة الإماراتية يمتد على نطاق أوسع إلى جميع الحركات الشعبية الإسلامية السُنّية. فهي ترى فيها منافسين في تحديد طبيعة المنطقة بطريقة تهدد طموحاتها كمركز تجاري مفتوح متعدد الثقافات".
وإذ ترى أن الإمارات "غير راضية عن رؤية إحياء القوى السُنّية الشعبية التي تذكرنا على الأقل بالانتفاضات العربية"، يؤكد كريغ أن "المشكلة مع الإماراتيين الآن هي أنهم يشعرون أنهم يتنازلون عن مساحة رئيسية في العالم العربي لمنافسيهم، المنافسون الإيديولوجيون في الدوحة وأنقرة".
ويعتبر أن "الأمر متروك الآن خصوصا للدول، ربما ليس للأتراك، ولكن للدول لنقل هذه الرسالة إلى الإمارات بأن هذا ليس تهديدا".