"بعد إقرار ماسك بتناوله".. الحقيقة المظلمة للكيتامين
تاريخ النشر: 19th, March 2024 GMT
دق الخبراء ناقوس الخطر بشأن دراسات جدلية تروّج للعقار المخدر "كيتامين" كعلاج عجيب للاكتئاب، خاصة بعد اعتراف الملياردير إيلون ماسك بتناوله لتعزيز الصحة العقلية.
وفي مقابلة ساخنة مع مذيع شبكة "سي إن إن" السابق، دون ليمون، قال ماسك إن تناول الكيتامين يساعده في تخفيف الإرهاق الذهني، موضحا أنه ينبغي على "أولئك الذين يعانون من الاكتئاب التحدث مع طبيبهم حول الكيتامين بدلا من SSRI [أدوية الصحة العقلية الأكثر شيوعا]".
ويعرف الكيتامين بأنه مخدر قوي يستخدم لمنع الألم لدى البشر أثناء العمليات. ويعمل عن طريق حجب نشاط الناقل العصبي N-ميثيل-د-أسبارتاتي (NDMA)، الذي يتحكم في عمل الجهاز العصبي، ما يقلل الأحاسيس بسرعة ويمنع الألم ويحفز النوم ويقمع الذاكرة.
لذا، يتم وصفه عادة بجرعات صغيرة لأغراض غير تخديرية، مثل علاج الاكتئاب، ما يعطي المرضى شعورا بالنشوة والهلوسة.
وفي السبعينيات، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) على استخدام الكيتامين كمخدر بوصفة طبية.
إقرأ المزيدوتدرج منظمة الصحة العالمية الكيتامين كأحد "الأدوية الأساسية" للتخدير وإدارة الألم، لكن لم توافق FDA على استخدامه لعلاج الحالات النفسية.
وفي السنوات الأخيرة، أجريت تجارب طبية لاختبار العقار بحثا عن فوائده المفترضة للصحة العقلية، وأظهرت بعض الدراسات نتائج واعدة.
ووجد الباحثون أن المركب يستهدف الناقلات العصبية في الدماغ المسؤولة عن الحالة المزاجية.
وفي مايو الماضي، وجدت دراسة نشرت في مجلة "نيو إنغلاند الطبية"، تحسّنا واضحا في نوعية حياة البالغين الذين يعانون من اضطراب الاكتئاب الشديد المقاوم للعلاج، بعد تناول الكيتامين.
ووجدت دراسة نشرت في مجلة الطب النفسي السريري، وشارك فيها 400 مشارك، أن 72% ممن استخدموا الكيتامين تحسنت حالتهم المزاجية، ولم يبلغ 40% منهم عن أي أعراض اكتئابية بعد 10 جرعات. ولكن الدراسة لم ترصد الآثار السلبية المحتملة.
ولكن الخبراء حذروا من المبالغة في تقدير الفوائد وتجاهل الآثار الضارة. ويشعر بعض الباحثين أيضا بالقلق من أن الأبحاث المحدودة حول استخدام الكيتامين في حالات مثل الألم المزمن، قد تؤدي إلى مبالغة الأطباء في وصفه وتجاهل مخاطر السلامة.
إقرأ المزيدوفي دراسة شملت 300 مريض يتلقون الكيتامين، أوضحت الدكتورة بادما غولور، أخصائية الألم في جامعة Duke، أن أكثر من ثلث المشاركين أبلغوا عن آثار جانبية كبيرة تتطلب عناية طبية، مثل الهلوسة والأفكار المزعجة والاضطرابات البصرية.
وزعمت دراسة نشرت في المجلة البريطانية للطب النفسي، أن FDA تجاهلت آثارا جانبية خطيرة عند الموافقة على الإسكيتامين، الشكل الأكثر فعالية من الكيتامين، لعلاج الاكتئاب المقاوم للعلاج.
ووجدوا أن شركة الأدوية "جانسن" قدمت 5 دراسات إلى إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، وكان لواحدة فقط تأثيرات إيجابية.
ووفقا للمكتبة الوطنية للطب، فإن استخدام مريض يعاني من حالة قلبية موجودة مسبقا للكيتامين "يمكن أن يؤدي إلى نتائج كارثية"، بما في ذلك "زيادة معدل ضربات القلب وضغط الدم".
ووجد باحثو جامعة كولومبيا أن الفئران التي أعطيت الكيتامين لمدة 10 أيام شهدت تغيرات دماغية مماثلة لتلك التي تحدث في الفصام، وهو اضطراب عقلي مزمن وشديد يؤدي في كثير من الأحيان إلى فقدان المرضى الاتصال بالواقع.
المصدر: ديلي ميل
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: إيلون ماسك البحوث الطبية الصحة العامة الطب امراض امراض القلب
إقرأ أيضاً:
أسرى الألم.. جرحى غزة محرومون من بهجة رمضان والعلاج
غزة- تجلس الطفلة الجريحة منة عقل على سرير في مجمع ناصر الطبي بمدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، مثقلة بآلامها، والكثير من الذكريات التي بقيت لها، بعدما فقدت جميع أفراد أسرتها في غارة جوية إسرائيلية على منزلها في مخيم البريج للاجئين وسط القطاع.
منة (8 أعوام) هي الناجية الوحيدة من هذه الغارة الغادرة التي هوت بالمنزل فوق رؤوس أسرتها (5 أفراد)، وخطفت أرواح والديها وإخوتها، فيما كانت هي الناجية الوحيدة مع جروح صعبة في ساقيها، تستدعي سفرها للعلاج في الخارج.
وقعت هذه الغارة ليلة 16 نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، بينما كانت هذه الأسرة الصغيرة نائمة، وتقول منة للجزيرة نت "استيقظت ووجدت نفسي في المستشفى وأعاني من ألم شديد في أنحاء جسدي وجروح وكسور في الساقين".
لم يتبق لهذه الطفلة سوى جدّيها، وقد تلقت خلال الحرب صدمات قاسية، جراء غارات أودت بحياة غالبية أفراد عائلتها من أعمامها وعماتها وأسرهم. وبكلمات مثقلة بالحزن تتحدث منة عن شعورها بالوحدة، واشتياقها لوالديها وإخوتها الشهداء.
ما ذكرياتك مع أسرتك في رمضان؟، سألتها الجزيرة نت، وببراءة طفولية تجيب وهي تمسك بفانونس صغير بين يديها "أكل ماما الزاكي، وبابا كان يشتري لي فانوس رمضان، وألعب به مع صديقاتي في الحارة، في ليلة رمضان كان أبي يذهب للسوق ويشتري لنا كل حاجة بنحبها، ويحضر زينة رمضان، وكنت أساعد ماما في تزيين البيت". وتساءلت بعد لحظة صمت "راح البيت وراحوا أهلي وبقيت لوحدي، ليش قصفونا وقتلوهم؟".
ومثل منة خلفت الحرب غير المسبوقة التي شنتها دولة الاحتلال على القطاع عقب عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، آلاف الأطفال الأيتام ممن فقدوا والديهم أو أحدهما، وبينهم ناجون وحيدون من غارات مسحت أسرهم كليا من السجل المدني.
إعلانوتقول جدة منة، عفاف السلول، للجزيرة نت "لم يتبق لها سوانا.. أنا وجدها المريض، وقد استشهدت أسرتها، وعدد كبير من أعمامها وعماتها وأسرهم في الغارة نفسها وفي غارات أخرى خلال الحرب".
خضعت منة لعدة عمليات جراحية من أجل إنقاذها وإبقائها على قيد الحياة، واضطر الأطباء لقص واستئصال جزء من عظام الساقين. وبحسب الجدة عفاف (60 عاما)، فإنها بحاجة ماسة للسفر والعلاج بالخارج، والخضوع لعمليات زراعة عظم، لتتمكن من السير على قدميها والعودة التدريجية لحياتها.
وتراهن الجدة على الزمن من أجل تعافي ذاكرة حفيدتها التي لا تستوعب حتى اللحظة أنها ستواجه العالم وحيدة لبقية حياتها بعد استشهاد جميع أفراد أسرتها، وتقول إن حلول شهر رمضان لأول مرة عليها بدونهم ضاعف من حزنها ومن آلام جروحها وكسورها.
وتخشى السلول على مصير منة بعدما استنفد الأطباء في غزة كل ما في وسعهم، ولم يعد بالإمكان استكمال علاجها في المستشفيات المحلية التي تعاني ضعفا شديدا في الإمكانيات البشرية والمادية، جراء ما تعرضت له من استهداف ممنهج طوال الحرب، وقيود إسرائيلية مشددة على دخول الوفود الطبية المتخصصة، والأجهزة والأدوية والمعدات الطبية.
هذه الطفلة واحدة من بين زهاء 16 ألف جريح ومريض على قوائم الانتظار، يترقبون بلهفة فرصتهم للسفر من خلال معبر رفح البري مع مصر بغية العلاج بالخارج.
ويقول مسؤول ملف إجلاء المرضى في وزارة الصحة الدكتور محمد أبو سلمية -للجزيرة نت- إن الاحتلال يتلاعب بمصير جرحى ومرضى غزة، ويخرق ما تم التوافق عليه في البروتوكول الإنساني ضمن اتفاق وقف إطلاق النار.
ووفقا للمسؤول الطبي، فإن الاحتلال لم يلتزم بالاتفاق سواء من حيث أعداد المرضى والجرحى والمحدد بـ150 يوميا يسمح لهم بالسفر، ولم يسمح بأفضل الأحوال بسفر أكثر من 50، أو من حيث أولوية السفر بناء على خطورة الحالة، حيث يتعمد التلاعب بالاحتياجات والأولويات.
من بين هؤلاء الذين يتعلق مصيرهم بالسفر عبر معبر رفح، وهو المنفذ الوحيد للغزيين على العالم الخارجي من خلال الأراضي المصرية، الجريح أيمن داوود الذي يقبع في مجمع ناصر الطبي "أسيرا" لجروحه وآلامه، وبدا حزينا لعدم تمكنه من السفر للعلاج، ويخشى أن تطول فترة الألم والانتظار، وينهار الاتفاق بين المقاومة الفلسطينية ودولة الاحتلال، الذي انتهت مرحلته الأولى منتصف ليلة الثاني من مارس/آذار الجاري.
إعلانللشهر الخامس وأيمن (22 عاما) يرقد في سرير بالمستشفى، منذ أن تسببت له غارة جوية إسرائيلية بشلل نصفي، استدعت خضوعه لعدة عمليات جراحية.
ويفتح شهر رمضان بابا من الذكريات المؤلمة عليه، حيث لم تكن إصابته بالعمود الفقري وشلله كل ما ناله من الحرب الإسرائيلية التي حرمته من والده شهيدا، وكان منزل أسرته من بين غالبية منازل مدينة رفح جنوبي القطاع، التي تعرضت لدمار تقدره بلديتها بأكثر من 80% خلال العملية العسكرية الإسرائيلية والاجتياح البري لها في 6 مايو/أيار الماضي.
ناظرًا إلى ساقيه بحزن وألم، يقول داوود "الحرب أخذت مني الكثير، أبي ومنزلنا، لا أريد أن أقضي بقية حياتي مشلولا وليس لي أمنية أو حلم الآن سوى بالسفر والعلاج".
ويتساءل وقد بدت الكلمات تخرج منه بصعوبة "لمتى سأبقى أسير المستشفى ولا أستطيع الحركة عن هذا السرير؟، جاء رمضان وحرمتني الإصابة من الصوم وصلاة التراويح. أنا لا أشعر برمضان ولا ألمس بهجته، وأفتقد كل شيء اعتدته في هذا الشهر الجميل منذ الطفولة".
وتقدم داوود بطلب للحصول على تحويلة طبية للعلاج بالخارج بعد نحو أسبوعين من إصابته، ولم يتلق أي اتصال حتى اللحظة. وبعيون يملؤها الرجاء وبلسان يرتجف يقول هذا الشاب الجريح "أتمنى أن يأتي الرد وأسافر وأتعالج قبل فوات الأوان".