نحو 80 منها في دولة واحدة.. تقرير يكشف عن أكثر 100 مدينة تلوثا بالعالم
تاريخ النشر: 19th, March 2024 GMT
كشف تقرير حديث لتتبع جودة الهواء في جميع أنحاء العالم، عن أكثر 100 مدينة تلوثا في العالم، والتي جاءت معظمها في الهند، وفقا لما ذكرت شبكة "سي إن إن" الأميركية.
وأفاد تقرير "IQAir" بأن الغالبية العظمى من المدن الـ100 (83 مدينة) كانت في الهند، حيث تجاوزت جميعها إرشادات جودة الهواء الصادرة عن منظمة الصحة العالمية بأكثر من 10 مرات.
وركز التقرير الذي استند إلى بيانات من أكثر من 30 ألف محطة مراقبة في 134 دولة ومنطقة، على دراسة المواد الجسيمية الدقيقة، أو "PM2.5"، وهي أصغر ملوثات الهواء لكنها الأكثر خطورة، إذ تنتقل عند استنشاقها في أنسجة الرئة ويمكن أن تدخل في الدورة الدموية.
وتأتي هذه المواد من مصادر مثل احتراق الوقود الأحفوري والعواصف الرملية والحرائق الغابات، كما ترتبط بالربو وأمراض القلب والرئة والسرطان، وأمراض التنفس الأخرى، فضلا عن التأثير السلبي على القدرات العقلية لدى الأطفال، وفق "سي إن إن".
وأظهر تقرير "IQAir" أن ما نسبته 9 بالمئة فقط من أكثر من 7800 مدينة تم تحليلها على مستوى العالم، سجلت جودة هواء تلبي المعايير التي وضعتها منظمة الصحة العالمية، حيث لا ينبغي أن تتجاوز متوسط القيم السنوية للمواد الجسيمية الدقيقة 5 ميكروغرامات في المتر المكعب.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة "IQAir" السويسرية والمعدة للتقرير، فرانك هامس: "نرى أن للتلوث الهوائي تأثيرا في كل جانب من جوانب حياتنا، وعادة ما يؤدي في بعض البلدان الأكثر تلوثا إلى قصر عمر الأشخاص بين 3 إلى 6 سنوات، ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى سنوات عديدة من المعاناة التي يمكن تفاديها تماماً في حال تحسن جودة الهواء".
وجاءت مدينة بيغوساراي، التي يبلغ عدد سكانها نصف مليون نسمة في ولاية بيهار شمالي الهند، كأكثر مدينة تعاني من التلوث الهوائي في العالم العام الماضي، بتركيز متوسط للمواد الجسيمية الدقيقة "PM2.5" يبلغ 118.9، وهو أكثر 23 مرة من الإرشادات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية.
وجاءت بعدها في تصنيف "IQAir" مدن هندية أخرى هي غواهاتي في ولاية أسام، ودلهي، ومولانبور في ولاية البنجاب.
وفقًا للتقرير، يعيش 1.3 مليار شخص في الهند، أي 96 بالمئة من السكان، في بيئة تتسم بجودة الهواء 7 مرات أعلى من الإرشادات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية.
وكانت آسيا الوسطى والجنوبية هما أسوأ المناطق أداء على مستوى العالم، حيث كانت موطنا لأربعة من أكثر البلدان تلوثا العام الماضي، وهي بنغلاديش وباكستان والهند وطاجيكستان.
وحسب "سي إن إن"، تشكل جنوب آسيا قلقا خاصا، حيث تضم 29 من بين 30 أكثر مدن ملوثة للهواء في الهند أو باكستان أو بنغلاديش.
وتضررت أميركا الشمالية بشدة من حرائق الغابات التي اندلعت في كندا في الفترة من مايو إلى أكتوبر من العام الماضي. ووجد التقرير أنه في شهر مايو، كان المتوسط الشهري لتلوث الهواء في مقاطعة ألبرتا الكندية أكبر 9 مرات من نفس الشهر من عام 2022.
ولأول مرة، تفوقت كندا على الولايات المتحدة في تصنيفات التلوث الإقليمية، وفق "سي إن إن".
وسلط التقرير الضوء على "عدم المساواة المثيرة للقلق"، إذ إن عدم وجود محطات مراقبة في بلدان إفريقيا وأميركا الجنوبية والشرق الأوسط، يؤدي إلى ندرة وجود بيانات بشأن جودة الهواء في تلك المناطق، حيث استُبعدت تشاد، الدولة الأكثر تلوثا في العالم عام 2022، من قوائم 2023 بسبب "مشكلات في البيانات".
ووجد تقرير "IQAir" أن 92.5 بالمئة من 7812 مدينة في 134 دولة ومنطقة وإقليما، تجاوزت إرشادات منظمة الصحة العالمية خلال العام الماضي.
فيما هناك 10 دول وأقاليم فقط تتمتع بجودة هواء "صحية"، هي فنلندا، وإستونيا، وبورتوريكو، وأستراليا، ونيوزيلندا، وبرمودا، وغرينادا، وأيسلندا، وموريشيوس، وبولينيزيا الفرنسية.
ويموت ملايين الأشخاص كل عام بسبب مشاكل صحية مرتبطة بتلوث الهواء، إذ يقتل تلوث الهواء الناجم عن الوقود الأحفوري 5.1 مليون شخص في جميع أنحاء العالم كل عام، وفقا لدراسة نشرت في المجلة الطبية البريطانية في نوفمبر الماضي.
وفي الوقت نفسه، تقول منظمة الصحة العالمية إن 6.7 مليون شخص يموتون سنويا بسبب تأثيرات تلوث الهواء.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: منظمة الصحة العالمیة العام الماضی جودة الهواء فی الهند سی إن إن
إقرأ أيضاً:
حل الدولتين.. أم دولة ديمقراطية واحدة؟!
مسعود أحمد بيت سعيد
masoudahmed58@gmail.com
منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد والتطبيع العربي يجري على قدم وساق، وربما بعض الأنظمة العربية سبقت في علاقتها مع الكيان الصهيوني تلك الاتفاقية، وهي التي مهدت لها والمسألة معروفة، غير أن التطبيع بمعناه القانوني والسياسي والدبلوماسي قضية أخرى، وكانت إلى وقت قريب تحكمها اعتبارات وحسابات موزونة بدقة، وكانت الإدارات الأمريكية المتعاقبة تراعي مثل تلك الاعتبارات وضرورة أخذها في الحسبان.
وبعد المتغيرات الدولية وسقوط المنظومة الاشتراكية من جانب وما جرى على الأرض العربية خلال العقدين الأخيرين من جانب آخر، لم تعد الذرائع والمبررات التي تتحجج بها بعض الأنظمة مقنعة وفق المنظور الأمريكي، وفي ضوء هذا المناخ العام واحتمالات تصاعد وتيرة التطبيع مع الإدارة الأمريكية الجديدة من ناحية وواقع الثورة والقضية والشعب بعد طوفان الأقصى من ناحية أخرى، يثار مجددا السؤال حول العنوان الرئيسي الذي يتمحور حوله العمل الوطني الفلسطيني والعربي في المرحلة المقبلة، وهل هو الدولة الديمقراطية الواحدة أم حل الدولتين؟ وإذا كانت فرضية حل الدولتين رغم كل ما قدم في سبيلها من تنازلات فلسطينيًا وعربيًا قد وصلت إلى الطريق المسدود، فان حل الدولة الديمقراطية الواحدة التي تعني فيما تعنية تفكيك المؤسسات الاستعمارية الكولونيالية وفتح الطريق أمام التعايش والحقوق المتساوية في دولة ديمقراطية مدنية والتي تعد الحل الأكثر واقعية لم تتوفر لها يومًا الإمكانات الموضوعية على الصعيدين الإقليمي والدولي المسقوفة كحد أقصى بحدود القرارات الدولية القائمة على التقسيم.
لا شك أن النضال الوطني الفلسطيني كان ولا يزال أمام الخيارات الصعبة، إما مجاراةً للظرف الدولي بكل طغيانه وظلمه وأما الرفض المطلق لنتائجه موازينه والتمسك بالهدف الاستراتيجي البعيد المدى بكل تبعاته وموجباته، دون أن يغيب عن الذهن بأن المعسكر المساند للنضال الوطني الفلسطيني سابقًا وراهنًا بأغلبيته الساحقة يقف عند حدود حل الدولتين، هذه المعطيات الموضوعية القاسية قد حددت نهج وتوجه الحركة الوطنية الفلسطينية تاريخيًا وقادتها بعد سجالات نظرية عميقة للتوافق الوطني على مرحلية الأهداف الوطنية والتقاطع مع المسار العالمي بكل انحيازاته المجحفة حتى إنجاز الهدف المرحلي في العودة والدولة المستقلة وتقرير المصير، رغم الملابسات التي اكتنفت المرحلية النضالية والخروقات التي نجمت عن فهمها في الممارسة العملية وذلك ارتباطا بالواقع العربي الذي يدفع باتجاه الانحرافات الوطنية واحتضانها.
وما يهم تأكيده يتمثل في سلامة شعار الدولة الديمقراطية من الناحية النظرية والذي سيشكل في حال ترسيخه ناظم للوحدة الوطنية الحقيقية، وفي هذا الإطار ينبغي وزن الخيارات الراهنة والقادمة بميزان الذهب.
وفي هذا السياق، هل حل الدولتين من الناحية الاستراتيجية يتعارض مع حل الدولة الديمقراطية الواحدة؟ وأيهما أفضل للشعب والقضية والحقوق التاريخية في هذه المرحلة تحديدًا، بكل ما يحيطها من ملابسات وتعقيدات؟ وهل اعتماد المرحلية النضالية وتجزئة الأهداف أم استبعاد هذا التوجه نهائيا من قاموس الفعل والتكتيك السياسي؟
لا شك أن فلسطين كلها من نهرها إلى بحرها هي لشعبها الفلسطيني الذي هو جزء من الأمة العربية وأن استعادتها كاملة مهمة وطنية وقومية وهي حتمية تاريخية، ولا يجوز تحت ضغط الظروف القاسية التفريط في حبة واحدة من ترابها، ولا ريب أن الرأي الذي حسم قضية حل الدولتين بالنفي يستمد مشروعيته من الحق والعدالة التاريخية وفشل هذا الخيار وفق صيغة أوسلو، وهي حيثية تُزكيها الحقائق والتجربة الملموسة.
غير أن الحركة الوطنية الفلسطينية بمعظم مكوناتها الرئيسية ما زالت تعتقد أن هذا الخيار لم يستنفد كل إمكانياته بعد، وهي مطالبة بعد تجربة طويلة من التجريبية السياسية بأن تجري المراجعة العلمية الجادة وإخضاع كل الخيارات ونتائجها العملية للنقد العلمي والموضوعي والثوري؛ وهي بالتأكيد تمتلك من الوسائل والخبرات والطاقات الفكرية والنضالية والإخلاص الوطني ما يمكنها من استشراف الممكن الواقعي، وتعلم أكثر من غيرها طبيعة المشروع الإمبريالي والصهيوني وفي أهمية حماية مشروعها الوطني التحرري بكل أبعاده.
وفي حال استقرت خلاصات مراجعاتها الوطنية على أية عنوان سيتوجب على الأمة العربية كلها احترام ما تفرزه الإرادة الوطنية الفلسطينية ودعمها. إلّا أن فكرة حل الدولتين وامتداداتها ما زالت واسعة في الواقع الفلسطيني والعربي وتحديدًا لدى القوى البرجوازية واليمينية، وبعض أطراف الحركة اليسارية المتماهية مع هذا الخيار، الذي يتماشى مع التوجهات الدولية، وبطبيعة الحال ما يلوح في الأفق إلى الآن لا بوحي بعكس هذا التوجه، وأن وتيرة الصعود والهبوط في الخطاب السياسي الراهن يدخل في إطار المناكفات والمناورات السياسية التي لا يعتد بها كبعد استراتيجي في طي مرحلة حل الدولتين وفتح الطريق أمام مرحلة الدولة الديمقراطية الواحدة بكل آمالها وصعوباتها واستحقاقاتها التاريخية.
رابط مختصر