نشر موقع "ريسبونسيبل ستيت كرافت" تقريرًا سلط فيه الضوء على مخاوف سقوط ترانسنيستريا في يد بوتين إذا سقطت كييف، مبينًا أن ترانسنيستريا تقع بين مولدوفا وجنوب غرب أوكرانيا، وهي كيان انفصالي تدعمه روسيا. وتُعرف رسميًا باسم جمهورية بريدنيستروفيان المولدوفية. ونظرًا لوجودها داخل حدود مولدوفا المعترف بها دوليًا، لا تعترف أي دولة عضو في الأمم المتحدة باستقلال هذه الجمهورية الانفصالية، ولا حتى روسيا.



وأوضح الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، أنه في خضم انهيار الاتحاد السوفييتي في أوائل التسعينيات، كان الانفصاليون الناطقون بالروسية في ترانسنيستريا يخشون تنامي القومية المولدوفية وإمكانية إعادة توحيد مولدوفا، التي كانت قد أعلنت استقلالها للتو، مع رومانيا. وساعدت القوات الروسية ومقاتلو القوزاق الجماعات شبه العسكرية الترانسنيسترية في قتال القوات المولدوفية في حرب ترانسنيستريا (1990-1992)، والتي أسفرت عن مقتل ما يصل إلى 700 شخص.

وأضاف الموقع أن الصراع لا يزال مجمدًا حتى يومنا هذا. ومنذ سنة 1992، عمل المسؤولون في عاصمة مولدوفا، كيشيناو، وتيراسبول، على منع الاشتباكات العسكرية. وعلى مدى العقود الثلاثة الماضية، لم يكن ملف مولدوفا-ترانسنيستريا يثير قلق واشنطن كثيرًا، وذلك حتى وقت قريب.

وأفاد الموقع أن الغزو الروسي واسع النطاق لأوكرانيا في شباط/ فبراير 2022 أثار مخاوف بشأن تجديد هذا الصراع المجمد. ونظرًا لوجود 1500 جندي روسي في ترانسنيستريا "كقوات حفظ سلام" وكجزء من مجموعة العمليات التابعة للقوات الروسية منذ حرب 1990-1992، فقد حذر بعض المحللين من فتح ترانسنيستريا جبهة ثانية ضد كييف في حين تكثف الضغوط على كيشيناو. ومثل هذا السيناريو من شأنه أن يخاطر بدخول رومانيا، المرتبطة بمولدوفا لغويًا وعرقيًا وتاريخيًا وثقافيًا، في صراع مع روسيا، وهي مواجهة عالية المخاطر نظرًا لانضمام رومانيا إلى حلف شمال الأطلسي.


وذكر الموقع أن القائم بأعمال قائد المنطقة العسكرية المركزية الروسية أعلن في نيسان/ أبريل 2022، أن موسكو تسعى إلى تشكيل جسر بري يربط دونباس بترانسنيستريا. وكان القيام بهذا من شأنه أن يوسع نطاق الحرب الأوكرانية إلى حدود مولدوفا المعترف بها دوليًا ويمنع حكومة كييف من الوصول إلى البحر الأسود، مما يجعل أوكرانيا حبيسة بحريًّا.

وأشار الموقع إلى أن القوات الأوكرانية منعت روسيا من الاستيلاء على أوديسا وأجزاء أخرى من الجسر البري بين دونباس وترانسنيستريا. ونتيجة لذلك، تراجعت المخاوف في الغرب بشأن ترانسنيستريا فيما يتعلق بالحرب الأوكرانية.

ولكن في الشهر الماضي، طلبت تيراسبول من روسيا الحماية من التهديد المتصور الذي تشكله حكومة مولدوفا المؤيدة للاتحاد الأوروبي. وردًا على هذه الدعوة لحماية موسكو، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن كيشيناو "يتبع خطى نظام كييف" من خلال "إلغاء كل شيء روسي" و"التمييز ضد اللغة الروسية".

وأضاف الموقع أن طائرة بدون طيار ضربت موقعًا عسكريًا في ترانسنيستريا، في 17 آذار/ مارس، مما أدى إلى تدمير طائرة هليكوبتر، والتي وفقًا لمكتب مولدوفا لسياسات إعادة الإدماج "لم تعمل لعدة سنوات". وزعمت السلطات في تيراسبول أن الأوكرانيين شنوا هذا الهجوم من أوديسا. ونفت كل من كييف وكيشيناو أي تورط في انفجار الموقع العسكري.

وقال الموقع إن الحكومة الأوكرانية اتهمت موسكو بالوقوف وراء هذا "الاستفزاز في ترانسنيستريا بهجوم انتحاري بطائرة بدون طيار على قاعدة عسكرية".

وبين الموقع أن ما يزيد من هذا التوتر حقيقة أنه في نفس اليوم ألقى رجل زجاجتين مولوتوف على السفارة الروسية في كيشيناو. وفي ذلك الوقت، كان المواطنون الروس في مولدوفا في هذه البعثة الدبلوماسية يصوتون في الانتخابات الرئاسية لبلادهم. واحتجزت السلطات المولدوفية الشخص، الذي تم تحديده على أنه مواطن مولدوفي-روسي مزدوج.


ولفت الموقع إلى أن بعض الخبراء يؤكدون أنه إذا انتصرت روسيا في أوكرانيا، فإن مولدوفا ستكون الدولة التالية في أوروبا الشرقية التي تهاجمها موسكو، لكن روسيا ليس لديها القدرة الآن على غزو مولدوفا. نعم، لديها قاعدة عسكرية هناك. لكنها لديها ما يكفي من الاهتمام الآن في أوكرانيا، وما لم تنتصر في أوكرانيا، فإنها لن تفعل شيئًا مماثلاً في مولدوفا.

وقال الموقع أنه لا يبدو أن الغزو الروسي لمولدوفا-ترانسنيستريا يشكل في الوقت الحالي خيارًا مطروحًا بالنسبة للكرملين. فترانسنيستريا، على عكس أوكرانيا وجورجيا، لا تقع على حدود روسيا، كما أن موسكو تفتقر إلى القوة البشرية اللازمة للسيطرة على منطقتي ميكولايف وأوديسا الأوكرانيتين. ولا يعتقد نيكولا ميكوفيتش، المحلل السياسي المقيم في بلغراد، أن روسيا قادرة على أن تفعل في مولدوفا-ترانسنيستريا ما فعلته في أوكرانيا ابتداء من سنة 2014.

وعلى الرغم من صعوبة التنبؤ بكيفية رد فعل إدارة دونالد ترامب الثانية على التحركات الروسية بشأن مولدوفا-ترانسنيستريا، فمن المحتمل أن يكون من المسلم به أن البيت الأبيض في عهد بايدن سيدعم كيشيناو بقوة في مثل هذه الظروف. 

ونقل الموقع عن ماثيو برايزا، نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي السابق لأوروبا وأوراسيا، قوله: "ببساطة، من غير الممكن بأي درجة من الدقة التنبؤ الآن بكيفية رد فعل إدارة بايدن إذا غزت روسيا مولدوفا... بخلاف ما هو واضح وهو أنه سيكون هناك دعم أمريكي قوي لمولدوفا وربما مساعدة عسكرية"، مرجعًا ذلك "لأهمية الموقع الجيوسياسي لمولدوفا على حدود حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، ويشعر الناتو بقلق بالغ بشأن التحقق من أي توسع روسي محتمل غربًا. كما أنه لن يبشر بالخير بالنسبة لأوكرانيا إذا واجهت فجأة ولو عددًا صغيرًا من القوات الروسية التي تهاجمها من الغرب".

وقال الموقع إن الجغرافيا تحد من قدرة روسيا على المناورة في مواجهة ترانسنيستريا. وبالتالي فإن الإبقاء على الصراع بين كيشيناو وتيراسبول مجمدًا يخدم مصالح روسيا على أفضل وجه. إن الاستفادة من الجماعات في مولدوفا ذات المشاعر المؤيدة لموسكو، مثل أقلية غاغاوز، لتغيير الحكومة في كيشيناو، هي الورقة التي ربما يحاول الكرملين اللعب بها. ويمكن لأي من الخيارين أن يساعد موسكو على تعزيز أجندتها الرامية إلى منع مولدوفا، التي أصبحت مرشحة للاتحاد الأوروبي في حزيران/ يونيو 2022، من الاندماج في المؤسسات الغربية، وعلى رأسها حلف شمال الأطلسي.

ولفت الموقع إلى أن روسيا "تريد تأمين محيط "العالم الروسي"، ولكن لا ينبغي أن تكون هذه حدودًا ثابتة. وسوف تكتفي بإقامة منطقة مجزأة تشمل جورجيا، وأوكرانيا، ومولدوفا، وتكون بمثابة خندق لحماية روسيا الحصينة. وهذه ليست إعادة بناء الاتحاد السوفييتي. إنها ليست محاولة لمواجهة الناتو مباشرة، لكنه مع ذلك يفرض تكاليف باهظة على شعوب تلك البلدان المجزأة.

وأفاد الموقع أنه من أجل الحفاظ على الوضع الراهن في مولدوفا-ترانسنيستريا، "يكاد يكون من المؤكد أن الكرملين سيضطر إلى الاستمرار في تقديم تنازلات من وراء الكواليس للغرب وأوكرانيا"، كما علق ميكوفيتش. "وعلى سبيل المثال، من الممكن تمامًا أن تكون موسكو قدمت "ضمانات أمنية" لكييف بأنها لن تضرب ما يسمى بمراكز صنع القرار في العاصمة الأوكرانية، مقابل النهج السلبي لأوكرانيا فيما يتعلق بترانسنيستريا".

واختتم الموقع تقريره قائلًا إن الانتصار الكبير لواشنطن سيكون هو فك تجميد الصراع بين مولدوفا وترانسنيستريا من خلال عملية مشتركة محتملة بين أوكرانيا ومولدوفا لهزيمة الانفصاليين المدعومين من موسكو. ولكن حتى لو دعم الغرب كييف وكيشيناو في سعيهما إلى تحقيق مثل هذه النتيجة، فلا توجد مؤشرات تشير إلى أن مولدوفا تفكر في مثل هذا الحل العسكري لهذا الصراع المجمد.

للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)


المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية كييف روسيا روسيا اوكرانيا كييف مولودوفا المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مولدوفا ترانسنیستریا فی ترانسنیستریا فی أوکرانیا فی مولدوفا الموقع أن إلى أن

إقرأ أيضاً:

أوكرانيا تستهدف مستودع ذخيرة رئيسي في روسيا

أكدت أوكرانيا أنها استهدفت، الأحد، مستودعاً لتخزين الصواريخ والذخيرة في غرب منطقة فولغوغراد الروسية، مواصلةً خطتها لشن هجمات مكثفة على منشآت موسكو اللوجستية.

وأعلنت روسيا التي لم تشر إلى الهجوم، أنها أسقطت 125 مسيرة متفجرة مصدرها أوكرانيا، منها 67 فوق منطقة فولغوغراد.
وأكد مصدر قريب من العمليات في قطاع الدفاع الأوكراني أن العملية نُفذت باستخدام "120 مسيرة متفجرة" بشكل مشترك بين جهاز الاستخبارات العسكرية وأجهزة الأمن والجيش.
وأوضح أن استهداف مستودع تخزين الصواريخ والذخائر والمتفجرات الواقع في قرية كوتلوبان الروسية "سيؤدي إلى تقليص حجم ذخيرة وحدات الجيش الروسي".

أوكرانيا وإسرائيل تورطان #بايدن وأمريكا في حروبهما..رغم أنفه https://t.co/RGLikXoVrJ

— 24.ae (@20fourMedia) September 28, 2024 وجاء في بيان لهيئة الأركان العامة للجيش الأوكراني أنه "عشية الهجوم، وصلت صواريخ إيرانية" إلى الموقع، دون أن تذكر ما إذا كانت هذه الأسلحة، التي مصدرها إيران، حليفة روسيا، قد تضررت بشكل مباشر في الهجوم الذي تسبب باندلاع "حريق".
ولم تبلغ روسيا، من جانبها، عن تأثيرات هذا الهجوم الجديد الذي يهدف إلى تعطيل لوجستياتها في مناطق القتال.
واكتفت وزارة الدفاع الروسية بالقول على تلغرام إن "الدفاعات الجوية دمرت واعترضت خلال الليل125 مسيرة أوكرانية".
وأكد حاكم فولغوغراد أندريه بوتشاروف في بيان عدم وقوع إصابات أو أضرار.
لكن قناة "ريبار" القريبة من الجيش الروسي أشارت على تلغرام إلى "دوي عدة انفجارات قرب كوتلوبان، حيث منشآت المديرية الرئيسية للصواريخ والمدفعية التابعة لوزارة الدفاع".
كما أفادت وسائل الإعلام الروسية المحلية بوقوع "هجوم ضخم بمسيرة" فيما تحدث سكان هذه المنطقة عن دوي "عدة انفجارات" خلال الليل.

مقالات مشابهة

  • روسيا اشتعال الحرب مـِْن جديد وبطريقة نوعية ..طائرات مسرة استهدف كييف
  • روسيا تهاجم كييف بموجة مسيّرات متفجرة
  • الجيش الأوكراني: روسيا تشن هجوما ليليا بالمسيرات على العاصمة كييف
  • أوكرانيا تستهدف مستودع ذخيرة رئيسي في روسيا
  • أوكرانيا تعلن استهداف منشأة عسكرية في روسيا
  • أوكرانيا تتهم روسيا بقتل7 مرضى بعد غارة على مستشفى في سومي
  • حرب روسيا ـ أوكرانيا.. حتمية التقسيم للخروج من الأزمة أو خسارة الطرفين (2 من 2)
  • قمة لـ50 دولة بقيادة أمريكية لتقديم مساعدات إضافية إلى أوكرانيا.. بايدن يدعم كييف بنظام باتريوت وقنابل بعيدة المدى وطائرات مسيرة
  • روسيا تعلن حصيلة جديدة لقتلى قوات كييف في كورسك
  • موسكو تعلن تحقيق إنجاز جديد في شرق أوكرانيا