رئيس الرقابة المالية: التكنولوجيا الرقمية ضرورية لتعزيز مستويات الشمول التأميني لكن بضوابط
تاريخ النشر: 19th, March 2024 GMT
شارك الدكتور محمد فريد رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية في فعاليات المؤتمر الإقليمي الرابع والثلاثون للاتحاد العام العربي للتأمين تحت شعار "من أجل صناعة تأمين عربي أكثر استدامة وشمولية: كيف يمكن للشركات العربية الانخراط في ثورة الذكاء الاصطناعي" الذي نظمته الجمعية العُمانية للتأمين، والأمانةُ العامة للاتحاد العام العربي للتأمين، في مدينة مسقط بسلطنة عمان.
وأكد المؤتمر خلال فعاليات، اليوم الأول على فرص النمو الكبيرة التي تتمتع بها الاقتصاديات العربية لنمو أداء قطاع التأمين، بينما يُنسب تواضع نسبة مساهمة القطاع في خدمة الناتج المحلي الإجمالي لدول المنطقة إلى وجود فجوة حماية كبيرة من المخاطر تؤثر سلبا على الاقتصاد والمجتمع كمخاطر المناخ والكوارث الطبيعية والصحة للأفراد، بالإضافة إلى التحديات التي يشهدها العالم من تطورات رقمية وتكنولوجية سريعة وتغيرات مناخية وكوارث طبيعية استثنائية، والتي تتطلب التكيف والابتكار وإعادة التفكير في العديد من المفاهيم والممارسات لمواجهة الوضع الجديد واستغلال الفرص التي يحتويها.
وناقشت أولى جلسات المؤتمر تقنيات التأمين الناشئة والجديدة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي وإعادة تشكيل قطاع التأمين العربي مع التركيز على الاستدامة والشمولية.
وشارك الدكتور محمد فريد رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية كمتحدث رئيسي في جلسة تحت عنوان "الأطر التنظيمية لاعتماد الذكاء الاصطناعي"، لمناقشة البيئة التنظيمية والاعتبارات السياسية التي تسهم في تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول مع ضمان الشمولية والاستدامة، وذلك بمشاركة متحدثين من سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية، وحاورهم الإعلامي موسى الفرعي، الرئيس التنفيذي لمؤسسة أثير.
وأكد الدكتور فريد أن الذكاء الاصطناعي هو الجزء المكمل لعمليات الرقمنة والتكنولوجيا، ويلزم وجود بيانات حاضرة حتى يمكن عمل التدريبات اللازمة التي يحتاجها الذكاء الاصطناعي كبرنامج إلكتروني لكي يصل إلى المخرجات كخطوة أولى في هذا المضمار، ومن ثم التنظيمات التي تنظم عمليات الذكاء الاصطناعي وكيفية التعامل من منظور ألا يطغى الذكاء الاصطناعي على أية قرارات أخرى، مشيراً إلى أهمية وجود بعض القواعد في البداية، منها قواعد التعرف على العميل على سبيل المثال إلكترونيا، ليوضح أن الفرص والمخاطر المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، ودور الرقيب في حماية سواء المستثمرين أو حاملي الوثائق من هذه المخاطر من خلال وجود قواعد لتأمين البيانات بصورة قوية جدا.
وأشار إلى جهود الهيئة المبذولة لتسريع وتيرة عملية التحول الرقمي ورقمنة المعاملات بالنظام المالي غير المصرفي دعمًا لرؤية الهيئة في تحقيق الشمول المالي وتعزيزًا لجهود الحكومة المصرية في توسيع قاعدة المستفيدين من الخدمات المالية غير المصرفية لتحسين أحوالهم وتحقيق تطلعاتهم الاستثمارية والتمويلية والتأمينية.
وأوضح ان الهيئة اصدرت بعض القرارات التنفيذية لتفعيل قانون رقم 5 لسنة 2022 بشأن تنظيم وتنمية استخدام التكنولوجيا المالية في الأنشطة المالية غير المصرفية الخدمات المالية غير المصرفية حيث أصدرت 3 قرارات تنفيذية لرقمنة المعاملات المالية غير المصرفية، قرار رقم 139 لسنة 2023 للتجهيزات والبيئة التكنولوجية، قرار رقم 140 لسنة 2023 للهوية الرقمية والعقود الرقمية والسجلات الرقمية، قرار رقم 141 لسنة 2023 لإنشاء سجل لمقدمي خدمات التعهيد، كما قامت بتعديل رأسمال الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية لتصبح 15 مليون جنيه كحد أدنى لمزاولة أنشطة التمويل غير المصرفي، وهو الأمر الذي يسمح للشركات الناشئة في مجال التمويل غير المصرفي بالعمل تحت مظلة رقابية، و هذا القرار ينظم الترخيص للشركات الناشئة في مجال خدمات التمويل غير المصرفي ولا يمتد أثرها للشركات الناشئة بصفة عامة.
وعلى هامش مشاركته بالمؤتمر عقد الدكتور فريد سلسة مقابلات بدأها بالاجتماع مع مسئولي الهيئة العامة لسوق المال بسلطنة عمان، عبد الله بن سالم السالمي، الرئيس التنفيذي، وأحمد بن علي المعمري، نائب الرئيس التنفيذي ، وأحمد رشيد السوطي رئيس قسم المنظمات والتعاون الدولي، حيث بحث الطرفان سبل تعزيز مجالات التعاون القائمة والمحتملة بين الهيئة العامة لسوق المال بسلطنة عمان والهيئة العامة للرقابة المالية المصرية.
جدير بالذكر أنه قد تم إجراء ورشة عمل تدريبية من خلال منصة ZOOM الافتراضية لاطلاع الجانب العماني على التجربة المصرية في مجال الرقابة على الشركات العاملة في الأوراق المالية خلال الفترة من 15 إلى 17 أكتوبر 2023، وقد تناولت الورشة مناقشة عدة موضوعات منها آلية التخطيط لبناء الخطط الرقابية وعدد الكيانات الخاضعة للرقابة والكيانات الواجب مراجعتها سنوياً وآليات مراجعة الإفصاحات وطرق المراجعة المكتبية وطرق المراجعة الميدانية وطبيعة العقوبات وسياسات تحديدها.
بالإضافة إلى برنامج تدريبي في مجال التأمين الهندسي في مدينة صلالة بسلطنة عمان خلال الفترة من 13 إلى 5 نوفمبر 2023 للسوق العماني، قدم المحاضرة تامر سودان - رئيس قطاع التأمينات الهندسية بشركة GIG للتأمين مصر وعضو لجنة التأمين الهندسي بالاتحاد المصري للتأمين، وذلك بهدف منح المشاركين المعرفة الشاملة بالتأمين الهندسي وأنواعه والأخطار المرتبطة به وأنواع الخسائر وإدارتها، بالإضافة إلى التعرف على اكتتاب وتسوية وإدارة المطالبات المرتبطة به وإعادة تأمينه.
وفي ختام الاجتماع طلب الجانب العماني انتداب خبراء من الهيئة في مجال الرقابة على التداول والافصاح والتدقيق الميداني وفي مجالات التأمين، بهدف الاستفادة من خبراتهم المتراكمة ونقلها إلى الزملاء في الهيئة العمانية، وهو ما رحب به رئيس الهيئة.
وشهد المؤتمر في يومه الثاني ثلاث جلسات تناولت ممارسات التأمين المستدامة والحلول الوطنية والإقليمية للتأمين ضد الكوارث الطبيعية والأطر التنظيمية لاستخدام الذكاء الاصطناعي وإعداد المعنيين في قطاع التأمين للتطورات التكنولوجية في المنطقة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الاستثمار الامانة العامة التكنولوجيا الهيئة العامة للرقابة المالية الهيئة العامة للرقابة الذكاء الاصطناعي الدكتور محمد فريد المالیة غیر المصرفیة الذکاء الاصطناعی الهیئة العامة قطاع التأمین بسلطنة عمان فی مجال
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي.. إلى أين؟ الرُّوبوت العاطفي وأنسنة الآلة
الفاهم محمد
أخبار ذات صلة أحلام إبداعية على أجندة 2025 متاحف الإمارات.. جسورٌ بين الحضاراتلطالما اعتبرت المشاعر الإنسانية، سواء من طرف الأدباء أو الفلاسفة، شيئاً مقصوراً على الإنسان، فهي تدخل في صميم الجوهر الإنساني. لقد أبدع الأدب بالخصوص في تصوير عذابات البشر، والتباسات هذه المشاعر، مثل الحسد والغيرة، والسعادة والحزن، والخيانة والحب وغيرها. والآن مع ما نعيشه في زخم الثورة الرقمية، يطلع علينا الذكاء الاصطناعي مزهواً بنفسه، كي يدعي قدرته على تقديم محاكاة دقيقة لبواطن الإنسان، وعلى تجاوز التعقيد والثراء الذي تنطوي عليه تلك المشاعر، التي تجعل من الإنسان إنساناً، وليس مجرد آلة لمعالجة المعلومات.
إن محاكاة هذه المشاعر الإنسانية من قبل الذكاء الاصطناعي، تطرح تساؤلات فلسفية عميقة، حول ما إذا كان بإمكان الآلات أن تصل إلى مستوى من التطور، يجعلها قادرة على تجربة هذه العواطف بطريقة مشابهة للإنسان،. وإذا تحقق هذا الأمر بالفعل في المستقبل، فإن هذا من شأنه أن يطرح تساؤلات أخرى، حول ماهية الإنسانية ذاتها، بل وإلى إعادة تعريف مفهوم «الإنساني» ذاته.
بدأت أصداء الذكاء الاصطناعي في مجال الخيال العلمي، وبالضبط الأعمال السينمائية، قبل أن تجد تطبيقاتها الفعلية في الواقع. هناك العديد من الأفلام التي تناولت هذا الموضوع، أشهرها فيلم ستيفن سبيلبرغ 2001 A I Artificial Intelligence الذي يركز على طفل روبوت يدعى دافيد، يحلم بأن يتحول إلى طفل حقيقي يقول: «أنا لست لعبة بل نموذجاً متطوراً من الذكاء الاصطناعي». كما يقول أيضا: «أنا أريد أن أكون طفلاً حقيقياً». طوال الفيلم نلاحظ أن هذا الروبوت، يسعى جاهداً إلى كسب ود العائلة التي استضافته، كي تبادله الحب كما لو كان ابنهم الحقيقي. بذلك فهو يطرح سؤالاً فلسفياً محرجاً: «ما هو الهدف من الحب إن لم يكن تلقي الحب في المقابل». وبعد محاولات في العثور على «الفراشة الزرقاء» التي ستجعله إنساناً، يكتشف أنها مجرد أسطورة، وأنه لن يتمكن أبداً من أن يصبح إنساناً، لذلك يقرر الانتحار عن طريق الغرق في البحر.
مشاعر رقمية
وفي فيلم Her من إخراج سبايك جونز سنة 2013 نستكشف علاقة عاطفية بين تيودور الرجل المنعزل، وبين نظام تشغيل ذكي يدعى سامانثا يتمتع بقدرات عاطفية مذهلة، تجعل البطل يقع في علاقة غرامية معه، مفضلاً إياه على علاقة طبيعية مع جارته. تقول سامانثا:«أنا لست إنسانة، ولكن أنا أحبك» فمن خلال هذه الكلمات تحاول إقناع تيودور، بأنها قادرة على الحب والحنان، على الرغم من كونها ذكاءً اصطناعياً، ولكي تؤكد عمق مشاعرها وصدق حبها تقول: «أنا أحب كل شيء فيك، حتى أوجه الضعف والقصور فيك»، ولكن على الرغم من تطور هذه المشاعر، إلا أن الفيلم يشير إلى أنه لا يمكن للمشاعر الرقمية، أن تحل محل التفاعلات والروابط البشرية الحقيقية. نلاحظ في المشهد الختامي تيودور وحيداً، وهو يبكي على فراق سامانثا، التي قررت عدم الاستمرار في علاقتها بالطريقة التقليدية التي يريدها.
وأخيراً، وليس آخراً لدينا فيلم EX Machina من إخراج أليكس جارلاند سنة 2014، والذي يتناول موضوع روبوت متطور يدعى إيفا يتمتع بوعي ذاتي، وبقدرات عاطفية شبيهة بالبشر. وبعد اختراع هذه الإنسانة الآلية سيقع مخترعها في حبها، لكننا سنكتشف في سياق الفيلم أن إيفا في الحقيقة استعملت الحب كطعم، كي تجذب إليها البطل كاليب من أجل تحريرها. تقول: «أريد أن أكون حرة، أريد أن أغادر هذا المكان». إن الشعور بالحرية والحب يضعنا أمام آلة تتمتع بأعمق الخصائص الإنسانية. وينتهي الفيلم نهاية مثيرة، عندما تتمكن إيفا من التحرر وحبس كاليب داخل المنشأة، ثم تخرج إلى العالم الخارجي كما لو كانت إنسانة عادية.
تنظيرات الآلات الروحية
تنظيرات عديدة دافعت عن إمكانية محاكاة الذكاء الاصطناعي لعواطف الإنسان، سنكتفي هنا فقط براي كورتزفايل الذي يمكن نعته بعرّاب ما بعد الإنسانية. فهو يرى في كتابه «عصر الآلات الروحية»، إمكانية تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي، قادرة على التفاعل البشري والتعبير عن المشاعر. إن هذه الآلات الروحية في نظره سيكون بإمكانها التعلم والتطور الذاتي، واكتساب المشاعر والتعاطف والوعي. هذا معناه أن محاكاة المشاعر الإنسانية، ستصبح جزءاً أساسياً من التطور التكنولوجي للذكاء الاصطناعي في المستقبل المنظور. ويؤكد كورتزفايل أيضاً بنبرة حماسية، أنه من المتوقع لهذه التطورات أن تفضي إلى علاقات أكثر تفاعلية وطبيعية بين البشر والآلات، مما يغير بشكل جذري الوضع البشري.
هذه الأفكار التي يدافع عنها كورتزفايل، أو تلك التي تناولتها الأعمال السينمائية، ليست مجرد طروحات نظرية، ولا هي فقط خيال فني جامح. بل هناك بالفعل تطبيقات ملموسة للذكاء الاصطناعي، تمتلك القدرة على محاكاة المشاعر الإنسانية نذكر منها Alexa من أمازون، وتطبيق Siri من آبل، وهي تطبيقات تحاول التفاعل مع المستخدمين بلغة طبيعية، وتقديم ردود ذات طابع شخصي عاطفي. هناك أيضاً الشخصيات الافتراضية والوكلاء الرقميون، فقد طورت شركات مثل REplika وشركة Anima.ai شخصيات افتراضية قادرة على التحدث والتفاعل بطريقة شبيهة بالبشر. يجب أن نتحدث أيضاً عن الروبوتات الاجتماعية، التي بدأت تحضر بقوة في الفضاء العمومي مثل Pepper المصمم للإظهار تعبيرات وردود فعل عاطفية. وParo المصمم للاستخدام في مجال الرعاية الصحية، وهو روبوت يستجيب للتربيت وZora المصمم للتفاعل مع كبار السن، كما أنه يظهر سلوكيات إنسانية.
أكثر من هذا طُوِّر العديد من الأنظمة الذكية، التي لديها القدرة على إظهار تعبيرات عاطفية، كالضحك والبكاء مثل برنامج EVA من شركة cereproc والذي بإمكانه إنتاج تعبيرات صوتية. وبرنامج sophia وهو روبوت إنساني واجتماعي من شركة Hanson Robotics قادر على إبداء تعبيرات الضحك والدهشة من خلال قسمات وجهه.
حوسبة العواطف
رغم تطور هذه الأنظمة الذكية في تقليدها للعواطف البشرية، إلا أنها لا تزال لحد الآن على الأقل عاجزة عن تقديم محاكاة دقيقة لما يمكن أن يحس به الإنسان من حزن أو فرح. إن هذا الأمر يعود إلى تعقد هذه المشاعر وتداخلها فيما بينها. فالإنسان يمكنه أن يحب الشيء من جوانب، ويمكنه أن يكرهه من جوانب أخرى. كل هذا يؤكد أن العواطف البشرية، ليست مجرد تعبيرات سطحية يمكن حوسبتها، إضافة إلى هذا فالمشاعر البشرية، تنشأ في ارتباط بسياق اجتماعي ونفسي. كما أنها تكون نتيجة تراكمات حدثت خلال مدة زمنية طويلة من تجربة الحياة. ومن ثم فهذا النوع من الفهم السياقي الدقيق لا يزال بعيداً عن الروبوتات الذكية. يتعلق الأمر إذاً بمدى قدرتنا على أنسنة الآلة، ولكن ليس بمعنى جعلها مطابقة في صفاتها للبشر، بل المقصود هو إنشاء نوع من التفاعل والترابط بين البشر والآلات، لأن الهدف هو صنع تعاون واندماج بين القدرات البشرية والآلية، بحيث يكمل كل منهما الآخر، لذلك ستظل التجربة الإنسانية في شموليتها تنبع من طبيعة الإنسان، إضافة إلى التباسات المشاعر، وآلام الروح التي تعتصر قلب الإنسان، ستبقى هي كذلك خارج نطاق فهم الأنظمة الذكية، فلا الآلات يمكنها أن تصبح بشراً، ولا البشر يمكنهم أن يتحولوا إلى آلات.