أكد الدكتور محمد الخشت رئيس جامعة القاهرة، خلال كلمته الرئيسية في الجلسة الختامية للمؤتمر الدولي "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" والذي أقيم بمكة المكرمة تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، على أن من أخطاء علم العقائد (علم الكلام) تقعيد القواعد وتفريع الفروع، وتكفير المخالفين؛ حتى تحول "الإيمان البسيط" إلى "كهنوت غامض" بعيد عن طابع الإسلام الأول، لصالح منظومات عقائدية متناحرة تدفع الأمة إلى حرب الجميع ضد الجميع.

وشارك الدكتور الخشت، بورقة بحثية بعنوان "من التنوع المميت إلى التنوع الخلاق"، خلال المؤتمر الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي بدعوة خاصة من الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى الأمين العام ورئيس هيئة علماء المسلمين ورابطة الجامعات الإسلامية، بمشاركة عدد من كبار الشخصيات الإسلامية ورجال الدين وكبار العلماء من مختلف المذاهب الإسلامية، ومن مختلف دول العالم.

وقال الدكتور الخشت، إن (الفرقة الدينية) تُطْلَق على الجماعات التي لها موقف عقائدي يميزها عن غيرها، وليس المقصود مذاهب الفقهاء الذين اختلفوا في فروع الفقه مع اتفاقهم على أصول الدين؛ ونحن نرى تعددية الصواب فيما اختلف فيه المسلمون من فروع الفقه قياسا على إقرار النبي لصواب الفريقين من الصحابة في طريقة تنفيذ أمره: "ألا لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة".

وأضاف الدكتور الخشت: إذا كان البعض يزعم أن الأمة الإسلامية قد انقسمت إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة تحديدا، اعتمادًا على خبر صحته محل اختلاف، فإن استقصاء الفرق في الواقع يكشف أنها تزيد على ذلك أضعافا مضاعفة، مما يضعف متن هذا الحديث لمخالفته للواقع الفعلي المتحقق في التاريخ من حيث عدد الفرق، موضحا أنه رغم شهرة "حديث الافتراق"، فإن من العلماء من حكموا بعدم صحته مثل ابن حزم، والشوكاني وابن الوزير.

وأشار الدكتور الخشت إلى أنه من أكبر الأخطاء المميتة لعلم العقائد، تحول التنوع معه إلى تنوع مميت مهلك قائم على التكفير والإقصاء، والفشل فشلًا ذريعًا في الوصول إلى تنوع خلاق، وكيف يمكنه أن يصل لهذا وهو يقوم على التكفير للمخالف، والتبديع لكل من أتى بجديد؟، وأنه لا يوجد أي معيار موحد ومتفق عليه بين علماء الملل والفرق لتقسيم الفرق الإسلامية، وكل منهم له منهجه في تعيين المعيار الذي يستند إليه ويميز به طبيعة الخلافات بين الفرق الإسلامية.

وأكد الدكتور الخشت، خلال كلمته، أن الخلاف في حد ذاته ليس رذيلة عند الذين يتمتعون بـ "العقلانية التواصلية"، ويعرفون معنى "العقل المشترك"، لكن الرذيلة الحقيقية هي عدم احترام الرأي الآخر، وعدم الإيمان بالسنة الإلهية الكونية في "التنوع"، وادعاء كل فصيل امتلاك الحقيقة المطلقة، ومن ثم تكفير الآخر، ثم استحلال دمه وماله وعرضه وأرضه، مشيرا إلى أن المعايير العقائدية يتم توظيفها سياسيًّا في الصراع الدائر قديمًا حول "الإمامة السياسية"، والدائر حديثًا حول "الحاكمية الإلهية".

ودعا الدكتور محمد الخشت، إلى غلق صفحة تعارك الفرق العقائدية القديمة، والخروج من حرب الخنادق التي تحصنت بها الفرق المتصارعة منذ فتنة سيدنا عثمان بن عفان وحتى الآن، ونخرج منها نحو رؤية جديدة للعالم نقوم فيها معا ببناء الجسور بين المتنوع والحي منها حتى الآن، إذا كانت لدينا النية والإرادة لتأسيس خطاب ديني جديد يقوم على التنوع الخلاق لا التنوع المميت.

ووجه رئيس جامعة القاهرة، التحية إلى المبادرة الجديدة التي تدعو لبناء الجسور بين المذاهب على أساس من التنوع الخلاق بين المذاهب، لكنه ليس التنوع المميت على طريقة الأخوة الأعداء، وإنما هو تنوع أعضاء الجسد الواحد، تنوع الجزر التي تربط بينها جسور تقوم على المشترك الديني والإنساني، مضيفا: فلا يجب أن نكون متفقين حتى نعيش في سلام.

IMG-20240319-WA0006 IMG-20240319-WA0007 IMG-20240319-WA0005

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الأمير محمد بن سلمان الجامعات الحرمين الشريفين الإسلامية المذاهب الإسلامية الملك سلمان بن عبدالعزيز جامعة القاهرة علماء المسلمين الدکتور الخشت

إقرأ أيضاً:

باحث سعودي: قمة الرياض والقاهرة فرصة لموقف عربي موحد بشأن غزة

قال سلمان الأنصاري، رئيس لجنة العلاقات السعودية الأمريكية، والباحث السعودي، إن قمة الرياض غدا واجتماع القاهرة المقبل بمثابة فرصة لاتخاذ موقف عربي موحد بشأن غزة.

كاتب: قمة الرياض تعزز التنسيق العربي المشترك حول قضايا الشرق الأوسطالرئيس السيسي يصل الرياض للمشاركة في اجتماع غير رسمي حول القضية الفلسطينية

وأضاف خلال مداخلة مع برنامج "مساء دي إم سي"، على قناة "دي إم سي"،: "لن يصدر بيان ختامي لقمة الغد في الرياض... اللقاء تشاوري"، لافتا: "نتطلع لبلورة موقف عربي موحد تجاه القضايا الإقليمية خلال القمة العربية المرتقبة في مصر".

وتابع: "لا يجب التفكير في ملف غزة بمعزل عن بقية التطورات الإقليمية"، مؤكدا: "التهجير "خط أحمر" وخطة ترامب "غير واقعية وغير إنسانية".

وأكد أن أحلام إسرائيل بالتطبيع مع السعودية "باتت بعيدة".. ولا تطبيع سعودي مع إسرائيل إلا بتطبيق حل الدولتين"، لافتا: "البعض يعتبر حل الدولتين بات "وهما".. ولكن الوحدة العربية قادرة على تحقيق المستحيل".

مقالات مشابهة

  • محامي رجل الأعمال المتهم بالنصب على مجدي أفشة يكشف: يوجد محاضر جديدة ضد موكلي
  • هالة جلال: السينما الجيدة ليس لها علاقة بجنسية البلد المصنعة للفيلم
  • أحمد سليمان: يوجد لاعيبه في الأهلي يريدون الانتقال للزمالك
  • هالة جلال: 50 دولة شاركت في مهرجان الإسماعيلية الدولى للأفلام التسجيلية
  • المخرجة هالة جلال: 50 دولة شاركت في مهرجان الإسماعيلية الدولى للأفلام التسجيلية
  • مسلسلات رمضان 2025.. Watch it تواصل الترويج لـ «الشرنقة» لهذا السبب | فيديو
  • باحث سعودي: قمة الرياض والقاهرة فرصة لموقف عربي موحد بشأن غزة
  • لاعب الهلال السوداني: لا يوجد منافس للأهلي في أفريقيا
  • الجامعة العربية تحذر من أي خطوات قد تؤدي لتقسيم السودان
  • هل تسعى الدعم السريع لتقسيم البلاد؟