أحمد عبد القادر كرف: تولت سنين الصبا الوارفات ولم تبق إلا العجاف المسنة
تاريخ النشر: 19th, March 2024 GMT
عبد الله علي إبراهيم
كانت ليلة أول أمس هي ليلة سهرت فيها مع الشاعر أحمد عبد القادر كرف (1915-1989) المعلم المريخابي القامة. فكنت أريد أن أحشي لقصيدة تاج السر الحسن "أسيا وأفريقيا" في الموضع الذي ذكر فيه معركة ديان بيان فو التي كسر فيها الوطنيون الفيتناميين بقيادة هوشي منه جيش المستعمرين الفرنسيين عام 1954.
وعرفت عن "شعراء الكتيبة" التي انتسب لها علماً فوق ما استفدته من الشاعر المجذوب وكان أول من كلمني عنهم. وهي جماعة شعراء أكثرها من تتلمذ على الشيخ الطيب السراج. وكانت تجتمع في مكتبة حسن بدري بأم رمان. ووصف أحدهم أشعارهم بالإخوانيات من وهجاء ومراسلات على طريقة "العباسيين المتأخرين ويسود لغتهم الحوشي (الغريب)، والسخرية، وذم الزمان". وزاد بأن جوهر شعرهم "الاكتئاب من روح العصر السياسي ومحاولة الهروب للخلوة والبرية". واذكر هذه الصفة من أحاديثي مع المجذوب. فقال إن "شعراء الكتيبة"، وهكذا عرفوا، كانوا قد عادوا من حقل السياسة بخيبة فجنحوا إلى نهش بعضه البعض في الهجاء المليح.
مما جد علي من علم عن كرف أنه هو من كتب الأبيات المنقوشة على قبر عميد الفن الحاج سرور بأسمرا بأريتريا. وهذا ما جاء في قولهم عن معاوية حسن يسن في الجزء الأول من كتبه عن فن الغناء والموسيقي:
أصبحت أول ما صدحت مغردا
باسم الديار وكنت أبرع من شدا
ولك الروائع من أغانيك التي
مازال يسرى في النفوس لها صدى
يا باعث الفن الأصيل تحية
من شاطئ النيلين يغمرها الندى
تغشى ثراك وتستهل غمامة
تهمي وتسقى بالدموع المرقدا
وذكر الشاعر صديق مدثر تلمذته على يد كرف في لقاء له بالسودانيين في الرياض. وقال إنه كان يرعى ملكة الشعر فيمن توسم فيهم الملكة. واستغربت أن صديق لم يذكر رواية مشهورة عن كرف وأغنيته الذائعة "يا ضنين الوعد". فالمروي عنها عن الكابلي أن كرف لقي الكابلي وأنبه قائلاً إنك يا كابلي وصديق تحدثان امراً في اللغة. فقال له ما تأخذه علينا. قال: تقولون يا "ضنين الوعد" وصحتها "يا ضنيناً بالوعد". وخرجها على حد الفعل المتعدي وغير المتعدي. ولم يدخل التخريج رأسي.
أما ما علق مني عن كرف منذ سمعت قصيدته عن هوشي منه أنه وعر القوافي. وربما هذا لأنه لزّام ما لا يلزم فيها في دلالة تبحره في علم العربية. فرثاه عبد الله الطيب قائلاً:
سقت قبرك الغيمة المرجحنة
يا كرف الخير والموت سنة
واستعاد عبد الله الطيب هنا قولاً قديماً لكرف عنه التزم فيه بحرفي روي وهما النون والهاء:
عطفت فلم ألو عنك الأعنه
وكم ليَ من حَنّة بعد حنه
تولت سنين الصبا الوارفات
ولم تبق إلا العجاف المسنة
فليتني في النصف (هل هي المنصفون؟) الرباب (أصحاب أو الجماعة من عشرة؟)
أغير وحولي الطبول المرنّه
فذرني والمقرفين الغواة
أولي الضغن والعتكات المصنّه
عسى الله يحسر من كيدهم
ويرمي أنوف العبدّى الأقنه
فهم مذ أصابوا الحياة
خساس النفوس ومذ هم أجنه
كان رحمه الله حجة في اللغة غريداً بها. أشجاني القدر القليل عنه في النت ليلاً بطوله.
IbrahimA@missouri.edu
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: عبد الله
إقرأ أيضاً:
تنصيب “محمد الطيب عبود” رئيسا مديرا عاما جديدا للمجمع الجزائري للنقل البحري
أشرف وزير النقل، السعيد سعيود، مساء اليوم، على مراسم تنصيب “محمد الطيب عبود” رئيسا مديرا عاما جديدا للمجمع الجزائري للنقل البحري “GATMA”، خلفا لـ نادية رابية.
وحسب بيان الوزارة جرت مراسم التوقيع بحضور إطارات من الوزارة، وعدد من مسيري المؤسسات العمومية القطاعية وفروع المجمع.
وبالمناسبة، شدد السعيد سعيود على ضرورة تحسين تسيير مجمع النقل البحري بفروعه، وترقية أدائه والعمل الصارم والتنسيق بين جميع الفاعلين.
بالإضافة إلى إستغلال كافة الإمكانيات والوسائل المتوفرة لرد الإعتبار للنقل البحري الجزائري وأسطوله، ومواكبة التطورات الحاصلة عالميا، وبلوغ الأهداف المسطرة.