أثير – محمد الهادي الجزيري
العناد الأكبر..
هذا ما أسمّيه حالة الفلسطينيين الآن، فأن تُقتل وتَجوع وتُشرد وتُنزع نزعا من مكانك وأنت تقول: لا فذاك هو العناد الأكبر…
نشيجي هذا ناتج لما أراه وما أسمعه، لو كنت صخرة لتفتّتُ.. وكذّبتُ الشاعر القديم تميم بن مقبل حين قال:
“ما أطيبَ العيشَ لو أنّ الفتى حجرٌ// تنبو الحوادثُ عنهُ وهو ملمومُ”
وقد قالها بعده الراحل محمود درويش حين ردّد: ليت الفتى حجر، فيا ليتني فولاذ بل يا ليتني اللاشيء، حتّى لا أرى ما أراه من سريالية فظيعة.
غزة تحوّلت إلى كتلة كبيرة من الركام، الخراب، الدمار،وقل ما شئت، والعالم مستنكر مندّد بأشدّ العبارات المتاحة بهذا العدوان الشيطاني.. ولا من مجيب، غزة لم تعد صالحة للعيش فيها للإنسان والحيوان، الكل استوى مع الأرض، والقصف والهدم والقتل وبتر الأطراف متواصل، والجنود الإسرائيليون لا همّ لهم إلا مزيد فعل الدمار، وأنا وأنت ونحن نتابع هذا المسلسل التافه بكلّ ألمٍ وفجيعةٍ صحيح، ولكنّنا عاجزون تماما عن فعل أي شيء، إلا البكاء والعويل والنواح على حالنا المزري الذي لا يشبه حالة أخرى في التاريخ الإنساني (المجيد)، فلم يشهد التاريخ أنّ جماعة يُقتل أفراد منها ويُباد قسم منها على المباشر دون حركة أو تململ إلا بعض الآنات والتأوّهات كالتي يقوم بها اليمن العظيم بصراحة أقولها: نحن في حالة موت سريري وانتهى الأمر.
إلاّ صورة هذا الصبيّ المتحصّن بحطام بيته، بمعنويات حديدية واستثنائية، يطلّ على الصحفي من حفرة ويقول له:
“نحن هنا صامدون”. هذا هو العناد الأكبر.
ماذا أقول، وقد قيل ما قيل، ولقد أصبحتُ كلّما شاهدتُ على أدوات التواصل مسيرات تضامنية مع غزة في دول غير عربية وغير مسلمة أشعر بالخزي وباحتقار رهيب لنفسي، أخذوا كلّ القيّم النبيلة وتركوا لنا الثرثرة، اللعنة.
ماذا أقولُ، سأستنجد دوما بقصيدة حين أعجز عن مجاراة ما يحدث حولي، هذا هو قدري الشعر هو منقذي ممّا أنا فيه، ولعلّ هذين المقطعين فيهما من الأمل رغم التاريخ الحديث الأسود الذي أتطرّق له:
“كذبوا عليْ
لم أنقطع عن خلقك الشعريّ من ملل ولا كلل
وما جفّت يدايَ
وما تركتك للغبار طوال أعوام
لأصطاد الدمى وأعبّ حانات القفارِ
فقط هرعتُ إلى دمي
لأكون درعا في مواجهة المغولِ
ظننت أنّي أستطيع
وما استطعتُ سوى الذهول
ظللتُ أطلق في اتّجاه الريح لاءاتي
وأبكى خفية أبهى الخيول
ظننت أنّي أستطيع
وما استطعت سوى اللجوءِ إلى متاهات الكحول
فكلّ من في الأرض ضدّ دمي النبيل
جميعهم ضدّي وأوّلهم أخي
فترفّقي بالشاعر المهزوم
كفّي عن حيادك وانصريني
أنت آخر قلعة في الأرض
فانفتحي لإنساني وأحزاني وعشقي من جديد
لن تكون نهايتي مُثلى على أيدي القبائل والمغولِ”
المصدر: صحيفة أثير
إقرأ أيضاً:
أموال ستصلُ إلى لبنانيين.. وزارة تعلن التاريخ
أعلن المكتب الإعلامي لوزارة الشؤون الإجتماعية للمستفيدين من برنامج "أمان" في بيان، أنه "سيتمّ تحويل المساعدة الشهريّة لـ166,772 أسرة لبنانيّة مستفيدة من برنامج أمان، إبتداءً من 25 تشرين الثاني 2024، على أن تستمر عمليّة تحويل الأموال لمدّة أسبوعٍ كامل بسبب العدد الكبير من المستفيدين".يُذكر أن "برنامج أمان" هو الإسم الذي تمّ إختياره لبرنامج المساعدات الماليّة المخصّص للأسر اللبنانية الأكثر فقراً بعد دمج المستفيدين من "البرنامج الوطني لدعم الأسر الأكثر فقراً" (بطاقة الشؤون) و"برنامج أمان".