الحكيم: يجب أن ننتهي من فصول التشكيك والتفريق بين أبناء الأمة
تاريخ النشر: 19th, March 2024 GMT
19 مارس، 2024
بغداد/المسلة الحدث: دعا رئيس تحالف قوى الدولة الوطنية، عمار الحكيم الدول الاسلامية الى ترميم بيتها الكبير وإيجاد شراكات اقتصادية وتجارية كبرى.
وقال السيد الحكيم في مؤتمر بناء الجسور بين المذاهب الاسلامية في مكة المكرمة والتي القيت بالنيابة عنه “يسعدنا أن نجتمع في ضيافة المملكة العربية السعودية و في رحاب حرم الله الآمن و قبلته الجامعة و بيته المبارك الذي جعله قياماً للناس و هدىً للعالمين ، الذي رفع إبراهيم و إسماعيل قواعده ليكون مطهراً لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ، هنا حيث مهد الإسلام و مهبط الوحي و مهوى الأفئدة، لنلتقي بالتزامن مع شهر ضيافة الله ، شهر رمضان المبارك .
وأضاف “الشكر موصول لرابطة العالم الإسلامي و أمينها العام معالي الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى ، على دعوته الكريمة إلى هذا المؤتمر النوعي وغايته السامية في تحقيق وحدة المسلمين و جمع كلمتهم وتعضيد روابطهم الإسلامية والايمانية، وما أحوجنا إلى هذه اللقاءات و الحوارات و المناقشات البناءة الجادة التي تبني الجسور وتعزز الروابط بين أبناء الأمة الواحدة وتطيب النفوس وتنور العقول وتقارب القلوب وتوحد الكلمة ،تجسيداً لقوله سبحانه ( إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) وقوله تعالى ( وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ).
وتابع السيد الحكيم “مما لاشك فيه أن الإسلام بما يحمله من رؤى و قيم و مبادئ إلهية و إنسانية ، ولد منذ اليوم الأول ليكون جامعاً ومتمماً وخاتماً لكل الرسالات على امتداد حياة البشرية ، منذ أبينا آدم (عليه السلام) ، وصولاً لرسولنا الخاتم (صلى الله عليه وآله و سلم) ، مما يدلل بوضوح على أن هذه الشمولية في احتواء خط النبوة والوحي عبر مساراته التاريخية ، تجعل منه قادراً على احتواء أبنائه وأتباعه وحملة أمانته الذين تبنوا رؤيته و آمنوا به صدقاً و عدلاً و فعلاً و قولاً ، لكي يتكاتفوا في ترسيخ هذه الرؤية الكونية وتبيانها للعالم أجمع”.
وبين إن “تعدد القراءات و تنوع المسارات و تراكم الإرث و حجم الموروث و سعة التراث الإسلامي والأثر الشاخص ، كلها إشارات دالة على عظيم قدر الرسالة ومكانة الرسول ورعاية المرسل ، من أجل هدف عظيم وجسيم هو اشاعة عقيدة التوحيد: (قولوا لا اله الا الله تفلحوا) وتوحيد المخلوق بقوله ( ما خلقت الجن و الإنس الا ليعبدون ) أي ليتحرروا من كل نزاعاتهم و نوازعهم و أهوائهم و هوياتهم الفرعية لصالح عبادة الواحد الأحد الفرد الصمد ، الذي خلق بني آدم متساوين مكرمين مطهرين محترمين ، ليكونوا خير خليفة له في الوجود”.
ولفت الى انه “حين ننظر للإسلام من زاوية الرسالة و الأهداف و العنوان الأكبر ، تتصاغر عندنا الاختلافات البينية و تتوحد عندنا المجهودات الفرعية ، لتصب في مجرى الدعوة المحمدية الغراء إلى الوحدة والسلم والقول الطيب والحياة الصالحة والحوار البناء ، للارتقاء بحياة الإنسان وبأهدافها و زادها وصولاً إلى معادها و رجوعها لبارئها وخالقهاالعظيم”.
وبين السيد الحكيم “ومع هذه الخصائص الغنية لايمكن أن تتصور أن هناك مذهباً إسلامياً يختلف ويتقاطع مع عالمية الإسلام وعظيم رسالته ، التي تقع مسؤوليتها على عاتقنا جميعاً كأمة مسلمة واحدة ، لأي مذهب انتمينا و أي مشرب اخترناه وأي مسلك تبنيناه، وانطلاقا من هذه الرؤية الإسلامية المتكاملة ، يجب أن نتبنى معاً مهمة مد جسور التفاهم و الحوار الإسلامي الداخلي لتنظيم بيتنا الكبير أولا ، قبيل التوجه إلى العالم ومفاتحته و محاورته بما نملك من رؤية و منطق و ثروة فكرية و روحية و قيمية”.
وأكد إن “قبولنا لبعضنا وتقبلنا لحقيقة الاختلاف و إدارتنا لواقع التنوع و التعدد ، وإيماننا بأهدافنا السامية ، يجعلنا أكثر إدراكا لمسؤولياتنا الإسلامية بعيداً عن المجاملات والشعارات و التجاذبات ، ويدفعنا نحو القول السديد و العمل الصالح والجهد المشترك”.
ودعا السيد الحكيم إلى التركيز على النقاط التالية :
أولا : إن المذاهب الإسلامية على تعددها و تنوعها تشكل قراءات متنوعة تنبع من نسخة واحدة جوهرها الإسلام والوحي المصان و القبلة الواحدة و الشعائر الإسلامية ، ويجب أن نتفهم تماما الاختلافات الطبيعية في القراءات و مصادرها.
-وانطلاقاً من ذلك يجب أن ننتهي من فصول التشكيك والتفريق بين أبناء الأمة الواحدة ونعلن قبولنا الرحب والمنطقي والعقلاني لهذه الاختلافات ، بل يجب حصرها على المستوى العلمي و الفكري و المعرفي بعيداً عن أجندات المتطرفين و الجهلاء و الدخلاء الذين يريدون جر المجتمعات الإسلامية إلى الاقتتال و التنافر و الفرقة .
-وما أكثر الاختلافات و الاجتهادات و المناقشات داخل المذهب الواحد ، فضلا عنها في المذاهب المتعددة ، وهو أمر يصلح لشحذ العقول والأفكار والطاقات لصالح الإسلام ونشره وتكريسه من زوايا وأطر متعددة ومقنعة.
ثانيا : إن الأمة الاسلامية بعددها الذي يربو على مليارين مسلم في مجتمعات إسلامية شبابية متعلمة وطموحة ومثقفة و واعية ، تستدعي من قيادات الأمة الاهتمام و الرعاية و العناية ، والسير الحثيث نحو بناء حضاري عالمي كبير بهوية إسلامية أصيلة ، تشارك الحضارات الأخرى في عمران الأرض و تطوير العلوم والمعارف و التجارب البشرية ، وتكون لنا بصمة و أثراً و وجوداً مؤثراً في العالم.
-إن الرؤية الكونية للإسلام و حثها على التعلم و التعقل و التدبر ، هي محطات هامة و فرص هائلة للنهوض بالأمة مرة أخرى ، من منطلق قوة المنطق لا منطق القوة ومن بوابة التشارك لا التحارب وعلى أساس التعاون البشري لا التقوقع و الانغلاق والتخوف .
-لنقدم للعالم قيم السلام والفضيلة والمعرفة والحكمة والعقلانية ، لنكسب بذلك ثقة الآخرين و اندفاعاتهم نحو التشارك و التفاعل و التعاون معنا.
ثالثا : إن تمسكنا بحبل الله المتين و تعاوننا على البر و التقوى و تعاضدنا على الأخوة و المودة و الرحمة ، سيجعلنا جميعاً كالبنيان المرصوص، ليكون كل تطور واستقرار و ازدهار في أي دولة أو مجتمع إسلامي محط فخر و اعتزاز و تكريم لنا جميعا .
-يجب أن تتعاون مجتمعاتنا على الخير و التقدم و التطور لنكون بأزاء عدالة إسلامية و مساواة إيمانية في دولنا جميعها .
لنؤسس معا مسيرا مشتركاً ومصيراً واحدا للتقدم و الازدهار ، ولنشعر معاً بالقوة و العزيمة والحياة الكريمة.
لقد دعونا سابقاً و نكرر اليوم دعوتنا إلى ضرورة ايجاد شراكات إقتصادية و تجارية كبرى ومضاعفة الشراكات العلمية والتكنولوجية والثقافية بين دولنا ، لننعم معاً بثمرات هذه الشراكات و خيراتها .
رابعا: منذ سنين ونحن ندعو إلى ترسيخ مفهوم الوطنية و المواطنة الشيعية ، للتأكيد على ضرورة ترسيخ الهوية الوطنية الجامعة في كل دولة ، وفق أطر الحقوق و الواجبات المتساوية العادلة .
وتأكيدنا هذا يأتي لحث الشيعة على الاندماج الإيجابي في أوطانهم من جهة ، واستثمار طاقاتهم و احتضانها من قبل مجتمعاتهم و دولهم من جهة أخرى .
ومن هذا الفهم أدعو إلى إشاعة الثقافة الوطنية و احترام خصوصيات المجتمعات و الدول في جميع بقاع المسلمين ، من أجل إقامة علاقات متينة مستقرة وإيجابية وفاعلة بين الدول الإسلامية ، بعيداً عن التشكيك بالولاءات أو الوقوع في شراك التقاطعات .
خامسا: ضرورة الاهتمام بالقضايا الإسلامية المشتركة وفي مقدمتها قضية فلسطين وشعبها الصابر والقدس الشريف .
فما يجري من إزدواجية المعايير والقيم الإنسانية والسياسية على مستوى التعامل مع المجازر الإنسانية المرتكبة من قبل الكيان الصهيوني بحق أبناء فلسطين لهو أمر يدعو للأسف و الحزن والاستنكار ، ويؤكد أهمية الوحدة وضرورة التكاتف .
علينا الدفاع عن فلسطين لا لكونها قضية إسلامية وعربية فقط، بل لأنها جرح إنساني نازف منذ سبعة عقود ، وبحاجة إلى خطوات جادة و إجراءات كفيلة بمعالجة هذه الأزمة الإنسانية العميقة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: السید الحکیم یجب أن
إقرأ أيضاً:
خطيب الجامع الأزهر: ما يتعرض له الأبرياء هو ابتلاء والنصر للمؤمنين
ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر، الدكتور ربيع الغفير، أستاذ اللغويات بجامعة الأزهر، ودار موضوعها حول "أسرار وتجليات رحلة الإسراء والمعراج".
وقال ربيع الغفير، في خطبة الجمعة، إن الأمة الإسلامية تحتفل بذكرى معجزة الإسراء والمعراج، وهي الذكرى الغالية على النفوس، أثيرة لدى القلوب، حبيبة لكل محب لله ورسوله محمد، لكن علينا أن نتدبر ما فيها من معاني وعظات، لما فيها من معاني التكريم لهذه الأمة في شخص رسولها الأعظم، ونبيها الأكرم، محمد، لهذا كانت معجزة الإسراء والمعراج على هذا القدر من التكريم، ففيها خرقت قوانين الطبيعة وحطمت نواميس البشر، ووصل فيها الحبيب المصطفى إلى مستوى لم يبلغه نبي مرسل ولا ملك مقرب، قال تعالى: ﴿ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ﴾، حقاً إنها لذكرى غالية عظيمة تستحق منا أن نرتل ذكرها على مسامع أبنائنا ونشئنا، وبخاصة في هذا الزمان الذي أصبح فيه الكثير من أبنائنا لا يعرف عن هذه المعجزة العظيمة شيئًا، وعلينا جميعًا أن ننقل لأبنائنا كل ما لهذه الرحلة العظمية من دروس وعظات لنثبتهم على الحق حتى لا يكون عرضة لرياح التشكيك التي تحاول أن تعبث بعقولهم.
وأوضح خطيب الجامع الأزهر، أنه حدث للرسول الكريم قبل هذه الرحلة المباركة، ما لا يخطر على بال أحد، فقد اضطر الرسول أن يواجه جبهات الكفر كلها في مكة وما حولها، حورب، وأوذى، واضطهد، وما تركوا مسلكاً من مسالك العذاب إلا واتخذوه وانتهجوه حتى ضاق صدره وترك مكة، يلتمس أرضاً أخصب لدعوته، فوجد في الطائف أضعاف ما ترك في مكة من البغي والطغيان والتجاوز، وجلس يناجي ربه: (اللَّهمَّ إليكَ أشكو ضَعفَ قوَّتي، وقلَّةَ حيلَتي، وَهَواني علَى النَّاسِ... أنتَ أرحمُ الرَّاحمينَ، أنتَ ربُّ المستضعفينَ، وأنتَ ربِّي... إلى من تَكِلُني؟ إلى بعيدٍ يتجَهَّمُني أَمْ إلى عدُوٍّ ملَّكتَهُ أمري. إن لم يَكُن بِكَ غضبٌ عليَّ فلا أبالي، غيرَ أنَّ عافيتَكَ هيَ أوسعُ لي.. أعوذُ بنورِ وجهِكَ الَّذي أشرَقت لهُ الظُّلماتُ، وصلُحَ علَيهِ أمرُ الدُّنيا والآخرةِ، أن يحلَّ عليَّ غضبُكَ، أو أن ينزلَ بي سخطُكَ. لَكَ العُتبى حتَّى تَرضى، ولا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا بِكَ)، فما كاد ينتهي من دعائه حتى أرسل الله إليه ملك الجبال فَسَلَّمَ عَلَيه، ثُمَّ قَالَ: "إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ: بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا".
وبين خطيب الجامع الأزهر، أنه في هذا الوقت رجع النبي إلى مكة فأوصدوا دونه أبوابها، ثم جاءته بارقة الأمل في هذه الليلة، جاءه سيدنا جبريل محملًا برسالة السماء، لتبدأ رحلة الإسراء والمعراج، فذهب إلى بيت المقدس ورأى الأنبياء وأمهم في الصلاة، ثم صعد إلى السماء وعاد فوجد فراشه لا يزال دافئاً كما تركه، مبيناً أنه علينا التسليم لأمر الله وألا نقحم عقولنا فيما لا ما مجال لنا فيه.
ووجه برسالة إلى من يزعمون أن الإسراء والمعراج حدث لا يقبله عقل، ألا يقيسوا ذلك بمقياس العقل، بل عليهم قياسه بمقياس من قال: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا﴾، فالله عز وجل خرق له قانون الزمان والمكان، فمن أسمائه جل وعلا القابض الباسط، ومن ذلك قبض المكان وقبض الزمان، فالذي جرى في الإسراء والمعراج من قبض وبسط للزمان، خرقت قوانين الزمان والذي خرقها هو الحبيب النبي، الذي اجتمعت له الغيبيات الثلاث: الحاضر والماضي والمستقبل، فرأى عقوبات وعقوبات على أفعال لم يشرع تحريمها، ورأى ما في الجنة وما في النار تكريماً له.
وأشار أستاذ اللغويات، أنه يجب على الأمة أن تستلهم من رحلة الأسراء و المعراج الأمل، وأن لا يصيبها القنوط أو اليأس، لأن رحلة الإسراء والمعراج خير دليل على الانفراج بعد الظلمة، ولكن علينا أولًا أن نلجأ إلى الله سبحانه وتعالى، وأن نتوكل عليه مع الأخذ بالأسباب، لأننا أمة مكرمة معظمة منحها الله من الصفات والخصال ما لا يمنح إلا للأنبياء، لذلك قال الحق سبحانه وتعالى "ادعوني أستجب لكم" وهو نداء إلى الأمة الإسلامية بضرورة اللجوء إلى الله سبحانه، وما يحدث للأبرياء من قتل وتعذيب، هو محنة ستنجلي بفضل الله ولكن علينا أن نتمسك بالله لكي يحقق الله سبحانه وتعالى النصر، "وكان حق علينا نصر المؤمنين".
وختم خطيب الجامع الأزهر حديثه بقوله: مهما أصاب الأمة من حالات المد والجزر لا ينبغي أن تيأس وألا تقنط، لكن يجب عليها أن تتسلح الإيمان بالله وحسن التوكل عليه، فالأمة مبتلاة ولكن لها الغلبة والعزة والرفعة في النهاية لأنها أمة القرآن، والقرآن حق، والرسول حق، والحق يمرض، لكن لا يموت، يقول تعالى: ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾، مؤكداً على أهمية العودة الصادقة إلى منابع القوة الحقيقية لهذه الأمة وهى: القرآن الكريم وسنة خاتم النبيين والمرسلين.