وول ستريت جورنال: معاناة أكثر من مليون شخص في غزة من ظروف تشبه المجاعة
تاريخ النشر: 19th, March 2024 GMT
كشفت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، في عددها الصادر صباح اليوم الثلاثاء، أن أكثر من مليون شخص في قطاع غزة المُحاصر من قبل إسرائيل، أي حوالي نصف سكان القطاع، يعانون من ظروف تشبه المجاعة، وفقا لتقديرات جديدة صدرت عن خبراء في مجال الأمن الغذائي وجدوا أدلة على انتشار المجاعة على نطاق واسع وزيادة حادة في وفيات الأطفال نتيجة لذلك.
وأفادت الصحيفة في سياق تقرير نشرته عبر موقعها الإلكتروني حول هذا الشأن بأن عدد الأشخاص الذين يواجهون مستويات كارثية من الجوع في غزة تضاعفوا اعتبارًا من شهر ديسمبر الماضي، مع استيفاء الجزء الشمالي من القطاع بالفعل لبعض معايير المجاعة الكاملة، وفقاً لتقديرات التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أو ما يعرف اختصارًا باسم "IPC"، وهي مبادرة تجمع خبراء من الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة ومجموعات البحث، وذكر تقرير اللجنة الدولية للأمن الغذائي أن المجاعة في شمال غزة - التي كانت تشكل خطرا في السابق - أصبحت الآن وشيكة ومن المتوقع أن تحدث من الآن وحتى نهاية شهر مايو المقبل.
وسواء من حيث الأعداد أو نصيب الفرد، تشهد غزة حاليًا أزمة الجوع الأكثر حدة في أي مكان في العالم، وفقًا لـIPC، ويقول خبراء انعدام الأمن الغذائي إن السرعة والحجم الذي تدهور به الأوضاع هناك ليس له سابقة حديثة، ففي شمال غزة، يعاني حوالي 30% من الأطفال دون سن الثانية من سوء التغذية الحاد، بحسب IPC، مقارنة بـ 0.8% قبل الحرب.
وأوضحت "وول ستريت جورنال" أن الأرقام التي صدرت أمس الاثنين في هذا الشأن تمثل التقييم الأكثر خطورة لأزمة الجوع الشديدة في غزة حتى الآن، وهو سيناريو يضاعف الخسائر البشرية للحرب التي أودت بحياة عشرات الآلاف وأدت إلى دعوات، بما في ذلك من الولايات المتحدة، للوقف الفوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية.
وقالت سيندي ماكين، المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، التي أسهمت في تقرير IPC: "الأشخاص في غزة الآن يتضورون جوعا حتى الموت، إن السرعة التي انتشرت بها أزمة الجوع وسوء التغذية التي هي من صنع الإنسان في غزة أمر مرعب، لم يتبق سوى نافذة صغيرة للغاية لمنع حدوث مجاعة كاملة، وللقيام بذلك نحتاج إلى الوصول الفوري والكامل إلى الشمال، إذا انتظرنا حتى يتم إعلان المجاعة، فقد فات الأوان، وسيموت آلاف آخرون".
وأشارت الصحيفة الأمريكية في تقريرها إلى أن القيود الإسرائيلية بالإضافة إلى الفوضى والقتال العنيف أدت إلى إعاقة قوافل المواد الغذائية المتجهة إلى شمال القطاع، حيث لا يزال يعيش حوالي 300 ألف شخص في حين فر الجزء الأكبر من السكان إلى الجنوب في الأسابيع والأشهر الأولى من الحرب، ولجأت الأسر في جميع أنحاء القطاع، وخاصة في شمال غزة، إلى استراتيجيات التكيف مثل تخطي وجبات الطعام أو خلط الدقيق مع علف الحيوانات لصنع الخبز أو استهلاك الأطعمة البرية أو منتهية الصلاحية وقال سكان محليون إن الآباء يمضون أيامًا كاملة دون تناول الطعام لتوفير ما لديهم من القليل لأطفالهم.
وتقول آلاء فلاح، وهي أم لطفلين تبلغ من العمر 30 عاما وتعيش في شمال غزة، في تصريح خاص لمراسل الصحيفة، إنها فقدت 12 كيلوجراما، أي حوالي 26 رطلا، منذ بدء الحرب، وكثيراً لا تأكل لضمان أن يتمكن أطفالها من ذلك، إن الدقيق، مثل الحبوب الأخرى، يكاد يكون من المستحيل العثور عليه".
وأضافت "وول ستريت جورنال" أن شمال غزة يفي بالفعل بأحد المعايير الثلاثة اللازمة لتحديد المجاعة وفقًا لـ IPC وهي النقص الشديد في الوصول إلى الغذاء وارتفاع مستويات سوء التغذية الحاد ووفيات الأطفال، وأوضح تقرير IPC أن شمال غزة من المحتمل أن تكون قريبة للغاية من عتبات مستوى المجاعة أو قد وصلت إليها بالفعل، مضيفًا أن هناك حاجة إلى مزيد من الأدلة.
وأوضحت الصحيفة أنه من النادر جدًا الإعلان عن المجاعة، فمنذ إنشاء IPC قبل عقدين من الزمن، لم تحدث سوى مجاعتين رسميتين فقط: في جنوب السودان في عام 2017 وفي الصومال في عام 2011.
من جهتها، قالت زينة جمال الدين، الباحثة في كلية لندن للحفاظ على الصحة والطب الاستوائي، والمؤلف الرئيس لدراسة حديثة حول معدل الوفيات المفرط في غزة، والتي أسهمت في إعداد تقرير IPC: "إذا ظلت الظروف على حالها، فإن توقعاتنا لمدة ستة أشهر تظهر أن نصف الأطفال سيعانون من سوء التغذية الحاد، وسيكون لهذه الأرقام تأثير مباشر على معدل الوفيات، هذه أرقام لا نراها في أي مكان آخر".
وقبل الحرب، كانت تدخل نحو 600 شاحنة إلى القطاع يوميا، منها حوالي 150 شاحنة تحمل الغذاء، وفي الوقت الحالي، يصل ما معدله أقل من 200 شاحنة يوميًا إلى قطاع غزة، وفقًا للأمم المتحدة، التي تشرف على توزيع معظم المساعدات في القطاع حيث تسيطر إسرائيل بشدة على الوصول إلى الشمال، وكثيرا ما منعت بعثات المساعدات لأسباب أمنية.
اقرأ أيضاًالخارجية الأمريكية: بلينكن يزور مصر الخميس لبحث سبل تقديم المساعدات لغزة
الصحة العالمية: الجوع ونقص الخدمات والأمراض تهدد مستقبل الأجيال القادمة في غزة
شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية على منزل وسط قطاع غزة
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: أخبار غزة أطفال غزة اخبار غزة الجزيرة غزة المقاومة في غزة حرب غزة دعم غزة شمال غزة غزة غزة الآن غزة اليوم غزة مباشر قصف غزة قطاع غزة محيط غزة وول ستریت جورنال فی شمال غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
رمضان يخفف من قساوة التحديات التي يواجهها رواد الأعمال السودانيون
لم يجد رجل الأعمال مشعل محمود محمد مناصا من مغادرة الخرطوم بحري بعد اندلاع الحرب في السودان منتصف أبريل/نيسان 2023، متوجها إلى إثيوبيا.
كان مشعل يعمل في الخرطوم بالاتجار بقطع غيار آليات الورش، ونجح في تحقيق أرباح جيدة، وظل يعمل في هذا المجال حتى اندلاع الحرب، حيث خسر معارضه التجارية ومنزله وسياراته.
يقول مشعل لـ"الجزيرة نت" إنه خسر كل شيء، حيث سُرقت جميع محلاته ومعرضه في مدينة بحري (شمالي العاصمة)، مما دفعه إلى المغادرة في مايو/أيار 2023.
وبعد وصوله إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا برفقة أسرته، فكر على الفور في العودة إلى مجاله السابق، لكنه واجه واقعا تجاريا مختلفا تماما عن السودان من حيث رأس المال والإجراءات.
وبعد تفكير، يقول مشعل إنه اتخذ قرار افتتاح مطعم لإعداد الوجبات السودانية، خاصة أن الفترة تلك شهدت وصول أعداد كبيرة من السودانيين إلى إثيوبيا لاستكمال إجراءات السفر إلى دول أخرى.
وخلال شهر رمضان من العام الماضي، كان مطعم مشعل يلبي طلبات مواطني بلاده على الإفطار والعشاء بأطباق سودانية ذائعة الصيت، لاقت رواجا كبيرا، خاصة مع تقديم المشروبات الرمضانية السودانية المعروفة، ومنها "الحلومر".
إعلانويوضح مشعل لـ"الجزيرة نت" أن طبيعة العمل كانت في البداية صعبة للغاية في ظل الحاجة إلى تحضيرات متواصلة من دون توقف أو إجازات، حيث كان لزوجته الدور الأكبر في إدارة العمل وتحريكه بشكل رئيسي، ولذلك قرر تسمية المطعم بـ"البيت السوداني"، لأن زوجته تعدّ الطعام كما تفعل في المنزل.
وبالعودة إلى بداية العمل، يرى مشعل أنه كان مزدهرا، حيث كان عدد السودانيين كبيرا، لكنه تراجع حاليا مع تناقص الأعداد وتراجع أرقام العابرين إلى دول أخرى. ومع ذلك، يقول رجل الأعمال الشاب إن الأمور لا تزال تسير على ما يرام، إذ يستعد خلال شهر رمضان الحالي بتحضيرات نوعية، كما يسعى إلى جذب الإثيوبيين وغيرهم لتجربة الطعام السوداني.
ويقول رجل الأعمال خالد بيرم، الذي يشغل أيضا منصب أمين مكتب الشؤون الخارجية للغرفة التجارية بمحلية عطبرة بولاية نهر النيل شمال السودان، إن رمضان هو شهر الخير والبركة، وينعكس كرمه على الجميع.
ويؤكد لـ"الجزيرة نت" أن الحركة التجارية في الشهر الفضيل تُعرف بـ"الموسم"، حيث تزدهر بشكل ملحوظ ويتعاظم الطلب على سلع ومنتجات مختلفة.
ويضيف: "الأعمال والتجارة بشكل عام في السودان خلال الشهر الفضيل تكون في حالة انتعاش ونمو، وتبدأ دائما قبل حلول شهر رمضان بـ10 أيام تقريبا، أو حتى اليوم الذي يسبق بدايته، حيث تشهد الأسواق حركة مكثفة ونشطة".
ويوضح أنه عندما يتعلق الأمر بالمواد الغذائية، فإن الناس يكونون على استعداد لشرائها، وغالبا ما ترتفع أسعارها.
أما فيما يتعلق بالغرفة التجارية في عطبرة، فيشير بيرم إلى أن التجار يقومون بتجهيز سلال للصائمين، تحتوي على المواد الغذائية الأساسية للصائم، كما يقوم بعض التجار بإخراج سلال إضافية لرمضان من أموالهم الخاصة.
إعلانويؤكد بيرم أن هناك حركة واسعة للأموال والتجارة والبضائع، وهذا يزيد الأرباح والدخل، مشيرا إلى أنه كلما زاد الدخل، زاد الإنفاق على الفئات الضعيفة من خلال الصدقات والإكراميات والسلال الغذائية وزكاة الفطر والتبرعات.
ويستطرد قائلا: "اسم رمضان كريم لم يأتِ من العدم، الله يوفّر احتياجات الناس، وهناك حالة من السعادة بين الجميع، بما في ذلك التجار ورجال الأعمال".
صعوبات جمةلمجموعة "أبو الفاضل بلازا" في السودان صيت خاص، خصوصا عند حلول شهر رمضان المبارك، إذ يُعتبر الموسم الذي ينتظره آلاف السودانيين للاستفادة من التخفيضات وشراء المستلزمات المنزلية، حيث تتميز المجموعة بالاستيراد الراقي والأسعار المناسبة.
لكن الحرب ألقت بظلالها القاتمة على المجموعة في كل فروعها المنتشرة في مدن الخرطوم الثلاث (الخرطوم، وأم درمان، والخرطوم بحري)، كما يقول هاشم أبو الفاضل لـ"الجزيرة نت"، حيث خسرت الشركة بضائعها بالكامل إما بالاحتراق أو السرقة أو النهب والتخريب، ولم يتمكنوا من إنقاذ أي شيء باستثناء البضائع التي كانت تحت التخليص الجمركي بالميناء.
ويروي هاشم لـ"الجزيرة نت" سلسلة معاناة صعبة عاشها رواد الأعمال في القطاع الخاص السوداني، بسبب الحرب التي اندلعت فجأة من دون أن يتمكن أصحاب الشركات، خاصة وسط العاصمة الخرطوم، من تدارك الأمر وإنقاذ ما يمكن من رأس المال.
ويشير إلى أن 90% من أصحاب الأعمال عادوا إلى نقطة الصفر، وفقدوا كل شيء تقريبا، ليصبح القطاع الخاص أكبر المتضررين من الحرب المستمرة منذ نحو عامين.
ومع ذلك، يقول هاشم إنهم حاولوا النهوض مجددا والعودة إلى العمل، ورفضوا الخروج بما تبقى من رأس المال إلى خارج البلاد، فقرروا افتتاح فروع جديدة للمجموعة في بورتسودان والعودة للعمل في أم درمان بعد تحسن الأوضاع الأمنية جزئيا.
إعلانلكنه يشكو من تعامل السلطات الحكومية، مشيرا إلى أنها تفرض رسوم جمارك وغيرها من الجبايات بأرقام فلكية، لا تراعي الخسائر الفادحة التي تكبدها القطاع الخاص، ولا تضع في اعتبارها حرص رجال الأعمال على المساهمة في إعادة الإعمار.
ويشبه هاشم أوضاعهم الحالية بمن يمشي على النار، لكنه رغم ذلك يؤكد أنهم حريصون على مواصلة العمل وتجاوز الصعاب الحالية.
خسائر كبيرةوإزاء الأوضاع الاقتصادية في السودان، يقول الخبير في الشؤون الاقتصادية عبد العظيم المهل للجزيرة نت إن القطاع الخاص السوداني خسر الكثير في هذه الحرب قدرت في القطاعين الصناعي والخدمي في الخرطوم بـ90%، وفي ولاية الجزيرة تصل نسبة الخسائر إلى 88% ، أما في ولايات دارفور عدا الفاشر فتقدر الخسائر بـ80% في القطاعين.
ويشير إلى أن تقديرات جملة خسائر القطاع الخاص في كل القطاعات بحوالي 130 مليار دولار 90% منها لا تخضع للتأمين.
ويرى أن القطاع الخاص بحاجة لوقت كي يعود للعمل لكنه يتوقع عودته بنحو أسرع من القطاع العام.
ويأسف المهل لخروج بعض رواد الأعمال في القطاع الخاص من السودان والهجرة للخارج بينما نزح آخرون داخليا وهو ما قد يؤدي إلى تشتت الصناعة والخدمات بعيدا عن العاصمة.
ويرى المهل أن الفجوات تطال كل القطاعات التي ستبدأ من نقطة الصفر ويردف إذا تم ذلك فسوف ينهض الاقتصاد السوداني خلال نحو 3 أعوام، مؤكدا إمكانية التعافي والنهضة في حال وجدت السياسات المستقرة والإدارة الواعية والتكنولوجيا الحديثة في كل المجالات متبوعة بالقبضة الأمنية القوية والاستقرار السياسي.