حصدت بلدية دبي أعلى تصنيف للابتكار كاعتماد عالمي تحت فئة المؤسسة المُبتَكِرة، والتي يمنحها معهد الابتكار العالمي “GInI”، الجهة الرائدة عالمياً في تقديم الشهادات المهنية والاعتمادات والعضويات في مجال الابتكار، وذلك تتويجاً لجهود وإنجازات البلدية المتميزة في الابتكار والمشاريع والأنظمة الابتكارية التي تنفذها ضمن مختبر دبي المركزي وأكاديمية بلدية دبي، حيث مُنحا على إثر ذلك أعلى تصنيف بدرجة التميز كمختبرات ابتكار مُعتمدة عالمياً.


ويعدّ هذا التتويج استكمالاً لنهج البلدية في تبنّي مفاهيم الابتكار والإبداع، بما يخدم ويعزز بناء اقتصاد معرفي مبتكر ومتقدم في إمارة دبي، وحرصها على تطوير منظومة الابتكار داخل الوحدات التنظيمية للبلدية، والاستثمار الدائم فيها وتطويرها وضمان استدامتها لتكون جاهزة للمستقبل، وبما يخدم إيجاد وابتكار حلول مستدامة ترسّخ الريادة العالمية لإمارة دبي.
وأطلقت البلدية خلال العام الماضي 2023، أكاديمية بلدية دبي؛ أول أكاديمية معتمدة للعمل البلدي على مستوى الدولة، وأول أكاديمية معتمدة من شركة “إزري” في مجال نظم المعلومات الجغرافية على مستوى الدولة، كذلك تُعد الأكاديمية معتمدة من قبل المركز الوطني للمؤهلات بوزارة التربية والتعليم في مجال تقديم الدبلومات المهنية ضمن العمل البلدي، فضلاً عن كونها معتمدة من قبل هيئة المعرفة وتنمية الموارد البشرية في إمارة دبي.
وتعكس الأكاديمية نهج دبي في الاستثمار في الإنسان والعمل المستمر على إعداد الكوادر المؤهلة والقادرة على إثراء مختلف القطاعات الحيوية بالمعارف والخبرات التي تُسهم في تعزيز مسيرة التنمية الشاملة.
كما تهدف إلى تقديم البرامج المعرفية المبتكرة، والتدريب المهني المتخصّص في مجال العمل البلدي الذي يجمع بين التجارب والممارسات المُطبّقة ضمن نطاق الاحتياجات الحالية لهذا التخصّص في بيئة تدريبية وتعليمية متميزة. وتوفر أيضاً الأكاديمية برنامج “كفاءات مستقبلية” الذي يهدف إلى تأهيل طلبة الجامعات المقبلين على التخرج على المجالات الفنية لبلدية دبي، إضافةً إلى برنامج “رواد” لتأهيل حديثي التخرج الهادف إلى تدريبهم وتطويرهم للتأكد من جاهزيتهم لسوق العمل، فضلاً عن إلى إجراء البحوث والدراسات المشتركة بالتعاون مع الجامعات ومراكز الأبحاث.
إلى جانب ذلك، تعمل بلدية دبي باستمرار على تطوير تقنيات وخدمات مختبر دبي المركزي، إضافةً إلى تطوير تقنيات الفحوصات التي يقدمها، وابتكار فحوصات جديدة في مختلف المجالات، وذلك ضمن جهودها في تقديم خدمات متكاملة وشاملة عالية الجَودة والكفاءة، تراعي أفضل المعايير والمواصفات المعمول بها عالمياً، وتسهم في توفير الحماية الاستباقية للبيئة والمجتمع، فضلاً عن تطوير وتطبيق معايير معترف بها عالمياً لشهادات الفحوص المخبرية والمعايرة.
كذلك، عملت بلدية دبي على العديد من المشاريع الابتكارية، منها؛ مشروع الأنفاق العميقة، وإطلاق القمر الاصطناعي البيئي DMSAT 1، ومشروع مركز تحويل النفايات إلى طاقة في ورسان، ومنصة فوودووتش، إضافةً إلى عدد من المبادرات الرقمية وتشمل؛ المبادرات استخدام تقنية VR في الحدائق، ومبادرة مختبر دبي المركزي في كل مكان، والمفتش الشامل وغيرها.
وتتضمن المواصفة العالمية التي يمنحها معهد الابتكار العالمي 8 معايير رئيسية، و400 معيار فرعي، كما تُشارك في عضويته أكثر من 500 مؤسسة حول العالم


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: بلدیة دبی فی مجال

إقرأ أيضاً:

“التجربة التي وثبت بالعطاء ومهدت لولوج ايقونات فنية تخصصت بالإبداع وحده”

بقلم : سمير السعد ..

في العام 1956، وفي أزقة شعبية تتنفس البساطة والأصالة، ولد أبو الحسن صلاح مهدي، الذي شاءت الأقدار أن يسكن بجوار عميد المسرح الميساني، الراحل عيسى عبد الكريم. كانت حكايات هذا العميد الإبداعية تسري في أجواء الحي، وتسللت إلى خيال الطفل الذي بدأ يتأمل الصور المسرحية ويسكن عوالمها بعيونه الصغيرة.
كان أبو الحسن يؤمن بأن الله قد منح كل إنسان موهبة، تاركًا له حرية أن يبرزها أو يتركها ضامرة. جرّب كرة القدم والرسم، لكنه لم يجد نفسه فيهما. حتى جاءت اللحظة الحاسمة على مقاعد الدراسة المتوسطة، حينما اختاره المخرج مهدي حمدان للمشاركة في عمل مسرحي. كانت تلك اللحظة هي بداية الرحلة التي ما زالت مستمرة حتى اليوم، رحلة مليئة بالشغف والتجدد.
لم تكن تلك البداية إلا محطة أولى في مسيرته. تتلمذ على يد كبار المخرجين مثل رضا جابر، قاسم مشكل، فاضل سوداني، عبد الأمير كاظم، وعبد الجبار حسن، الذين فتحوا له أبواب الإبداع المسرحي. بدأ رحلته كممثل في مسرحيات مثل “فوانيس أمينة”، “محاكمة الرجل الذي لم يحارب”، و”بائع الدبس الفقير”، قبل أن ينتقل إلى أكاديمية الفنون الجميلة، حيث نهل من علم عمالقة المسرح العراقي مثل بدري حسون فريد، جاسم العبودي، سامي عبد الحميد، وحميد محمد جواد.
في الأكاديمية، تألق في أعمال مسرحية عالمية مثل “هاملت”، “مارا صاد”، و”الجبل المهزوم”، مؤكدًا أنه لا يمثل على خشبة المسرح فقط، بل يعيش الدور ويتنفسه.
بعد تخرجه، عاد إلى ميسان ليبدأ تجربة احترافية مليئة بالعطاء في قسم النشاط المدرسي. وكان أول أعماله الإخراجية “الكرماء” عام 1982، مسرحية أثارت جدلًا فكريًا وفنيًا واسعًا، ما رسّخ قناعته بأن المسرح الحقيقي هو الذي يثير الفكر ويدفع المشاهد للتساؤل والتفاعل. ومن هنا ولدت أعماله المتميزة، مثل “من سيرة المدعو حمد”، “لعبة الجد والهزل”، و”عبدول الوالي”.
تميز بإصراره على تقديم شخصياته بمستوى فني عالٍ، سواء من حيث الأداء أو التفاصيل الدقيقة، مثل الملابس والمكياج والإكسسوارات، ما جعله يستحق جوائز عديدة، أبرزها جائزة أفضل ممثل في مهرجان “ينابيع الشهادة” ببابل عن دوره في مسرحية “اللوح الثاني عشر” عام 2014.
لم يكتفِ بصناعة أعمال فنية مبهرة، بل كان دائم الحرص على تمهيد الطريق للأجيال الجديدة. ساهم في نشأة العديد من المبدعين الذين أصبحوا اليوم أعمدة في المشهد المسرحي العراقي، مثل ماجد درندش، علي صبيح، وأحمد شنيشل.
امال في مجال السينما، أثبت أنه وجه مميز يمتلك قدرة استثنائية على تجسيد الشخصيات. شارك في أفلام روائية مثل “ما بعد الحب” و”الأغنية”، وقدم أعمالًا توجيهية للقوات المسلحة خلال أصعب فترات العراق.
من أبرز التجارب المسرحية التي انفرد بها هي “تجربة القصب”، المستوحاة من طبيعة ميسان، التي تزينها نباتات القصب الذهبية. في مسرحية “المعمورة”، تأليفًا وإخراجًا، جعل القصب بطلًا رمزيًا يحمل رسالة العمل.
رغم سنواته الطويلة في المسرح والسينما، لا يزال أبو الحسن صلاح مستمرًا في العطاء. يكتب المقالات المتخصصة، يقيم الورش المسرحية، ويشارك في لجان تحكيم المهرجانات، مؤمنًا بأن الفن رسالة إنسانية لا تنضب.
هكذا، يواصل قطار رحلته، متجاوزًا الحدود الزمنية والعمرية، ليبقى رمزًا حيًا للإبداع والإيثار، وشاهدًا على أن المسرح يمكن أن يكون أكثر من مجرد خشبة؛ إنه حياة تنبض بالإنسانية.
أبو الحسن ، ذلك الفنان الذي لا يكف عن البحث والتجديد، ينظر إلى المسرح على أنه أكثر من مجرد وسيلة ترفيهية أو منصة لعرض الأفكار. المسرح بالنسبة له رسالة حياة، وساحة للإلهام والتأمل، ومساحة لتفجير القضايا الإنسانية التي تتجاوز حدود المكان والزمان.
في كل مرة يقف فيها على خشبة المسرح، أو يقدم نصًا جديدًا، يحمل في أعماقه هموم الإنسان وآماله. إنه يحرص دائمًا على أن يكون العمل المسرحي صادقًا ومؤثرًا، يجسد الواقع بروح الفن، ويثير في الجمهور مشاعر التساؤل والدهشة.
ما يميزه انه ليس فقط موهبه فذه ، بل إنسانيته العميقة. هو ذلك الفنان الذي يرى النجاح الحقيقي في بناء الآخرين. سواء كان مخرجًا، كاتبًا، أو ممثلًا، كان دائمًا معطاءً، يفتح أبواب الإبداع لمن حوله، ويمنح الفرصة لكل من يؤمن به.
لم يكن مجرد صانع للمسرح، بل كان أبًا وأخًا وصديقًا لكل من عمل معه. من خلال جهوده في تدريب الشباب، ورعاية المواهب الصاعدة، وضع حجر الأساس لجيل جديد من الفنانين العراقيين الذين حملوا شعلة المسرح إلى أفق جديد.
رغم تقدمه في العمر، فإن لا يعرف للراحة معنى. هو كالنهر المتدفق الذي يروي كل من يقترب منه. إرثه الفني يتجاوز أعماله المسرحية والسينمائية، ليشمل القيم الإنسانية التي زرعها في كل من تعامل معه.
يعرفه الجميع انه ليس مجرد اسم في تاريخ المسرح العراقي، بل هو قصة نضال وجمال، رمز للإبداع الذي لا ينضب، وصورة مشرقة للفن الإنساني. سيرته هي دعوة لكل من يؤمن بالفن، بأن يستمر في العطاء رغم كل الصعاب، وأن يجعل من الفن رسالة للحياة والحب.
في كل محطة من محطات حياته، أثبت أن الإبداع لا عمر له، وأن المسرح هو المساحة التي يعبر فيها الإنسان عن أعماق روحه، وينير بها طريق الآخرين. هذه المسيرة الممتدة، المليئة بالعطاء والإنجاز، هي شهادة حية على أن الفنان الحقيقي يعيش خالدًا في قلوب الناس وفي ذاكرة الأجيال.

اخيرا .. أبو الحسن صلاح مهدي هو أيقونة مسرحية وإنسانية نادرة، تعلمنا من خلاله أن الفن الحقيقي هو الذي يزرع الأمل في النفوس، ويترك بصمة لا تمحى في قلوب كل من يعايش تجربته. إنه ليس مجرد فنان، بل معلم للأجيال، وقصة تلهمنا جميعًا أن نجعل من حياتنا مسرحًا للجمال والإنسانية.

سمير السعد

مقالات مشابهة

  • صنع في تركيا: “أوكهان” المركبة البحرية التي تستعد لغزو الأسواق العالمية
  • ما الرسائل التي ارادت “صنعاء” ايصالها لـ”احتلال” و”الفلسطينيين” على السواء
  • “كاكست” تتحالف مع جهات محلية ودولية لتعزيز الابتكار في قطاع التعدين
  • مؤسسة “مسك” تعلن عن توسّع استراتيجي لـ “مجموعة مدارس الرياض”
  • “الداخلية” تحصل على جائزة أفضل جناح في “مؤتمر ومعرض الحج 1446 هـ”
  • وزارة الصناعة والثروة المعدنية تُطلق مبادرة “إستوديو الابتكار التعديني”
  • “الشهري” يكشف عن أهم العوامل التي تسبب نقص هرمون الذكورة.. فيديو
  • “التجربة التي وثبت بالعطاء ومهدت لولوج ايقونات فنية تخصصت بالإبداع وحده”
  • الضمير تكشف عن انتهاكات مروعة بحق المعتقلين في معسكر “عناتوت”
  • مؤسسة الضمان تطلق مبادرة “إعلام رقمي ذو جودة” لتوعية جمهورها